من هو رئيس نيجيريا القادم؟
من المقرر أن تنطلق الانتخابات العامة في نيجيريا بتاريخ 25 فبراير الجاري (2023)؛ حيث يتوجه حوالي 93 مليون نيجيري إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، عقب سبع سنوات من تولي الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري مقاليد السلطة، وهي الفترة التي عانت فيها البلاد من ارتفاع نسبة التضخم، وتزايد معدلات التطرف العنيف، والهجمات المسلحة ضد المدنيين، على الرغم من إصرار داعمي الرئيس النيجيري على أنه بذل قصارى جهده لمواجهة تلك التحديات.
حال عدم فوز أي من المرشحين خلال الجولة الأولى، سيتم عقد الجولة الثانية خلال 3 أسابيع من إعلان النتائج، كما ستُجرى الانتخابات الخاصة بحكام الولايات بتاريخ 11 مارس 2023، وقد رفض رئيس مفوضية الانتخابات الاقتراحات التي طالبت بتأجيل انعقاد الانتخابات بسبب حالة عدم الاستقرار التي تمر بها البلاد.
يتسابق 18 مرشح على منصب رئيس البلاد، إلا أن استطلاعات الرأي تُشير إلى أن 3 مرشحين فقط هم الذين لديهم فرصة جدية للوصول إلى السلطة، على النحو التالي:
- بولا أحمد تينوبو، البالغ من العمر 70 عامًا المرشح عن الحزب الحاكم، وهو يعتبر الأب الروحي على المستوى السياسي في المنطقة الجنوبية الغربية، كما أنه يتمتع بنفوذ واسع على الرغم من اتهامات الفساد التي لاحقته خلال السنوات الماضية، وضعف حالته الصحية، وهي الأمور التي ينكرها على الدوام[i].
- أتيكو أبوبكر البالغ من العمر 76 عامًا، والمرشح عن الحزب المعارض الرئيسي في البلاد “حزب الشعب الديمقراطي”، علمًا بأنه خاض الانتخابات الرئاسية النيجيرية 5 مرات ولم يكسب في أيٍ منها، إلا أنه عمل في العديد من المناصب السياسية منها منصب نائب الرئيس الأسبق أولوسيجون أوباسانجو، كما أنه رجل أعمال مخضرم، وأيضًا تلاحقه العديد من اتهامات الفساد.
- بيتر أوبي، البالغ من العُمر 61 عامًا، ويسعى إلى كسر هيمنة الحزبين الرئيسيين على مقاليد الحكم في البلاد، باعتباره مرشحًا لحزب العمل، كما أنه عضو سابق في حزب الشعب الديمقراطي، ويتمتع بشعبية عبر الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى سابق توليه منصب حاكم ولاية أنابرا الواقعة جنوب شرق البلاد، خلال الفترة من 2006 – 2014.
أوضاع أمنية خطرة:
تأتي تلك الانتخابات في وقت يعيش فيه العديد من المواطنين النيجيريين في حالة من الخوف والفزع نتيجة انتشار عمليات الاختطاف من أجل الحصول على فدية المختطفين[ii]، حيث تتم تلك العمليات على أيدي الجماعات المسلحة في المنطقة الشمالية الغربية من نيجيريا التي تضم أكبر نسبة من الناخبين النيجيريين مما يُهدد العملية الانتخابية ككل، وقد تتعدى القضية مرحلة الاختطاف والفدية لتصل إلى القتل حيث شهدت إحدى قرى منطقة كاتسينا مقتل ما يزيد عن 100 من القرويين بتاريخ 2 فبراير 2023[iii].
من شأن تردي الأوضاع الأمنية سواء في المنطقة الشمالية الغربية، أو المنطقة الجنوبية الشرقية التي يتواجد فيها الإنفصاليون، التأثير سلبًا على التصويت لصالح مرشح الحزب الحاكم، باعتبار أن الرئيس المنتهية ولايته محمد بخاري لم يتمكن من القضاء على تلك التحديات.
العوامل المحركة للتصويت:
هناك مجموعة من العوامل التي يُتوقع أن تؤدي دورًا مهمًا وحيويًا في التأثير على عمليات التصويت خلال الانتخابات المقبلة على النحو التالي[iv]:
- الانتماء العرقي والمناطقي: حيث ينتمي المرشحون الأربعة الرئيسيون إلى المجموعات العرقية الثلاث الرئيسية في نيجيريا، وهي الهاوسا/الفولاني، واليوروبا، والإيجبو.
ينتمي كل من أبوبكر أتيكو وموسى موانكواسو إلى الشمال، كما ينتمي بولا أحمد تيمبو إلى عرقية اليوروبا، ويأتي من المنطقة الجنوبية الغربية، في مقابل انتماء بيتر أوبي إلى الإيجبو، وينحدر من المنطقة الجنوبية الشرقية.
وبالنظر إلى إشارة المهتمين بدراسة النظام السياسي النيجيري إلى وجود اتفاق ضمني على تدوير السلطة بين المناطق المختلفة في الشمال والجنوب، وبالنظر لكون الرئيس المنتهية ولايته من الشمال، فإن العديد من المحللين والناخبين يرون أن الرئيس القادم يجب أن يكون من الجنوب، ويذهب آخرون إلى التأكيد على أن الرئيس القادم سيكون من المنطقة الجنوبية الشرقية باعتبارها المنطقة الوحيدة التي لم يخرج منها رئيس يتولى شئون البلاد حتى الآن.
- العامل الديني: منذ التوجه نحو تبني النظام الديمقراطي الليبرالي في نيجيريا في عام 1999، كان هناك حرص على استمرار التوازن بين الأغلبية المسلمة في الشمال، والأغلبية المسيحية في الجنوب، وذلك من خلال التأكيد على ضرورة الاختلاف في العقيدة بين كل من رئيس البلاد ونائب الرئيس بحيث لا ينتمي كل منهما إلى نفس الديانة، وبالتالي، يحتاج المرشح الرئاسي إلى ترشيح نائب رئيس من الأغلبية الدينية التي لا ينتمي إليها ضمانًا لاجتذاب أصوات الناخبين من الأغلبيتين الشمالية والجنوبية.
- ظهور أحزاب جديدة: حتى عام 2015 كان حزب الشعب الديمقراطي في نيجيريا هو الحزب الوحيد القادر على تحقيق الفوز في الانتخابات الرئاسية، وذلك قبل ظهور حزب All Progressive Party ليتحول النظام الانتخابي إلى نظام يسيطر عليه حزبان سياسيان رئيسيان، الأمر الذي تلاه ظهور حزب العمل وحزب The New Nigeria’s People Party، وهي الأحزاب التي تسعى للاستفادة من حالة اليأس التي يمر بها الشباب النيجيري جراء سياسات الحزبين الكبيرين.
- مدى استقلالية الهيئة الوطنية للانتخابات؛ إذ أن هناك عددًا من الظواهر والأحداث التي تدعو العديد من الناخبين إلى التشكيك في استقلالية الهيئة، مثل إضافة وتسجيل بعض الأسماء المزيفة إلى قائمة الناخبين، والتسجيل المبكر لمن هم دون السن القانونية للانتخاب في بعض المناطق، وعلى الرغم من إصدار قانون انتخابات جديد في عام 2022 يسمح باستخدام نظام الاعتماد الثنائي للناخبين Bimodal Voter Accreditation System، الذي يعمل كجهاز ذي ثلاث وظائف رئيسية هي اعتماد تسجيل الناخبين، وتلقي أصواتهم، ورفع نتائج التصويت على نظام الفرز باستخدام بصمة الأصابع، والرسم البيومتري للوجه، إلا أن ذلك النظام يجد بعض المقاومة من قِبل بعض القوى السياسية.
- استخدام المال السياسي وشراء الأصوات، وهي ظاهرة تُعاني منها الانتخابات النيجيرية في ظل معاناة العديد من المواطنين من الفقر وتدني مستويات المعيشة، مما يسمح بتجارة وشراء الأصوات من قِبل الأحزاب والمرشحين مقابل مرشحين آخرين، وذلك على الرغم من وجود الأطر القانونية التي من شأنها الحد من تلك الظاهرة.
- ضعف التماسك داخل الأحزاب؛ حيث تُعاني الأحزاب المختلفة من انقسامات عنيفة وانشقاقات متوالية، خاصة أن الأحزاب تعتبر أحد أبرز وسائل ممارسة العملية السياسية وتولي المناصب العامة في نيجيريا، وبالتالي، يكون المرشحون المنتمون إلى الأحزاب الأكثر تماسكًا هم الأوفر حظًا.
خاتمة:
تأتي الانتخابات العامة النيجيرية في وقت قرر فيه النظام الاقتصادي والمالي النيجيري تغيير العملية المحلية بإصدار عملات جديدة كأحد آليات مكافحة تمويل الإرهاب والفساد، إلا أن تلك الخطوة أدت إلى فوضى عارمة في المجتمع النيجيري نتيجة تدافع المواطنين على ماكينات الصرف وآليات التحويل المالي الإلكتروني، مما أدى إلى نفاد العملات الجديدة وإحداث أزمة مالية تؤثر سلبًا على كافة الأنشطة في المجتمع، بما في ذلك إمكانية تأثيرها على العملية الانتخابية[v].
ففي الوقت الذي يُخشى فيه أن تؤثر الأزمة النقدية على الموارد المتاحة لدى مفوضية الانتخابات لتوفير الاحتياجات اللوجستية اللازمة لإتمام الانتخابات، يرى آخرون أن تلك الأزمة، بالإضافة إلى أزمة الحصول على الوقود، من شأنهما زيادة نسبة التصويت في الانتخابات كوسيلة للتعبير عن عدم الرضا بشأن السياسات الحالية على المستويين السياسي والاقتصادي.
في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، يُتوقع ضعف فرص مرشح الحزب الحاكم، بولا تينوبو، في الفوز بالانتخابات الرئاسية، وعلى الجانب الآخر، نجد أن بيتر أوبي البالغ من العمر 61 عامًا، والمنتمي إلى المنطقة الجنوبية الشرقية التي لم تحظ بفوز أحد أبناءها بمنصب رئيس الجمهورية أو نائب الرئيس من قبل، وفي ظل كونه المرشح المسيحي بين المرشحين الأوفر حظًا، ويتمتع بشعبية بين الشباب وعلى مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، وأخيرًا اختياره “يوسف بابا أحمد”[vi] ليكون مرشحًا لمنصب نائب الرئيس، فإن بيتر أوبي يتمتع بالعديد من السمات والمزايا التي تؤهله للفوز خاصة أنه اختار خبيرًا اقتصاديًا ذا خبرات واسعة على المستويين السياسي والنيابي والاقتصادي، بالإضافة إلى كونه مسلمًا بما يحقق التوازن العقائدي المطلوب، كما أنه ينحدر من ولاية كادونا شمال نيجيريا، وبالتالي يُعتبر بيتر أوبي الأقرب إلى منصب الرئيس بين المرشحين الكبار، ما لم تتدخل عوامل أو أحداث مفاجئة من شأنها التأثير على عمليات التصويت.
[i] Cecilia Macaulay, “Nigeria elections 2023: What you need to know”, BBC News, accessed February 6th, 2023: https://www.bbc.com/news/world-africa-64187170.
[ii] Nduka Orjinmo, “Nigeria election 2023 in Katsina: ‘You let kidnappers take me, now you want my vote’”, BBC, accessed February 10th, 2023: https://www.bbc.com/news/world-africa-64512157.
[iii] Mohammed Babangida, “Death toll in Katsina terrorists, vigilantes clash rises to 102”, [remium Times, accessed February 10th, 2023: https://www.premiumtimesng.com/news/headlines/580261-death-toll-in-katsina-terrorists-vigilantes-clash-rises-to-102.html.
[iv] Jideofor Adibe, “Nigeria’s 2023 presidential election: 10 factors that could affect the outcome”, The Conversation, accessed February 17th, 2023: https://theconversation.com/nigerias-2023-presidential-election-10-factors-that-could-affect-the-outcome-195247.
[v] “فوضى في نيجيريا بين أزمة تبديل العملة القديمة ونقص الجديدة”، سكاي نيوز عربي، تاريخ الزيارة 17 فبراير 2023: https://www.skynewsarabia.com/business/1596126-%D9%81%D9%88%D8%B6%D9%89-%D9%86%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%94%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%88%D9%86%D9%82%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9.
[vi] Samson Adenekan, “2023: Peter Obi announces Baba-Ahmed as running mate”, Premium Times, accessed February 17th, 2023: https://www.premiumtimesng.com/news/headlines/541594-2023-peter-obi-announces-baba-ahmed-as-running-mate.html.