دبلوماسية السلاح.. ما أهمية الصناعات الدفاعية لإسرائيل؟

مع بداية حقبة الثمانينيات، بدأت تتصاعد الصناعات العسكرية الإسرائيلية وتتطور على نحو ملموس، ودخل القطاع الخاص بقوة في هذه الصناعة التي بدأت تحقق مزيدًا من الأرباح، فتم تأسيس مئات الشركات المتخصصة في الصناعات الحربية، ومع سقوط الاتحاد السوفييتي شهدت الصناعات العسكرية الإسرائيلية قفزة كبيرة، فقد وصلت نسبة تصدير الأسلحة الإسرائيلية حوالي 25% من إجمالي قيمة الصادرات الإسرائيلية، نتيجة النقص في سوق السلاح الذي أحدثه غياب الاتحاد السوفييتي. ورغم أن إسرائيل لم تفكر جديًا في تطوير صناعة الأسلحة ومصادر الإمدادات حتى أواخر ستينيات القرن العشرين، فإن صناعة الأسلحة أقدم من الدولة ذاتها، حيث ترجع أصولها إلى أيام مقاتلي الهاجاناه (الدفاع). وقد شرع زعماء المجتمع اليهودي في بناء قدرة محلية لـ”الدفاع عن النفس” من خلال ورش صغيرة تحت الأرض لتصنيع وإصلاح أنواع مختلفة من الأسلحة الصغيرة والذخيرة والمركبات المدرعة وأنواع أخرى من المعدات العسكرية، لذلك تأسست الورش العسكرية (المعروفة مجتمعة باسم الصناعات العسكرية الإسرائيلية، (IMI أو TA’AS) – شركة الدفاع الرائدة في إسرائيل) حوالي عام 1933. وفي وقت لاحق، أثبتت شركة الدفاع أنها ليست فقط وكيلًا رئيسيًا لبقاء إسرائيل، بل إنها كانت أيضًا القالب والنواة للصناعة العسكرية القادمة. واستمرت الاستراتيجية العسكرية في الاعتماد على الذات. وفي هذا السياق، بُذِلت جهود مبكرة لإنشاء قاعدة ذخيرة قادرة على تزويد مقاتلي الهاجاناه بالأسلحة الصغيرة والمتفجرات التي كانوا في الحاجة إليها. وفي مايو 1948، عندما غادر البريطانيون فلسطين، خرج مقاتلو الهاجاناه من تحت الأرض وبدأوا في إنشاء مصانع وورش عسكرية أخرى. وكان السبب الرئيسي وراء قرار إسرائيل ببناء صناعة عسكرية محلية هو البقاء. وباعتبارها دولة تأسست بقوة السلاح، كان شغلها الشاغل هو الأمن. وكانت سببًا بالنسبة لها أن تطور صناعة دفاعية خاصة بها.
بدايات وتطورات
شهدت الخمسينيات توسع العديد من الصناعات العسكرية ذات الصلة، وفي أوائل الخمسينيات، تم وضع هذه الورش المستقلة والمتداخلة في كثير من الأحيان تحت إدارة واحدة وتم دمجها في الشركات العسكرية التي تأسست جنبًا إلى جنب مع شركة “تااس”. ومن بين هذه الكيانات الجديدة كانت الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) المعروفة أصلًا باسم Bedek أو معهد إعادة تأهيل الطائرات، وهيئة تطوير الأسلحة الوطنية (RAFAEL). وتركزت الجهود داخل جيش الاحتلال وفي المؤسسات المملوكة للدولة. (IMI، وRafael، وIAI) واكتسبت إسرائيل ببطء درجة أكبر من الاكتفاء الذاتي في الأسلحة الصغيرة وقذائف الهاون وأظهرت القدرة على تعديل وإصلاح الدبابات والطائرات وحتى الأنظمة الإلكترونية.

في أوائل الستينيات، تم توجيه الاهتمام إلى بناء الصناعة الإلكترونية وبحلول عام 1965، وصلت البلاد إلى قدرة الإنتاج الدفاعي ليس فقط في الأسلحة الصغيرة ولكن في الطائرات والإلكترونيات أيضًا. وبالتالي كان التركيز الرئيسي في العقدين الأولين من قيام دولة إسرائيل الجديدة على إنشاء خطوط إنتاج عسكرية حديثة، إلى جانب تصنيع الأسلحة، وخاصة الذخيرة وقذائف الهاون والأسلحة الصغيرة، كانت إسرائيل أيضًا تقوم بتجميع الطائرات الفرنسية وأنظمة الأسلحة الأخرى، على أساس محدود وكانت تنتج بنفسها أجزاء معينة لهذه الأنظمة.

كانت الأنشطة حتى حرب 1967 تشمل صيانة وتحديث المنصات القائمة، وإنتاج أسلحة تقليدية على غرار تلك التي كانت مستخدمة في الحرب العالمية الثانية وتطوير بعض الأنظمة المتقدمة. ورغم أن المساهمة الفعلية للمعدات المطورة محليًا في حرب 1967 كانت صغيرة جدًا، إلا أن هناك أنصارًا لصناعة الأسلحة واسعة النطاق داخل الحكومة وبحلول عامي 1966 و1967 تم إرساء الأساس لصناعة الأسلحة بشكل متين.

بدأ التوجه الجذري لصناعة الأسلحة الإسرائيلية بعد عام 1967 بسبب صدمة حظر الأسلحة الفرنسية، ومن هنا يجب الإشارة بشكل خاص إلى الدور الذي لعبته فرنسا خلال الفترة 1956-1967، حيث احتلت فرنسا المرتبة الأولى كمصدر خارجي رئيسي للأسلحة الثقيلة لإسرائيل. تجاوزت المساعدات العسكرية الفرنسية توريد طائرات ميراج وميستير وسوبر ميستير وغيرها من الأنظمة الرئيسية، وكانت صناعة الأسلحة الفرنسية بمثابة نموذج للنمو الوطني والصناعي والاقتصادي الناتج عن إنتاج الأسلحة.

أنتجت صناعة الأسلحة المحلية في إسرائيل طائرات التدريب النفاثة بموجب ترخيص فرنسي، وامتد التعاون العلمي الفرنسي الإسرائيلي إلى عدد من المجالات العسكرية، لكن السياسة الفرنسية تجاه إسرائيل تغيرت فجأة في عام 1967 بعد حرب الأيام الست، وللتعبير عن استيائه من رفض إسرائيل للنصيحة بعدم بدء القتال، فرض الرئيس الفرنسي شارل ديجول من جانب واحد حظرًا فوريًا على شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. وتم حجب الطلبات غير المُسَّلمة، حتى تلك التي دفعت إسرائيل ثمنها بالفعل، ولم يتم قبول طلبات أخرى من الأسلحة. ونتيجة لهذا، شرعت إسرائيل في سياسة شاملة للاكتفاء الذاتي في محاولة لتطوير وإنتاج جميع احتياجاتها الدفاعية. وقد أدى هذا الشعور بالإلحاح لتحقيق الاستقلال عن الموردين الأجانب إلى دفع البلاد إلى حالة من عدم الاستقرار.
ومنذ عام 2006 بدأ مؤشر مبيعات الأسلحة الإسرائيلية يرتفع بشكل ملحوظ، ففي عام 2011 بلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية من الأسلحة ما قيمته 6,5 مليار دولار، وفي عام 2012 بلغت الصادرات 7 مليارات دولار، وفي عام 2013 بلغت قيمة الصادرات حوالي 6,54 مليار دولار، وفي عام 2014 زادت ميزانيات الدفاع في القارة الأوروبية بنسبة 8.3% نتيجة ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ومع تدفق موجات اللاجئين من الشرق الأوسط، أدى هذا كله إلى ارتفاع كبير في هذه الميزانية نتيجة رغبة هذه الدول بتحصين دفاعها وأمنها في وجه المخاطر الجديدة؛ لذلك انتعشت أكثر تجارة الأسلحة الإسرائيلية، فبلغت المبيعات الإسرائيلية ما قيمته 7,5 مليار دولار، وهناك مراكز أبحاث تحدثت عن حوالي عشرة مليارات دولار، وحسب صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية التي كشفت أن 29 دولة تستورد الأسلحة المتنوعة من إسرائيل، أبرزها: الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وإسبانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية وكينيا وبيرو وأوغندا.
وحاليًا، تعد اسرائيل من دول العالم المتقدمة في صناعة السلاح، وكذلك القدرة على تصديره للعديد من دول العالم. كما تعتمد اسرائيل على التصنيع العسكري في تنشيط دبلوماسية السلاح وليس فقط الدبلوماسية الدفاعية. وعن طريق دبلوماسية السلاح، تتمكن اسرائيل من بناء وتطوير علاقات قوية مع دول عديدة شرقًا وغربًا وشمالًا وجنوبًا. ويوجد في إسرائيل أكثر من 120 شركة متخصصة في الصناعات العسكرية تعمل في كل المجالات تقريبًا من إنتاج الذخيرة إلى إنتاج الصواريخ وأجهزة الرادار المتطورة والطائرات المسيرة متعددة المهام.

وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل استطاعت أن تدخل نادي العشرة الكبار في السوق العالمية لصادرات السلاح وتستحوذ الآن (حسب تقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”) على نسبة 3% من صادرات السلاح العالمية. ومنذ أكثر من عامين وقعت إسرائيل مع اليونان صفقة عسكرية بقيمة 1.65 مليار دولار، وهي عبارة عن اتفاقية شراكة للتدريب على قيادة الطائرات لمدة 20 عامًا. كما وقعت صفقة مع الهند تصل قيمتها لنحو مليار دولار وذلك لشراء الأخيرة صواريخ إسرائيلية وأنظمة دفاعية متطورة.
أسباب تطور صناعة الأسلحة
تعززت رغبة إسرائيل في تطوير صناعتها الدفاعية الخاصة من خلال حظر الأسلحة الذي فرضته الدول الموردة من وقت لآخر. ومن بين أهم أشكال الحظر: فرضت الولايات المتحدة وبريطانيا وعدة دول أخرى حظرًا على الأسلحة على كلا الطرفين المتحاربين خلال الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948؛ وفرضت فرنسا حظرًا على الأسلحة على إسرائيل عشية حرب الأيام الستة عام 1967، مثل فرض الرئيس ديجول حظرًا كرد فعل على تدمير إسرائيل لثلاث عشرة طائرة ركاب تجارية لبنانية متمركزة في مطار بيروت في عام 1969.

في عام 1970، وفي ذروة “حرب الاستنزاف” مع مصر، علقت الولايات المتحدة طلبًا إسرائيليًا عاجلًا للحصول على أسلحة. وفي يوليو 1971، وفي أعقاب انهيار المفاوضات التي أجريت تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة جونار جارينج، فرضت الولايات المتحدة حظرًا آخر على شحنة من طائرات فانتوم وسكاي هوك كانت إسرائيل قد طلبت الحصول عليها ووافق عليها الكونجرس في وقت سابق من ذلك العام. ومع اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية الرابعة، فرضت بريطانيا حظرًا على الأسلحة على المنطقة ورفضت شحن الدبابات ومحركات الدبابات إلى إسرائيل بموجب عقود موقعة مسبقًا. ومرة ​​أخرى في مارس 1975، عندما عجزت الولايات المتحدة عن إقناع إسرائيل بالانسحاب من ممرات سيناء، قيدت إدارة الرئيس الأمريكي “فورد” تدفق الأسلحة والمساعدات الاقتصادية إلى إسرائيل. وعلى نحو مماثل، واجهت إسرائيل مشاكل مماثلة في أعوام 1976 و1978 و1981 و1983.

عملت العوامل الاقتصادية أيضًا كمحفز في تطوير صناعة الأسلحة لديها. لقد فرضت متطلبات الدفاع الإسرائيلية عبئًا هائلًا على اقتصاد إسرائيل، فمن عام 1966 إلى عام 1972 ارتفعت واردات إسرائيل العسكرية من 116 مليون دولار إلى 800 مليون دولار سنويًا. ووفقًا لموشيه كاشتي، المدير العام لصناعة الدفاع الإسرائيلية حينئذ، فإن تراكم الأسلحة في أعقاب حرب 1967 كان مسؤولًا عن نصف العجز التجاري للبلاد في عام 1968. كما تضاعف استخدام الأصول الأجنبية لشراء المعدات العسكرية ثلاث مرات في عام واحد بعد حرب الأيام الستة. ومن ثم فإن توسيع إنتاج الأسلحة المحلية من شأنه أن يخفف من العديد من هذه المشاكل.

وقد طُرحت أربع حجج لتبرير سياسة الأسلحة الإسرائيلية. أولًا، من شأن الإنتاج المحلي أن يقلل من كمية الواردات العسكرية وبالتالي تضييق الفجوة التجارية المتوسعة أو تقليل زيادتها. ولن يؤدي هذا الاستبدال للواردات إلى توفير العملة الأجنبية فحسب، بل إنه سيوفر أيضًا الأموال المحلية لأن المنتجات المحلية ستكون أقل تكلفة من المنتجات الأجنبية. ثانيًا، خلق فرص العمل، ليس فقط للقوى العاملة ولكن أيضًا للمهنيين ذوي المهارات العالية، مما يساعد على وقف هجرة الأدمغة واجتذاب المهاجرين المهرة. ثالثًا، أنشطة البحث والتطوير من شأنها أن يكون لها تأثير جانبي في القطاع غير العسكري، مما يحفز التقدم التكنولوجي للصناعة المتطورة. رابعًا، الأرباح من المبيعات الأجنبية، من شأنها أن تكسب العملة الأجنبية فوق المدخرات من خلال استبدال الواردات. ونتيجة لهذا، انخفض عبء الواردات العسكرية على العجز التجاري الإسرائيلي من متوسط ​​42.8% في الفترة 1968-1972 إلى أدنى مستوى له عند 13.4% في الفترة 1976-1980، مما شجع البلاد على توسيع صناعة الأسلحة بشكل أكبر.

أهم المؤسسات الصناعية العسكرية الاسرائيلية

مؤسسة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)
تأسست عام 1953، كشركة حكومية صغيرة لصيانة الطائرات، وحاليًا تعمل في إطار مجموعة في مجالات متعددة، من بينها الطيران العسكري، المدني، الصواريخ، الطائرات دون طيار، الرادارات، السايبر، والروبوتيات، وتركّز عملها تحديدًا على المجال العسكري. واستطاعت تحقيق عددًا من الإنجازات التكنولوجية، لكن بقي معظمها محجوبًا لسنوات كثيرة و كُشف عن القليل منها فقط، مثلًا، صناعة أجنحة الطائرة F35 الأمريكية الجديدة، التي من المتوقع أن تبيع الشركة بالمجمل منها نحو 800 زوج أجنحة بقيمة 2.5 مليار دولار، خلال نحو 10 حتى 15 عامًا، إلى شركة “لوكهيد مارتين” مُصنّعة الطائرات. ويصل الحجم المالي لنشاطات الشركة في العام إلى نحو 3.7 مليارات دولار، من بينها نحو 80% مخصصة للتصدير، إلى نحو 100 دولة في أنحاء العالم.
مؤسسة الصناعات العسكرية الإسرائيلية (IMI)
مؤسسة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، يتم توجيه 40% من منتجاتها للتصدير، يمكن اعتبار منتجاتها في الأغلب أسلحة برية، سواء الخفيفة أو الثقيلة، كالمدافع من عيار 105 ملم ودبابات الميركافا الشهيرة والقذائف الصاروخية والمدافع المضادة للطائرات، ويقترب دخلها السنوي من مليار دولار.
مؤسسة رافائيلRAFAEL
هي مؤسسة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وتعرف بهيئة تطوير الوسائل الحربية، ومهمتها الرئيسية البحث عن وسائل قتالية متقدمة اعتمادًا على التكنولوجيا الحديثة، وتضع تصميمات لأسلحة متطورة، كالصواريخ الموجهة، ومعدات التوجيه والتصويب، والحاسبات الإلكترونية، وأجهزة قياس المسافات الإلكترونية، ونظم حرب إلكترونية، وقنابل ذكية، ويتراوح دخلها السنوي بين 500 و800 مليون دولار.
إلى جانب عدة شركات برزت مؤخرًا على ساحة “صناعة الأسلحة” في إسرائيل، مثل:
شركة أنظمة إلبيط: شركة عامة عالمية، مقرها في إسرائيل، تأسست عام 1996، ويقع مقرها في حيفا المحتلة، متخصصة في إنتاج أنظمة التجسس والاستطلاع.
• إلزرا: إحدى شركات الدفاع والصناعة العسكرية في إسرائيل، تأسست عام 1967، وصنعت العديد من الأسلحة والمركبات، مثل: مسطيف (طائرة بدون طيار).
• بلَسَان ساسا: شركة صناعات أسلحة دفاعية إسرائيلية مختصة بصناعة المركبات تأسست عام 1985.
• أنظمة سولتم: وهي شركة صناعة عسكرية إسرائيلية تأسست عام 1952، ويقع مقرها في يوكنعام، وتقوم بتطوير وتصنيع أنظمة المدفعية المتقدمة، ومدافع الهاون والذخيرة.
وختامًا، تمتلك الصناعات العسكرية الإسرائيلية تميزًا بحكم ما فرضه عليها الموقع والعقيدة العسكرية، خاصة في مجال الجو. ويتميز إنتاجها بالتنوع والغزارة في كافة أوجه التصنيع العسكري الأخرى، فهي تنتج الأسلحة الصغيرة والخفيفة، والمدرعات (دبابة الميركافا، العربة المدرعة الأمريكية م-113، دروع المواد المركبة والدروع الفعالة ودروع شوبهام)، والمدفعية (المدافع من عيار 105مم، 155مم المجرورة وذاتية الحركة)، والأسلحة المضادة للدبابات، والطائرات (مقاتلة كفير، وتحديث المقاتلة الأمريكية سكاي هوك، والمقاتلة فانتوم 2000)، والطائرات بدون طيار، والذخائر الجوية، والصواريخ البالستية، والصواريخ الجوالة، وأسلحة الدفاع الجوي الأرضية، وأسلحة الدفاع المضاد للصواريخ، وتكنولوجيا الهندسة العسكرية (جميع أنواع التحصينات والجسور الميكانيكية سريعة التجهيز وأجهزة كشف الألغام، وإنتاج الألغام المضادة للأفراد والدبابات بأنواعها)، والأسلحة الكيماوية، وأخيرًا أسلحة الحرب البيولوجية. وكل هذا يمكنها من توسيع مظلة علاقاتها مع دول العالم حتى استطاعت أن تتوغل في القارة الافريقية وأن يكون لها علاقات كبيرة ومتوازنة مع عناصر تبدو متناقضة مثل الهند والصين وسنغافورة، فضلًا عن وجود علاقات عسكرية مع باكستان رغم أن الأخيرة ترفض إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. وعليه فإن صناعة السلاح الإسرائيلي بات يلعب دور كبير في إقامة علاقات غير تقليدية لا تنبني فقط على الدبلوماسية التقليدية بل تتعداها إلى ما يمكن أن نطلق عليه الدبلوماسية التطبيقية من خلال تصدير السلاح والخبرة العسكرية.

لقد تمكنت شركات الصناعات الدفاعية في إسرائيل من ترسيخ مكانتها التكنولوجية في مجال ترقيات أنظمة الأسلحة، الأمر الذي اكتسبت من خلاله شهرة عالمية. فمقابل جزء بسيط من تكلفة المنصات الجديدة، تستطيع الشركات الإسرائيلية أن تأخذ أي نظام قديم وتمنحه نطاقًا أوسع. كما تقدم الشركات الإسرائيلية أنظمة فرعية أساسية لبعض أكثر المنصات تقدمًا في العالم، بما في ذلك الدبابات الألمانية وطائرات الهليكوبتر الاستطلاعية المسلحة التابعة للجيش الأمريكي وأنظمة القيادة والسيطرة للمدفعية الهولندية. لقد ركزت الجهود المبكرة لصناعة الدفاع الإسرائيلية على تقديم أنظمة الأسلحة الأساسية مثل الدبابات والطائرات المقاتلة والمدفعية وقوارب الدورية.

د. مصطفى عيد إبراهيم

خبير العلاقات الدولية والمستشار السابق في وزارة الدفاع الإماراتية، وعمل كمستشار سياسي واقتصادي في سفارة دولة الإمارات بكانبرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى