كيف انعكس أداء البنك الزراعي في الربع الثالث من 2024 على الاقتصاد؟

في الربع الثالث من عام 2024 استمر البنك الزراعي المصري في تحقيق أداء مرتفع على مستوى جميع المؤشرات، وهو الأمر الذي جاء نتيجة الجهود المتواصلة وخطة التطوير الشاملة التي يقوم بها البنك على مختلف الأصعدة والقطاعات، فالبنك طور من مجال عمله، بأنه يكون مختص فقط في التمويل الزراعي، ولكنه توسع في الأعمال المصرفية التي يُقدمها والتي باتت تخدم قطاع عريض من المواطنين، مما ساهم في نمو الاقتصاد القومي.
وتأسيسًا على ما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على التطور في الأداء المالي للبنك الزراعي المصري في الربع الثالث من عام 2024 بالمُقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، مع تسليط الضوء على الانعكاسات الاقتصادية لهذا التطور.
مؤشرات مرتفعة
يُمكن التعرف على النمو في المؤشرات المالية للبنك الزراعي من خلال النقاط التالية:
(-) ارتفاع محفظة القروض: يتضح من الشكل (1) ارتفاع حجم محفظة القروض التي يُقدمها البنك الزراعي المصري، إذ ارتفعت من 60.288 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2022 إلى 69 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2023، ثم قفزت إلى 80.3 مليار جنيه في الربع الثالث من عام 2024 بالمُقارنة بـ 71.9 مليار جنيه في الربع الثالث من عام 2023، أي بزيادة تُقدر بحوالي 9 مليار جنيه، وكما بلغ عدد العملاء المستفيدين من تلك القروض نحو 506 ألف عميل من الأفراد والشركات، من بينهم 28 ألف عميل جديد انضموا لقائمة عملاء البنك خلال 2024، وذلك نتيجة استمرار البنك في اتباع سياسات ائتمانية منضبطة لربط الاقراض بالإنتاج وتوجيه التمويل للأنشطة الانتاجية الجادة، بما يسهم في تحفيز الاستثمار في القطاع الزراعي بكافة مجالاته الإنتاجية.

الشكل (1) يوضح حجم محفظة قروض البنك الزراعي المصري

وبالإضافة إلى ذلك استطاع البنك خلال الربع الثالث من عام 2024 أن ينوع من محفظة القروض التي يُقدمها، لتتضمن التوسع في إقراض الأنشطة والمشروعات الصناعية والتجارية والخدمية، هذا إلى جانب دوره الأساسي باعتباره أكبر البنوك المتخصصة في تنمية وتمويل القطاع الزراعي والأنشطة الصناعية المرتبطة به، على أن يكون ذلك ضمن الاستراتيجية الجديدة للبنك التي تستهدف تقديم كافة الخدمات المصرفية والتمويلية بأعلى مستويات الجودة، وهو ما يجعله مُنافساً قويًا في السوق المصرفية وقادراً على تلبية كافة احتياجات العملاء.
(-) ارتفاع محفظة الودائع: وفقاً للشكل (2) ارتفعت محفظة ودائع البنك الزراعي بشكل كبير خلال الفترة محل الدراسة، إذ ارتفع من 169.2 مليار جنيه في الربع الثالث من عام 2023 إلى 189.4 مليار جنيه في الربع الثالث من عام 2024، بزيادة قدرها 20.2 مليار جنيه، أي ارتفعت بنسبة 11.9%، وهو الأمر الذي يوضح ثقة الجمهور في التعامل مع الخدمات المصرفية التي يُقدمها البنك الزراعي، وفي قدرة البنك على إدارة مدخراتهم وتيسير معاملاتهم وفق أحدث النظم المصرفية، خاصة مع تشغيل النظام البنكي الجديد(financial)، الذي يُمثل أحدث تكنولوجيا لمنظومة بنكية في العالم، الأمر الذي يسهم في دعم جهود البنك لإطلاق مجموعة جديدة من المنتجات الرقمية والتطبيقات الذكية التي تلبي احتياجات عملائه لاستخدام الخدمات البنكية الرقمية وقنوات الدفع البديلة، كما يُمثل النظام الجديد خطوة كبيرة في تطوير العمليات المصرفية بالبنك وتقديم خدمة مصرفية متميزة للعملاء وإحكام الرقابة على العمليات والحد من مخاطر التشغيل.

الشكل (2) يوضح حجم محفظة الودائع لدى البنك الزراعي المصري

وعليه تأتي هذه الخطوة في وضع مُكمل للخطوات التي اتخذها البنك سابقًا، إذ تبنى البنك خطة شاملة من أجل تحديث البنية التحتية والتكنولوجية، فيُعتبر البنك من أول البنوك التي اتاحت خدمة تقديم قروض الإنتاج الزراعي إلكترونياً من خلال المنصة الزراعية الرقمية” أجري مصر”، التي تتيح تمويل كافة المحاصيل الزراعية عبر المنصة، كما تعاون البنك مع شركة ” اتصالات مصر”؛ لتنفيذ الشبكة البديلة للبنك، التي تعمل على ميكنة 1131 فرع للبنك، كما تم إطلاق منظومة ” الفينيكال” التي تُعتبر منظومة بنكية مُحترفة يستطيع البنك من خلالها تقديم خدمات مصرفية وفقًا لاحتياجات المواطن والشركات.

انعكاسات اقتصادية
هناك العديد من الانعكاسات الاقتصادية لدور البنك الزراعي المصري، والتي يتم توضيحها فيما يلي:
(-) تحفيز القطاع الصناعي والزراعي: يعمل البنك الزراعي المصري على توجيه حجم كبير من محفظة القروض إلى القطاعات الاقتصادية الهامة، خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في قطاعي الزراعة والصناعة، فوفقاً لمؤشرات أعمال البنك الزراعي خلال الربع الثالث من عام 2024، وكما يوضح الشكل (3) بلغ حجم تمويل الشركات الصغيرة نحو 5.8 مليار جنيه استفاد منها 5958 شركة صغيرة، بينما بلغ حجم تمويل الشركات المتوسطة نحو 5.9 مليار جنيه لصالح 157 شركة، كما تم تمويل 426 ألف نشاط متناهي الصغر (شركات وأفراد) بحجم تمويلات بلغ نحو 34 مليار جنيه، وهو ما يوضح أن البنك من أكبر البنوك الداعمة لهذه المشروعات؛ نظراً للدور الهام لهذا القطاع من المشروعات باعتبارها المُحرك الرئيسي وعصب الاقتصاد الوطني؛ لقدرته في تعزيز معدلات التشغيل ونشر ثقافة ريادة الأعمال وتوفير فرص عمل جديدة ومواجهة مشكلات البطالة وتمكين المرأة في سبيل تحقيق معدلات النمو الاقتصادي المستهدفة.

الشكل (3) يوضح حجم تمويل البنك الزراعي للأنشطة الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر

هذا فضلًا عن تزايد دور البنك في تمويل المشروعات والشركات الكبرى، إذ ارتفع عدد الشركات الكبرى العاملة في القطاعين الزراعي والصناعي من 154 شركة حجم تمويلاتها نحو14.8 مليار جنيه بنهاية سبتمبر2023 ، إلى 203 شركة بنهاية سبتمبر 2024 بلغ حجم تمويلاتها نحو 20.7 مليار جنيه، من ضمنها ضخ نحو 895 مليون جنيه في قروض مشتركة بالتعاون مع بنوك أخرى لتمويل نحو 12 شركة كبرى في قطاعات مختلفة في إطار سعي البنك لتمويل القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية وتدعيم الشركات، وتحفيز الاستثمار في القطاعين الزراعي والصناعي والأنشطة الإنتاجية المرتبطة بهم.

الشكل (4) يوضح القيمة المضافة للقطاع الزراعي المصري وغيره من الدول

المصدر: البنك الدولي

ويُمكن القول أن نتيجة هذه الجهود الكبيرة للبنك الزراعي المصري في دعم القطاعات الاستراتيجية داخل الدولة المصرية، ارتفعت القيمة المضافة للقطاع الزراعي بالمُقارنة مع عدد من الدول الأخرى كما يوضح الشكل (4)، إذ تبلغ القيمة المضافة للقطاع الزراعي المصري 10.6%، بينما في أستراليا 2.4%، وفي الأرجنتين 6.1%، الأمر الذي يوضح الانعكاس الكبير للسياسات الزراعية في مصر ولدور البنك الزراعي على رفع القيمة المضافة للقطاع الزراعي.
(-) تخفيض معدلات البطالة: ساهم الدور الكبير الذي يقوم به البنك الزراعي المصري في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، بالإضافة إلى تمويل المشروعات والشركات الكبرى، في تخفيض معدلات البطالة في الدولة المصرية كما يوضح الشكل (5)، إذ انخفضت من 7.1% في الربع الثالث من عام 2024 إلى 6.5 % في الربع الثاني من عام 2024، فضخ التمويلات الكبيرة في هذه القطاعات التي تستقطب عدد كبير من العمالة يُحقق خفض معدلات البطالة في الاقتصاد المصري عن طريق توفير العديد من فرص العمل المباشرة والغير مباشرة.

الشكل (5) يوضح معدل البطالة في مصر

المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء

(-) نمو الاقتصاد القومي: تُساهم قوة القطاع المصرفي بشكل كبير في زيادة النمو الاقتصادي داخل الدولة، فتقدم البنك الزراعي في تحقيق المؤشرات المالية الإيجابية يعمل علي تزايد الثقة في القطاع المصرفي المصري، ومن واقع إن هذا القطاع يمثل حجر أساس في العملية التنموية، حيث إنه يعمل علي التخصيص الأمثل للموارد، بما يؤدي إلي نمو القطاعات المختلفة من خلال توفير الموارد المالية اللازمة لها، سينعكس ذلك علي تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي.
(-) توفير العملات الأجنبية: يعمل البنك الزراعي المصري على دعم الاقتصاد الوطني من خلال تشجيع عمليات التجارة الخارجية والتصدير وفتح آفاق لأسواق تصدير جديدة للمنتج المصري، إذ ضاعف البنك من الجهود التي يبذلها؛ لتسهيل إجراءات فتح الاعتمادات المستندية ومستندات رسوم التحصيل، وهو الأمر الذي عمل على توفير العملات الأجنبية داخل الاقتصاد المصري، إذ بلغ إجمالي ما تم تدبيره من عملــة أجنبيـــة خـــلال الفترة من يناير 2024 وحتى سبتمبر 2024 حوالي 125 مليون دولار، كما ساهمت آلية ومرونة تسعير العملات الأجنبية في حصول البنك على تنازلات للعملة الأجنبية بلغت نحو 127.6 مليون دولار خلال نفس الفترة، وهو الأمر الذي يوضح الدور القومي الكبير للبنك الزراعي المصري.

وختامًا يُمكن القول أن البنك الزراعي المصري يتجاوز حدود دوره المصرفي المُتمثل في تقديم قروض واستقبال ودائع فقط، ولكن تطور البنك بشكل كبير، مما جعل الاقتصاد القومي يجني ثمار هذا التطور، فالبنك الزراعي المصري أثبت بالبراهين والأدلة الواقعية أنه من أكبر البنوك الداعمة للاقتصاد المصري والمُساهمة في تحقيق طفرات نموه، وهو الأمر الذي يتطلب تعميمه في مختلف الجهاز المصرفي المصري، حتى يُمكن تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي المُستدام.

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى