دور فاعل.. استراتيجية البريد المصري في مواجهة التغير المناخي
يضع البريد المصري خطة واضحة، واستراتيجية في مواجهه تغير المناخ، نابعة من الدور القومي الذي يلعبه نتيجة للتطورات التي شهدها في الفترة الأخيرة، فلم يعد البريد بمفهومه التقليدي مجرد وسلية للتواصل بفضل النقلة النوعية التي حققها وإدخال نظم الميكنة المختلفة، ولتعظيم الدور الذي يقوم به؛ فقد شارك البريد فى الدورة السابعة والعشرين من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP 27، الذي تستضيفه مصر بمدينة شرم الشيخ، فالتكنولوجيا الحديثة التي يعتمد عليها قد ساعدته على الاندماج في جميع خطط الدولة المهمة، مما يجعله شريك نجاح خاصة في استراتيجية الدولة في مواجهه تغير المناخ.
مما سبق، يهدف هذا التحليل إلى توضيح الدور المهم الذي يلعبه البريد في استراتيجية تغير المناخ، وخطته في هذا الشأن، والخدمات التي استحدثها في المؤتمر، وأيضًا توضيح حدود أثر هذا الدور المهم.
خطة واضحة:
يمتلك البريد المصري خطة استراتيجية واضحة وفاعلة لمواجهه تغير المناخ، نحو الحفاظ على البيئة، وتقليل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن العمليات البريدية من خلال عده خطوات فورية ومنها:
(*) استخدام سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية في توصيل الطرود البريدية كبديل للسيارات التي تعمل بالوقود؛ مما يعتبر إحلال تتدريجي للتحول من الطاقة الملوثة للبيئة إلى الطاقة النظيفة، مما يوحى بمدى اهتمام البريد بالتحول النظيف في الطاقة، وإيمانه بقضية الدولة، والعالم أجمع، بهدف مواجهه تغير المناخ.
(*) قدم البريد العديد من المشروعات التي تم تنفيذها وتعمل بالطاقة الخضراء، مثل؛ العديد من مكاتب البريد، والمباني الإدارية، والأثرية، التي تم افتتاحها، فقد جاءت هذه المشروعات بشكل يتسق مع استراتيجية الدولة في التحول نحو الطاقة الخضراء بهدف تقليل الموثات المختلفة التى تسبب فى تغير المناخ بشكل كبير على المدى الطويل، فإن إدراك البريد لهذه الاستراتيجية والقيام بتطبيقها داخل مؤسسته يعتبر ميزة تنافسية للبريد، ومن أهم شركات البريد التي تسهم في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، هي؛ شركة البريد للاستثمار التي تعتبر الذراع الاستثماري للبريد المصري.
شكل (1) يوضح دور شركة البريد للاستثمار في التحول للاقتصاد الأخضر
(*) الخدمات التي قدمها البريد تأتي ضمن استراتيجيته للحفاظ على البيئة، وتقليل الانبعاثات، ومنها؛ خدمة البريد الإلكتروني المسجل «بريدي»، خدمة وصلها، وتطبيق «يلا سوبر اب».
خدمة البريد الإلكترونى المسجل «بريدي»: تعد من التطور الرقمي لخدمة البريد المسجل بمفهومها المعروف، حيث أنها خدمة رقمية أكثر سهولة وأمان من حيث الإرسال والاستقبال، وتضمن حماية البيانات الشخصية، وسرعة الوصول بين الجهات الحكومية ومؤسسات الدولة والمؤسسات الخدمية والمواطنين بشكل موثوق ورقمي للوثائق والمستندات الحكومية، بما يضمن الحفاظ على البيئة، والتحول إلى نظام رقمي قائم على تبادل البيانات.
خدمة وصلها: تعزز هذه الخدمة من مفهوم التحول الرقمي؛ فهي خدمة شحن متطورة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي AI والجغرافية المكانية GIS، فهي إحدى الخدمات اللوجستية البريدية التي يقدمها البريد المصري لخدمة عملاء التجارة الإلكترونية سواء التجار أو العملاء، حيث يستطيع العملاء بعد تسجيل بيانات شحناتهم تسجيل طلبات “pick up” بمواعيد إرسال محدده وفقاً لرغبة كل عملية، وتوفر الخدمة منصة شحن متكاملة تمكنهم من تحفيز منتاجتهم وشحنها بأسعار تنافسية، وإدارة العمليات اللوجستية بكل سهولة ويسر.
تطبيق «يلا سوبر اب»: يعد أول سوبر أب في مصر والشرق الأوسط وإفريقيا يقدم مختلف الحلول المالية والغير مالية للأفراد والتجار والشركات، ومزود بحلول الدفع “PSP” بالتعاون مع شركة فيزا العالمية وشركة باي سكاي، حيث تعد هذه الخدمة إضافة جديدة للبريد المصري خلال الفترة الماضية على المستوى الإقليمي والدولي.
خدمات جديدة:
فى إطار مشاركة البريد المصري في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27، وإيماناً منه بأهمية هذا المؤتمر للحد من تداعيات تغيرات المناخ، حيث جاء هذا المؤتمر بمشاركة قادة العالم ومسئولين رفيعي المستوى في الأمم المتحدة مما جعله حدث دولي مهم، لذا بادر البريد بالمشاركة في هذا الحدث وتوثيقه، وقام بمجموعة من الإجراءات وهي:
(#) طابع بريد تذكاري بتقنية الـ “QR CODE“، بهدف توثيق الحدث الذي يحظى باهتمام كبير على المستويات المحلية والدولية، وتمكن هواة الطوابع والمتابعين من الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بالطوابع، واكتساب المعرفة اللازمة حول المناسبة بطريقة مبتكرة وجذابة، وذلك باللغة العربية والإنجليزية والفرنسية عبر ربط الطابع بمواقع الطوابع المصرية، وذلك ضمن خطة التطوير الشاملة التى يشهدها البريد المصرى حالياً، التى تهدف إلى تطبيق التحول الرقمى في جميع الإدارات والقطاعات والخدمات التي يقدمها، فإن هذا التحول الجاد والمطبق بشكل فعال يجعل البريد المصري من بين المؤسسات الفاعلة التي تساعد على التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
(#) جولة افتراضية “Virtual Tour“: قدم البريد المصري لأول مرة، جولة افتراضية داخل متحف البريد المصري للوفود المشاركة في المؤتمر؛ بما يمكنهم من إجراء زيارة افتراضية للمتحف ومشاهدة جميع محتوياته مع شرح تفصيلي لجميع محتوياته باللغة الإنجليزية، وهو ما يؤكد دعمه لمؤتمر المناخ ولاستراتيجية السامية التي ستؤدي إلى وضع حلول قابلة للتطبيق في مسألة مواجهة تغير المناخ.
(#) وقع البريد عقدًا اتفاقيًا بالتعاون مع شركة plug and play العالمية ليصبح شريك مؤسس في “منصة الابتكار والتحول الرقمي “DX Program، وذلك للاستفادة ونقل أحدث الخبرات العالمية بقطاع التكنولوجيا إلى الشركات الناشئة في مصر، حيث يعد هذا الأمر تطبيقاً لهدف البريد في تحقيق التحول الرقمي تزامناً مع مؤتمر المناخ.
(#) وحدات بريدية صديقة للبيئة: جاء في إطارحرص البريد المصري الدائم على الحفاظ على البيئة ومواجهة الكوارث البيئية، سعيه لإنشاء وحدات بريدية صديقة للبيئة؛ تعمل بالطاقة الشمسية، وتستخدم أساليب الاستدامة، وذلك تزامناً مع مؤتمر المناخ، ومن المؤكد أن هذا سيكون له أثر كبير على تقليل الانبعاثات الناجمة عن العمليات البريدية المختلفة.
حدود الأثر:
(-) يمكن القول أن الخدمات التي قدمها البريد المصري تتماشى مع استراتيجية الدولة الرامية إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر القائم على الذكاء الإصطناعي، فخدمة بريدي تقدم خدمة بديلة لإرسال المستندات والوثائق؛ مما يقلل من حركة السيارات التى تسبب تلوث البيئة، كما تقلل من استخدام الأوراق والأحبار، وقيام خدمة وصلها على تقنيات الذكاء الاصطناعى وتحفز التجارة الإلكترونية يقلل التنقل واستخدام الطاقة للحفاظ على البيئة؛ وهو ما يسهم بدوره في خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة، لذا فقد أسهم البريد المصري بشكر كبير فى تحفيز التجارة الإلكترونية، وواجه المشكلات التي تعيقها بالاعتماد على حلول تقنية متميزة، وتطويره حلول الدفع وإطلاق التطبيقات التي تحفز الحفاظ على البيئة، تعد خطوة مهمة في مواجهة الملوثات المختلفة، فكلما زادات الخدمات الإلكترونية زادات درجة الحفاظ على البيئة من الملوثات.
(-) إطلاق البريد المصري لخطة التحول الرقمي من خلال التحفيز على زيادة استخدام الخدمات المالية عن طريق الصراف الآلي والكروت الائتمانية، عمل على تقليل استخدام الدفاتر الورقية، وهو ما أسهم في مواجهه الأثار المترتبة على الأزمات والكوارث المناخية.
(-) قيام البريد بدعم استراتيجية الدولة نحو تغير المناخ ومشاركته الفاعلة في مؤتمر المناخ، وتقديمه جلسة عن «تأثير الشمول المالي الرقمي على تغير المناخ»، يجعله شريك أساسي في خطط الدولة المختلفة، ويعظم من نظرة العالم إلى دوره الفاعل الذي يلعبه في الفترة الأخيرة، فنظراً للدور الكبير الذي يقوم به البريد في دعم التحول الرقمي؛ فقد حصل على جائزة النجم الصاعد من الاتحاد البريدي العالمي، وهي الجائزة التي تعد بمثابة تقدير رفيع المستوى لجميع العاملين بالبريد، وتجسيداً واضحاً لمدى التطور الذي وصل إليه بعد ميكنة الخدمات المقدمة، وتطبيق التحول الرقمي والشمول المالي، واهتمامه بالتغيرات المناخية ومواجهه أزماتها.
(-) دعم البريد المصري لصغار المنتجين والصناع للوصول إلى الأسواق المحلية والعالمية، من خلال خدمات بريدية وحلول تقنية مستدامة بيئياً كي تصبح التجارة الإلكترونية مستدامة، مما يسهم في خفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن عمليات نقل وتوزيع طرود التجارة الإلكترونية، حيث يأتى هذا في إطار استراتيجية البريد المصري لتبني برامج تنفيذية للتنمية المستدامة بيئياً لمواجهه تغير المناخ، مما يسهم بشكل فاعل في الاستراتيجية العامة للدولة في هذا الشأن.
ختاماً، يتضح الدور القوي والفاعل الذي يقوم به البريد المصري في مواجهة قضايا تغير المناخ، ومشاركة الدولة في هذا الحدث المهم الذي تستصيفه حالياً؛ فلم تقتصر مشاركته لهذا الحدث على مجرد الحضور ولكن تضمنت إجراءات جديدة وفعاليات مهمة قام بها، مما أظهر نجاحه وتطوره ودوره المهم في مساندة الدولة في جميع سياساتها المهمة.