تقييم علمي..كيف جاءت نتائج أعمال البنك الزراعي في نهاية 2023؟

في ديسمبر عام 2023 حقق البنك الزراعي المصري طفرة كبيرة على مستوى جميع المؤشرات، وهو الأمر الذي نتج عن نجاحات البنك المتواصلة على أرض الواقع، حيث اتخذ البنك مجموعة من السياسات والإجراءات والبرامج التي انعكست على تغيير الصورة الذهنية لدى عدد كبير من المواطنين، والتي كانت تنظر للبنك الزراعي أنه بنك مُخصص لخدمة الفلاح فقط، ولكن نجح البنك الزراعي في رعايته لجميع عمليات التنمية داخل الدولة المصرية، ويُقدم خدماته لجميع فئات الشعب المصري، وهو الأمر الذي ترتب عليه تطور في أدائه المالي والمؤسسي.

وتأسيسًا عما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على مؤشرات الأداء التي حققها البنك الزراعي المصري خلال عام 2023، مع توضيح انعكاسات هذا الأداء على مستوى البنك وعلى مستوى الدولة.

مُرتكزات هامة:

يُمكن توضيح الطفرة الكبيرة في نتائج أعمال البنك الزراعي من خلال النقاط التالية:

(*) زيادة محفظة القروض: ارتفعت محفظة القروض في البنك الزراعي المصري بشكل كبير خلال عام 2023، كما يوضح الشكل رقم (1) الذي يُشير إلى أن القروض الممنوحة ارتفعت من 63.97 مليار جنيه في عام 2022 إلى 78.83 مليار جنيه في عام 2023، إذ ارتفعت بمعدل يبلغ 23%، هذا فضلاً عن ارتفاعها بنحو 142% أخر  عامين، وهو الأمر الذي يوضح حرص البنك المُتزايد علي تسهيل منح التمويل للمواطنين وخاصة المزارعين، إذ بلغ عدد المستفيدين من هذه القروض نحو 543,177 عميل، وكان ذلك نتيجة لإتباع البنك الزراعي سياسة ائتمانية تعمل علي ربط الإقراض بالإنتاج، حيث ساهمت في تحفيز الدور التنموي للبنك المُتمثل في تقديم التمويلات للمشروعات الزراعية و الأنشطة الصناعية والخدمية المرتبطة بها، لتحقيق نمو شامل للقطاع الزراعي في مصر وزيادة القيمة المضافة لهذا القطاع الهام في الاقتصاد المصري.

(*) تمويل متنوع: تميزت محفظة القروض بالتنوع بالشديد، إذ تعددت مقاصد التمويل للبنك الزراعي المصري، وعليه تنوعت محفظة قروض البنك،كما سيتضح من النقاط التالية:

(-) تمويل القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به: استحوذت تمويلات القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به علي 80 % من حجم محفظة الائتمان، إذ قام البنك في عام 2023 بمضاعفة حجم التمويل الموجه لإنتاج المحاصيل الزراعية والتي يحصل عليها صغار المزارعين بعائد 5%، وبالإضافة إلى ذلك استهدف البنك تعديل الفئات التسليفية للمحاصيل الزراعية أكثر من مرة في أقل من عام بنسب تتراوح بين 25 و 70%، وهو ما جاء نتيجة إدراك البنك الزراعي المصري بمسؤوليته اتجاه للمزارع المصري، و رفع أعباء تكاليف الإنتاج المُتزايدة عن كاهله، وهو ما يتضح من الشكل رقم (2)، حيث ارتفعت قروض المحاصيل من 10 مليار جنيه في عام 2022 إلى 23,629 مليار جنيه في عام 2023، أي ارتفعت بمعدل نمو 123%، وعلاوة على ذلك يستهدف البنك زيادة عدد المستفيدين من منح قروض الإنتاج النباتي لصغار المزارعين والمنتجين والريف والمشروعات الزراعية في المناطق التنموية الجديدة؛ لتحفيز الاستثمار في القطاع الزراعي.

(-) زيادة تمويل الزراعات التعاقدية: ترتب على إدراك البنك الزراعي بأهمية الزراعة التعاقدية في الوقت الحالي، في كونها تضمن حصول المزارعين على عائد مجزي من بيع منتجاتهم الزراعية، وتُساهم في زيادة الإنتاجية الفدانية مما يعمل على زيادة الدخل الزراعي، ارتفاع حجم التمويل الموجه للزراعات التعاقدية إلى أكثر من 2.2 مليار جنيه، منهم 1.6 مليار جنيه لزراعة 130 ألف فدان قصب في الصعيد، و136 مليون جنيه لتمويل الزراعة التعاقدية للقمح، التي استفاد منها أكثر من 5000مزارع؛ لزراعة 14 ألف فدان، و49 مليون جنيه لتمويل الزراعة التعاقدية للفراولة، بالإضافة إلى تمويل الزراعة التعاقدية لبنجر السكر.

(-) تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر: يوجه البنك الزراعي المصري جزء كبير من خدماته للمشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، إذ بلغ حجم التمويل الموجه لهذه المشروعات 64% من محفظة القروض، أي 50,5 مليار جنيه، وهو الأمر الذي جاء نتيجة مساهمة هذه المشروعات في الاقتصاد المصري، ودورها الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل خاصة في القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به، وعليه وفقًا للشكل رقم (3) بلغ عدد المشروعات المتناهية الصغر التي قام البنك بتمويلها في نهاية ديسمبر 2023 حوالي 438,943 مشروع للأفراد والشركات، حصلت على تمويلات بقيمة 35.796 مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 9%، فيما بلغ عدد الشركات الصغيرة 6,614 شركة بحجم تمويلات بلغ حوالي 6,497 مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 11%، كما ارتفعت عدد الشركات المتوسطة الممولة من 98 شركة إلى 118 شركة حصلت على تمويلات بقيمة 4,989 مليار جنيه، بنسبة نمو بلغت 50%، ومن هنا يتضح من هذه الأرقام إن البنك الزراعي المصري يُحقق تطور كبير في التمويل الصغير والمتناهي الصغر، وهو الأمر الذي يخدم قاعدة عريضة من المواطنين.

(-) تمويل المشروعات والشركات الكبرى: لم يتوقف تمويل البنك الزراعي عند المشروعات الصغير ة والمتوسطة والمتناهية الصغر، بل توسع اهتمام البنك بالمشروعات والشركات الكبرى؛ لتعظيم دورها في الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار في القطاع الزراعي، والأنشطة المرتبطة به، وفي سبيل ذلك ارتفع عدد الشركات الكبرى التي يمولها البنك من 119 شركة حجم تمويلها نحو 10.563 مليارات جنيه في 31 ديسمبر 2022 لتصل إلى 166 شركة حجم تمويلاتها يُقدر بنحو16.698 مليارات جنيه في 31 ديسمبر 2023 كما يوضح الشكل رقم (4)،أي بنسبة نمو بلغت نحو 58% وهو إنجاز جديد يضاف لجملة الإنجازات التي حققها البنك هذا العام.

(-) تمويل الثروة الحيوانية: اهتم البنك الزراعي المصري اهتماماً كبيرًا بتمويل الثروة الحيوانية، إذ بلغ حجم محفظة تمويل مشروعات الإنتاج الحيواني نحو 10,199 مليار جنيه خلال 2023،كما حرص البنك على تمويل صغار المربين والمزارعين؛ لتشجيعهم على تربية الأبقار المحسنة وراثياً عالية الإنتاجية؛ تنفيذا لتوجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية بضرورة تحسين مستوى معيشة صغار المزارعين والمربين، وتشجيعهم على تربية سلالات الماشية المحسنة وراثيا، بما يسهم في تنمية الثروة الحيوانية وتغطية الفجوة الاستيرادية من اللحوم ومنتجات الألبان، وفي الوقت نفسه بلغ حجم التمويل الموجه لإنشاء وتطوير مراكز تجميع الألبان نحو 335 مليون جنيه لتمويل 84 مركز.

(*) حجم محفظة الودائع: حققت محفظة ودائع البنك الزراعي المصري تطورًا كبيرًا في نهاية عام 2023، فكما يوضح الشكل رقم (5) ارتفاع محفظة الودائع من  141,244 مليار جنيه في 31 ديسمبر 2022 لتصل لنحو 184,252 مليار جنيه في 31 ديسمبر 2023 بزيادة قدرها 43,008 مليار جنيه، وبنسبة نمو 30% خلال هذه الفترة، وبأكثر من  200 % خلال عامين، وهو ما يترجم ثقة العملاء في قدرة البنك على إدارة مدخراتهم وتيسير معاملاتهم وفق أحدث النظم المصرفية وهو ما يؤكده أيضا تنامي قطاع التجزئة المصرفية والذي يصل حجم تعاملاته الائتمانية إلى نحو 14.847 مليار جنيه يستفيد منها نحو 97.336 عميل بنسبة 18 % من حجم محفظة الائتمان وبلغ حجم التطور 29% بالمقارنة بالعام الماضي.

مردودات إيجابية:

الطفرة الكبيرة التي حققها البنك الزراعي المصري في مؤشراته أدائه يحقق العديد من المردودات الإيجابية على مستوى البنك وعلى مستوى الدولة التي يتم توضيحها فيما يلي:

(*) ارتفاع أرباح البنك: ينعكس على الرصد السابق الخاص بالتزايد الكبير في محفظة القروض والودائع لدى البنك الزراعي المصري، تحقيق البنك لمزيد من الأرباح، وهو ما سيترتب عليه زيادة عدد فروع البنك في المحافظات المختلفة، وتقديم البنك مزيد من الخدمات للعملاء، التي تلبي معظم احتياجاتهم التمويلية بشكل ميسر، وهو ما سيُحقق زيادة في دورة أرباح البنك.

(*) زيادة القدرة على التمويل: إن الارتفاع الكبير في محفظة الودائع لدى البنك الزراعي المصري، يعمل على زيادة قدرة البنك في منح التمويل لعدد أكبر من الشركات والأفراد، وهو ما يُمكن توضيحه من نسبة القروض إلى الودائع في نهاية عام 2023، حيث بلغت 42.8%، وهو ما يُشير إن البنك الزراعي المصري لديه القدرة الكبيرة على التوسع في حجم الائتمان الممنوح.

(*) تحقيق الأمن الغذائي: سياسات البنك الزراعي في تكثيف وتسهيل  التمويل للمشروعات الزراعية، ترفع درجة تحقيق الأمن الغذائي في الدولة المصرية، إذ أن تمويل الحاصلات الزراعية والثروة الحيوانية والزراعة التعاقدية، يُحقق الاكتفاء الذاتي للدولة المصرية في العديد من السلع، وهو ما يُلبي الاحتياجات المتزايدة للمواطنين المصريين من المواد الغذائية والسلع الاستراتيجية بسعر مناسب لدخلهم، حيث أنه سينخفض الاستيراد من عدد كبير من السلع، الأمر الذي يُقلل من التأثر بأسعار الدولار المُتزايدة.

(*) خفض معدلات البطالة: يُعد اهتمام البنك الزراعي بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، أحد الحلول الهامة؛ للقضاء على مشكلة البطالة في الدولة المصرية، فتوسع البنك الزراعي المصري في تسهيل الائتمان لهذه المشروعات، سيعمل علي تشغيل المزيد من الشباب من خلال توفير رأس المال اللازم للقيام بمشروعهم الخاص، وهو ما سيعمل بشكل كبير علي الحد من مشكلة البطالة داخل الدولة المصرية

(*) ارتفاع النمو الاقتصادي: تساهم قوة القطاع المصرفي بشكل كبير في زيادة النمو الاقتصادي داخل الدولة، فتقدم البنك الزراعي في تحقيق المؤشرات المالية الإيجابية يعمل علي تزايد الثقة في القطاع المصرفي المصري، ومن واقع إن هذا القطاع يمثل حجر أساس في العملية التنموية، حيث إنه يعمل علي التخصيص الأمثل للموارد، بما يؤدي إلي نمو القطاعات المختلفة من خلال توفير الموارد المالية اللازمة لها، وهو ما سينعكس علي تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي.

وعليه يُمكن القول، إن البنك الزراعي المصري يُثبت من خلال السياسات والإجراءات التي يتخذها، أنه من أكبر البنوك المتخصصة في الدولة المصرية، ومن المساهمين الأصليين في تحقيق التنمية المستدامة داخل الدولة، فقد نتج عن الخطة الشاملة التي ينفذها البنك في كافة القطاعات رضا عملاء البنك،و تطور مؤشرات الأداء بشكل ملحوظ وزيادة تأثيره في جميع نواحي الدولة، الأمر الذي سينعكس على الاقتصاد القومي بصورة إيجابية كبيرة.

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى