ماذا حقق البنك الزراعي خلال النصف الأول من 2023؟
قراءة الأرقام التي عرضها تقرير البنك الزراعي المصري عن النصف الأول من عام 2023، تشير إلى أن البنك حقق خلال النصف الأول من عام 2023 طفرة غير مسبوقة في نتائج الأعمال منذ نشأته، وكان ذلك نتيجة طبيعية لسياسات البنك المُتقدمة في تحسين الخدمات المصرفية والتمويلية والتوسع الكبير في الخدمات التي يُقدمها، إذ نجح البنك في استقطاب فئات جديدة من العملاء مع الحفاظ علي العملاء الحاليين للبنك، حتى أصبح البنك الزراعي المصري من أهم البنوك العاملة في القطاع المصرفي، وتشكلت صورة ذهنية لدي المواطنين إن البنك الزراعي من أهم المؤسسات المصرفية التي تساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية بشكل عام، والتنمية الزراعية والريفية بشكل خاص.
في ضوء ما سبق، يهدف هذا التحليل إلي التعرف علي المؤشرات التي توضح التقدم في نتائج أعمال البنك، مع توضيح الانعكاسات التي سيُحققها هذا التقدم علي مستوي البنك الزراعي وعلي مستوي الاقتصاد القومي.
مؤشرات واضحة:
نستدل علي التقدم في نتائج الأعمال من خلال مجموعة من المؤشرات الهامة التي سيتم توضيحها، علي النحو التالي:
(*) حجم محفظة القروض: يتضح من الشكل رقم (1) التنامي الكبير في محفظة القروض لدي البنك الزراعي المصري، إذ حدثت قفزة كبيرة في قيمة هذه المحفظة من عام 2020 إلي يونيو 2022، حيث بلغت قيمتها 60.288 مليار جنيه في يونيو 2022 بالمقارنة بحوالي 36 مليار جنيه في عام 2020، أي بمعدل نمو بلغ 67.5% ، وهو ما يوضح التطور الكبير الذي شهده البنك خلال هذه الفترة، ولم يتوقف التطور عند هذا الحد، بل استمر حجم محفظة القروض في التزايد المستمر، إذ بلغت 69.4 مليار جنيه في يونيو 2023، أي بزيادة أكثر من 9 مليارات جنيه خلال سنة فقط، وهو الأمر الذي يوضح حرص البنك المُتزايد علي تسهيل منح التمويل للمواطنين وخاصة المزارعين، إذ بلغ عدد المستفيدين من هذه القروض نحو 538.272 عميل، وكان ذلك نتيجة لإتباع البنك الزراعي سياسة ائتمانية تعمل علي ربط الإقراض بالإنتاج، حيث ساهمت في تحفيز الدور التنموي للبنك المُتمثل في تقديم التمويلات للمشروعات الزراعية و الأنشطة الصناعية والخدمية المرتبطة بها، لتحقيق نمو شامل للقطاع الزراعي في مصر وزيادة القيمة المضافة لهذا القطاع الهام في الاقتصاد المصري.
(*) تنوع محفظة القروض: تنوعت المشروعات التي يمولها البنك الزراعي، وهو ما أوضحه التنوع الشديد لمحفظة قروض البنك مابين تمويلات للقطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به، وتمويلات للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، بالإضافة إلي تمويلات للمشروعات الكبرى، كما سيتضح من النقاط التالية:
(-) تمويل القطاع الزراعي:استحوذت تمويلات القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به علي 80 % من حجم محفظة الائتمان، أي بلغت قيمتها حوالي 55.52 مليار جنيه، وكان ذلك نتيجة لمضاعفة البنك خلال النصف الأول من العام الجاري حجم تمويل المحاصيل الزراعية، إذ قدم البنك برنامج تمويل الحاصلات الزراعية لصغار المزارعين بسعر عائد 5% ، ومن هنا يتأكد حرص البنك علي دعم صغار المزارعين من خلال تعديل الفئات التسليفية للمحاصيل الزراعية بمعدل 4 مرات خلال عامين بنسب تتراوح بين 25 و 70% ؛ لمساعدة الفلاحين علي تحمل الارتفاع الكبير في تكاليف ومستلزمات الانتاج، ويتضح التوسع الكبير في هذا النوع من التمويل من حجم محفظته التي بلغت 14.503 مليار جنيه والتي يستفيد منها مئات الآلاف من المزارعين،فقد ساهم فى مساعدة الفلاح المصري فى تغطية خدمة الأرض الزراعية.بالإضافة إلي ذلك اهتم البنك الزراعي بالزراعة التعاقدية اهتمامًا كبيرًا، إذ ارتفع حجم التمويل الموجه للزراعة التعاقدية إلي 2.2 مليار جنيه، منها 1.6 مليار جنيه لدعم زراعة القصب في محافظات الصعيد من خلال عقود ثلاثية بين البنك والمزارعين ومصانع السكر، وهو ما سيرفع جودة الإنتاج الزراعي.
(-) تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر:ارتفع حجم تمويلات البنك الزراعي للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لتصل إلي نحو 64% من حجم محفظة القروض، أي بقيمة 42.842 مليار جنيه في نهاية يونيو 2023، مع تزايد اهتمام البنك بالمشروعات المتناهية الصغر، إذ تضمنت محفظة الأنشطة متناهية الصغر بنهاية يونيو 2023 نحو 436.012 عميل من الأفراد والشركات، الذين حصلوا على تمويلات بقيمة 32.221 مليار جنيه، وهو ما يوضح مدي اهتمام البنك الزراعي بهذا القطاع الحيوي الذي يساهم بشكل كبير في الحد من معدلات البطالة.
(-) تمويل المشروعات الكبرى: اهتم البنك الزراعي اهتمام كبير بتمويل المشروعات الكبرى، نظرًا للقيمة المضافة المرتفعة لهذه المشروعات في الاقتصاد القومي، فقد ارتفع عدد الشركات التي يمولها البنك الزراعي إلي 119 شركة من الشركات العاملة في القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به بالمقارنة ب110 شركة في نهاية عام 2022، وتوضيحًا لذلك ارتفع حجم التمويلات لهذه الشركات كما يوضح الشكل رقم (2) من 7.89 مليار جنيه في يونيو 2022 إلي 12.421 مليار جنيه في يونيو 2023، نظرًا لإيمان البنك الزراعي بدورها القوي في تحفيز الاستثمارات الزراعية داخل الاقتصاد وتوفير العديد من فرص العمل.
(*) حجم الودائع: ارتفعت حجم الودائع لدي البنك الزراعي بشكل كبير خلال الفترة من 2020 إلي يونيو 2023 كما يتضح من الشكل رقم (3) إذ ارتفعت من 63.5 مليار جنيه في عام 2020 إلي 161.481 مليار جنيه في يونيو 2023، أي بمعدل نمو بلغ 154.3% ، إذ يوضح هذا المعدل التزايد الكبير في حجم ودائع البنك، وهو ما يوضح ثقة العملاء في قدرة البنك في الحفاظ علي مدخراتهم، الأمر الذي يؤكد احتمالية تزايد الودائع بشكل أكبر من ذلك خلال الفترة القادمة.
(*) الانتشار الجغرافي: ساعد الانتشار الجغرافي الموسع للبنك الزراعي علي القيام بدوره علي أكمل وجه، إذ يمتلك البنك أكثر من 1210 فرع علي مستوي كافة محافظات الجمهورية، وكان ذلك نتيجة لسياسة البنك التوسعية في عدد الفروع، بالإضافة إلي التطوير المستمر للفروع القائمة، فقد قام البنك بتطوير أكثر من 650 فرع في الفترة الأخيرة،بحيث تتماشي مع أحدث النظم المصرفية، وهو ما حقق الكفاءة التشغيلية داخل فروع البنك الزراعي.
ومن هنا يُمكن القول إن البنك الزراعي المصري حقق نجاحات علي كافة المستويات، سواء من ناحية الأداء المالي للبنك أو من ناحية التوسع في عدد الخدمات التي يُقدمها، وخاصة الخدمات الرقمية التي تطور فيها البنك الزراعي بشكل كبير، إذ أطلق البنك تطبيق إلكتروني علي الهواتف لتمويل الأنشطة الصغيرة، يُتيح للعميل التقديم على القرض وتقديم مستنداته إلكترونياً ، ثم يحصل على الموافقة في نفس اليوم ويتم تحويل مبلغ القرض على بطاقة الخصم مسبوقة الدفع، هذا بالإضافة إلي المنصة الالكترونية التي أطلقها وهي ” أجري مصر ” التي تعتبر أول منصة إلكترونية للقطاع الزراعي، وهو ما عمل علي تحقيق التطور الكبير في نتائج أعمال البنك الزراعي.
انعكاسات جوهرية:
من الرصد السابق، يتضح إن نتائج الأعمال التي حققها البنك الزراعي ستنعكس علي تحقيق مجموعة من العوائد الإيجابية، وهي تتمثل في:
(*) ارتفاع أرباح البنك: تنعكس حجم الودائع والقروض التي زادت بشكل كبير كما أوضحت الأشكال السابقة، علي تحقيق البنك الزراعي لمزيد من الأرباح، وهو ما سيترتب عليه زيادة عدد فروع البنك في المحافظات المختلفة، وتقديم البنك مزيد من الخدمات للعملاء، التي تلبي معظم احتياجاتهم التمويلية بشكل ميسر.
(*) زيادة القدرة الائتمانية: إن التزايد في حجم الودائع، يعمل علي زيادة حجم الائتمان الممنوح من قبل البنك الزراعي، حيث إن هذا الحجم المتزايد للودائع يعمل علي تغطية نسبة كبيرة من الاحتياجات التمويلية للعملاء المختلفة، وهو ما يرفع التصنيف الائتماني للبنك الزراعي المصري بشكل كبير، فبحساب نسبة القروض إلي الودائع نجد إنها 43%، وتدل هذه النسبة علي إمكانية توسع البنك نحو منح مزيد من القروض للمشروعات الزراعية المختلفة والخدمات المرتبطة بها.
(*) توفير فرص العمل: فتوسع البنك الزراعي المصري في تسهيل الائتمان للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، سيعمل علي تشغيل المزيد من الشباب من خلال توفير رأس المال اللازم للقيام بمشروعهم الخاص، وهو ما سيعمل بشكل كبير علي الحد من مشكلة البطالة داخل الدولة المصرية.
(*) نمو القطاع الزراعي: إن تحقيق البنك الزراعي المصري لمزيد من الأرباح، سيؤدي إلي زيادة القروض الموجهة للقطاع الزراعي ومشروعاته المختلفة والخدمات الصناعية الملحقة به، الأمر الذي سيحقق مزيد من النمو لهذا القطاع الاستراتيجي، بما يخدم الهدف الأكبر للدولة المصرية وهو إرساء قواعد الأمن الغذائي؛ لتحقيق الاكتفاء الذاتي من معظم السلع الاستراتيجية، بما يُقلل من حجم واردات معظم السلع، ويُخفف الضغط علي ميزان المدفوعات.
(*) ارتفاع النمو الاقتصادي: تساهم قوة القطاع المصرفي بشكل كبير في زيادة النمو الاقتصادي داخل الدولة، فتقدم البنك الزراعي في تحقيق المؤشرات المالية الإيجابية يعمل علي تزايد الثقة في القطاع المصرفي المصري، ومن واقع إن هذا القطاع يمثل حجر أساس في العملية التنموية، حيث إنه يعمل علي التخصيص الأمثل للموارد، بما يؤدي إلي نمو القطاعات المختلفة من خلال توفير الموارد المالية اللازمة لها، وهو ما سينعكس علي تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي.
تأسيسًا مما سبق، يتضح إن البنك الزراعي المصري أعطي نموذجًا للنجاح المستدام والتطور المستمر، من خلال اتباع خطة تطويرية منهجية علي كافة المحاور، والانتشار الجغرافي في كافة محافظات الجمهورية، الأمر الذي حقق هذه الطفرة الهائلة في مؤشرات نتائج الأعمال، وهو الأمر الذي سيحفز الاستثمارات في القطاع الزراعي، وزيادة القيمة المضافة لهذا القطاع الهام، بما سيحقق التنمية الاقتصادية بشكل عام، وتنمية الإنتاج الزراعي والداجي والسمكي بشكل خاص.