ماذا قدم البنك الزراعي لمبادرة ديون المزارعين؟

يُعد وجود المؤسسات التمويلية القوية التي تستطيع مساعدة عملاءها في أوقات التعثر المالي من مقومات نجاح الجهاز المصرفي برمته، وهو الأمر الذي نمذجة البنك الزراعي المصري بكل كفاءة وفعالية، إذ قام البنك الزراعي بدور قوي في مواجهة ملف المتعثرين، حيث أطلق العديد من المبادرات في هذا الشأن، التي عملت علي إسقاط مبالغ كبيرة تقدر بحوالي 8 مليارات جنيه، إذ تبلغ مديونيات التعثر لدي البنك الزراعي 20.8 مليار جنيه، وهو ما يعني أن البنك غطي 40% من هذه المديونية، ومستمر البنك في جدولة الديون المُتبقية، الأمر الذي يدل علي السياسة الناجحة التي يتبعها البنك في هذا الملف، والذي يُشير أيضا إلي إن البنك سيعمل علي تنفيذ القرار الرئاسي الذي يتعلق بتوجيهه بإطلاق مبادرة للتخفيف عن المزارعين علي الوجه الأكمل، فالبنك الزراعي بدأ في تنفيذ هذه المبادرات منذ عام 2018 حتى أطلق مبادرتين في عام 2021، التي نتج عنها إسقاط مبالغ ضخمة من الديون المُتعثرة، فضلاً عن مبادرة إعادة هيكلة القروض التي تبناها البنك الزراعي المصري في الفترة الأخيرة،  ويأتي نجاح البنك الزراعي المصري في ملف المديونيات المتعثرة، مدعومًا من خلال الاستراتيجيات والسياسات الفاعلة التي اتخذها لدعم الفلاح المصري في كافة أموره، إذ قام البنك بالتوسع في تمويل الفلاح المصري بأسعار فائدة مُخفضة، حيث توسع البنك الزراعي بشكل كبير في تمويل القطاع الزراعي، بالإضافة إلي ذلك توسع دوره في إقراض الفلاح من خلال إطلاق قرض مصروفات التعليم؛ لمساندته في تعليم ابناءه، هو ما يعكس المساهمة الفعالة للبنك الزراعي في دعم أبناء المزارعين ومساندتهم في استكمال مسيرتهم التعليمية، فضلاً عن سياساته نحو تمكين الشباب؛ لتحقيق ريادة الأعمال في الريف المصري. ومن هنا يُمكن القول إن المبادرات والسياسات التي اتخذها البنك الزراعي المصري في الآونة الأخيرة جعلت منه منظومة مصرفية ناجحة تعتمد عليها الدولة المصرية في تحقيق أهدافها، وخاصة هدف الأمن الغذائي، والذي يتحقق من خلال الاهتمام بالفلاح المصري في المقام الأول.

وتنقسم الدراسة الحالية إلي ثلاثة أجزاء، يتناول الجزء الأول: مبادرات تسوية الديون التي أطلقها البنك الزراعي المصري، ويتناول الجزء الثاني: سياسات دعم أبناء المزارعين، بينما يتناول الجزء الثالث: سياسات دعم الفلاح المصري.

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلي توضيح دور البنك الزراعي في تسوية ديون المزارعين المتعثرين، بالإضافة إلي تحديد حدود دوره في مساعدة أبناء المزارعين وإعانتهم علي استكمال مسيرتهم التعليمية، بالإضافة إلي ذلك تستهدف هذه الدراسة توضيح سياسات البنك الزراعي المصري في دعم المزارع، وستعتمد هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي في تحقيق هذه الأهداف.

أولاً- مبادرات تسوية الديون:

قدم البنك الزراعي المصري العديد من المبادرات التي تهدف إلي التخفيف عن صغار المزارعين وتُقلل من تعثرهم في سداد القروض، إذ كانت تبلغ مديونيات التعثر 20.8 مليار جنيه، ومن هذه المبادرات ما يوضحها الشكل رقم (1)، والتي سنتناولها علي النحو التالي:

(-) مبادرة خلال الفترة من يونيو 2018 حتى نوفمبر 2020: بموجب هذه المبادرة عمل البنك الزراعي المصري علي تسوية ديون العملاء المتعثرين من الشركات بأرصدة أقل من 10 ملايين جنيه، بالإضافة إلي مديونيات العملاء من الأفراد، وقد تم تقدير عدد العملاء المستفيدين من مبادرة إسقاط مديونيات المتعثرين للأفراد والشركات بحوالي 13700 عميل، بمبلغ يُقدر بحوالي 1.2 مليار جنيه، بالإضافة إلي تأجيل قروض مستحقة علي عدد من العملاء بنحو 8 مليارات جنيه ، وكان ذلك ضمن مبادرات البنك المركزي المصري في ظل أزمة كورونا، التي هدفت إلي التخفيف من الآثار السلبية لتداعيات هذا الفيروس علي صغار المزارعين المصريين.

(-) مبادرة تسوية الديون المُتعثرة في يناير 2021: أطلق البنك الزراعي هذه المبادرة في إطار دعم القطاع الزراعي في مصر وإعانة مئات الآلاف من صغار المزارعين، إذ تُتيح هذه المبادرة تسوية كاملة لمحفظة القروض المتعثرة بالبنك التي تبلغ نحو 6.3 مليار جنيه، بحيث تتضمن إجمالي أصل مديونيات تبلغ حوالي 3.9 مليار جنيه، وإجمالي عوائد متراكمة تُقدر بحوالي 2.4 مليار جنيه، مُستحقة علي نحو 328 ألف عميل، وكما يتم بموجب هذه المبادرة ما يلي:-

(*) إسقاط كامل للمديونيات: تتضمن هذه المبادرة إعدام كامل لمديونيات العملاء الذي بلغ أصل مديونياتهم 25 ألف جنيه أو أقل، بالإضافة إلي إسقاط كافة العوائد المتراكمة بعد التعثر، فضلاً عن الحذف من القوائم السلبية للبنك المركزي والشركة المصرية للاستعلام الائتماني، والتنازل عن جميع القضايا المتداولة بين البنك والعميل أو الأحكام.

(*) إسقاط كافة العوائد: بالإضافة إلي الإسقاط الكامل للمديونيات، تعمل هذه المبادرة علي إسقاط كافة العوائد التي تبلغ قيمتها 2.2 مليار جنيه، والتنازل عن جميع القضايا المتداولة، وإتاحة إعادة التعامل بين البنك والعميل، وقد بلغ إجمالي عدد المستفيدين من هذه الشريحة من العملاء نحو 21 ألف عميل، وهو الأمر الذي يدل علي توسع حدود الاستفادة من المبادرة التي أطلقها البنك الزراعي.

 (-) مبادرة تسوية ديون المتعثرين في ديسمبر 2021:  أطلق البنك الزراعي المصري مبادرة؛ لتسوية مجموعة من الديون المتعثرة لديه تُقدر بحوالي 4 مليارات جنيه، وقد استفاد منها أكثر من 45 ألف عميل، إذ كانت هذه المبادرة نتيجة الآثار السلبية التي سببتها جائحة كورونا، خاصة أثارها علي صغار العملاء والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، الذين تضرروا بشدة من الجائحة التي عملت علي تدمير أوضاعهم الاقتصادية، إلي الحد الذي ضعف من قدرتهم علي سداد ديونهم، وقد أدرك البنك الزراعي وضعهم وعمل علي تقديم هذه المبادرة لدعمهم في هذه الظروف، ففي إطار هذه المبادرة قام البنك بالعديد من الإجراءات التي تتمثل في الآتي :

(*) إسقاط مديونيات 7500 عميل: إسقاط مديونية الأفراد المتعثرين إسقاط كامل من عملاء التجزئة المصرفية ممن تبلغ مديونيتهم حتى 100 ألف جنيه في30 نوفمبر عام 2021، وقد وصلت إجمالي المديونيات نحو 400 مليون جنيه، وقد استفاد منها 7500 عميل.

(*) استكمال المبادرة السابقة للبنك الزراعي:  التي تتعلق بالإسقاط النهائي لكامل المديونية بالنسبة للعملاء التي تبلغ أصل مديونياتهم حتى 25 ألف جنيه، فضلًا علي إسقاط كافة العوائد المتراكمة بعد التعثر، وقد استفاد من هذا الاستكمال نحو 13 ألف عميل ومعظمهم من صغار المزارعين، وكما بلغت إجمالي المديونيات نحو 76 مليون جنيه.

(*) إسقاط مديونية المتوفين: لم يغفل البنك الزراعي المصري المتعثرين من المتوفين، إذ شملهم في هذه المبادرة بأن يتم إسقاط مديونيتهم بشكل كامل وبدون حد أقصي حتى تاريخ 30 نوفمبر عام 2021، وقد بلغ إجمالي المديونيات التي تم إسقاطها نحو 64 مليون جنيه، وقد بلغ إجمالي المستفيدين من هذه المبادرة نحو 1000 عميل.

(*) إسقاط مديونية 50% من الأفراد والشركات: قام البنك الزراعي بموجب هذه المبادرة بإسقاط 50% من ديون العملاء المتعثرين للأفراد والشركات حتى 10 مليون جنيه، علي أن يقوم العميل بسداد 50% من أصل المديونية، ويكون دفعها سواء علي دفعة واحدة أو علي أقساط يتم تحديدها بناءًا علي التدفقات النقدية للعميل، وقد بلغ إجمالي المستفيدين من هذه الشريحة من العملاء أكثر من 24 ألف عميل، يبلغ إجمالي حجم مديونياتهم نحو 3.4 مليار جنيه، وبهذا ساهم البنك الزراعي بشكل كبير في التخفيف من الآثار السلبية لجائحة كورونا علي صغار العملاء والمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وهو الأمر الذي يعمل علي تمكينهم من التعامل مع الجهاز المصرفي مرة أخري، وهو ما ساعدهم علي الانخراط في العمل والإنتاج بشكل يعمل علي استدامة هذه المنظومة.

(-) مبادرة إعادة هيكلة القروض: قام البنك الزراعي المصري بإعادة هيكلة قروض الثروة الحيوانية للعملاء المنتظمين في السداد الذين حصلوا علي قروض بنسب فوائد مرتفعة خلال السنوات الماضية، بالإضافة إلي ذلك عمل البنك الزراعي علي تخفيض نسبة الفائدة علي المديونيات؛ لمساعدتهم علي الوفاء بالتزاماتهم، وحمايتهم من التعثر في المستقبل، علي أن يتم سداد 15% من قيمة القرض من قبل العميل، والباقي يتم إعادة جدولته علي آجال طويلة تصل إلي 7 سنوات علي أقساط شهرية، وكان ذلك في إطار تحفيز الاستثمار في القطاع الزراعي بالمجالات الإنتاجية كافة، وهو الأمر الذي يعتبر نقطة انطلاقة أساسية في انتشال القطاع الزراعي برمته من الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية المختلفة التي عصفت بالاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة، إذ قام البنك بالانتهاء من إعادة هيكلة قروض بقيمة تصل إلي نحو 14 مليار جنيه، وكان ذلك من إجمالي محفظة قروض متعثرة تُقدر بقيمة 20 مليار جنيه، أي بنسبة 70% من قيمة المحفظة وهو ما يُعد إنجازًا كبيرًا للبنك الزراعي المصري في إدارة ملف الديون المُتعثرة.

ومن هنا يُمكن القول إن البنك الزراعي المصري بمبادراته المختلفة عمل علي تسوية مبالغ ضخمة من ديون المزارعين، فضلاً عن خدمتها لعدد كبير من العملاء من المزارعين وذلك وفق ما يوضحه الشكل رقم (2)، التي تُشير أرقامه إلي إن البنك الزراعي المصري عمل علي تسوية ديون بقيمة تقدر بنحو 8 مليار جنيه حتى عام 2021، بالإضافة إلي إعادة هيكلة قروض بقيمة 14 مليار جنيه، وهو ما يوضح الدعم الكبير الذي يُقدمه البنك الزراعي المصري للمزارع، خاصة صغار الزراعيين الذين يواجهون التعثر المالي بدرجة كبيرة، وقد نجح البنك الزراعي في ملف المتعثرين بفضل الحوكمة الفاعلة التي أجراها البنك في هذا الإطار، إذ إنه عمل علي حوكمة فترة السداد لتصل إلي 10 سنوات بدلا من 20 سنة، وهو ما ترتب عليه القضاء علي ملف المتعثرين، وبلوغ نسبة التحصيل 98% بعد إسقاط هذه المبالغ الكبيرة من علي الفلاحين.

ثانيًا- سياسات دعم أبناء المزارعين:

استحدث البنك الزراعي المصري حزمة جديدة من القروض في إطار احتفاليته بـ ” عيد الفلاح المصري” الـ 71، إذ أطلق قرضًا جديدًا للمساهمة في مصروفات التعليم، مع توجيه هذا القرض بشكل أساسي لأبناء المزارعين، تحت شعار” علمهم واحنا في ضهرك”، وهو ما يدل علي توسع أنشطة البنك الزراعي بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وهو ما سيتم توضيحه علي النحو التالي:-

(*) قرض مصروفات التعليم: أطلق البنك الزراعي المصري قرض شخصي للمساهمة في تغطية مصروفات التعليم لأبناء المزارعين كما يوضح الشكل رقم (3)؛ لدعم المزارعين ومساعدتهم على تحمل تكاليف مصروفات المدارس والجامعات لأبنائهم، وذلك بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد، إذ يُتيح هذا القرض تمويل المصاريف الدراسية ومستلزمات الدراسة لطلاب المدارس والجامعات من أبناء المزارعين الحائزين للأراضي الزراعية، حيث يتم احتساب القرض بواقع ٢٠٠٠ جنيه عن كل فدان ببطاقة الحيازة للمزارع، وذلك بحد أدنى 20٠٠ جنيه وحد أقصى ١٠ آلاف جنيه، كما تبلغ مدة التمويل 12 شهراً،ويتيح البنك للعميل مرونة في دورية السداد حسب اختيار العميل، حيث يُمكن سداد القرض على أقساط شهرية أو ربع سنوية أو نصف سنوية للتيسير على المزارعين، بالإضافة إلى منح العميل وثيقة تأمين حياة مجانية خلال فترة القرض، ، وهو ما يوضح مدي حرص البنك علي دعم الدولة في تحسين مستوي معيشة المزارعين، وهو الأمر الذي يُحقق التنمية في الريف المصري بشكل كبير، تحقيقًا لأهداف مبادرة ” حياة كريمة” التي تطبقها الدولة المصرية في المدن الريفية، إذ إن تقديم البنك الزراعي المصري لقرض يعمل علي تسهيل المصروفات الدراسية، سينعكس علي زيادة نسبة الإلتحاق بالتعليم في المدن الريفية، وهو ما يترتب عليه زيادة الوعي في هذه المناطق التي طالما عانت من التهميش وضعف البنية التعليمية بها، وهو ما يُعد توجه جديد للبنك الزراعي، ويعبر عن قناعات البنك إن التنمية الريفية لن تأتي بدون جيل متعلم وواعي.

الشكل رقم (3) يوضح تفاصيل قرض مصروفات التعليم

(*) تطوير المدارس: يتعاون البنك الزراعي المصري مع العديد من الجهات؛ لتحقيق طفرة في العملية التعليمية داخل الريف المصري، إذ تعاون البنك مع شعبة تجارة الألبان بالغرفة التجارية بدمياط؛ لتنمية مهارات طلاب التعليم الفني الزراعي، وتأهيلهم للعمل في مجال صناعة الألبان ومنتجاتها، من خلال تطوير المدارس الزراعية بمدينتي دمياط وفارسكور وتجهيزها بالإمكانيات اللازمة التي تخدم العملية التعليمية والتدريبية للطلاب.

(*)تمكين الشباب: أطلق البنك  مبادرة “رواد النيل” بهدف تمكين الشباب، إذ تُقدم هذه المبادرة خدمات تعزيز الابتكار ونشر التوعية عن طريق التدريبات والمنصات الرقيمة، وخدمات تطوير الأعمال ودعم الريادة، من خلال إنشاء عدد من مراكز تطوير الأعمال؛ لتقديم الدعم لرواد الأعمال وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة للعمل في القطاعات الاقتصادية، مثل الصناعة والزراعة، وفي سبيل ذلك يوجه البنك الزراعي المصري جزء كبير من محفظة القروض للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، إذ ارتفعت من 32.724 مليار جنيه في 2022 إلي 42.842 مليار جنيه في يونيو 2023، وذلك بدون مصاريف إدارية وبسعر فائدة 5% متناقصة، وبهذا يكون أكبر حصة من القروض موجهه للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وهو ما يعمل علي تحقيق ريادة الأعمال بين الشباب المصري، وخاصة في الريف المصري،  وبالتالي تنخفض معدلات البطالة في الاقتصاد.

ثالثًا- سياسات دعم الفلاح:

إن قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة خلال افتتاح عدد من المشروعات الخدمية في محافظة بني سويف، والتي تتعلق بالمزارع المصري ، تهدف بشكل أساسي إلي دعم الفلاح المصري في ظل الأزمات الاقتصادية الراهنة، وهو ما يقوم به البنك الزراعي المصري بكل فعالية في الوقت الراهن، إذ إنه إلي جانب مبادراته المختلفة الهادفة إلي تخفيف عبء الديون عن الفلاح المصري، يقوم بالعديد من السياسات والإجراءات التي تزيد من مرونة مواجهة المزارع للأزمات الاقتصادية المختلفة، وهو ما سيتم توضيحه علي النحو التالي:-

(-) زيادة تمويل القطاع الزراعي: استحوذت تمويلات القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به علي 80 % من حجم محفظة الائتمان التي تبلغ قيمتها في يونيو 2023 حوالي 69.4 مليار جنيه، أي بلغت قيمتها حوالي 55.52 مليار جنيه، وكان ذلك نتيجة لمضاعفة البنك خلال النصف الأول من العام الجاري حجم تمويل المحاصيل الزراعية، إذ قدم البنك برنامج تمويل الحاصلات الزراعية لصغار المزارعين بسعر عائد 5% ، ومن هنا يتأكد حرص البنك علي دعم صغار المزارعين من خلال تعديل الفئات التسليفية للمحاصيل الزراعية بمعدل 4 مرات خلال عامين بنسب تتراوح بين 25 و 70% ؛ لمساعدة الفلاحين علي تحمل الارتفاع الكبير في تكاليف ومستلزمات الإنتاج، ويتضح التوسع الكبير في هذا النوع من التمويل من حجم محفظته التي بلغت 14.503 مليار جنيه والتي يستفيد منها مئات الآلاف من المزارعين،فقد ساهم فى مساعدة الفلاح المصري فى تغطية خدمة الأرض الزراعية.

بالإضافة إلي ذلك اهتم البنك الزراعي بالزراعة التعاقدية اهتمامًا كبيرًا، إذ ارتفع حجم التمويل الموجه للزراعة التعاقدية إلي 2.2 مليار جنيه، منها 1.6 مليار جنيه لدعم زراعة القصب في محافظات الصعيد من خلال عقود ثلاثية بين البنك والمزارعين ومصانع السكر، وهو ما سيرفع جودة الإنتاج الزراعي.

(#) قرض باب رزق: يُعد قرض باب رزق برنامج تمويلي لدعم المشروعات متناهية الصغير في قري الريف المصري، حيث يستهدف توجيه التمويل للمرأة الريفية والمعيلة و صغار التجار والحرفيين والباعة الجائلين؛ لمساعدتهم علي تنفيذ مشروعات جديدة أو تطوير مشروعات قائمة، بهدف توفير مصدر دخل لهم كما يوضح الشكل رقم (4)، وقد بلغ حجم تمويلات برنامج باب رزق 350 مليون جنيه من إجمالي محفظة القروض الزراعية التي تقدر قيمتها بـ 12 مليار جنيه، ووجهت هذه القيمة من تمويلات باب رزق إلي 40 ألف عميل،  تبلغ نسبة المرأة الريفية منهم 60%.

الشكل رقم (4) يوضح معلومات عن قرض باب رزق

(#) تمويل مشروعات الثروة الحيوانية: يتنوع البنك الزراعي في تمويل مشروعات الثروة الحيوانية، إذ تتضمن هذه البرامج عمليات التربية والتسمين وإنتاج الألبان؛ للمساهمة في دعم صغار المربين والمساهمة في تنمية الثروة الحيوانية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان واللحوم، إذ يستهدف هذا التمويل شراء رؤوس الماشية المحلية أو المستوردة، بغرض التربية أو التسمين ويبلغ سعر العائد في هذا التمويل 5%، بحيث يكون أجل التمويل للبتلو المحلي عام، بينما ستة أشهر للبتلو المستورد، والحد الأقصى لكلًا منهم 55 رأس ماشية، وهو ما سيُحقق طفرة في مشروعات الثروة الحيوانية في مصر.

 (#) المشروع القومي لإحياء البتلو: يعتبر هذا البرنامج من المشروعات الهامة التي تهدف إلى دعم صغار المُربين والمُنتجين، وهو ما يسهم في تقليل الفجوة الغذائية، وتنتج هذه العوائد الإيجابية من المميزات التي يتضمنها التمويل، إذ يبلغ الحد الأقصى للتمويل 400 ألف للفرد، و2 مليون جنيه للشركات والجمعيات، ويتميز القرض أيضًا إنه بفائدة بسيطة سنوية متناقصة، وبدون مصاريف إدارية، مع وجود وثيقة تأمين على الماشية.

الخاتمة والتوصيات:

تأسيسًا على سبق، يتضح لنا أن البنك الزراعي المصري يقوم بدور فاعل ومؤثر في القضاء علي تعثر الفلاحين في سداد القروض، من خلال إطلاقه للعديد من المبادرات في هذا الشأن، التي حققت تقدم كبير في ملف المتعثرين، ولم يكتف البنك في مواجهة هذه المشكلة من خلال المبادرات فقط، ولكن اتبع سياسات مختلفة يمكن وصفها كداعمة للفلاح المصري، واستباقية في مواجهة المشكلات، إذ إنها تعمل علي رفع قدرة الفلاح المصري علي سداد قيمة التمويل الذي حصل عليه من البنك،  وذلك بفضل الحوكمة الرشيدة التي يتبعها البنك الزراعي بكل فعالية وكفاءة، وهو ما جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي يعول علي هذه المنظومة المصرفية الناجحة في التخفيف عن المزارع المصري. ومن هنا يُمكن القول إن الدولة المصرية تنتظر المزيد من السياسات الناجحة التي يتبعها البنك الزراعي؛ لإحداث طفرة كبيرة في المنظومة الزراعية داخل الدولة المصرية.

استكمالاً للدور الكبير الذي يضطلع به البنك الزراعي المصري في ملف المتعثرين، يُمكن تقديم مجموعة من التوصيات في هذا الشأن، وهو ما سيتم توضيحه علي النحو التالي:-

(-) إعداد دراسات وافية عن العميل: يتطلب الأمر أن يقوم البنك الزراعي المصري بإعداد الدراسات الاستباقية الوافية عن العميل الذي يرغب في الحصول علي القرض، مع ضرورة متابعة النشاط الإنتاجي بعد الحصول علي القرض من العميل وتوجيهه في حالة المخاطرة، حتى يُمكن منعه من الوقوع في خطر التعثر في السداد.

(-) إعداد لجنة خاصة بالمتعثرين: قد يكون من الضروري تشكيل لجنة خاصة بدراسة ملف المتعثرين، علي أن يكون نشاطها مختص فقط بالعملاء الذين يواجهون خطر التعثر المادي، وهو الأمر الذي يزيد من حوكمة إدارة هذا الملف.

(-) تدريب المزارعين: من منطلق إن المزارع المصري هو العنصر الأساسي في عملية التنمية الزراعية، فإن إطلاق البنك الزراعي المصري برامج تدريبية للمزارعين علي استخدام أساليب زراعية حديثة، مع اتساق هذه البرامج مع حوافز للمزارعين؛ لتشجيعهم علي الالتحاق بهذه الدورات، سيعمل علي تقليل خسائر المشروعات التي يقوم بها المزارعين، مما سينعكس علي زيادة قدرتهم علي سداد القروض التي حصلوا عليها

(-) إعداد سياسة واضحة لإعادة الهيكلة: قد يكون من الضروري علي البنك الزراعي المصري، تنفيذ سياسة واضحة لإعادة الهيكلة تطبق مفهوم الجدوى، بحيث تحدد في الوقت المناسب المقترضين غير القادرين علي السداد، ويجب أن تتضمن النظر في حلول إعادة الهيكلة المُجدية، التي من شأنها تُخفض من المبلغ المتبقي علي المقترض من التسهيلات الائتمانية.

___________________________________المراجع________________________________________

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى