سياسات البنك الزراعي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي خلال 2023
خلال عام 2023 حقق البنك الزراعي المصري طفرة كبيرة على مستوى جميع المؤشرات، بالإضافة إلى إحداث تطور كبير في المبادرات والبرامج الُمقدمة من البنك للعملاء ذوي الفئات المختلفة، وهو ما جعل البنك الزراعي المصري يخطو خطوات متقدمة في استراتيجيات الشمول المالي، الأمر الذي جعل سياسات البنك تتماشى مع سياسات الدولة المصرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتأسيسًا على ما سبق، يتناول هذا التحليل سياسات البنك الزراعي في تعزيز الاستقرار الاقتصادي خلال 2023، بالمقارنة بما تحقق في عام 2022، بالإضافة إلى توضيح الانعكاسات الايجابية للسياسات الجديدة التي تبناها البنك خلال العام الحالي.
مرتكزات واضحة:
تنطلق إنجازات البنك الزراعي المصري من تبني عدد من السياسات الهامة، التي يُمكن توضيحها على النحو التالي:-
(-) سياسة الشمول المالي: يقوم البنك الزراعي المصري بتبني ونشر هذه السياسة في مختلف محافظات الجمهورية،إذ قدم البنك الزراعي العديد من الأدوات التي تساعد على تحقيق هذا الهدف، حيث يقوم البنك بنشر هذه الثقافة بين المرأة الريفية وجميع الفئات الأخرى، إذ شارك البنك في 103 فعالية بشأن التثقيف المالي خلال الربع الأول من عام 2023، بالإضافة إلى ذلك تجوب قوافل البنك الزراعي بين المحافظات المختلفة؛ لحث المواطنين على الاستفادة من الفرص التمويلية و القروض الصغيرة للأنشطة المتناهية الصغر ، وقد أطلق البنك مجموعة من البرامج والسياسات التي تخدم هذه السياسة بشكل كبير، وهو ما يُمكن توضيحه كما يلي:-
الشكل رقم (1) يوضح قرض باب رزق
(-) إطلاق برنامج باب رزق: يُعتبر هذا البرنامج من البرامج التمويلية الهامة التي يُقدمها البنك الزراعي المصري كما يوضح الشكل رقم (1)؛ نظرًا لدوره الكبير في تمكين المرأة السيناوية والريفية وصغار الحرفيين والتجار، من خلال دعمه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، حيث يُساعد هذا البرنامج هذه الفئات علي تنفيذ مشروعاتهم أو تطوير مشروعات قائمة؛ بهدف توفير مصدر دخل لهم، ويأتي هذا تماشيًا مع توجهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتحسين جودة الحياة في سيناء والقرى، إذ يبلغ حجم تمويلات البرنامج لدعم المرأة الريفية 600 مليون جنيه، ويتضح من نجاح البنك في ضمان مخاطر هذه التمويلات، إن نسبة التعثر أصبحت لا تتجاوز 4% بعدما تجاوزت 20 مليار جنيه في الأعوام الماضية، وهو ما يوضح السياسات الرشيدة التي يتبعها البنك الزراعي في ملف إدارة الديون.
(-) تداول المنتجات الزراعية على المنصة الرقمية: أطلق البنك الزراعي منصة على الهواتف تابعة للبنك في مارس 2023 بالتعاون مع شركة إي فاينانس، حيث يوجد على هذه المنصة 55 عميل داخل مصر، وانطلقت أهمية هذه المنصة إنه تم جمع 20 مليار جنيه من تداول المنتجات الزراعية على المنصة الرقمية، بالإضافة إلى ذلك أطلق البنك الزراعي كروت ذكية بالتعاون مع البنك المركزي وشركة إي فاينانس والمجلس القومي للمرأة، وقد وصل عدد العملاء من السيدات إلى 100 ألف سيدة في حوالي 9 محافظات على مستوى الجمهورية، ويهدف البنك الزراعي من إطلاق المحافظ المالية هو إعطاء قروض لصغار المزارعين بنسبة فائدة مخفضة بدلاً من حصولهم على القروض بنسبة 40%.
(-) زيادة تمويل القطاع الزراعي: استحوذت تمويلات القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به علي 80 % من حجم محفظة الائتمان التي تبلغ قيمتها في يونيو 2023 حوالي 69.4 مليار جنيه، أي بلغت قيمتها حوالي 55.52 مليار جنيه، وكان ذلك نتيجة لمضاعفة البنك خلال عام 2023 حجم تمويل المحاصيل الزراعية، إذ قدم البنك برنامج تمويل الحاصلات الزراعية لصغار المزارعين بسعر عائد 5% ، ومن هنا يتأكد حرص البنك علي دعم صغار المزارعين من خلال تعديل الفئات التسليفية للمحاصيل الزراعية بمعدل 4 مرات خلال عامين بنسب تتراوح بين 25 و 70% ؛ لمساعدة الفلاحين علي تحمل الارتفاع الكبير في تكاليف ومستلزمات الانتاج، ويتضح التوسع الكبير في هذا النوع من التمويل من حجم محفظته التي بلغت 14.503 مليار جنيه والتي يستفيد منها مئات الآلاف من المزارعين، فقد ساهم فى مساعدة الفلاح المصري فى تغطية خدمة الأرض الزراعية.
بالإضافة إلي ذلك اهتم البنك الزراعي بالزراعة التعاقدية اهتمامًا كبيرًا، إذ ارتفع حجم التمويل الموجه للزراعة التعاقدية إلي 2.2 مليار جنيه، منها 1.6 مليار جنيه لدعم زراعة القصب في محافظات الصعيد من خلال عقود ثلاثية بين البنك والمزارعين ومصانع السكر، وهو ما سيرفع جودة الإنتاج الزراعي
(-) زيادة تمويلات المشروعات الصغيرة: يوجه البنك الزراعي المصري جزء كبير من محفظة القروض للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، إذ ارتفعت من 32.724 مليار جنيه في عام 2022 إلي 45.025 مليار جنيه في يونيو 2023 كما يوضح الشكل رقم (2)، وذلك بدون مصاريف إدارية وبسعر فائدة 5% متناقصة، وبهذا يكون أكبر حصة من القروض موجهه للمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، وهو ما يعمل علي تحقيق ريادة الأعمال بين الشباب المصري.
(-) إصدار شهادة الخير الجديدة: اصدر البنك الزراعي المصري هذه الشهادة الجديدة في عام 2023، حيث تعتبر شهادة ادخارية مدتها 3 سنوات، وتشتمل علي مجموعة من المميزات وهي: سعر فائدة 19% شهريًا، و 19.5% سنويًا، ويُمكن استردادها بعد مرور 6 أشهر، كما يُمكن الاقتراض بضمان الشهادة بشروط ميسرة، ويُمكن شراء الشهادة بحد أدني ألف جنيه ومضاعفات الألف جنيه دون حد أقصي، ومن المتوقع أن تعمل هذه الشهادة علي ارتفاع حجم الودائع لدي البنك الزراعي بشكل كبير.
(-) المشاركة في التنمية الريفية:ارتفعت مشاركة البنك الزراعي في التنمية الريفية خلال عام 2023، إذ تزداد أنشطة البنك الزراعي في الريف المصري، حيث قدم البنك الزراعي قرضاً من أجل المساهمة فى تغطية مصروفات التعليم الخاصة بأبناء المزارعين، الذي تم احتسابه بقيمة 2000 جنيه عن كل فدان في بطاقة الحيازة للمزارع، وبحد أقصى 10 ألاف جنيه، وهو الأمر الذي ساهم في تقليل عبء تكاليف المدارس عن المزارعين، وفي محافظة المنيا قدم البنك الزراعي المصري مليون جنيه؛ لمساعدة الأسر الأكثر احتياجًا، في صورة تقديم مساهمات عينية بقيمة هذا المبلغ؛ لدعم الشباب المُقبلين على الزواج من الأسر الأكثر احتياجًا، هذا بالإضافة إلى مبادرة” أيد بأيد مستقبل وطن” التي أطلقها البنك الزراعي من محافظة الدقهلية؛ لدعم الأسر الأكثر احتياجًا، ومساندة جهود الدولة في تطوير وتنمية الريف، ومن هنا يتضح المشاركة الكبيرة للبنك الزراعي في التنمية الريفية.
(-) زيادة الانتشار الجغرافي: يتبع البنك الزراعي المصري سياسة توسعية في عدد الفروع على مستوى محافظات الجمهورية؛ حتى تصل خدماته إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين، إذ وصل عدد فروع البنك الزراعي المصري 1100 فرع خلال عام 2023، كما يهدف البنك إلى زيادة عدد الفروع أكثر من ذلك، وهو ما جعل البنك لديه القدرة للوصول إلي أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر في المدن والقرى والنجوع.
الوضع المالي:
إن الوضع المالي للبنك الزراعي يُمكن الاستدلال عليه من خلال مجموعة من المؤشرات التي حققها البنك خلال عام 2023، والتي يُمكن توضيحها فيما يلي:-
(-) حجم محفظة القروض: يتضح من الشكل رقم (3) ارتفاع حجم محفظة قروض البنك الزراعي المصري خلال الفترة من 2020 إلي يونيو 2023، إذ أخذ حجمها في الازدياد طوال هذه الفترة، حيث ارتفعت من 36 مليار في عام 2020 إلى 69.4 مليار في يونيو 2023، بالمُقارنة بـ 60.288 مليار في يونيو 2022، أي ارتفعت بمقدار 15.11 %، وهو ما يُشير إلى زيادة حجم الأنشطة التي يمولها البنك الزراعي المصري، إذ بلغ عدد المستفيدين من هذه القروض نحو 538.272 عميل، وقد نتج عن إتباع البنك الزراعي سياسة ائتمانية تعمل علي ربط الإقراض بالإنتاج، زيادة الدور التنموي للبنك المُتمثل في تقديم التمويلات للمشروعات الزراعية و الأنشطة الصناعية والخدمية المرتبطة بها، وهو ما حقق نمو شامل للقطاع الزراعي في مصر وزيادة القيمة المضافة لهذا القطاع الهام في الاقتصاد المصري.
(-) ارتفاع حجم الودائع:زادت الودائع التي لدى البنك الزراعي المصري إلى161.481 مليار جنيه في يونيو 2023، بالمُقارنة بـ 119.329 مليار جنيه في يونيو 2022 كما يوضح الشكل رقم (4)، وهو ما يعني ارتفاعها بـ 35.3 %، وهو ما يوضح ثقة العملاء في قدرة البنك في الحفاظ على مدخراتهم، إذ يُقدم البنك باقة من الودائع المتنوعة لأجل، التي تتميز بمعدلات فائدة تنافسية ودوريات صرف متنوعة، الأمر الذى جعل العملاء تحتفظ بمدخراتها داخل البنك الزراعي المصري، وهو ما يعكس الصورة الذهنية الجيدة لدى المواطنين عن البنك، ومن ناحية أخري ينعكس ارتفاع حجم الودائع على معدلات السيولة داخل البنك، وهو ما يزيد من قدرة البنك الزراعي المصري في منح القروض للأنشطة الاقتصادية المختلفة.
انعكاسات هامة:
إن السياسات الناجحة التي يقوم بها البنك الزراعي، والنجاح الذي حققه على مستوى المؤشرات المالية خلال عام 2023، يُحقق مجموعة من الانعكاسات الهامة على مستوى الدولة وعلى مستوى البنك، وسيتم توضيحها فيما يلي:-
(-) ارتفاع مؤشر السيولة: إن زيادة حجم الودائع داخل البنك الزراعي المصري، ومن ثم زيادة حجم القروض التي يمنحها للعملاء، تعمل على ارتفاع درجة مؤشر السيولة داخل البنك، وهو الأمر الذي يزيد من قدرة البنك على المُساهمة في عمليات التنمية داخل الدولة المصرية بشكل كبير.
(-) زيادة أرباح البنك: يرتبط منح القروض للعملاء بشكل طردي مع نسبة الأرباح في البنوك، إذ كلما زادت نسبة القروض كما ارتفعت نسبة الأرباح في البنك، خاصة في ظل الإدارة الجيدة لمحفظة القروض، إذ إن عائد القروض يُمثل ربح للبنك يُمكن الاستفادة به من خلال إعادة تدويره في الاقتصاد الرسمي، فمن هنا فإن النجاحات التي حققها البنك الزراعي المصري خلال عام 2023، جعلته يضع مستهدف أرباح ما قيمته 1.5 مليار جنيه خلال عام 2024، وهو ما يوضح النمو والتقدم المتحقق داخل البنك.
(-) انخفاض معدل الفقر: مساعدة البنك الزراعي المصري الفئات المختلفة في توفير مصدر دخل لهم، يعمل علي خفض معدلات الفقر في مصر، وخاصة في المناطق الريفية، فالتوسع في التمويل الميسر سيساعد الأفراد علي توليد الدخل الذي يعمل علي تلبية احتياجاتهم الأساسية، فبفضل مبادرة حياة كريمة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي وشارك فيها البنك الزراعي بكل جدية، بالإضافة إلي قرض باب رزق، انخفضت معدلات الفقر في الريف المصري بعد أن سجلت 51% في عام 2018.
(-) ارتفاع مؤشر التنمية الريفية: من منطلق إن مؤشر التنمية يتكون من زيادة مستوى التعليم وارتفاع مستوى المعيشة وطول عمر الفرد، والمُتمعن في سياسات البنك الزراعي، خاصة في الريف المصري، يُلاحظ إن هذه السياسات ستعمل على رفع مؤشر التنمية في الريف المصري بشكل كبير، إذ قدم البنك قروض للتعليم، وهو ما يعمل رفع مستوى التعليم في الريف، وكما قدم البنك العديد من التمويلات المتناهية الصغر التي تساعد الأسر على فتح مشروعاتهم الخاصة، وهو الأمر الذي يعمل على رفع مستوى المعيشة، فالمحصلة النهائية تصب في زيادة مؤشر التنمية في مصر كلها.
وعليه، يُمكن القول إن الاستراتيجيات التي يتبناها البنك الزراعي في خطة عمله، والازدهار الكبير الذي حققه على المستوى المالي، جعلت البنك من أكبر البنوك المتخصصة في مصر، إذ إن البنك الزراعي من أكثر البنوك التي تساهم في خطط التنمية المستدامة التي تتبناها الدولة المصرية، إذ لا يقتصر نشاط البنك على النشاط المصرفي فقط، بل يتسع دوره ليشمل مختلف الخدمات التي يحتاجها المواطن المصري، وهو الأمر الذي جعله نموذج للبنك الشامل في مصر.