تحليل المؤشرات: كيف جاء أداء بنك نكست في النصف الأول 2024؟
في أواخر سبتمبر الماضي أعلن بنك الاستثمار العربي تغيير اسمه وعلامته التجارية إلى بنك ” نكست”، ويأتي ذلك في إطار جهود البنك؛ لترسيخ مكانته في القطاع المصرفي المصري،فقد تأسس هذا البنك في عام 1974 كبنك استثمار وأعمال تحت إشراف البنك المركزي المصري، وارتفع أداه المالي بشكل ملحوظ من خلال سياساته الناجحة في تقديم حلول مالية كبيرة للفئات المختلفة من المجتمع، بالإضافة إلى خدماته في تمويل المشروعات القومية العملاقة، فمن هنا يُرجح أن البنك سيُحقق طفرات مستقبلية في نشاطه بعد هذا التغيير.
وتأسيساً على ما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على الأداء المالي لبنك “نكست” في النصف الأول من عام 2024 بالمُقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، بالإضافة إلى توضيح الأنشطة المختلفة التي يقوم بها البنك في الاقتصاد المصري.
تحليل المؤشرات:
يُمكن التعرف على الأداء المالي لبنك نكست من خلال مجموعة من النقاط الأساسية التي تتمثل في الآتي:
(*) إجمالي أصول البنك: يتضح من الشكل (1) ارتفاع أصول بنك نكست من 58.50 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2023 إلى 73.86 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2024، أي ارتفعت بنسبة 26.26%، وهو الأمر الذي يوضح الارتفاع الكبير في حجم أصول بنك نكست خلال سنة فقط، مما يُشير إلى قوة المركز المالي لهذا البنك، فالأصول هي كل ما يمتلكه البنك من قروض واحتياطيات وأوراق مالية استثمارية وأصول مادية يُمكن تحويلها لنقد إذا تمت الحاجة إليها، والارتفاع في هذه البنود يزيد من ثقة الجمهور في البنك، خاصة مع استهداف البنك بلوغ حجم أصوله100 مليار جنيه في نهاية عام 2027.
الشكل (1) يوضح إجمالي أصول بنك نكست خلال النصف الأول من عام 2024 و عام 2023
المصدر: القوائم المالية للبنك
(*) قروض وودائع البنك: ارتفعت ودائع وقروض بنك نكست خلال النصف الأول من عام 2024 بالمُقارنة بحجمها في النصف الأول من عام 2023 كما يوضح الشكل(2)، إذ ارتفع إجمالي القروض بنسبة 12.8% من حوالي 23.4 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2023 إلى 26.4 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2024،و تتنوع محفظة القروض التي يمنحها بنك نكست، منها القروض الشخصية للموظفين التي تصل إلى 1.5 مليون جنيه، والقرض الشخصي لأصحاب الأعمال والمهن الحرة الذي يصل إلى مليون جنيه، والقرض الشخصي المُضمن بالأوعية الادخارية لدى بنك نكست التجاري، إذ يصل الحد الأقصى لمبلغ التمويل إلى 95% من قيمة الوعاء الادخاري.وبالإضافة إلى ذلك ارتفعت الودائع بنسبة 31.54% من حوالي 48.82 مليار جنيه إلى 64.22 مليار جنيه، وهو الأمر الذي يوضح توسع نشاط البنك.
الشكل (2) يوضح إجمالي قروض وودائع بنك نكست
المصدر: القوائم المالية للبنك
(*) صافي أرباح البنك: إن النشاط الكبير لبنك نكست في القطاع المصرفي المصري، وتوسعه في حجم القروض التي يمنحها، واستقباله لحجم كبير من الودائع، ترتب عليه ارتفاع صافي الربح بعد خصم ضرائب الدخل كما يوضح الشكل (3) من 450.19 مليون جنيه في النصف الأول من عام 2024 إلى 901.56 مليون جنيه في النصف الأول من عام 2024، أي ارتفعت بمعدل نمو 100.26%، وهي نسبة كبيرة للغاية توضح مدى تطور البنك في حجم الأنشطة التي يُقدمها، والتي ينتج عنها أرباح كبيرة.
الشكل (3 ) يوضح صافي أرباح بنك نكست خلال النصف الأول من عامي 2023 و 2024
(*) مؤشر السيولة: يُعد من الأهمية بمكان التعرف على وضع مؤشر السيولة داخل بنك نكست، إذ أن هذا المؤشر من المؤشرات التي توضح درجة المخاطر التي تُحيط بنشاط البنك، فالحد الآمن لهذه النسبة يبلغ 35%، فمن الشكل (4 ) يتضح أن نسبة القروض إلى الودائع في بنك نكست ترتفع عن هذا المعدل، إذ سجلت 48% في النصف الأول من عام 2023، ثم انخفضت إلى 41% في النصف الثاني من عام 2024، وهو الأمر الذي يوضح أن البنك أدرك المخاطر المرتبطة بارتفاع هذا المؤشر عن المعدل الآمن؛ ولذلك عمل على تخفيضها في النصف الأول من عام 2024، ويتطلب الأمر مزيد من التخفيض؛ حتى لا يتعرض البنك لمخاطر سيولة تُهدد نشاطه.
الشكل (4 ) يوضح مؤشر السيولة داخل بنك نكست
(*) مؤشر المخاطر: يوضح مؤشر المخاطر إلى أي مدي يُحقق البنك السلامة المالية في القروض التي يمنحها، إذ يُمكن حساب هذا المؤشر من خلال نسبة إجمالي الودائع إلى إجمالي الأصول، فتوضح هذه النسبة إلى أي مدى يعتمد البنك على تمويل الأصول من الودائع، فكما يوضح الشكل ( 5) أن هذا المؤشر تجاوز المعدل الآمن بشكل كبير خلال الفترة محل الدراسة، إذ بلغ 83.45% في النصف الأول من عام 2023، وقد ارتفع إلى 87% في النصف الأول من عام 2024، متجاوزاً الحد الآمن الذي يبلغ 35%، وهو الأمر الذي لابد أن يتداركه البنك في نشاطه المُستقبلي، فهذا المؤشر لابد أن ينخفض من خلال زيادة حجم الأصول لدى البنك.
الشكل ( 5) يوضح مؤشر مخاطر بنك نكست خلال النصف الأول من عامي 2023 و 2024
(*) مؤشر كفاية رأس المال: يوضح هذا المؤشر العلاقة بين مصدر رأس المال والمخاطر المُحيطة بأصول البنك، إذ يُعتبر أداة أساسية؛ لقياس قدرة البنك على مواجهة التزاماته ومواجهة أي خسائر قد تحدث في المستقبل، ويُمكن التوصل إلى هذا المؤشر من خلال نسبة رأس المال إلى إجمالي الودائع، أو نسبة رأس المال إلى إجمالي الأصول، أو نسبة حقوق الملكية إلى إجمالي الأصول،فكما يوضح الشكل ( 6) أن هذه النسبة الأخيرة ارتفعت من 9.88% في النصف الأول من عام 2023 إلى 10.11% في النصف الأول من عام 2024، فوفقًا لمعايير بازل 3، فإن الحد الأمن لهذا المؤشر 10.5%، بعد ما تم رفعه من 8%، وهو الأمر الذي يوضح أن البنك في وضع أمثل بالنسبة لهذا المؤشر.
الشكل (6 ) يوضح مؤشر كفاية رأس المال لبنك نكست
مُحفزات أساسية:
إن التطور المالي لبنك “نكست” انبثق من مجموعة من السياسات والمُحفزات لنشاط البنك، كما سيتم توضيحه على النحو التالي:
(-) التوسع في التمويل العقاري: يُتيح بنك نكست التمويل العقاري بمبلغ يصل إلى مليون جنيه بدون رهن وبدون مصاريف إدارية و على فترة سداد تصل إلى 7 سنوات، ففي حالة محدودي الدخل يتم تمويل الوحدة بنسبة 75% من قيمتها في حالة عدم تحويل الراتب و بـ 85% من قيمتها في حالة تحويل الراتب، كما يُقدم القرض بفائدة متناقصة 5% إذا كان الدخل الشهري يقل عن 2100 جنيه و 7% إذا كان الدخل الشهري يقل عن 2100 جنيه، وبالإضافة إلى ذلك ساهم البنك بشكل كبير في الإعلانات التي يُقدمها صندوق الإسكان الاجتماعي، إذ وقعا كلاً من الطرفين بروتوكول تعاون؛ لتقديم تمويلات عقارية للمواطنين محدودي ومتوسطي الدخل، ومن الرصد الميداني لدور البنك في هذا الشأن تبين أنه ساعد المواطنين في الحصول على الوحدة السكنية بمقدمات قليلة للغاية تصل في بعض الحالات إلى 2500 جنيه، وكما وضع هامش ربح معتدل على الأقساط الشهرية للوحدة، وهو الأمر الذي جعل عدد كبير من مقدمي الوحدات السكنية يلجأ إلى البنك؛ لتمويل الوحدة، فمن هنا ارتفعت تعاملات البنك بشكل كبير.
(-) تطوير البنية التكنولوجية: يُطبق بنك نكست النظام المصرفي الجديد T24المُقدم من ” Temons” العالمية، حيثُ يشمل تطوير جميع جوانب الأنشطة المصرفية بدءاً من التجزئة إلى إدارة الثروات، كما يوفر حلول متقدمة لأمان المعلومات، مما يُساعد البنك على الحفاظ على سرية المعلومات، كما يُتيح للبنك إدارة الاستثمارات بشكل أكثر فعالية وكفاءة، مما يُحقق التوازن بين العائد والمخاطر، كما يعمل البنك وفق استراتيجية ترتكز على “Banking digital”، والخدمات الرقمية التي تعمل على تسهيل إمكانية إجراء عمليات مالية ومصرفية بطرق إلكترونية أكثر سهولة، إذ يوفر البنك مجموعة متنوعة من خدمات الدفع الالكتروني؛ لتسهيل المعاملات المالية على العملاء، فمن هذه الخدمات” Mobile banking”، و ” Customer internet banking”، التي تشمل كل الخدمات المصرفية سواء الدفع أو التحصيل.
(-) مساندة المشروعات الصغيرة: يُقدم بنك نكست العديد من البرامج التي تُلبي احتياجات المشروعات الصغيرة من خلال برامج شركاء، فهناك شركاء لتمويل المخزون ورأس المال المستثمر تعمل على توفير التمويل اللازم؛ لاحتياجات النشاط من رأس المال العامل، إذ يتم الصرف بموجب تحويلات وشيكات صادرة لصالح الموردين أو اعتمادات مستندية داخلية وخارجية، وبالإضافة إلى ذلك هناك شركاء لتمويل الآلات والمعدات الجديدة والمستعملة، وهناك شركاء لتمويل وسائل النقل والتوزيع ونقل الأفراد، وهناك شركاء لتمويل تجهيزات مقار النشاط من أثاث وأجهزة، وهناك شركاء لتمويل تكنولوجيا المعلومات من كمبيوتر وطابعات وفاكس وآلات تصوير لازمة للنشاط، ومن هنا يتضح شمولية نشاط البنك في خدمة المشروعات الصغيرة.
وفي النهاية، يُمكن القول إن بنك نكست يُمثل نموذجاً للبنك الذي يسعى إلى التطور والنمو، فمن نشاطه المُتزايد في القطاع المصرفي المصري، تأتي الأهمية العلمية لدراسة المؤشرات المالية الخاصة، إذ اتضح من هذا التحليل أن البنك حقق ارتفاع في مؤشرات النمو مثل الودائع والقروض والأرباح، ولكن من خلال التحليل المالي لمؤشرات الأداء، تبين أن البنك يحتاج إلى تحسين عدد من المؤشرات مثل مؤشر السيولة والمخاطر؛ حتى يُخفض من مستوى المخاطر المُحيطة بنشاطه المصرفي، ومن هنا وبتعميم هذا السيناريو على كل البنوك العاملة في القطاع، سيتحسن القطاع المصرفي المصري، مما يعود بالنفع على الاقتصاد القومي.