ما العومل المؤثرة في تطور أداء بنك HSBC بالنصف الأول 2024؟

بقراءة القوائم المالية المختلفة للبنك البريطاني المتعدد الجنسيات  “HSBC”، يُمكن القول، إن هذا البنك يُعد من أكبر البنوك الأجنبية في القطاع المصرفي المصري، إذ أنه في السوق المصري منذ عام 1982، وهو الأمر الذي استدعى إجراء تحليل مُعمق للمؤشرات المالية المُختلفة لهذا البنك؛ حتى يُمكن توضيح مواطن القوة والضعف في نشاطه خلال الفترة الأخيرة، مما يسمح للبنوك الأخرى في القطاع أن تتطلع على أداء مُنافسيها، الأمر الذي سينعكس على صحة القطاع المصرفي المصري برمته. الجدير بالذكر هنا أن مؤسسة ” فيتش” في تقريرها الصادر في أكتوبر 2023، ثبتت بنك ” HSBC”  الشرق الأوسط عند مستوى” A+”، وكما تنبأت بنظرة مُستقبلية مستقرة للبنك.

تأسيساً على ما سبق، يقوم هذا التحليل بقراءة المؤشرات المالية لبنك HSBC من خلال سلسة زمنية تبدأ من عام 2021 إلى يونيو 2024، بالإضافة إلى إجراء تحليل للعديد من النسب المالية التي توضح الأداء المالي للبنك.

قراءة مُتعمقة:

يُمكن الاستدلال على نشاط بنك HSBC من خلال النقاط التالية:

(*) إجمالي أصول البنك:  توضح أصول البنك قوة المركز المالي للبنك، إذ أنها تُعني كل ما يمتلكه البنك ويُمكن تحويله إلى سيولة ونقد، بالتالي ارتفاعها يعكس قوة كبيرة لنشاط البنك، فكما يوضح الشكل ( 1) أن أصول بنك ” إتش إس بي سي” قفزت من 132.265 مليار جنيه في عام 2021 إلى 182.178 مليار جنية في عام 2022، ثم إلى 248.317 مليار جنيه في عام 2023،- أي ارتفعت بنسبة 87.74%، وهي نسبة كبيرة للغاية توضح اهتمام البنك الكبير برفع قيمة أصوله عام تلو الأخر.

الشكل(1) يوضح أصول بنك “HSBC” خلال الأعوام 2021 و 2022 و2023

المصدر: التقارير المالية لبنك HSBC

وعلى أساس نصف سنوي أيضاً ارتفعت قيمة الأصول، ففي يونيو 2023 سجلت أصول بنك ” إتش إس بي سي” حوالي 50.611 مليار دولار، وقد ارتفعت إلى 57.319 مليار دولار في النصف الأول من عام 2024، ما يساوي حوالي  2.694 تريليون جنيه مصري، أي ارتفعت بنسبة 14.37%، وهو الأمر الذي يُعد نقطة إيجابية كبيرة في نشاط البنك، إذ أن هذه الأصول ترفع من درجة طمأنه الجمهور على ودائعهم لدى البنك، وتزيد من الإقبال عليه.

(*) صافي الأرباح: يُدلل مؤشر صافي الأرباح على مدى تطور البنك في تحقيق الأرباح الناتجة عن نشاطاته المختلفة، فمن هنا يوضح الشكل (2) حجم هذا المؤشر لدى بنك HSBC، إذ ارتفع من 3.400 مليار جنيه في عام 2021 إلى 5.485 مليار جنيه في عام 2022، ثم إلى 12.275 مليار جنيه في عام 2023، أي ارتفع بنسبة 261% من عام 2021 إلى عام 2023، وهذه نسبة كبيرة للغاية توضح القدرة الفائقة للبنك على توليد الأرباح من نشاطه، كما أن البنك واصل تحقيق قفزة في صافي الأرباح، إذ سجل حوالي 397.744 مليون دولار في يونيو 2024، وبتحويل هذه القيمة بسعر الصرف الرسمي في ذلك الوقت( 1دولار= 47 جنيه) إلى جنيه مصري، فالأرباح تُعادل حوالي 18.693 مليار جنيه.

الشكل (2) يوضح صافي ربح بنك HSBC على أساس سنوي( بالمليار جنيه)

المصدر: التقارير المالية لبنك HSBC

وبمقارنة أداء البنك في نصف عام 2024 بنفس الفترة من عام 2023 كما يُشير الشكل (3)، يتضح أن أرباح البنك مقومة بالدولار الأمريكي انخفضت من 575.78 مليون دولار في يونيو 2023 إلى 397.74 مليون دولار في يونيو 2024، وهو الأمر الذي يوضح أن نشاط البنك خلال منتصف عام 2023 نتج عنه أرباح تتجاوز الأرباح المُحققة في النصف الأول من العام الحالي.

الشكل (3) يوضح أرباح بنك HSBC على أساس نصف سنوي(بالمليون دولار)

المصدر: التقارير المالية لبنك HSBC

(*) حجم قروض وودائع البنك:  يُشير الشكل ( 4) إلى النمو الكبير في ودائع وقروض بنك “HSBC” بشكل ملحوظ، إذ ارتفعت قروض البنك من 35.412 مليار جنيه في عام 2021 إلى 40.991 مليار جنيه في عام 2023، أي ارتفعت بنسبة 15.75%، كما ارتفعت ودائع البنك من 106.451 مليار جنيه في عام 2021 إلى 184.064 مليار جنيه في عام 2023، أي ارتفعت بنسبة 72.96%، وهو الأمر الذي يوضح ثقة الجمهور الكبيرة في التعامل مع بنك “HSBC”،

الشكل (4 ) يوضح إجمالي قروض وودائع بنك HSBC خلال الأعوام 2021 و 2022 و2023

 

تحليل المؤشرات:

تتضح مدى قوة الأداء المالي لبنك “HSBC” من خلال المؤشرات المالية التالية:

(-) مؤشر السيولة: يُعد مؤشر السيولة من المؤشرات المالية الهامة التي توضح قوة المركز المالي للبنك، إذ يُمكن الحصول على قيمة هذا المؤشر من خلال نسبتين، الأولي هي نسبة القروض إلى الودائع، والثانية هي نسبة صافي القروض إلى إجمالي الأصول، وهو ما يوضحه الشكل ( 5) إذ بلغت نسبة القروض إلى الودائع 33.27 في عام 2021، وانخفضت إلى 22.27 في عام 2023، وهي النسب التي تدل على أن البنك لا يُعاني من خطر السيولة، إذ أنه كلما ارتفعت هذه النسبة، كلما تعرض البنك لمخاطر سيولة مرتفعة، وعلى الرغم من ذلك من الضروري أن يعمل البنك على رفع هذه النسبة في المستقبل، إذ أن الحد الآمن لها يصل إلى 35%، وهو ما أدركه بنك “HSBC” في نشاط أعماله المصرفية، كما أن نسبة صافي القروض إلى إجمالي الأصول تُعتبر من النسب الهامة التي يهتم بها العميل؛ حتى يُمكنه معرفة مدى قدرة البنك على تسديد ديونه، إذ أن الأصول هي ملجأ البنك في حالة حدوث ظروف خارجية غير مواتية، ونلاحظ أن هذه النسبة في النصف الثاني من عام 2024 ارتفعت إلى35.77%، بالمُقارنة بـ 14.89%، وهو الأمر الذي يُعد ظاهرة صحية لنشاط البنك، وأن البنك في منطقة السيولة الآمنة بالنسبة لحجم أصوله.

الشكل (5) يوضح مؤشرات السيولة في بنك “HSBC

(-) مؤشر الربحية: يُعبر مؤشر الربحية عن العلاقة بين الأرباح التي يُحققها البنك والاستثمارات التي ساهمت في تحقيق هذه الأرباح، ويُمكن الحصول على هذا المؤشر من خلال معدل العائد على الأصول، إذ أنه كلما ارتفع هذا المعدل ، كلما استدل على أن البنك يستطيع توليد المزيد من الأرباح من حجم الأصول التي يمتلكها، فوفقًا للشكل (6 ) ارتفع هذا المعدل من 2.57% في عام 2021 إلى 4.94% في عام 2023، ثم استمر هذا المعدل في ارتفاعه إلى 6.94 % في يونيو 2024، وهي نسب كبيرة للغاية توضح فعالية نشاط البنك في تحقيق نسب كبيرة من الأرباح، الأمر الذي سيُحقق مزيد من النجاحات في المستقبل.

الشكل ( 6) يوضح العائد على الأصول لبنك “HSBC”

(-) مؤشر المخاطر: يعكس هذا المؤشر مدى قدرة البنك على تحقيق السلامة المالية في القروض التي يمنحها للعملاء، إذ يرتفع هذا المؤشر  عندما تزداد نسبة المُتخلفين عند سداد القروض، ويُمكن التعبير عن هذا المؤشر من خلال نسبة إجمالي الودائع إلى إجمالي الأصول كما يوضح الشكل ( 7)، إذ تُعبر هذه النسبة عن مدى اعتماد البنك على الودائع في تمويل الأصول، فمن خلال الشكل يتضح أن هذه النسبة ارتفعت عن الـ 50% خلال السنوات محل الدراسة، ولكن على الرغم من ذلك فإن انخفاضها من 80.48% في عام 2021 إلى 57.45% في يونيو 2024، يعكس أن البنك أدرك الارتفاع الكبير في هذا المؤشر، وبدأ يُحسن من معدله، وهو ما يُعد أمراً إيجابياً.

الشكل (7 ) يوضح مؤشر مخاطر بنك ” HSBC

(-) مؤشر كفاية رأس المال: يُشير مؤشر كفاية رأس المال إلى قدرة رأس المال على الحفاظ على حقوق المودعين، ويُمكن حسابها من خلال نسبة رأس المال إلى إجمالي الودائع، أو نسبة رأس المال إلى إجمالي الأصول، أو نسبة حقوق الملكية إلى إجمالي الأصول،ومن خلال هذه النسبة الأخيرة التي بلغت في النصف الأول من عام 2024 حوالي 9.73%، يتضح أن هذا المؤشر يتجاوز الحد الآمن الذي أقرته معايير بازل 3، إذ أنها تفرض ألا يتجاوز هذا المُعدل الـ 8%، وهو الأمر الذي يحتاج من البنك العمل على تخفيضه بشكل يتناسب مع هذه المعايير.

وفي النهاية يُمكن القول أن بنك “HSBC” يُحقق أداء مالي قوي خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي تبين من تحليل المؤشرات الذي أوضح مدى قوة معظم النسب المالية التي حققها البنك من عام 2021 حتى النصف الأول من عام 2024، فالبنك يعتمد على خطة عمل تتميز بالكفاءة الشديدة، مما جعل معظم المؤشرات المالية تُحقق النسب المُثلى، وتتجاوزها في بعض المؤشرات، مثل مؤشر الربحية للبنك الذي تجاوز الـ 1% بشكل كبير، ولكن كشف هذا التحليل أيضاً أن هناك بعض النسب التي يحتاج البنك إلى تخفيضها مثل مؤشر المخاطر، والبعض الأخر التي تحتاج إلى زيادتها مثل نسبة القروض إلى الودائع، ولكن يأتي الأداء العام للبنك في مستوى مُتقدم، وهو ما أيدته مؤسسة فيتش حول النظرة المُستقبلية لنشاط البنك في نهاية عام 2024، وهذا النجاح يعكس الوجود القوي للبنك في القطاع المصرفي للشرق الأوسط بأكمله، وأنه يُحقق انتعاشه كبيرة للاقتصاديات التي يمارس نشاطه بها.

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى