ما هي سياسات البنك الزراعي في دعم قطاع الزراعة؟
يُعد البنك الزراعي المصري من أوائل البنوك المصرية التي تُركز على تنمية قطاع الزراعة، من خلال دعم جميع عناصر هذا القطاع، حتى تزيد القيمة المضافة له في الاقتصاد القومي، فخلال السنوات الماضية توسع البنك في حجم التمويل المُقدم لهذا القطاع، كما أنه يستمر في العمل على مُساندة الفلاح المصري بكافة السبل، باعتباره حجر الأساس في عملية التنمية الزراعية، ومن هنا يُمكن القول أن البنك يُقدم خدمة شاملة للقطاع الزراعي في مصر، ستنعكس إيجابياً على الاقتصاد.
وتأسيساً عما سبق يُحاول هذا التحليل التعرف على سياسات البنك الزراعي المصري، بالإضافة إلى توضيح انعكاسات هذه السياسات على مستقبل الزراعة المصرية.
سياسات محورية:
يقوم البنك الزراعي المصري بمجموعة من السياسات الهامة، التي يتم توضيحها فيما يلي:
(*) تمويلات متنوعة: يُقدم البنك الزراعي المصري مجموعة من التمويلات المتنوعة، إذ ارتفعت محفظة قروض البنك الزراعي بنسبة 8.4% خلال النصف الأول من عام 2024 كما يوضح الشكل (1)،حيث ارتفعت من 69.4 مليار جنيه في يونيو 2023 إلى 75.27 مليار جنيه في يونيو 2024، ويوجه البنك الزراعي 80% من محفظة الائتمان الخاصة به إلى القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به، إذ ضاعف البنك من حجم التمويل الموجه لإنتاج المحاصيل الزراعية التي يحصل عليها صغار المزارعين بعائد 5%، حيثُ بلغ حجم محفظة تمويل قروض المحاصيل الزراعية حوالي 23.8 مليار جنيه، وبلغ حجم المنح خلال النصف الأول من عام 2024 نحو 8.961 مليار جنيه بإجمالي 95.433 قرض زراعي.
الشكل (1) يوضح حجم محفظة قروض البنك الزراعي المصري
بالإضافة إلى ذلك يوجه البنك الزراعي المصري تمويلاً كبيراً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الزراعي،فكما يوضح الشكل (2) بلغ حجم تمويل الشركات الصغيرة نحو 6.733 مليار جنيه، استفاد منها 6202 شركة صغيرة، بينما بلغ حجم تمويل الشركات المتوسطة نحو 5.573 مليار جنيه لصالح 176 شركة، كما تم تمويل 1843 شركة متناهية الصغر بحجم تمويلات بلغ نحو 435,27 مليون جنيه، وهو الأمر الذي يؤكد إيمان البنك بأهمية هذه المشروعات في تحفيز القطاع الزراعي المصري، إذ أن هذه المشروعات تستقطب عدد كبير من العاملين في القطاع الزراعي، ومن هنا فالاهتمام به يصب في مصلحة القطاع، واستكمالاً لدوره الكبير يقوم البنك بتقديم تمويلات كبيرة للمشروعات الكبرى في القطاع الزراعي، وهو الأمر الذي ترتب عليه ارتفاع عدد الشركات الكبرى العاملة في القطاع والأنشطة المتربطة به من 119 شركة في نهاية يونيو 2023 إلى 208 شركة بنهاية يونيو 2024، بحجم تمويلات بلغ 16.5 مليار جنيه.
الشكل (2) يوضح حجم تمويل البنك الزراعي المصري للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر
(*) بروتوكلات تعاون: يعقد البنك الزراعي المصري العديد من بروتوكولات التعاون مع مختلف الجهات؛ لزيادة دوره في القطاع الزراعي المصري، ففي شهر سبتمبر الماضي، قام البنك بتوقيع برتوكول تعاون مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي و شركة MAFI لتصنيع الحاصلات الزراعية؛ بهدف دعم الزراعة التعاقدية وتوفير التمويل اللازم للمزارعين؛ لتشجيعهم على التوسع في زراعة المحاصيل التي تحتاجها الشركة كمواد خام أولية تدخل في عملية الصناعة التي تقوم بها الشركة، ومن ثم تصديرها للخارج، الأمر الذي سيعمل على تحسين مستوى معيشة المزارعين و تحقيق قيمة مضافة للإنتاج الزراعي، مما يُحقق التنمية الزراعية ودعم القطاع الزراعي بشكل كبير.
(*) دعم المزارع المصري: إن سياسة دعم المزارع المصري من السياسات المركزية في أنشطة البنك الزراعي، فأسعار الفائدة المُدعمة بنسبة 5% تأتي في صالح المزارع بشكل كبير، من حيث تخفيض تكلفة الأنشطة الزراعية عليه، مما يُحقق له عائد مُجزي يُمكنه من العيش بكرامة، كما يتفرد البنك في إصدار بطاقة ميزة الفلاح، وهي بطاقات ذات استخدام مزدوج تجمع بين بطاقة الحيازة الزراعية للفلاح وبطاقة المدفوعات الوطنية( ميزة)، إذ ستحل محل بطاقات الحيازة الزراعية القديمة.
(*) التحول الرقمي: يقود البنك الزراعي المصري حملة رائدة في سياسات التحول الرقمي، إذ يسعى البنك إلى اتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق الاقتصاد الرقمي، فقد قام البنك بتهيئة البنية التكنولوجية الحديثة؛ لتلبية الطلب على خدمات التكنولوجيا المالية، كما قام البنك بالانضمام إلى المنظومة الوطنية لشبكة المدفوعات اللحظية، وتطبيق انستا باي، وهو الأمر الذي يرفع من فعالية القطاع الزراعي بشكل كبير، وزيادة القيمة المُضافة له، إذ أن استخدام سياسة التحول الرقمي بتوسع في القطاع الزراعي سيعمل على تحسين جودة المحاصيل الزراعية وزيادة كميات الإنتاج.
انعكاسات اقتصادية:
يُساهم الدور الكبير للبنك الزراعي المصري في إحداث مجموعة من الانعكاسات الاقتصادية الهامة التي تتمثل في:
(-) ارتفاع الصادرات الزراعية: حققت الدولة المصرية طفرة كبيرة في حجم الصادرات الزراعية، فمن يناير 2024 إلى سبتمبر 2024، ارتفعت الصادرات الزراعية بنسبة 9.1%، إذ تجاوز حجمها 6.4 مليون طن من المنتجات الزراعية، بزيادة قدرها أكثر من 529 ألف طن عن نفس الفترة في العام الماضي، وفي عام 2023 صدرت الدولة المصرية صادرات زراعية بقيمة 8.8 مليار دولار، بينها 3.7 مليار دولار منتجات طازجة، وهو ما يمثل 24.5% من إجمالي صادرات مصر السلعية، والتي بلغت قيمتها الإجمالية 35.6 مليار دولار، ونظراً لأن البنك الزراعي المصري يُساند الدولة المصرية في تحقيق طفرة في الانتاج الزراعي، يُمكن القول أن هذه المُشاركة بين الدولة والبنك الزراعي، ساهم في تحقيق هذاالنمو في الصادرات الزراعية.
(-) زيادة القيمة المضافة للقطاع الزراعي: ساهمت جهود البنك الزراعي المصري مع وزارة الزراعة المصرية، في تصدُر القيمة المضافة للقطاع الزراعي المصري القيمة المضافة للقطاع في الدول الأخرى كما يوضح الشكل (3 )، إذ بلغت نسبتها من الناتج المحلي المصري 10.6%، بينما بلغت في الأرجنتين 6.1%، و2.4% في استراليا، و6.2% في البرازيل، وهو الأمر الذي يوضح أن سياسات الدولة المصرية ومؤسساتها تُحقق قيمة مضافة مرتفعة لقطاعها الزراعي، وأن باستدامة هذا الوضع وتحسينه بشكل أكبر، ستُحقق الدولة المصرية طفرة كبيرة في القطاع الزراعي.
الشكل ( 3) يوضح القيمة المضافة للقطاع الزراعي لعام 2023 في مجموعة من الدول
المصدر: البنك الدولي
(-) تحقيق الأمن الغذائي: تسعى الدولة المصرية بشكل كبير إلى تحقيق الأمن الغذائي، وهو الأمر الذي يُساهم فيه البنك الزراعي بكل قوة خلال الفترة الأخيرة، فإن إدارة البنك للمحصول الاستراتيجي في الزراعة المصرية ” القمح” خلال موسم توريده، تعمل على توافره بشكل كفء وتقليل معدلات الهدر به، إذ يقوم البنكبتوفير منظومه جديدة لاستقبال القمح يتم إدارتها إلكترونياً بالكامل من خلال توفير ماكينات نقاط البيع POS” “في كافة المواقع التخزينية، يتم من خلالها توفير قاعدة بيانات لحظية تشتمل على معلومات خاصة بكل مورد والكمية الموردة ودرجة الفرز وغيرها من البيانات التي سيتم ربطها بشاشات عرض ذكية مرتبطة بالمركز الرئيسي والشون وكافة فروع البنك بالمحافظات؛ للاطلاع على الكميات الموردة أولاً بأول لكل شونة ومراقبة الأداء بها، وذلك بالتعاون مع البورصة المصرية للسلع، كما أن البنك قام بإنشاء غرفة عمليات خاصة بموسم توريد القمح المحلى لمراقبة وتنظيم عمليات التوريد.
وهو الأمر الذي يُلبي احتياجات المواطنين المصريين من القمح، إذ أن مصر بعدد سكانها الذي يفوق الـ 100 مليون نسمة، تحتاج سنويًا 20 مليون طن من القمح، وهو ما يوضح أن مع السياسات المختلفة الداعمةلهذا المحصول، سيزيد الإنتاج المحلي، وهو ما يُغطي الطلب الداخلي، مما يُحقق الأمن الغذائي بدرجة كبيرة.
وعليه يُمكن القول، إن البنك الزراعي المصري من البنوك الداعمة لسياسات الدولة المصرية بشكل كبير، خاصة في هدفها نحو تحقيق الأمن الغذائي، فالبنك الزراعي يُمارس ويؤدي جميع الأنشطة التي تجعله من أكثر البنوك احتكاكاً بالاقتصاد المصري، إذ يسعى إلى تحقيق الاستقرار فيه بشكل كبير، من خلال توفير التمويل اللازم لمختلف أنواع المشروعات الزراعية والتنمية الريفية، مما سينعكس بالإيجاب على العديد من المؤشرات الاقتصادية داخل الدولة المصرية.