تقييم شامل: ملامح مسار عمل الحوار الوطني بعد 88 يوماً من الترتيبات
في برنامجه “مصر جديدة” الذي تبثه قناة etc، أكد نقيب الصحفيين ضياء رشوان، المنسق العام للحوار الوطني، أن الحوار الوطني ليس مجرد منصة لإطلاق التصريحات أو تبادل الكلمات والمديح، بل جاد للغاية، مشيراً إلى توافر العديد من الثوابت الهامة في هذا الحوار، من أهمها: (-) الحوار الوطني يشمل تقريبًا معظم – إن لم يكن كل – قوى وأطراف الحالة السياسية والمجتمعية المصرية. (-) أن كل التحالفات ذات الصفة الحزبية، سواء كانت أحزاب تُصَنِّفْ نفسها مؤيدة، أو معارضة، مشاركون وبقوة في الحوار الوطني. (-) هناك قوى سياسية “غير حزبية” مشاركة أيضًا في الحوار الوطني، ومنذ الفترة الماضية جرت حوارات مع رموز عامة في مصر، يمثلون حالات مهمة في السياسة والعمل العام بمصر، ستكون عناصر تمثل “إضافة” للحوار الوطني، ولا شك بنزاهتهم. (-) القوى الاجتماعية والنقابية والمجتمع المدني، تقريبًا جميعها داخل حالة الحوار الوطني وممثليها موجودين سواء بمجلس الأمناء، أو بالجلسات القادمة.
وخلال الحلقة، استضاف “رشوان” المفكر المصري الكبير الدكتور على الدين هلال، الذي وضع تقييم دقيق لمسار عمل الحوار الوطني منذ تكليف “رشوان” منسقاً للحوار الوطني في الـ 8 من يونيو الماضي، محدداً مجموعة اقتراحات هامة، قد تساعد الحوار الوطني على القيام بمهامه خلال الفترة المقبلة.
ملاحظات أولية:
مع اقتراب اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني – الاثنين القادم 5 سبتمبر – علق الدكتور “علي الدين” على سؤال السيد “ضياء رشوان” عن رؤيته فيما وصل إليه الحوار الوطني، مضيفًا مجموعة من الملاحظات الهامة حول حالة الحوار الوطني، وهي كالتالي:
( * ) البطء: حيث أكد الدكتور “علي الدين” أن أهم نقد أو ملاحظة ترددت في الفترة الأخيرة هي البطء، أو من جهة أخرى وضع الجميع آمال كبيرة وطموحات عالية في الحوار، فكانوا يتوقعون أنه سيكون أسرع من ذلك.
( * ) المهاجمة الإعلامية: علق الدكتور “علي الدين” أن بعض البرامج الإعلامية والقنوات لا تخدم ذلك، وأنه مازالت الأنماط السلوكية الإعلامية مخالفة في جوهرها لرؤى الحوار، ومن الضروري الالتزام بالقيم الرئيسية التي من أهمها “عدم التخوين” و “عدم اتخاذ مواقف حادة”، فليس ضروري جدًا التصدي بهذا الشكل في ظل أن رئيس الدولة – السيد الرئيس “عبدالفتاح السيسي” – أكد أن الخلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية، بالتالي يجب إعطاء قدرًا من الأريحية في التعبير.
( * ) ضعف ثقافة المشاركة: أورد الدكتور “علي الدين” أن الحوار الوطني ليس “ضياء رشوان”، ويجب أن تشيع هذه الثقافة في المجتمع، أن مساعدة الحوار في النجاح تعني مساعدة بلدنا ومساعدة رئيسنا في تحقيق التقدم، مشيرًا إلى أن أمناء الحوار هم آلية لنجاح الحوار، وهذا الحوار نجاحه قد يحقق تقدم هام للدولة، والأهم هو دعم ذلك بدلًا من محاولة نقضه دون موضوعية.
مسببات عديدة:
في إطار الانتقادات التي أكدها الدكتور “علي الدين هلال”، عبر أيضًا عن تقديره بشدة لتعليقات العديد حول بطء الحوار الوطني، مؤكدًا اعترافه بهذا الأمر، إلا أنه ربما كان هذا البطء ناتج عن عدة مسببات، من أهمها:
( * ) وجود اختلاف ببعض الاتجاهات: إن بعض الأطراف المشاركة في الحوار الوطني مؤمنين بآراء واتجاهات مناهضة لبعضهم البعض بشكل كامل، إضافًة لكونهم لم يلتقوا بهذا الشكل المباشر من قبل، ولذلك يجب التركيز بشكل كبير على حجم النقاط المشتركة بينهم، وأكد السيد ” ضياء رشوان” أن هذه المساحة تزداد يوميًا، وأكد الدكتور “علي الدين” أنه يجب إعطاء الحوار الفرصة لتحقيق التقدم الحقيقي الملموس، ومن جهة أخرى أن يدرك المشاركون في الحوار حجم الآمال الشعبية في الإسراع والنجاح به، دون التسرع في اتخاذ مواقف غير مطلوبة، وعدم النقاش في مسائل جزئية أكثر من اللازم.
( * ) عدم توافر تصور واضح حاليًا: ربما يحتاج الرأي العام إلى وضع “موعد تقريبي” لبدء الحوار، وأن يتم معه أيضًا الشكل الهيكلي، وقد أكد السيد “ضياء رشوان” أنه سيتم الإعلان عن هذا قريبًا، وحول ذلك أكد الدكتور “علي الدين” أنه يجب “تأطير القضايا” حتى نبدأ من نقطة محددة، كورقة تشخيصية لا تتجاوز 6 صفحات، تحدد القضايا بشكل واضح.
المحور السياسي في الحوار:
أوضح السيد “ضياء رشوان” أن البعض يرى حتى الآن أنه بين الـ “15” لجنة المُحددة للثلاث محاور (المحور السياسي – المحور الاقتصادي – المحور الاجتماعي)، ربما يكون أسهل محاورها هو “المحور السياسي”، وهو محور له 3 لجان، هي: مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي والأحزاب السياسية، المحليات، حقوق الإنسان والحريات العامة.
فطرح “رشوان” سؤالًا حول الفترة التي يمكن أن تحتاج لها هذه اللجان الثلاث فقط، وردًا على ذلك عقب الدكتور “علي الدين هلال” أن تصور هذا المحور بأسهل الأشياء أمر غير صحيح، مشيرًا إلى أن هذه اللجان تمس أكثر القضايا التي لها جوانب أمنية، وبعبارة أخرى هناك الكثير من الموضوعات المتعلقة بها تتطلب الرأي الأمني، خاصًة في حالة أن هناك قرارات قد تهدد السلم الداخلي، وبالتالي تقع مسؤولية كبيرة على متخذ القرار، مقارنة بحالات أخرى، لذلك لابد من أخذ الرأي الأمني هنا في الاعتبار.
كما استكمل الدكتور “علي الدين” أنه أيضًا لتحقيق أهداف “الإصلاح السياسي”، لا توجد حاجة لإدخال أمور قد تؤدي في خلال سنوات قليلة إلى تهديد للاستقرار السياسي والاجتماعي، لذلك هناك حاجة لنوع من التأني، ويجب بحث هذا الأمر بجدية، فهناك حاجة لإصلاحات مدروسة، من جهة أخرى هناك أمور محسومة كوجود قيود موضوعية مفروضة على حركة الأحزاب في الشارع، أو الاتصال بالهيئات، وكذلك بالنسبة لموضوع “النظام الانتخابي” وهو غير مشجع على نهضة الأحزاب، فيجب تبني نظام انتخابي يعطي فرصة أكبر للأحزاب الشرعية، وأكد السيد “ضياء رشوان” ضرورة أن يغلق هذا النظام أيضًا الطريق أمام أي تسرب في المستقبل.
قضية حقوق الإنسان:
أكد الدكتور “علي الدين هلال” أن موضوع “حقوق الإنسان” هو أمر قد حُسم نظريًا، بأن جميع الأهداف المرغوب تحقيقها به موجودة بالفعل ضمن الإستراتيجية الوطنية لتحقيق حقوق الإنسان، أما الأمر الهام والتحدي هنا هو عملية “التطبيق الفعلي”، ولدى مصر مجلس قومي لحقوق الإنسان، والأرجح أنه أعد دراسات عديدة لذلك، من جهة أخرى “اللامركزية” هي أمر يحتاج إلى جزء نظري دعم للـ “اللامركزية”.
وفي نهاية حديثة، استكمل الدكتور “علي الدين” قائلاً إن الأمر الأسهل، هو وضع حلول نظرية، لكن يبقى التطبيق غير سهل، هناك حاجة لوضع “معادلة سياسية متوازنة”، واختتم السيد “ضياء رشوان” الحديث بتأكيده على أهمية المواءمة بين الاعتبارات النظرية المرغوب الوصول لها في الإصلاح السياسي، وبين الحفاظ على أن لا ينهار النظام السياسي نتيجة أي إجراءات فى الوقت الحاضر، دون وضع المستقبل في الحسبان.
يذكر أن “رشوان” أشار في بداية الحلقة إلى أهمية كل لجنة من اللجان الـ 15، التي شملت المحاور الثلاث ( السياسي – الاقتصادي – الاجتماعي )، وتضم أولويات هامة جدًا تهم الدولة وكل مواطن مصري، وهي على النحو التالي:
( * ) اللجان الفرعية للجنة المحور السياسي: ( لجنة مباشرة الحقوق السياسية والتمثيل النيابي والأحزاب السياسية – لجنة المحليات – لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة).
( * ) اللجان الفرعية للجنة المحور الاجتماعي: ( التعليم – الصحة – القضية السكانية – الأسرة والتماسك المجتمعي – الثقافة والهوية الوطنية ).
( * ) اللجان الفرعية للجنة المحور الاقتصادي: ( التضخم وغلاء الأسعار – الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي – أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة – الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي – الصناعة – الزراعة والأمن الغذائي – العدالة الاجتماعية ).
وقد أكد السيد “رشوان” أن الحوار الوطني سيكون موضوعيًا وعلنيًا، وكافة وسائل الإعلام ستكون مدعوة للحضور يوم الاثنين 5 سبتمبر الجاري، مع السماح بإجراء حوارات في كل استراحة ونهاية أعمال المجلس، كما أوضح أن كل لجنة نوعية لكل محور، واللجان الفرعية لها سيكون بها مقرر ومقرر مساعد، وهو ما يعني أنه سيتم اختيار 36 شخص من قبل مجلس الأمناء لإدارة أعمال اللجان، كما أنه سيتم وضع مجموعة من القواعد الواضحة لتنظيم أعمال اللجان، ولن يُستبعد أحد، وسيشارك الجميع بأفكار مكتوبة، وكل من لديه فكرة محددة تتعلق بأحد القضايا لاسيما الدين العام أو التضخم وغيرهم في كافة المحاور، سواء كان شخص عام أو حزب أو نقابة أو غيره، وسيتم وضعها في الاعتبار وسيُدعى أصحاب هذه الآراء لمناقشتها في لجان الحوار الوطني، ويكون السادة المقررين والمقررين المساعدين مسئولين عن هذه الإدارة الجادة، واستخلاص البدائل التي سيتم رفعها لمجلس الأمناء، الذي سيقوم بدوره في رفعها إلى السيد رئيس الجمهورية المصري “عبد الفتاح السيسي”.