احتمالات وقف منح إسرائيل “صفة مراقب” بالاتحاد الأفريقي
رفضت القمة الإفريقية المنعقدة اليوم 6 فبراير فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا منح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الأفريقي، والتى كان قد منحها لها رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي التشادى موسي فقى فى يوليو الماضى بقرار منفرد أعطى الدبلوماسيين الإسرائيليين انتصارًا كانوا يسعون إليه منذ ما يقارب العقدين، وهو ما آثار اعتراض العديد من الدول الأفريقية على رأسها؛ جنوب أفريقيا، والجزائر، ومصر، وفشل وزراء الخارجية الأفارقة فى تسوية الأمر خلال الاجتماع الذى عقد فى أكتوبر الماضى، فتم إدراجها على جدول أعمال قمة رؤساء الدول التى انطلقت بالأمس، بحسب وثائق الاتحاد الإفريقي.[1]
قرار الرفض:
تفاصيل ما سبق تشير إلى أن القمة قامت بتشكيل لجنة تضم 7 من رؤساء للدول تتكفل بإعداد توصية تقدم إلى قمة الاتحاد الإفريقي للنظر فى القرار محل الجدل، والذى أدى إلى حالة من الانقسام الكبير داخل الاجتماعات، وتضم اللجنة كل من الرئيس السنغالى ماكى سال الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقي، ورئيس الكونغو الديمقراطية فيلكس تشيسكيدى الرئيس السابق للاتحاد، والرئيس الجزائرى عبد المجيد تبون ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والرئيس الرواندى بول كاجامى والرئيس النيجيرى محمود بوخارى، ورئيس الكاميرون بول بي . [2]
وكان قرار الرفض نتيجة للانتهاكات الصارخة التى تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والتى تمارس كافة أشكال إرهاب الدولة والتنكيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، بالإضافة إلى نظام الفصل العنصرى الذى تمارسه مع الفلسطينيين، وهى الجرائم التى طالما عانت منها الشعوب الإفريقية من قبل الاستعمار الغربى. [3]
موسى فقى.. أزداوجية المعايير:
آثار قرار رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقية التشادى موسي فقى المنفرد بمنح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الإفريقي العديد من التساؤلات عن المواقف المختلفة لرئيس المفوضية وذلك عبر العديد من النزاعات التى مرت بالقارة منها على سبيل المثال موقف الاتحاد الإفريقي من الانقلاب على السلطة الذى تم فى دولة تشاد فى 20 أبريل من العام الماضى، حيث قام الجنرال محمد إدريس ديبى ابن الرئيس بتنصيب نفسه رئيساً للمجلس العسكرى لقيادة البلاد لمدة 18 شهرًا كفترة انتقالية، وهى الخطوة التى تعد انقلابا على الدستور التشادى، والذى ينص فى المادة (81) منه على” أنه فى حالة شغور منصب رئيس الجمهورية يتولى رئيس الجمعية الوطنية ( البرلمان) وفى حالة عجز الأخير يتولى الحكم النائب الأول للرئيس وفى كل الأحوال يجب إجراء انتخابات رئاسية خلال فترة تتراوح بين 45 إلى 90 يومًا على الأكثر”.
وبناء على ما سبق فيعد ما قام به محمد إدريس ديبى انقلابًا على الدستور، والذى قام بتعطيل العمل بالدستور وحل الجمعية الوطنية والحكومة، وهو ما اتضح منه موقف التشادى موسى فقى، الذى شغل منصب رئيس وزراء تشاد خلال الفترة من يونيو 2003 حتى فبراير 2005 من تجاهل لمقررات لومى 2000 بشأن التغيرات غير الدستورية للحكومات.
وكان الاتحاد الإفريقي فى واقعة مماثلة حدثت فى دولة توجو عام 2005 قد لعب دورًا بارزًا عقب رحيل الرئيس التوجولى أياديما واعتلاء ابنه فاروبيه الحكم بصورة غير شرعية مخالفًا للدستور، وقام مجلس السلم والأمن الإفريقي بعقد اجتماع طارئ فى 25 فبراير 2005 واعتبر السلطة الحاكمة فى توجو غير شرعية مستندًا على القانون التأسيسي للاتحاد وبروتكول مجلس السلم والأمن الأفريقي، وهو ما غاب عن واقعة تشاد، وتم وقف عضوية توجو فى الاتحاد الإفريقي وكافة المنظمات التابعة حتى أجبر فاوربيه على التنحى عن الحكم وإجراء انتخابات رئاسية فى غضون ثلاثين يومًا كما ينص الدستور. [4]
إجراءات جادة:
ومن المواقف المثيرة للتساؤلات والتعجب موقف الاتحاد الإفريقي من الجرائم ضد الإنسانية التى قامت بها القوات الإثيوبية فى إقليم تيجراى، والتى بدأت فى 4 نوفمبر 2020 حيث سعى خلالها أبى أحمد لبسط سيطرته على الإقليم فى أسرع وقت مستخدمًا القوة المفرطة ضد سكان الإقليم والذى رصدت بعدها الأمم المتحدة وقوع جرائم حرب فى الإقليم حيث أفادت العديد من التقرير بمقتل المئات فى مجازر مروعة تحدثت عنها منظمة العفو الدولية، وفرار الآلاف هربًا من القتال والغارات الجوية، وخاصة فى بلدة (ماى كادرا) فى جنوب غرب إقليم التيجراى.[5]
كما رصدت منظمة العفو الدولية وجود ضحايا بين العمال الذين لم يشاركوا فى القتال، وهو ما وصفته بالمأساة المروعة بحق المدنيين العزل الذين لم يشاركوا فى المعارك، كما رصدت وجود جرائم ضد الإنسانية من ضمنها العنف الجنسي وأعمال نهب للممتلكات. [6]
وفى مخالفة صريحة لمبادئ الاتحاد الإفريقي، والذي تنص مبادئه على حق الاتحاد فى التدخل فى أى دولة من الدول الأعضاء طبقًا لمقررات الاتحاد فى ظل الظروف الخطيرة المتمثلة فى جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وهى من الحالات التى يسمح فيها لقوات التدخل السريع بالاتحاد الإفريقي للتدخل أو قيام الاتحاد الإفريقي باتخاذ إجراءات ضد الدولة التى تقوم بتلك الجرائم.
الأمر الذي بات يثير العديد من التساؤلات حول مدى نجاح موسي فقى فى تطبيق مبادئ الاتحاد، والتى تدعو إلى الوحدة بين دول الاتحاد، إلا أنه اتخذ العديد من القرارات التى من شأنها أن تؤدى إلى الفُرقة والخلافات بين الدول الأعضاء ومنها منح إسرائيل صفة مراقب بالاتحاد الإفريقي، وهو ما أدى إلى حالة من الخلاف والانقسام داخل قمة الاتحاد الإفريقي فى وقت تحتاج القارة الإفريقية إلى وحدة المواقف والرؤى بين قادة الدول الإفريقية لمواجهة التحديات الجسيمة التى تواجه القارة من تزايد ظاهرة الانقلابات العسكرية وأنشطة الجماعات الإرهابية داخل القارة بشكل بات يهدد وجود بعض دول القارة ومحاولة الجماعات الإرهابية السيطرة على موارد القارة وعلى الحكم فى بعض الدول.
العمامرة يجدد رفض الجزائر قرار منح إسرائيل صفة عضو مراقب بالاتحاد الإفريقي، 5/2/2022
https://arabic.rt.com/middle_east/1321722
[2]https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=06022022&id=d43cb0ae-5ba0-4f24-ba69-ec0d83c93aba
[3]https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=06022022&id=761c3c77-2ab8-4017-83b3-5284ce881c94
[4]د. محمد فؤاد رشوان، أختبار صعب كيف يتحرك الاتحاد الافريقي تجاه الصراع على السلطة فى تشاد؟ ، 23 ابريل 2021 على الرابط :
اختبار صعب: كيف يتحرك الاتحاد الأفريقي تجاه الصراع على السلطة فى تشاد؟
[5]https://www.dw.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%85-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A5%D8%AB%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A7/a-55597737
[6]أزمة تيجراى : الأمم المتحدة تحذر من جرائم حرب فى الإقليم الواقع شمالى أثيوبيا على الرابط :