هل نجحت القوة 153 في تعزيز أمن البحر الأحمر؟

تعدت أهمية البحر الأحمر كونه ممرًا دوليًا، فأصبح أحد مقومات التجارة الدولية وأمن الاقتصاد العالمي، فهو الرابط بين دول الخليج منتجي النفط والأسواق الأوروبية ما جعله رابع أكثر الممرات المائية في العالم ازدحامًا، فضلًا عن دوره في الملاحة الدولية فإن اكتشافات الطاقة حديثًا في حوض البحر الأحمر زاد أيضًا من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة التي حظت باهتمام الشركات العالمية العاملة في التنقيب، ونظرًا للأهمية الاستراتيجية باتت منطقة البحر الأحمر مسرحًا لجملة من التهديدات وتدخلات القوى الإقليمية والدولية التي يتزايد تنافسها في هذه المنطقة خاصة في ظل التطورات السياسية والأزمات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم اليوم، وقد آثار هذا المشهد من التهديد وعدم الاستقرار بالمنطقة خوف وقلق بعض الدول الكبرى وقامت بالتحرك نحو تلك المنطقة لحماية مصالحها هناك وكان على رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية، فقد أعلنت البحرية الأمريكية في منتصف أبريل 2022 عن تشكيل بحري جديد باسم قوة المهام المشتركة “CTF-153” والتي تتبع القوات البحرية المشتركة “CMF”، حيث تمثلت مهمة هذه القوة بالأساس في التركيز على الأمن البحري الدولي وبناء القدرات في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، ومع تسارع وتيرة الأحداث والتغيرات الجيوسياسة وتفاقم الأزمات الإقليمية والدولية ازداد حجم التهديد الذي يواجه تلك المنطقة خاصة بعد أحداث غزة الأخيرة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ والتي ترتب عليها شن جماعة “الحوثي” مجموعة من الهجمات على السفن التجارية بالمنطقة ومن ثم تهديد الملاحة البحرية والشحن البحري العالمي، مما أثار سعيًا أمريكيًا إلى توسيع مهام عمل قوة المهام المشتركة “القوة 153” للحد من تلك الهجمات وما تشكله من تهديد لأمن المنطقة.

وتأسيسًا علي ما سبق؛ يمكننا طرح تساؤل عن مدي نجاح وفاعلية القوة 153 في تعزيز أمن البحرالأحمر في ظل الأزمات الدولية والإقليمية الراهنة؟

القوة CTF 153

 أُنشئت قوة المهام المشتركة 153 لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة كافة التهديدات بمنطقة البحر الأحمر والتي تتبع القوات البحرية المشتركة “CMF ” التي تأسست عام 2001 لمواجهة الإرهاب الدولي ومكافحة أنشطة الجهات غير المشروعة بالمنطقة وكانت تضم حينها 12 دولة وتعتبر أكبر قوة بحرية في العالم حيث تغطي 3.2 مليون ميل بحري من المياه الدولية، وقد توسعت لتؤسس فرقة العمل المشتركة 153  في إبريل 2022 ومقرها الرئيسي في البحرين وتضم 39 دولة من بينها مصر والسعودية والإمارات والأردن والولايات المتحدة. واستهدفت القوة 153 منع تهريب الفحم والمخدرات والأسلحة والأشخاص في الدول وعبر الممرات المائية في منطقة عملها.

وعند الإعلان عن تأسيسها كشفت قيادة القوات البحرية المشتركة أن القوة البحرية الجديدة ستنظم دوريات في البحر الأحمر والمياه المحيطة باليمن، وضم طاقم عملها ما يصل إلى 15 عسكرياً أمريكيًا ودوليًا من الدول الأعضاء في القوات المشتركة CMF  كما ضمت ما بين 2 إلى 8 سفن وفي وقت لاحق أكدت بعض المصادر أنها تضم مابين 6 إلى 8 سفن بالإضافة إلى طائرات دورية بحرية حسب الحاجة، وكان لهذه الوحدة مجموعة من الأهداف والمهام وهي:

1- ضمان التَّدفُّق الحر للتجارة الدولية.

2- ردع النشاطات غير الطبيعية أو العدائية  تلك المتعلقة بنشاط التنظيمات الإرهابية وجماعات الجريمة المنظمة والقرصنة وأعمال التهريب والتجارة بالبشر وتجارة الأسلحة والمخدرات والاستجابة لها بشكل أسرع من خلال تأمين ممرات الملاحة الدولية في منطقة الخليج والبحر الأحمر والمسطحات المائية المجاورة لها في إطار سياق تكاملي مع القوة المشتركة الدولية في المنطقة.

3-  تعزيز التعاون بين الشركاء البحريين الإقليميين لضمان الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

4- استكشاف المناطق البحرية والسواحل خاصَّة بعد أن جرى دمج المسيَّرات البحرية والجوية بالذكاء الاصطناعي ما يسِّر استكشاف مسافات أبعد ممَّا كان عليه في السابق.

وقد تولت مصر قيادة هذه القوة في ديسمبر 2022 ثم تولت قيادتها الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو2023 ثم سلمت قيادتها إلى البحرية الإيطالية في إبريل 2024.

وقد أتى إعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن تشكيل هذه القوة البحرية في إبريل 2022 في ظل تطورات وأزمات إقليمية ودولية استوجبت تحرك الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة تداعياتها على تلك المنطقة.

وقد تمثلت تلك التطورات والتهديدات في الآتي:

(*) تزايد أعمال القرصنة غير المشروعة والمهددة للملاحة الدولية كتهريب المخدرات والإتجار بالبشر والسلع المهربة والمسروقة وغيرها، فالمياه بين الصومال وجيبوتي واليمن أصبحت ممرات تهريب.

(*) تدخلات القوى الإقليمية والدولية وزيادة حدة التنافس بينهم بالمنطقة خاصة بعد اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022 وتداعياتها المتعددة، زاد ذلك من حاجة الولايات المتحدة لتعزيز مكانتها دوليًا وكذلك نفوذها لمواجهة أي تحولات جيوسياسية في المنطقة، فضلًا عن خلق هامش حركة أكبر للقوات الأمريكية من المنطقة إلى جنوب شرق آسيا إذا إستدعي الأمر، ما يقلل من أعباء وتكلفة ومدة انتقال القوات، وكذلك مواجهة منافسيها والتصدي للتحركات الروسية بالمنطقة ومحاصرة نفوذها، إلي جانب الحد من النشاط العسكري الإيراني بالمنطقة فضلًا عن حالة عدم الاستقرار في بعض الدول المشاطئة للبحر الأحمر كالسودان ما خلف فجوة أمنية وزاد من حدة التنافس وعدم الاستقرار بالمنطقة.

(*) تزايد نشاطات وهجمات “الحوثيين” في اليمن بمساعدة إيرانية ضد سفن تجارية في البحرالأحمر فقد استهدفت المدمرة الأمريكية “يوإس إس ماسون” عام 2016 بصاوريخ كروز مضادة للسفن، فضلًا عن احتجازها للسفينة “روابي ” الإماراتية في يناير 2022، كما تم الاستيلاء على طائرتين أمريكيتين بواسطة طائرات مسيرة تابعة للحوثيين في أكتوبر 2022 وعلى ناقلة للنفط “نيسوس” عند ميناء الضبة النفطي الجنوبي باليمن، وهاجمت طائرة مسيرة إيرانية الصنع سفينة تجارية في خليج عمان في نوفمبر2022.

كما هاجمت طائرة مسيرة تابعة للحوثيين في مارس 2023 سفينة تجارية يونانية، فضلًا عن احتجاز إيران لناقلتي نفط في مايو 2023 في مياه الخليج.

وقد صعد الحوثيون تلك الهجمات بعد حرب غزة في 7 أكتوبر 2023 واحتدام الصراع وأعلنت عزمها منع مرور السفن المتجهة إلي إسرائيل أيًا كانت جنسيتها، فضلًا عن الهجمات المنفصلة التي تشنها فصائل مسلحة مدعومة من إيران على القوات الأمريكية في العراق وسوريا.

كل هذا ومع غياب التعاون الإقليمي وعدم الاستقرار السياسي في منطقة البحر الأحمر أفضى إلى دفع مختلف اللاعبين إلى التدخل بها لحماية مصالحهم واستغلال الفجوة الأمنية البحرية لبناء نفوذ في هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة كالولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا التي أظهرت في السنوات الأخيرة تصميمًا على العودة إلى المنطقة وبناء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر.

نقاط قوة

كانت القوة 153 تحتفظ وقت تأسيسها بمعدات عسكرية خفيفة لمواجهة القرصنة والتهريب بالبحر الأحمر وقد قسمت منطقة عمل الفرقة 150 إلى قسمين بهدف تمكين فرق العمل من التركيز بشكل أكبر على المناطق الأصغر والأكثر قابلية للإدارة، ومع بداية مهام القوة 153 أظهرت البحرية الأمريكية صورًا لها كشفت عن انتشارعسكري مميز لسفن أمريكية وبريطانية وإيطالية ومصرية وأوروبية ضمن تلك القوة.

وفي مايو 2022 أكد قائد الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية “براد كوبر” على أن الأسطول سينشر 100 مركبة بحرية مسيّرة في الخليج العربي بحلول صيف 2023 لزيادة قدرات استطلاع المخاطر وسرعة التعامل معها عبر الأنظمة غير مزودة بالأشخاص وتقنية الذكاء الاصطناعي، كما أرسلت الولايات المتحدة في مارس 2023 طائرات عسكرية للمنطقة استكمالًا للتعزيزات الأمنية في الخليج العربي والبحرالأحمر، ونشرت قوات إضافية من مشاة البحرية “المارينز” ومقاتلات “إف35″ و”إف16” والمدمرة “uss توماس هاندر” في يوليو2023.

وضبطت الفرقة خلال أشهر قليلة من تدشينها في نوفمبر 2022 ما يقرب من 2500 كيلوجرام من المخدرات بقيمة تقدر بنحو 20 مليون دولار من سفينة صيد في خليج عدن، كما قامت بالعديد من التدريبات العسكرية المشتركة بالمنطقة بما في ذلك مناورة بحرية في نوفمبر 2022 بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات والبحرين.

ولكن مع الأحداث الإقليمية الأخيرة وعلي رأسها الحرب في غزة منذ السابع من أكتوبرالعام الماضي تزايدت هجمات الحوثيين على السفن التجارية القادمة والمتجهة إلى إسرائيل في نوفمبر 2023 من خلال الصواريخ الباليستية والمسيرات ووجدت الولايات المتحدة في ذلك فرصة لإعادة تفعيل وتقوية وتعزيز القوة 153  بالسفن العسكرية العملاقة واستحضار أشكال القوة والردع إلى البحر الأحمر بما فيها أنظمة الدفاع الجوي والبحري كافة، ولم تتحقق كل هذه الأهداف إلا في “تحالف حارس الازدهار” حيث أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 2023 عن إطلاق المبادرة الأمنية “حارس الإزدهار” متعددة الجنسيات لحماية التجارة بالبحر الأحمر والتي تعمل تحت مظلة القوات البحرية المشتركة وقيادة فرقة العمل 153 التابعة لها والتي نسقت تلك المبادرة الأمنية الجديدة وشارك فيها دول عدة أهمها الولايات المتحدة وبريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وأسبانيا، حسب الجانب الأمريكي، وقد تضمن هذا التحالف العسكري سفنًا وفرقاطات لديها أنظمة دفاع جوي.

تحديات راهنة

اعتبر محللون أن سعي الولايات المتحدة إلى توسيع قوة المهام المشتركة 153 في ديسمبر الماضي أشار إلى رغبتها في عدم التورط مع ميليشيا “الحوثي” في اليمن رغم الضغوطات التي مارستها إسرائيل على الإدارة الأمريكية للتحرك من أجل وقف الهجمات على السفن الإسرائيلية بالبحر الأحمر.

ومنذ الإعلان عن تنفيذ الخطة الأمريكية وإنشاء “حارس الإزدهار” من أجل مواجهة الحوثيين شكك بعض الخبراء في إمكانية تنفيذ تلك الخطة فقد رأوا أن مهام القوة 153 كانت ترتكز بالأساس علي الرصد والمراقبة من أجل وقف الهجمات فهي لم تتدخل عسكريًا ولا تقوم بأي مهام حربية، وقد استبعد بعض المحللين منذ ذلك الحين أن يتوقف “الحوثيون” عن استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر مستغلة الحرب الدائرة في غزة لفرض نفوذ جديد بمنطقة البحر الأحمر وأن إيران ستسعى لفرض معادلة أمنية جديدة في البحر الأحمر يكون للحوثي في سياق مجرياتها قرار فاعل مما يعزز نفوذ طهران في الإقليم، فلن تتوقف تلك الهجمات حتى تنتهي الحرب في غزة، وهذا ما حدث في الواقع فقد وقفت الولايات المتحدة عاجزة عن تحقيق ردع كامل لهجمات الحوثيين والتي استمرت في توجيه هجماتها وضرباتها وتهديدها لأمن منطقة البحر الأحمر، واستخدمت سلاح الغواصات ضمن عملياتها فضلًا عن الصاوريخ والطائرات المُسيرة طويلة المدي حيث استخدم “الحوثيون” تكتيكات مختلفة للحرب غير المتكافئة، فقد مثل مؤخرًا استخدام الزوارق المُسيرة المحملة بالمتفجرات تحولًا في تكتيكات الحرب والتي تُمكن الحوثيون من الاستهداف بدقة وعلى مسافة بعيدة وبالتالي تقليل تعرضهم للهجمات المضادة، فضلًا عن استخدامهم لزوارق مُسيرة تحمل دًمي تشبه القراصنة في نهج نفسي يهدف إلى إرباك البحارة، فعلى الرغم من تأثير الضربات الأمريكية على قدرات الحوثيين فإن ترسانتهم من الصواريخ المضادة للسفن لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا.

وقد رأى بعض المحللين أن هناك جملة من التحديات وعوامل عدم النجاح التي قد تقلل من فاعلية وجدوى أي قوة عسكرية أو تحالف دولي في تعزيز أمن منطقة البحر الأحمر لا سيما القوة 153 وتحالف “حارس الازدهار” الذي يقع تحت مظلتها وبالأخص في مواجهة هجمات الحوثيين الأخيرة بالمنطقة ويكمُن أهمها في الآتي:

(&) الخلاف بين القوى الدولية خاصة بين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي حول التخوف من أن تتحول المهام العسكرية في البحر الأحمر من مهام دفاعية إلى هجومية ومن ثم احتمالية دخول المنطقة في حرب إقليمية واسعة متعددة الأطراف خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من توترات.

(&) إن جاذبية صيغة وأهداف إنشاء قوة المهام المشتركة للعديد من الدول في المنطقة قد تجعل القيادة المركزية الأمريكية أمام تحد يتمثل في دراسة الجهات الإقليمية الفاعلة والمشتركة بتلك القوة، فالتماس الدعم من الدول المشاركة سيعتمد في نهاية الأمرعلى حماسها لأهداف القوة ومدى نجاحها في تحقيق تلك الأهداف، الأمر الذي قد يتطلب ليس فقط حشد قوات الدول حول مصلحة مشتركة بينما يتطلب منهجية لإدارة التوقعات وصياغة النتائج المشتركة وكذلك تخفيف الخصومات الداخلية بين الدول المشاركة في المهام البحرية المشتركة والتي تشكل تحديًا أمام استمرار بقاء تلك القوات البحرية، فقد يؤدي التنافس الإقليمي والشكوك بين الدول المشاركة في القوة 153 إلى إغراق أي مبادرة أمنية في البحر قبل أن تنطلق، ومن أمثلة ذلك تخوف مصر وهي بمثابة لاعب رئيسي في تلك القوة من وجود أساطيل أجنبية في البحر الأحمر إذ تعتبره تعديًا على مجال نفوذها التقليدي وأمنها القومي، فضلًا عن المنافسة على النفوذ بموانئ البحر الأحمر بين الإمارات والسعودية وتركيا وقطر والتي قد تشكل عقبة أخرى أمام المصالح الأمريكية.

(&) رمزية العمليات العسكرية الغربية حيث تكون هدفها استعادة الهيبة ولا سيما تحقيق الردع للحوثيين، وعليه فإن هذا التدخل لن يفيد كثيرًا في تعطيل برامج الحوثيين للطائرات المًسيرة والصواريخ المدعومة من إيران.

(&) تطلع الحوثيين لاستخدام أسلحة وأشكال جديدة من الهجمات وبمساعدة إيران، فضلًا عن محاولتهم لتوسيع أهدافهم إلى ما وراء البحر الأحمر والمحيط الهندي والبحر الأبيض المتوسط مما يمثل تحديًا، فكلما اتسعت المنطقة المستهدفة كان تأثيرها أكبر ووجود صعوبة لمواجهتها، وكذلك تطلعهم لتوسيع ما يسمى بـ”محور المقاومة” من خلال الشراكة مع الجماعات التي ليست متحالفة معها أيديولوجيًا ولكن لديها أهداف مماثلة على المدى القصير مثل “حركة الشباب الصومالية” المرتبطة بتنظيم “القاعدة” الإرهابي.

(&) إن تلك الهجمات ضد الحوثيين لن تعالج الخلل في توزيع السلطة في اليمن ومن ثم حل الأزمة اليمنية والحد من النفوذ الحوثي، فضلًا عن إمكانية تعزيز الدعم للحوثيين في اليمن بعد الهجوم الدولي ضدهم خاصة في ظل المعارضة الشعبية للتدخل الأجنبي ووجود سياق إقليمي يتزايد فيه العداء للولايات المتحدة الداعمة لإسرائيل في حربها على غزة، فتأطير الحوثيين لهجماتهم البحرية ضد السفن الإسرائيلية لدعم فلسطين جعل الهجوم على الجماعة أكثر ضررًا لواشنطن من الناحية السياسية، كما أن بعض التقارير أشارت بالفعل إلى أنه تم تجنيد الآلاف في “كتائب القسام” بعد هجوم السابع من أكتوبر العام الماضي.

وختامًا؛ ففي ظل التغيرات والتطورات الدولية الراهنة والتي أثرت على أمن منطقة البحر الأحمر الاستراتيجية، نجد أن جميع الدول تتنافس من أجل مد نفوذها والسيطرة بداخل تلك المنطقة بعدة وسائل أهمها التواجد العسكري والذي تنوعت أشكاله ما بين السعي لإنشاء قواعد عسكرية بدول المنطقة كالسعي الروسي المتكرر نحو تحقيق هذا الهدف، وكذلك إنشاء قوات عسكرية مشتركة كالقوة 153 التي أسستها الولايات المتحدة الأمريكية بالمشاركة مع بعض دول المنطقة ليس لتحقيق أمن المنطقة فحسب بل سعيًا لإيجاد موطيء قدم بالمنطقة، فهي في الواقع لم تحقق حماية حقيقية ملموسة للأمن الإقليمي، حيث تظل المنطقة تعاني من التهديد المتكرر لا سيما بعد الهجمات والتحركات الأخيرة للحوثيين في البحر الأحمر حيث وقف تحالف “حارس الازدهار” عاجزًا أمام التحدي الحوثي بمنطقة البحر الأحمر ما قد يمثل مشهدًا ضبابيًا لا يمكن من خلاله التعرف على (متى وكيف سيتم تحقيق الأمن والاستقرار الكامل لمنطقة البحر الأحمر؟).

د. جهاد نصر

رئيس برنامج دراسات الجيوبوليتيك بالمركز- مدرس مساعد بقسم العلوم السياسية جامعة ٦ أكتوبر، متخصصة في مجال الجيوبوليتيكس، وشئون الأمن الإقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى