تعزيز التحالفات.. اتجاهات الشراكة الاستراتيجية للناتو في آسيا

أثارت زيارة وزير الدفاع الأمريكي للفلبين، كذلك الأمين العام لمنظمة الناتو لليابان وكوريا الجنوبية مخاوف تصعيد التوترات في أسيا وأيضا التحالفات التي تقودها واشنطن من أجل الحشد العسكري للصين وطموحاتها الأمنية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وقد انتقد بعض الخبراء هذه الزيارة بالإضافة إلي رئيس كرواتيا، مؤكدين أن هذه الزيارة لا تمثل سياسات بلاده، بالإضافة إلي الانقسامات في الرأي العام الياباني والكوري حول التحولات في السياسات الأمنية لبلادهم وتأثيرها على عدم استقرار المنطقة من ناحية، والاضطرابات الاجتماعية التي تجتاح أوروبا ردا ارتفاع التضخم وتكاليف المعيشة وغيرها من سياسات التقشف التي تنتهجها الحكومات الأوروبية في الوقت الحالي.

يستعرض هذا التحليل الزيارات لكلا الجانبين في أسيا والغرض منها في هذا التوقيت وتداعياتها على المنطقة ولاسيما تعزيز الشراكة بين الناتو واليابان بالرغم من أن الأخيرة حليف استراتيجي قوي للولايات المتحدة وما علاقته بالصين.

ردع التهديدات النووية:

كثفت سيول وواشنطن التعاون العسكري ولاسيما في أواخر عام ٢٠٢٢، حيث توسيع تبادل المعلومات والتخطيط المشترك، والانتهاء من التدريبات الجوية المشتركة والتي شملت القاذفات الاستراتيجية الأمريكية وأظهرت مجموعة من قدرات الردع للتحالف بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا. كما ستعقد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تمرينًا على الطاولة للجنة استراتيجية الردع (DSC TTX) في فبراير، بهدف تقييم وتطوير خيارات الاستجابة للتعامل مع التهديد النووي الكوري الشمالي.

هذا يؤكد بأن الولايات المتحدة ستسعى من خلال التقارب العسكري مع سيول في الاستمرار في نشر الأصول الاستراتيجية لها في الفترة القادمة والتي قد تتضمن مثل العام السابق، نشر طائرات F-22 و F-35 وزيارة مجموعة رونالد ريغان كارييرسترايك (CSG)، بالإضافة التي تعزيز التعاون الأمني الثلاثي بين جمهورية كوريا والولايات المتحدة واليابان لمتابعة تطوير مسارات عمل محددة لتسهيل المشاركة الثلاثية لبيانات التحذير من الصواريخ. ناهيك عن اتفاقية أوكوسAUKUS (أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) في سبتمبر 2021 التي تتركز عليمساعد المملكة المتحدة والولايات المتحدة أستراليا في الحصول على غواصات تعمل بالطاقة النووية لضمان امن المحيطين الهادي والهندي.

وكانت اليابان وكوريا والولايات المتحدة، قد نفذت بالفعل عددًا من أنشطة الدفاع الصاروخي المشتركة مثل تمرين باسيفيك دراجون والتي أجرت عددًا غير مسبوق من تجارب الصواريخ في خلال عام 2022 ردًا على إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ. وردت الصين أيضا باستعراض القوة العسكري في المياه المحيطة بتايوان.

احتمالات الحرب في آسيا:

في سياق النزاع الحدودي بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، بالإضافة إلي وجود مطالبين متعددين آخرين بما في ذلك فيتنام وإندونيسيا وماليزيا، تعتبر الصين بان نزاعات بحر الصين الجنوبي قابلة للتفاوض، ولكن قضية تايوان مصالح حيوية وغير قابلة لأي تفاوض أو تدخل خارجي. إن السماح بوجود القواعد الأمريكية في الفلبين، الواقعة في مواقع تطوق تايوان بوضوح، سيضع الفلبين بشكل مباشر في حسابات حرب جيش التحرير الشعبي.

في الآونة الأخيرة، كثفت القوات الأمريكية ووسعت نطاق التدريب المشترك الذي يركز على الاستعداد القتالي والاستجابة للكوارث مع القوات الفلبينية في الساحل الغربي للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي تواجه بحر الصين الجنوبي، وفي منطقة لوزون الشمالية عبر البحر من مضيق تايوان. وكانت قد منحت القوات الأمريكية حق الوصول إلى خمس معسكرات عسكرية فلبينية، حيث يمكن أن تدور إلى أجل غير مسمى بموجب اتفاقية دفاعية لعام 2014 تسمى اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز.

ولكن كشفت زيارة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن للفلبين في1 فبراير 2023، شرعت وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الدفاع الفلبينية في الموافقة على أربعة مواقع إضافية بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز، التي ورد أنها ضرورية لحماية المصالح الفلبينية وسط التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي وتايوان.تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 82 مليون دولار في “استثمارات البنية التحتية” في هذه المواقع. وفي أواخر يناير ٢٠٢٣، كانت هناك أيضا تدريبات قتالية جوية متباينة في المجال الجوي الدولي في الروافد الجنوبية لبحر الصين الجنوبي بين البحرية الأمريكية مع جمهورية سنغافورة الجوية وتدريبات قبالة الساحل الغربي للهند مع القوات الجوية الهندية.وهذا ما دفع الجانب الأمريكي لأحداث تغطية إعلامية عالمية حول “منطاد التجسس الصيني” وتأجيل زيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن للصين.

مساعي طوكيو تجاه الناتو:

خلال زيارة الأمين العام للناتو لطوكيو،اقترح رئيس الوزراء كيشيدا مبادرة “الحرية والانفتاح في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”، وهي تعتبر أن أمن أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ لا ينفصلان، وتؤكد على محاربة أو تقويض المساعي الصينية الروسية لبناء نظام عالمي جديد. وقد انعكس هذا في زيارة الأمين العام للحلف لسيول وطوكيو والتي سبقها المشاركة التاريخية لرئيس الوزراء كيشيدا في قمة الناتو في يونيو عام 2022 لأول مرة كرئيس للوزراء الياباني التي دعا فيها على هامش محادثات القمة قادة كوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا، الذين تمت دعوتهم أيضًا إلى القمة، إلى عقد اجتماع رباعي لأول مرة في إطار يسمى شركاء الناتو الأربعة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. بالإضافة إلي قيام كوريا الجنوبية ببعثة دبلوماسية إلى الناتو في نوفمبر ٢٠٢٢.

ففي البيان المشترك، حذر رئيس الوزراء كيشيدا والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ من أن النظام الدولي الحر والمفتوح والقائم على القواعد معرض للخطر وسط التغيرات في ميزان القوى وتزايد المنافسة الجيوسياسية. في الوقت الذي أكد فيه وزيرا الدفاع للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، بان البلدان ستكثفان التدريبات الميدانية المشتركة وتعززان القدرات المشتركة لردع التهديدات النووية والصاروخية الكورية الشمالية والرد عليها.

 كما سلط الضوء علي التعاون العسكري الروسي المتنامي مع الصين، بما في ذلك من خلال العمليات والتدريبات المشتركة في محيط اليابان. كما تعكس المبادرة التوافق في وجهات النظر بين اليابان والناتو حول السياسات التوسعية للصين في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وقضايا المضيق وتطوير كوريا الشمالية للأسلحة النووية والصاروخية، وأيضا المحاولات الروسية الصينية لتقويض الهيمنة الأحادية وبناء نظام عالمي متعدد الأطراف. والسؤال هنا لماذا تحرص اليابان على تعزيز علاقاتها مع الناتو بالرغم من العلاقات الاستراتيجية والعسكرية القوية بالولايات المتحدة؟، وهنا تجدر الإشارة إلى وجود ثلاثة عوامل رئيسية لتحرك طوكيو نحو الناتو وهي:

أولا، تخشى اليابان من أن ينعكس العدوان الروسي في أوروبا على آسيا، حيث تتزايد المخاوف بشأن زيادة الإصرار الصيني وتصعيد التوترات بشأن مطالبتها بتايوان. حيث أن هناك مخاوف طوكيو من تتحرك الصين لاستيعاب تايوان بالقوة بحلول عام 2027، وهو التاريخ الذي يتوقعه معظم السياسيون الغربيون واليابانيون، حيث سيكون حينها عمل عسكري ضد تايوان قد يسفر عن أيضا هجوم عسكري صيني على جزر نانسي، والتي تشمل محافظة أو كيناوا، لاحتواء هجوم مضاد من قبل القوات الأمريكية المتمركزة في اليابان. إذا طال أمد النزاع، سيصبح دعم الناتو في شكل أسلحة وذخيرة لا غنى عنه. كما أن استعادة تايوان يعتبر بالنسبة لليابان تهديدا للخطوط الحمراء للأمن القومي لطوكيو لقرب المسافة الجغرافية مع تايوان. ثانيا، تسعي اليابان أيضا للاستفادة من الناتو في تحسين قدرات قوات الدفاع الذاتي في مجالات جديدة مثل الحرب الإدراكية والحرب المعرفية. ثالثا، تعزيز سياسة الردع لمنع حدوث حالة طوارئ في تايوان يعتقد أنها تخطط بكين.

المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو:

أطلق الناتو مفهوما استراتيجيا جديدا في عام ٢٠٢٢، والذي يتضمن أهمية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع مساعي تعزيز القدرات العسكرية اليابانية ومواصلة الدعم المالي والعسكري لأوكرانيا، وأيضا إطلاق برنامج الشراكة الجديد المخصص لحلف الناتو (ITPP) (تعزيز قدرات الشركاء كالردع والدفاع، ومنع الأزمات وإدارتها، تعزيز التعاون الدفاعي والأمني) مع الحلفاء في أسيا، مع تقويض ممارسات الصين وروسيا لتغيير النظام الدولي الحالي، مع التأكيد علي استمرار التعاون مع بكين في مجالات ذات الاهتمام المشترك ، مثل تغير المناخ.

في سياق إصلاح سياستها الدفاعية في ديسمبر، وافقت اليابان على زيادة الإنفاق إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، وحذرت من “أكبر تحد استراتيجي على الإطلاق” من الصين.

وهذا قد انعكس في البيان المشترك للزيارة الذي أشار إلي توثيق التعاون في إطار متطلبات المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو لعام ٢٠٢٢. وهذا يوضح بان المنطقة ستشهد الفترة القادمة مبادرات تعاون عسكري تشمل تدريبات عسكرية وزيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية والدعم اللوجستي والتعاون الصناعي الدفاعي وأيضا توفير برامج تدريبية لحلفاء الناتو في المنطقة، بالإضافة إلي انضمام اليابان إلي برنامج الشراكة الجديد المخصص لحلف الناتو التي إعلان عنها خلال الزيارة.

 واعتبر الأمين العام للناتو بان التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة تعكس تحديات العصر الجديد التي دفعت المنظمة إلي إعادة تغيير مفهوم الأمن وتعزيز التحالفات في المنطقة على كافة المستويات، كما اعتبر الناتو العلميات العسكرية للصين في بحر الصين الجنوبي أو الشرقي بأنها ” تحديا منهجيا” يعتمد على العسكرة بالقوة أو الإكراه لتغيير الوضع الراهن.

ومن الجدير بالذكر أن مصطلح ” العصر الجديد” تناولته الخطابات الرسمية للرئيس الصيني شي جين بينغ، والذي يشير لدي القيادة الصينية بأنه “اغتنام الفرص”، بمعني الفوضى في النظام الدولي يتطلب الاستفادة منه في تسريع عملية التحديث على كافة المستويات وتعزيز الهوية الدولية للصين “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية” من خلال تسريع تنفيذ استراتيجيات مبادرة “الحزام والطريق” الاقتصادية والبحرية والأمنية، لدفع بناء نظام عالمي جديد.

وقد صنف الناتو التحديات في منطقة المحيطين الهندي والهادي إلي التحديات الأمنية التقليدية وهي كما سيشمل التعاون أيضا الأمن البحري والحد من التسلح للأسلحة النووية في إشارة إلي الصين التي تستثمر بشكل متزايد في الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى وتعتبرها الناتو بأنها غير شفافية ولا تسعي للانخراط بشكل إيجابي بشأن الحد من الأسلحة النووية في المنطقة. والتحديات الأمنية الجديدة في مجالات جديدة مثل الفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي والعلوم والتكنولوجيا المتطورة وسلاسل التوريد. لذلك أكدت الزيارة علي التعاون أيضا في مجالات مثل الفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي والمعلومات المضللة والاتصالات الاستراتيجية ومواجهة التحديات المختلطة والمرونة والتقنيات الحرجة والناشئة، بالإضافة إلي توسيع التعاون ليشمل مجالات مثل علوم وتكنولوجيا الدفاع بما في ذلك الأنشطة مع منظمة العلوم والتكنولوجيا التابعة لحلف الناتو (STO). وهذا يعكس أن الناتو يعتبر الصين بشكل علني مصدرا تهديدا لأمنه وأيضا سياستها التي تتمثل في الانتظار واغتنام الفرص، وقد انعكس ذلك فيما قاله ستولتنبرغ، الأمين العام للناتو من أن: “بكين تراقب عن كثب التطورات في أوكرانيا و “تتعلم الدروس التي قد تؤثر على قراراتها المستقبلية.”

سياسة عدم تصدير الأسلحة:

ربط الأمين العام لحلف الناتو انتصار روسيا في الحرب بمثابة جلب الدمار لأسيا واتحاد روسي صيني تحقيق أهدافهما باستخدام القوة الغاشمة في سياق شراكة بكين الاستراتيجية المتنامية مع روسيا. لذا أكد على أهمية دعم أوكرانيا لعدم تكرار أن تتعرض شرق أسيا إلي ما يحدث في أوروبا اليوم. واعتبر التعاون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ له أهمية قصوى لكونها المنطقة الأكثر خطورة في العالم، ويعزي ذلك إلي التوسعات الصينية التي اعتبرها الأمين بأنها “قوة استبدادية متزايدة بدون شفافية” لها عواقب أمنية على كل من منطقة أوروبا والمحيط الأطلسي والمحيط الهندي والمحيط الهادئ. وهذا يعكس أن الناتو ربط مفهوم الأمن للمنظمة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. حيث قال: إن “الأمن ليس إقليميًا ولكنه عالمي.” حيث يعتبر الناتو الدعم المالي والعسكري الصيني لموسكو في إطار شراكة بلا حدود يعتبر تهديدا امنيا لحلفاء الناتو. ويبدو وكأنه رسالة لبكين لتقييد هذه الشراكة مع موسكو.

حث الأمين خلال زيارته لسيول وطوكيو علي على تقديم المزيد من المساعدة لأوكرانيا للمساعدة في جلب روسيا إلى طاولة المفاوضات. وقدمت اليابان مساعدات غير قاتلة لأوكرانيا في شكل طائرات بدون طيار وسترات واقية من الرصاص وخوذات وخيام وإمدادات طبية، لكنها لم تقدم أسلحة بسبب المبادئ التوجيهية الدفاعية التي تحظر بشكل فعال صادرات الأسلحة.كما وحث سيول على إعطاء الضوء الأخضر لصادرات الأسلحة المباشرة وإلغاء القاعدة الخاصة بإرسال الأسلحة إلى مناطق الصراع.تدعم كوريا الجنوبية أوكرانيا بمساعدات غير مميتة. كما وقعت صفقات أسلحة لتزويد بولندا العضو في الناتو بالدبابات والطائرات المقاتلة. ومع ذلك، فقد كرر الرئيس الكوري الجنوبي التأكيد على أن تقديم الأسلحة إلى البلدان المتصارعة يتعارض مع سياسة بلاده.

ولكن اعتقد بأن طوكيو قد تواصل تقدم المزيد من المساعدة المالية وربما تضاعف المزيد من عقوباتها على روسيا، ولكن من غير المرجح إلى حد كبير تقديم أي مساعدات عسكرية مثل الناتو أو واشنطن في الوقت القريب. لان التغيير في الدستور البلاد السلمي لليابان على سبيل المثال، يتطلب دعم كبير من الرأي العام الياباني وقد يثير معارضة داخلية وعقبات سياسية كبيرة، مما قد يتسبب في خروج جهود كيشيدا الحالية لتعديل الموقف الأمني لليابان عن مسارها، ولاسيما ان الراي العام الياباني منقسم بشدة حول كيفية تمويل زيادة الإنفاق الدفاعي المخطط لها.

باختصار، تمثل هذه الزيارات حملة دعائية من الناتو لضغط على الصين لوقف شراكتها بلا حدود من روسيا في المقام الأول، بالإضافة إلي تعزيز استراتيجية “الحلفاء” وطمأنة شعوبها بان الناتو وواشنطن سيقف أمام تهديدات وتوسعات الصين في المنطقة، ورسالة إلي الصين لاستعراض القوة الناعمة والصلبة في سياق الحرب الإدراكية والإعلامية في أسيا لأثاره المخاوف الداخلية وكراهية الصين في داخل دول المنطقة. فالاضطرابات الاجتماعية التي تجتاح أوروبا مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم وسياسات التقشف وأيضا ظهور بعض المعارضين لاستمرار دعم أوكرانيا، تعكس بان الناتو لن يكون له تحركات فعالة ونشطة في بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ الفترة القادمة، فما هي إلا أداة للضغط على الصين التي تربطهما علاقات تجارية قوية، للحد من شراكتها من روسيا والضغط عليها لتقديم تنازلات، مع محاولات للحصول على دعم عسكري ومزيد من العقوبات على روسيا من جانب حلفائها الأسيويين.  أما واشنطن فهي تواصل سياساتها في أسيا لردع بكين في سياق صراع الجانبان في كافة المجالات مع الضغط عليها في سياق شراكتها مع روسيا، ولكن ليس هناك جدار ثقة قوي من قبل التايوانيين بشان الحماية الأمريكية في حالة التدخل العسكري الصيني في تايوان، كما أن الحلفاء  مثل سيول وطوكيو يحاولون الاستفادة من الخبرات العسكرية والتكنولوجية لحلف الناتو والولايات المحتدة من اجل حماية مصالحهم الأمنية في المنطقة في حالة التهديدات المباشرة لبكين مع استمرار وجود أيضا عدم ثقة كبيرة في الوعود الأمريكية التي اهتزت في أسيا بشكل كبير بعد خروجها من أفغانستان. ولكن تبقي سياسات الناتو في المنطقة في سياق المفهوم الاستراتيجي الجديدة مرهونة بنتائج الحرب الأوكرانية. كما نجد هذا في الرد الصيني على الزيارات الذي يتخلله سياسة الانتظار واغتنام الفرص كما اعتدنا على سياسات بكين، فهي تدرك مبكرا بأن كوريا واليابان ستكونان أكثر استباقية في مشاركتهما مع الناتو، ولكن يمثل تقارب طوكيو هو ما يدفع الصين إلي الحذر والانتظار، فبكين لا تريد أن ترى اليابان تستغل فرصة تدهور العلاقات مع الناتو أو واشنطن لاستغلها في تعزيز توقعاتها العسكرية مع الناتو.

د. هند المحلى سلطان

كبير باحثي المركز، رئيس برنامج الدراسات الآسيوية، باحثة زائرة بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان وجامعة شنغهاي للدراسات الدولية. حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية تخصص شؤون صينية من جامعة شنغهاي للدراسات الدولية وجامعة شاندونغ. ترجمت العديد من الكتب والتقارير الرسمية للحكومة الصينية من اللغة الصينية إلى اللغة العربية في مجال السياسة والاقتصاد، ونشرت بعض الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالسياسة الخارجية للصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى