مكاسب مقيدة: هل يمثل إعلان بكين فرص استراتيجية للقضية الفلسطينية؟

في ظل الحرب التي وُصفت بـ”حرب الإبادة الجماعية” على غزة واستمرار تدهور الأوضاع الإنسانية، والانحياز الأمريكي والأوروبي الكامل للكيان المحتل تحت ذريعة “حق الدفاع عن النفس”، ومواصلة الجهود المصرية والقطرية لمحاولات الوصول إلى اتفاق بين “حماس” وإسرائيل، استضافت الصين 14 فصيلًا فلسطينيًا لعقد “المصالحة” في بكين في الفترة من 21 إلى 23 يوليو 2024، وتكللت الجهود بتوقيع “إعلان بكين” الذي تضمن عدة بنود للمصالحة وإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية. وكان الرد الإسرائيلي على لسان وزير خارجيتها يسرائيل كاتس بإن “إعلان بكين” الذي وقعته حركتا “فتح” و”حماس”، “سيبقى حبرا على ورق”، وهو موقف تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، بينما رحبت “حماس” بالإعلان وجاءت ردود بعض قيادات “فتح” باستحالة حدوث انفراجة للأزمة نظرًا للاختلافات في القضايا الجوهرية بين الحركتين. فهل يكون هذا الإعلان نقطة تحول لجميع الاختلافات في القضايا الجوهرية بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة؟، وما انعكاسات هذا الإعلان من منظور المصالح الصينية؟، وكيف تنظر الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي القوي للكيان لهذا الإعلان؟، وهل يمكن أن يكون هذا التحرك الدبلوماسي للصين طريقًا “لفرص استراتيجية” للصراع العربي الإسرائيلي من منظور واقع العلاقات الصينية الأمريكية والصينية الإسرائيلية، والصراع الروسي الأمريكي.

حسابات المصالح:

في ظل تدهور العلاقات الصينية الأمريكية والعلاقات الصينية الإسرائيلية التي كانت ولا تزال ترتبط بشكل كبير بواقع العلاقات الصينية الأمريكية، يأتي “إعلان بكين” بمخرجات قد تمثل نجاحًا للدبلوماسية الصينية والقوة الناعمة لها في الشرق الأوسط بشكل خاص.

فقد لخص الإعلان كيف تتعامل الصين مع الأزمات الدولية من منظور المصالح التي تقوم على الاستراتيجية الكونفوشيوسية في التعامل مع عالم فوضوي بالحكمة التقليدية. وهذه الاستراتيجية تؤمن بأن الصين يجب أن تمتلك التريث في التعامل مع الأزمات الدولية، ولاسيما التي تمثل مصالح أساسية وليست مصالح حيوية ومصالح بقاء بشكل مباشر. فالأزمة من منظور المصالح الأساسية للصين هي فرص وأزمة، وفقًا لتحليل كلمة “أزمة”危机 باللغة الصينية، فهي تنقسم إلى 危 وتعني “أزمة” و机 وتعني فرصة.

كان الموقف الصيني في بداية الحرب على غزة يتسم بالضبابية والانتظار البراجماتي، ثم تصاعد إلى خطابات دبلوماسية براجماتية دون تصريحات مباشرة تدين “حماس” أو الكيان الصهيوني، ثم الدعوة إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، مع تقديم بعض المساعدات لغزة، ثم بدء التحول مع تدهور العلاقات الصينية الإسرائيلية، ورفض بكين تصنيف “حماس” كمنظمة إرهابية، واستخدمت أيضًا حق الفيتو ضد مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن يدعو لوقف فوري للقتال في غزة مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن لدى “حماس” دون أي التزامات من الكيان الصهيوني.

وبدأت الخطابات الرسمية للصين تأخذ مسارات تدعم بشكل مباشر القضية الفلسطينية وتؤكد أن هجوم أكتوبر كان نتيجة طبيعية للضغوط غير العادلة التي يمارسها الكيان على الشعب الفلسطيني ورفض كل الخيارات الدولية التي تتوافق مع القانون الدولي في حق فلسطين في إقامة دولة مستقلة.

ودعا الرئيس الصيني شي جين بينج إلى عقد “مؤتمر سلام دولي” لحل القتال، ووقف فوري لإطلاق النار. ويواصل المسئولون الصينيون جهودهم للدفاع عن الفلسطينيين في المنتديات الدولية في الأشهر الأخيرة.

لقد جاء التحول التدريجي في الموقف الصيني من التريث البراجماتي وصولًا إلى “إعلان بكين”، في ظل التوترات في العلاقات الصينية الأمريكية، والتكتلات الاستراتيجية التي تحاول واشنطن بناءها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لتطويق الصين، بالإضافة إلى التحولات في النظام السياسي لتايوان وارتفاع موجات “الاستقلال” عن الصين التي تقودها الولايات المتحدة، مع مساعيها لتعزيز التعاون العسكري مع تايبيه، وأيضًا تصاعد النزاعات في بحر الصين الجنوبي بين الصين والفلبين. كما يأتي إلى جانب ذلك فشل سياسات الولايات المتحدة في المنطقة التي تتنافي مع حق إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بالتوازي مع الانتقادات الموجهة من الإعلام الغربي والأوروبي لسياسات الصين الداخلية في هونج كونج وشينجيانج والتبت. ناهيك عن الاضطرابات الداخلية في أمريكا بعد انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع الأزمة الأوكرانية والحرب على غزة، والتي أضرت بشكل كبير بالمعايير الغربية المتعلقة بالأيديولوجية الليبرالية التي تأسس عليها النظام الدولي الحالي، ويعزز المفاهيم الصينية التي تتبناها بكين نحو إعادة هيكلة القيم الأيديولوجية للنظام العالمي الحالي.

وتتحكم كل هذه التحولات الجيوسياسية في الدبلوماسية البراجماتية الصينية بالشرق الأوسط، والتي بدأت بضبابية متعلقة بكيفية إدارة الأزمة وفقًا لمصالحها المتداخلة بين الأساسية والبقاء والحيوية، ولكنها مصالحها في الشرق الأوسط بالأساس هي مصالح أساسية لبكين، وتتداخل مع المصالح الأخرى، فمصالح الصين في المنطقة هي مصالح أساسية تتعلق بأمن الطاقة والتنمية الاقتصادية المستدامة وبناء ثقة سياسية للحصول على دعم سياسي في القضايا المتعلقة بمصالح البقاء والمصالح الحيوية، مثل تايوان وبحر الصين الجنوبي وغيرها. فـ”إعلان بكين” نجاح جديد للدبلوماسية الصينية وتعزيز للقوة الناعمة لها بعد دورها في الوساطة بين إيران والسعودية، وإن كان هذا الإعلان لا يمكن تصنيفه كإعلان تاريخي بقدر ما هو مساعي دبلوماسية براجماتية لتعزيز المصالح السياسية للصين في المنطقة.

وعلى الرغم من أن بعض الأكاديميين الصينيين يعتبرون هذا الإعلان تاريخي تمامًا وغير مسبوق، لكون حوار المصالحة الذي أجرته القوى الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط بين “فتح” و”حماس” فقط، ولكن هذه المرة، جمعت الصين ممثلين عن 14 فصيلاً، وهذا يعني أن الإعلان يتمتع بأكبر قدر من الشمولية والشرعية. كما أكد الإعلان على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لجميع الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن جميع الفصائل الأخرى، بما في ذلك “حماس وحركة “الجهاد الإسلامي في فلسطين”، بحاجة إلى الانضمام لمنظمة التحرير الفلسطينية أو إعادة توحيدها، حتى تتمكن فلسطين من إجراء انتخابات جديدة.

مكاسب مقيدة:

عند تحليل بنود “إعلان بكين”، نجد أنه تضمن الاعتراف بـ”منظمة التحرير الفلسطينية” ممثلًا شرعيًا وحيدًا لجميع الشعب الفلسطيني، وهذا يحفظ الحجر الرئيسي لسياسة الخارجية الصينية المتمثل في عدم التدخل في شؤون الدول والتواصل فقط مع الحكومات الرسمية والممثل الشرعي الدولي لدولة المعنية، بالنظر إلى الأمر من منظور الأزمة التايوانية، ومن جهة أخرى أيضًا من منظور الدبلوماسية البراجماتية، حيث أن اعتبار المنظمة الممثل الشرعي يشير إلى أهمية التعامل مع العالم الخارجي كدولة موحدة، وهو أمر مهم بالنسبة لمستقبل القضية الفلسطينية.

كما أن البند المتعلق بترحيب ودعم الفصائل الفلسطينية الـ 14 بـ”قرار الأمم المتحدة رقم 181″، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة، لا يمكن اتخاذه على محمل الجد، أو رفع سقف الآمال نحو طريق إحلال السلام في الشرق الأوسط، فقبل إعلان فصائل فلسطينية توقيعها هذا الاتفاق، كانت هناك جولات عدة انتهت بمشهد مماثل، وصور مشابهة ووعود متطابقة تقريبًا، مثل اتفاقية الوفاق الوطني الموقعة في القاهرة بتاريخ 4/5/2011، وإعلان الجزائر الذي وقع في 12/10/2022، والذي تضمن أيضًا الالتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، طبقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخصوصًا قراري 181، 2334، وضمان حق العودة طبقًا لقرار 194، وحق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ونضالها من أجل تحقيق ذلك بكل الأشكال المتاحة.

 ويعكس هذا البند فقط خطوط عريضة سبق الاتفاق عليها من قبل، وهي الحاجة إلى ترسيخ شرعية السلطة الفلسطينية ورغبة “حماس” في البقاء في المشهد السياسي، ولكن هذا لا يعني إنهاء الانقسام، ففي الوقت الذي يريد فيه أبو مازن تأكيد شرعيته وضم كل الفصائل تحت مظلته، تحارب حكومة اليمين المتطرف السلطة وتريد إبعادها عن قطاع غزة.

وبالعودة لمسألة تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس عباس بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، فإنه يستعصي تشكيلها لكون هذا الاتفاق لا يتضمن مناقشة القضايا الجوهرية وهي التزام “حماس” بالاعتراف بشرعية منظمة التحرير والسماح للحكومة بتوحيد المؤسسات وأجهزة الأمن وقيادة عملية الإغاثة والإعمار، والاختلافات بين “فتح” و”حماس” في طرق النضال نحو الاستقلال والعقيدة الأمنية وقانون الانتخابات ومصير السلاح الواحد، فالاعتراف من منظور “حماس” وحتى “الجهاد” تعني الاعتراف بدولة إسرائيل بشكل مباشر أو غير مباشر.

ناهيك عن أن تشكيل حكومة وحدة مع “حماس” مرفوض من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا، وهناك إجماع بين تلك الدول على استبعاد “حماس” من أي دور في اليوم التالي للحرب، بالإضافة إلى تصريحات الحكومة المتطرفة في تل أبيب التي تعكس رفضها القاطع لهذا الاتفاق بكل بنوده، فالكيان المحتل متمسك بالقضاء على حماس أولًا دون وجود رؤية لما بعد ذلك في كيفية إدارة القطاع، مع استمرارية التأكيد على عدم قيام دولة فلسطينية، حيث أصبحت حرب الإبادة في قطاع غزة تتعلق بشكل كبير بحماية “أمن النظام” للحكومة المتطرفة التي اتُهم رئيسها بالفساد وأضرت بسمعة الكيان دوليًا وفقدت أدواتها الدبلوماسية الذي استثمر فيها المليارات طيلة السنوات الأخيرة.

وعلى الرغم من أن الإعلان تضمن بعض النقاط المتعلقة بضرورة تحقيق وقف شامل ودائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وعمليات الإنقاذ على الأرض، ولكن هذه النقاط عجز القانون الدولي والمنظمات الدولية عن تنفيذها وسط انتهاك صارخ من قبل القوات الإسرائيلية في غزة وارتفاع الشهداء إلى أربعين ألفًا، وحتى تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية، بل حتى أن بعض المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين والبريطانيين أعلنوا ضرورة فرض عقوبات على بعض أعضاء المحكمة، فالقرار يتعلق بمدى ضغط واشنطن على الكيان لوقف النار وإدخال المساعدات، وهذا يستعصي مع القيادات السياسية في الغرب وأمريكا التي يتحكم بها اللوبي الصهيوني.

وتعي الصين بكل هذه الأمور المعقدة على المستوى الداخلي الفلسطيني، أو المستوى الخارجي المتعلق بالدعم الكامل من قبل الولايات المتحدة للكيان، مع استمرار حكومة الكيان في سياسة إبادة واضحة في القطاع وعدم وجود رؤية سياسية تتعلق بمستقبل إدارة القطاع، فسياسة الإبادة الجماعية في القطاع تتعلق بأمن النظام لليمين المتطرف.

 فرص استراتيجية محتملة:

على الرغم من أن مخرجات “إعلان بكين” لا تتوافق مع الوضع الداخلي للشأن الفلسطيني، ولا تدعمه إسرائيل ولا الولايات المتحدة التي تتحكم في استمرارية الحرب أو إمكانية التوصل لوقف شامل ونهائي لإطلاق النار، إلا أن الوضع الحالي على المستوى الدولي وعلى المستوى الداخلي لفلسطين فإن “اغتنام الفرص الاستراتيجية”، قد يكون مفتاح أو بداية الطريق لحل الانقسام الداخلي الفلسطيني والاعتماد على جهات خارجية تحمل أجندات سياسية تتعارض مع الولايات المتحدة وجهود دبلوماسية لدفع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، مثل الصين وروسيا. ويمكن تلخيص هذه الفرص الاستراتيجية في بعض النقاط:

أولًا: عدم وجود رؤية واضحة لإسرائيل حول حربها على غزة، فهي تربط نجاحها في القضاء على “حماس” بطوق النجاة لنتنياهو وحكومته المتطرفة وضمان أمن النظام. بالإضافة إلى انقسام الوضع الداخلي للكيان والتداعيات الاقتصادية والسياسية عليه، ناهيك عن اهتزاز صورته العسكرية في المنطقة، مع دور الفواعل من غير الدول في المنطقة التي باتت تهدد إسرائيل، وإن لم تكن فلسطين هي الهدف الرئيسي من أجندتها الأمنية.

ويتطلب الوضع الحالي في الضفة الغربية وأيضًا حرب الإبادة في قطاع غزة، سرعة حل الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية، و”حماس” كذلك التي أصبحت في مأزق مع الضغوط غير الإنسانية والإبادة الجماعية التي تفرضها قوات الاحتلال على قطاع غزة حتى يسأم الشعب الفلسطيني من حكم “حماس” بشكل كبير وأيضًا وصول الحرب لمرحلة أنها أصبحت وجودية بالنسبة لـ”حماس”، فقد يكون هذا الإعلان “خارطة طريق”، ولاسيما الوضع الصعب الذي تمر به الضفة الغربية وقطاع غزة، فطرفي الانقسام “فتح” و”حماس” في مأزق، فهذا الانقسام والمواقف المتشددة بينهما باتت في حاجة إلى حلول. وبالتالي يشكل الإعلان مخرجًا لحركة “حماس” التي باتت حرب غزة بالنسبة لها حربًا وجودية، وإذا لم تستغل حماس هذا الوضع وتقدم بعض التنازلات حتى تكون ضمن منظمة التحرير الفلسطينية، فستكون في وضع صعب للغاية.

ثانيًا، تصاعد التوترات بين الصين والولايات المتحدة، فالصين تتبنى نهجًا جديد منذ عام ٢٠١٣، في النظام الدولي يدعو إلى “إعادة تشكيل النظام الدولي الحالي” لنظام متعدد الأيديولوجيات، وإصلاح المنظمات الدولية، وصرحت بمفاهيم جديد مثل “مجتمع المصير المشترك”، و”السلام التنموي” وغيرها، مع تعزيز وتشكيل منظمات تنافس المنظمات الدولية الحالية التي فشلت في تحقيق السلام العالمي، مثل منظمة شنغهاي، ومجموعة البريكس وغيرها، كما أن تصاعد التوترات بين أمريكا والصين على خلفية الأزمة التايوانية، ومساعي الصين لتعزيز جهودها الدبلوماسية للحصول على دعم سياسي دولي كبير. فهذه الجهود تعتبر فرص استراتيجية بالنسبة لفلسطين يجب أن تستغلها، في سياق مساعي الصين لتعزيز قوتها الناعمة ومصالحها السياسية التي تخدم مصالحها الحيوية والبقاء. ناهيك عن فشل دور الولايات المتحدة في المنطقة، وانخفاض سمعتها في أوساط الرأي العام العربي.

وفي ظل المنافسة الجيوسياسية بين الصين والولايات المتحدة، والحرب الروسية الأوكرانية، وازدواجية المعايير الغربية، ومساعي روسيا لتعزيز دورها في القضية، كل هذا يعتبر “فرص استراتيجية” يجب على الفصائل الفلسطينية استغلالها، لتعزيز القضية الفلسطينية على المسارح الدولية، ولاسيما بعد الموقف الامريكي تجاه الإبادة وفشلها في لجم أو دفع إسرائيل نحو وقف انتهاكاتها، ناهيك عن المخاوف من وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

باختصار، تعترف دول الشرق الأوسط عمومًا بالوساطة السلمية الصينية وتدعمها، وتتوقع أيضًا أن تلعب الصين دورًا أكثر أهمية وبروزًا في القضايا الساخنة في الشرق الأوسط. ومع التطورات الجيوسياسية المذكورة أعلاه، ستلعب الصين حتمًا دور أكثر نشاطًا وستقدم مساهمات أكبر في القضايا الساخنة في الشرق الأوسط ولكن لن يكون مثل دور الولايات المتحدة الأمني، فبكين لا تريد أن تحل محل واشنطن في المنطقة، هي فقط تريد خدمة مصالحها الأساسية.  ويعتبر “إعلان بكين” نجاحًا دبلوماسيًا للصين ويعزز قوتها الناعمة وسياستها الخارجية التي تحترم السيادة والاستقلال وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، ولكن يبقي هناك عدم انفراج في الانقسامات بين الفصائل الفلسطينية بين عشية وضحاها. وحتى إن كان هذا الإعلان بمثابة خارطة طريق، فستظل هناك تناقضات وصعوبات كثيرة في كيفية تنفيذ الفصائل المختلفة لإعلان بكين وكيفية إنهاء خلافاتها وتناقضاتها الحادة.

د. هند المحلى سلطان

كبير باحثي المركز، رئيس برنامج الدراسات الآسيوية، باحثة زائرة بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان وجامعة شنغهاي للدراسات الدولية. حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية تخصص شؤون صينية من جامعة شنغهاي للدراسات الدولية وجامعة شاندونغ. ترجمت العديد من الكتب والتقارير الرسمية للحكومة الصينية من اللغة الصينية إلى اللغة العربية في مجال السياسة والاقتصاد، ونشرت بعض الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالسياسة الخارجية للصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى