هشاشة ديمقراطية: قراءة في نتائج انتخابات ناميبيا 2024

سماء جمال-باحثة مشاركة
واصل حزب منظمة شعب جنوب غرب إفريقيا “سوابو” بسط نفوذه السِّياسيِّ في ناميبيا للمرَّة السَّابعة على التَّوالي منذ الاستقلال 1990 مع الحفاظ على موقعه القويِّ في الانتخابات الحاليَّة؛ بعد أن تعرَّض لتحدِّيات جدية لهيمنته على السلطة لأول مرة في انتخابات 2019، وتحدِّيات إجراء العمليَّة الانتخابيَّة ذاتها في 2024 وطعن أحزاب المعارضة في الانتخابات وشفافيَّتها كنتيجة لمجموعة من المخالفات الَّتي شابت العملية الانتخابية داخل ناميبيا؛ ليستكمل الحزب قيادة البلاد بعد إعلان فوز نتومبو ناندي ندايتوا بأغلبيَّة 57% لتصبح أوَّل امرأة تقود البلاد منذ الاستقلال متفوِّقةً على أقرب منافسيها باندوليني -إيتولا مؤسَّسة حزب المستقلُّون من أجل التَّغيير IPC، كما تمكَّن حزب “سوابو” من الحصول على 63 مقعدًا من أصل 104 مقعد بالبرلمان، بينما حصل IPC على 20 مقعدًا فقط.
هيمنة حزب “سوابو” 
وقعت ناميبيا تحت الحكم الاستعماري الألماني منذ 1884 إلى 1915 ومن ثم وضعت تحت إدارة جنوب إفريقيا 1915 وطبقت عليها جميع سياسات الفصل العنصري التي طبقت على جنوب إفريقيا آنذاك حتى نيل الاستقلال، ومنذ ذلك الحين هيمن حزب “سوابو “على إدارة البلاد وعمل جاهدًا لتحرير البلاد باستخدام الأساليب المسلحة وورث الحزب مع الاستقلال مجتمعًا يتَّسم بالفصل العنصري، والفقر الحضري والريفي واسع النطاق، والتوزيع غير العادل للثروة، وعدم المساواة في الحصول على الأراضي والموارد الطبيعية، والتفاوت الهائل في جودة التعليم والمساواة، علاوة على ذلك عدم العدالة و سوء توزيع الخدمات الصحية المُقدَّمة لمختلف الأعراق وبالتالي تُركت البلاد عند الاستقلال تعاني من عجز هائل في مختلف جوانب الحياة.
وفي الأيام الأولى للاستقلال؛ أسَّست المنظمة الشعبية لجنوب غرب إفريقيا نظامًا حزبيًّا لا يزال قائمًا حتى الآن يعرف اختصارًا “SWAPO”، وكان يُنظَر في بادئ الأمر إلى هيمنة الحزب باعتباره محرك الاستقرار ومعزز للديمقراطية في ناميبيا والمنقذ من السياسات الاستعمارية، كما ركز الحزب  على المشاكل التي عانى منها المجتمع بعد الاستقلال عن جنوب إفريقيا مثل التفاوت الاقتصادي، والفصل العنصري، والبنية الأساسية المتهالكة، وركزت الحكومة على المُصالحة، وتمكين المجتمعات المحرومة اقتصاديًّا، وتأسيس دولة ديمقراطية كمحاولة للخروج من آثار السياسة الاستعمارية.
فقدان منظمة “سوابو” للهيمنة 
واستمر الحزب بتصدر الحياة السياسية حتى بدأ في التراجع عام 2019 كنتيجة طبيعية لظهور الشباب واختفاء جيل الاستقلال تدريجيًا، ولقد شهدت انتخابات 2019 زيادة الرغبة بين الشباب في التصويت والمشاركة داخل العملية الانتخابية، حيث وصلت أعداد الناخبين الشباب إلى 700.648 صوت بما يقارب 52% من إجمالي أصوات الناخبين، ويعزى تراجع شعبية الحزب لتورطه في مجموعة من قضايا الفساد التي أثرت على سمعته حيث تعرض لأكبر فضيحة سياسية في ناميبيا عُرفت بفضيحة “Fish rot” ، والتي انطوت على مزاعم بالرشوة مرتبطة بشركة صيد أيسلندية لتأمين حصص مربحة، زادت من تشويه صورة الحزب وفقدان شعبيته،حيث أوضحت الانتخابات ضعف ثقة الناخبين في الحكومة، كما فقد الحزب الحاكم “سوابو” الهيمنة الكاملة على الانتخابات ليشهد تراجعًا في معدلات التأييد من 80% إلى 65%، مما أعطى مساحة لظهور بعض الأحزاب الأخرى على الساحة مثل “الحركة الديموقراطية الشعبية PDM”، و”الوطنيون المستقلون من أجل التغيير IPC” الذي تم تأسيسه على يد باندوليني إيتولا بعد خوض الانتخابات كمرشح مستقل 2019، و”حركة شعب بلا أرض LPM”، و”حركة إعادة التموضع الإيجابي AR”، كما أُعيد انتخاب الرئيس الراحل حاج جينيجوب لفترة رئاسية ثانية بنسبة ضئيلة تبلغ 56.30% لانتخابات 2019 مقارنة بانتخابات 2014 بحوالي 86.73%، وبدأ رونق الحزب ينخفض بعد أن انحرف عن أهدافه التأسيسية.
شكل (1) نتائج الانتخابات الرئاسية لناميبيا (2019:2004)
خريطة حزبية متغيرة
كانت انتخابات 2024 أول انتخابات رئاسيَّةً تنافسيَّة حقيقية في تاريخها منذ الاستقلال 1990 وهيمنة حزب “سوابو ” على الحكم لمدَّة ثلاثة عقود متتالية، ليفقد الحزب- لأوَّل مرَّة- شعبيَّته بانتخابات 2019 لمصلحة مجموعة من أحزاب المعارضة والمرشَّحين المستقلِّين وفي مقدمتهم باندوليني إيتولا الذي استحوذ على ما يقارب من 30% من الأصوات مقابل 56.30 % لمصلحة الرَّئيس الرَّاحل حاج جينجيوب المرشح عن حزب “سوابو”. وشهدت الانتخابات الحاليَّة منافسة قوية وسط العديد من التَّوقُّعات بتغيير المشهد السِّياسي بفضل صعود أحزاب معارضة وتغيير تفضيلات النَّاخبين في المناطق الحضرية ولكن بالرغم من فقدان حزب “سوابو” لهيمنته، إلا أنه تمكن من الفوز مرة أخرى وتخطي التحديات التي تمنعه من الحصول على الأغلبية.
1- منظمة شعب جنوب غرب إفريقيا “سوابو”: ترشحت نتومبو ناندي ندايتوا من المنظمة الشعبية لجنوب غرب إفريقيا “سوابو” وهي شخصية سياسية رئيسية شغلت منصب نائب رئيس الجمهورية المؤقت نانجولو مومبا لتصبح أول سيدة تتولى رئاسة ناميبيا، ويواجه حزب “سوابو ” مجموعة من التحديات بسبب الصعوبات الاقتصادية وازدياد تحديات البطالة بين الشباب ولكن ركزت المرشحة في حملتها الانتخابية على محاور مكافحة الفقر من خلال جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى بلد لديه موارد من الماس واليورانيوم والنفط والغاز غير المستغلين، وخلق المزيد من فرص العمل ومعالجة معدل البطالة البالغ 20٪ بين الشباب والخريجين. وتعهدت ندايتوا بإنفاق نحو 85 مليار دولار ناميبي (ما يقارب 4.7 مليار دولار أمريكي) على مدى السنوات الخمس المقبلة لخلق أكثر من 500 ألف فرصة عمل، وعلى الرغم من فوز حزب “سوابو” ومرشحته للرئاسة في انتخابات نوفمبر 2024، فمن المرجح أن يستمر الحزب في فقدان الدعم وضعف هيمنته مستقبلًا بسبب اعتماده على المناطق الريفية وتغيير تفضيلات الحضر مؤخرًا لصالح أحزاب المعارضة.
2-حزب الحركة الديموقراطية الشعبية PDM: حزب معارضة تأسس في سبعينيات القرن المنصرم كتحالف لعدة أحزاب في فترة إدارة جنوب إفريقيا لناميبيا، ويعد حزب الحركة الديموقراطية الشعبية ثاني أكبر حزب في البرلمان الناميبي وكان مرشحه لانتخابات الرئاسة 2024 رئيس الجزب ماك هنري فيناني، وتضاعفت حصة الحزب بثلاث أضعاف في انتخابات 2019، بالتوازي مع انخفاض مقاعد الحزب الحاكم “سوابو” إلى 63 مقعدًا  من أصل 77 مقعدًا في عام 2014. واعتمد برنامج الحزب في انتخابات 2024 على معالجة المشكلات المتعلقة بنقص الإسكان وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة والفساد.
3-حزب الوطنيون المستقلون من أجل التغيير IPC: شهد حزب الوطنيون المستقلون من أجل  التغيير  صعودًا ملحوظًا، ولأول مرة في تاريخ ناميبيا يجتذب فيها حزب معارض أعدادًا كبيرة من مؤيدي “سوابو”، ومثلت حصة رئيس الحزب إيتولا  حوالي 29٪ من إجمالي أصوات الناخبين للانتخابات الرئاسية 2019. ويمثل IPC ورئيسه باندوليني إيتولا تهديدًا قويٌا لهيمنة “سوابو” ويطرح رؤى مستقبلية جديدة للبلاد، ويفضل الحزب اقتصاد السوق الحر ويشجع على ضرورة القضاء على الفساد الذي يتردد صداه  لدى المستثمرين خاصة في أعقاب فضائح “fish rot”، وترتكز اللجنة الانتخابية المستقلة على الناخبين الشباب في المناطق الحضرية وأولئك المحبطين من نظام المحسوبية الذين يبحثون بشكل متزايد عن بدائل للمشهد السياسي الراهن.
4-حركة شعب بلا أرض LPM: تم تسجيل حزب LPM لدى اللجنة الانتخابية في ناميبيا في فبراير 2019، ويعتبر حزبًا عرقيًا يمثل في المقام الأول أقلية الناما، كما تتأثر سياسات الحزب بانحيازه لصالح المجتمعات التي يمثلها، وتأسس الحزب على يد  برنادوس سوارتبوي  في عام 2017 بعد إقالته من منصب نائب وزير الأراضي وإعادة التوطين وطرده من حزب “سوابو”، وأخذ الحزب  في الكفاح من أجل التخلص من ادعاءات التحيز العرقي التي نُسبت إليه، ويستهدف الحزب التركيز على معالجة عدم ملكية الأراضي والفقر والظلم الاجتماعي، والدعوة إلى سياسات الأولوية لاحتياجات السكان المهمشين الذين لا يملكون أرضًا، ومع ذلك تمكن الحزب من الحصول على 4 مقاعد فقط في أول دخول له إلى الجمعية الوطنية.

انتخابات 2024 وهشاشة الديموقراطية في ناميبيا

تنافس خمسة عشر حزابًا داخل ناميبيا تصدرتها النائبة نتومبو ناندي ندايتوا المرشحة عن حزب “سوابو” الحاكم ومجموعة من أحزاب المعارضة تأتي على رأسها “الوطنيون المستقلون من أجل التغيير IPC” الذي تم تأسيسه 2020 على يد باندوليني إيتولا بعد خوضه الانتخابات كمرشح مستقل 2019، و”الحركة الديموقراطية الشعبية PDM”، و”حركة شعب بلا أرض LPM” بقيادة برنادوس سوارتوبي.
وانطلقت عملية التصويت داخل مدن ناميبيا في 27 نوفمبر 2024 وكان من المفترض أن تستمر من يومين إلى خمسة أيام على حسب ما ينص عليه الدستور الناميبي، ولكن تم تمديد الانتخابات إلى عطلة نهاية الأسبوع وهذا ما أشعل المعارك السياسية بين الأحزاب ووصف بعضها الانتخابات بأنها “صورية” و”ليست شفافة” و”لا تعكس الديموقراطية”، ووجهت أصابع الاتهام لحزب “سوابو” ولجنة الانتخابات ECN لسوء إدارة الحملات الانتخابية وعدم توفير المرافق اللوجستية المؤقتة للناخبين وطول انتظار الناخبين في أماكن الاقتراع، علاوة على نقص حوالي 38% من أوراق الاقتراع في إجمالي مراكز الاقتراع في أنحاء البلاد، مما أدى إلى احتجاج البعض وترك البعض لأماكن الاقتراع دون المشاركة والإدلاء بأصواتهم وتوعدت أحزاب المعارضة باتخاذ الإجراءات القانونية بعد الانتهاء من الانتخابات.
وأعلن رئيس لجنة الانتخابات في ناميبيا  (ECN)- إلسي نغيكيمبوا مساء الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 فوز نتومبو ناندي ندايتوا بإجمالي أصوات 638560 بحوالي 48.1%، بينما نال منافسها الرئيسي باندوليني إيتولا المركز الثاني بنسبة 28.9% بإجمالي 284186 صوتًا.
ورغم من تقدم نتومبو ناندي ندايتوا لقيادة البلاد إلا أن الحزب فقد الهيمنة في انتخابات الجمعية الوطنية بخسارة 12 مقعدًا، حيث حصل الحزب الحاكم على 63 مقعدًا من أصل 104 مقعدًا، بينما حصل حزب “المستقلون من أجل التغيير IPC” على 20 مقعدًا، وحزب “التموضع الإيجابي AR” بقيادة جوب أموباندا على 6 مقاعد، مقابل خسارة حزب المعارضة الرئيسي “الحركة الديموقراطية الشعبية” 11 مقعد ليحصل على 4 مقاعد فقط، كما تمكن حزب “شعب بلا أرض” من الحصول على مقعد إضافي ليصل إلى 5 مقاعد.
شكل (2) نسب الأحزاب داخل الجمعية الوطنية 2024
الجدول من تصميم الباحثة.
التحديات التي تواجه الحكومة المقبلة في ناميبيا
يقع على عاتق الحكومة المقبلة بقيادة نتومبو ناندي ندايتوا مجموعة من التحديات قد تؤثر على ما تبقى من شعبية الحزب في حالة فشل الحكومة في معالجة تلك التحديات، وتتمثل في التحديات الاقتصادية والاجتماعية والمناخية وكيفية إدارة الموارد؛ وهي على النحو التالي
(&) التحديات الاقتصادية:
تبرز التحديات الاقتصادية على رأس المشكلات التي يعاني منها الشعب الناميبي وتتعدد أبعادها، حيث ترتفع معدلات البطالة بين الشباب ويمكن أن تصل إلى ما يقارب 14%، بالإضافة إلى مشكلات التفاوت الاقتصادي وهيمنة الأقلية على الحصة الأكبر من الموارد وتفشي الفساد التي تتعلق بسياسة الحزب الحكم” سوابو”:
1-عدم المساواة: تحتل ناميبيا المرتبة الثانية عالميًا في عدم المساواة، بالرغم من تصنيف ناميبيا من الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع، إلا أنها تعاني من الفقر وعدم المساواة ،حيث بلغ  المعامل الجيني الذي يختص بقياس تفاوت الدخل بين الأفراد إلى  0.59 لعام 2015 حيث تمتلك نسبة صغيرة الحصة الأكبر من الثروة بينما يعاني الأغلبية من الفقر المدقع كإرث من سياسات الفصل العنصري.
كما كشفت التقارير الحكومية أن نحو 43% من السكان يعيشون في فقر متعدد الأبعاد و27% تحت خط الفقر الوطني، بالإضافة إلى أن معظم ملكية الأراضي في أيدي مجموعة صغيرة من الناس، وتواصل أحزاب المعارضة الدعوة إلى سياسات إعادة توزيع الأراضي على المحتاجين من أجل تعزيز الزراعة والاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي مما يشكل نقطة قوة في تأييد برامج المعارضة في مواجهة الحزب الحاكم.
2-البطالة: تؤدي ازدواجية سوق العمل داخل ناميبيا إلى بطء خلق فرص العمل وانخفاض إنتاجية القطاعات الاقتصادية مما يعزز ارتفاع معدلات البطالة إلى حد كبير، علاوة على ذلك يتم استبعاد الأغلبية السوداء بشكل منهجي من المشاركة الكاملة في الأنشطة الاقتصادية، مما يقيد التقدم الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
3-الفساد: صنف تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2022 ناميبيا في المرتبة 53 من بين 180 دولة في مؤشر الفساد. ويمثل الفساد داخل ناميبيا عائق محوري كبير أمام النمو الاقتصادي، ومع تزايد اتهامات الفساد وعدم المساواة شهدت شعبية حزب “سوابو” تراجعًا حادًا.
(&) العنف والتمييز الاجتماعي
تُعتبر مكافحة العنف والتمييز الاجتماعي وتعزيز الأخلاق الاجتماعية من القضايا الانتخابية أيضًا، وتدعو أحزاب المعارضة إلى سَنّ قوانين أكثر صرامة وإجراءات أكثر اتساقًا ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلًا عن حملات تثقيفية لرفع مستوى الوعي، والدعوة إلى مجتمع قائم على الاحترام والكرامة الإنسانية من أجل مكافحة العنف المتزايد ضد النساء والأطفال.
كما تتهم المعارضة الحكومة القائمة بتفضيل الاستثمارات القليلة في المناطق التي تقطنها الأقليات، مما أدَّى إلى إحباط متزايد وخاصة بين المجموعات التي تشعر بالإقصاء والاستبعاد من الفرص الاقتصادية والنفوذ السياسي، وأكبر مثال على التمييز الاجتماعي عززت القوة السياسية لـ”أوفامبو” القاعدة الانتخابية لمنظمة “سوابو”، وساهمت في الشعور بالاستبعاد بين الأقليات العرقية وحتى مع محاولة منظمة “سوابو” أن تكون أكثر استجابة لمصالح المناطق والجماعات العرقية والدعوة إلى الوحدة الوطنية، فلا يزال يسيطر الشعور العام بالمحسوبية تجاه أوفامبو.
وتثير الأقليات العرقية الهريرو، والناما، والدامارا، والسان بانتظام قضية التهميش السياسي والاقتصادي داخل المجتمع الناميبي، ويتجلَّى هذا في عدم المساواة في الوصول إلى الموارد أو المناصب السياسية أو مشاريع التنمية وخاصةً في المناطق خارج الشمال التي يسكنها في الغالب شعب “أوفامبو”، وتستغل أحزاب المعارضة هذا التهميش لكسب الدعم من خلال قطع الوعود بتوزيع أكثر عدالة للموارد ومعالجة الاختلالات التي كانت موجودة منذ الاستقلال.
(&) التغيرات المناخية وإدارة الموارد
تعد ناميبيا واحدة من أكثر البلدان جفافًا في إفريقيا نتيجة لأنماط هطول الأمطار المتغيرة، وتعتمد ناميبيا بشكل أساسي على الزراعة والثروة الحيوانية كمثيلاتها من الدول الإفريقية والتي تتأثر بالضرورة لصدمات التغيرات المناخية، ومن المتوقع أن يكون للتغير المناخ تأثيرات هائلة على قطاعات الاقتصاد وسبل العيش داخل البلاد، حيث من المتوقع أن تضرب البلاد موجات جفاف وارتفاع درجات الحرارة والطقس القاسي وتدفع إلى بروز تحديات جديدة وتفاقم التحديات القائمة كارتفاع معدلات الفقر، مما يحد من قدرة الدولة على إدارة مخاطر تغير المناخ داخل المجتمع الناميبي، علاوة على سوء إدارة الموارد من قبل حزب “سوابو” وتشابكها بقضايا الفساد، كما عانت ناميبيا من ارتفاع أسعار الكهرباء خلال السنوات الماضية إلى حوالي 30% مما فرض ضغوطًا مالية على الأسر والشركات وخاصة الريف.
(&) التحديات الديموقراطية
يتطلب من الحزب الفائز بانتخابات الرئاسية بالقيام بتغيير بعض السياسات تارة وإثبات نفسه كحزب حاكم بإرادة الشعب معبرًا عن كافة طوائفه، إذ تصاعدت الاتهامات للحزب الحاكم بتزوير الانتخابات والتلاعب بشفافيتها، بالإضافة لضرورة استعداد الحزب لجموعة من الإجراءات التي تثبت براءة الحزب عن التلاعب في الانتخابات حيث تتوعد الأحزاب المعارضة الأخرى بمتابعة الإجراءات القانونية بعد الانتخابات متهمة الحزب ولجنة الانتخابات ECN بتقويض الديموقراطية.
خلاصة القول؛ شهدت ناميبيا لأوَّل مرَّة منذ الاستقلال انتخابات أكثر تنافسيَّةً بعد سيطرة الحزب الحاكم منظمة شعب جنوب إفريقيا “سوابو” ما يقارب الثَّلاثة عقود، مهيمنًا على حكم البلاد في منافسة 14 حزبًا من بينهم الحزب المعارض “التَّغيير من أجل الاستقلال IPC” بقيادة إيتولا الَّذي حقَّق قفزة في الحياة السياسية بالبلاد، وبات المنافس الرَّئيسيُّ لحزب “سوابو” مستحوذًا على 29% من إجماليِّ أصوات النَّاخبين لانتخابات 2019 و28% لانتخابات 2024.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى