دلالات زيارة “آبي أحمد” إلى الإمارات بعد يومين من زيارة الرئيس السيسى
تشير زيارة رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة بعد يومين من زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى للإمارات يوم الأربعاء الماضى إلى العديد من الدلالات نتيجة للتحركات المصرية على كافة الأصعدة وخاصة فيما يتعلق بقضية سد النهضة، خاصة بعد الاجتماع الذى عقدته الحكومة الاثيوبية فى موقع سد النهضة وإعلانها بدء توليد الكهرباء بقدرة 700 ميجا وات، وإزالة 17 هكتار من الغابات مطلع فبراير المقبل للبدء فى الاستعداد للملء الثالث وذلك بشكل منفرد.
زيارة ناحجة:
وكان قد سبق زيارة رئيس الوزراء الاثيوبى إلى الإمارات زيارة مفاجئة قام بها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى الإمارات والتى تؤكد الدعم المصرى ضد هجمات الحوثيين الأخيرة على أهداف مدنية، وتؤكد دوما على أن مصر تسخر كافة امكانياتها وخبراتها فى مواجهة الإرهاب لدعم دولة الإمارات التى تشهد العلاقات التاريخية بينهما تفاهمات واضحة فى كافة القضايا، وكذلك تؤكد على أهمية أمن منطقة الخليج بالنسبة للأمن القومى المصرى، وترسخ لمقولة الرئيس السيسى حول أى تهديد يطال أى دولة من دول الخليج بأن مصر ستكون حاضرة بسرعة حسب تعبيرة ” مسافة السكة “.
وفى ذات السياق تم التشاور خلال القمة المصرية الإماراتية والتى حضرها عاهل البحرين الملك حمد بن عيسىحول أبرز القضايا المتعلقة بالقمة العربية القادمة المزمع عقدها فى الجزائر خلال الفترة المقبلة، والتى تشهد العديد من التحولات الاقليمية منها الانتخابات فى ليبيا وتشكيل الحكومة فى العراق ولبنان وأخر تطورات القضية الفلسطينية وعودة سوريا إلى الجامعة العربية مرة أخرى، ووحدة الصف العربى لتشكيل ثقل عربى بات أمرًا ملحًا خاصة بعدما تمددت قوى إقليمية غير عربية بالمنطقة العربية، فضلًا عن قضية سد النهضة التى ستكون محورًا أساسيًا للقمة خاصة بعد التحركات الاثيوبية الأخيرة ووصول المفاوضات التى طريق مسدود والتى من شأنها أن تهدد الأمن القومى لكلًا من مصر والسودان.
انعكاسات سريعة:
أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد عبر حسابة على تويتر عن زيارته إلى الإمارات العربية المتحدة فى مهمة عمل رسمية، مصطحباً وفدًا يضم كل من وزير الدفاع الإثيوبي إبراهام بلاى والمدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي تمسجن طرونه، وأمين الحزب الحاكم فى إثيوبيا أدم فارح ووزير الدولة للشئوون الخارجية برتكان أيانو، ووزيرة العمل مفريحات كامل.
ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الإماراتية الإثيوبية شهدت تطورًا كبيرًا ونوعيًا خلال السنوات الماضية خاصة فى مجالات الاستثمار والزراعة والتجارة، وكذلك التفاهمات والتنسيق على المستوى الأمنى والدفاعى من أجل استقرار منطقة القرن الأفريقي، وذلك انطلاقاً من الرؤية الإماراتيه بأن تحقيق التنمية وبناء مستقبل أفضل للشعوب يتطلب بناء قاعدة متينه من الاستقرار والسلم والتعيش والتعاون المشترك.
وانطلاقًا من تلك الرؤية فتكون زيارة آبى أحمد بمثابة انطلاقة جديدة بوساطة إماراتية من أجل عودة أثيوبيا ومصر والسودان إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى قبل للوصول إلى اتفاق بشأن أزمة سد النهضة قبيل قيام إثيوبيا بأى عمل أحادى من طرفها من شأنه تعقيد الأمور بشكل أكبر والتنسيق المشترك فى عملية الملء الثالث للسد، والذى من المتوقع أن يبدأ خلال فترة الفيضان المقبل خلال الفترة من يوليو إلى سبتمبر وقبل البدء فى عملية التعلية الجديدة من أجل استقبال قرابة 18.5 مليار م 3 من المياه خلال تلك الفترة.
وهو ماقد يثير عدم استقرار المنقطة بأثرها فى حالة نشوب صراع حول المياه خاصة وأن أمن البحر الأحمر ومنطقة القرن الأفريقي مرتبط ارتباطًا وثيقًا، وهو ما يستدعى موقفًا اقليميًا موحدًا قد تستغله الجماعات الإرهابية لإثارة المزيد من الفوضى فى المنطقة والسيطرة على مناطق حيوية قد تؤثر على حركة التجارة الدولية وعلى أمن واستقرار منطقة الخليج العربي.
اتجاه محتمل:
في النهاية، يمكن القول إن زيارة آبي أحمد لدولة الإمارات في هذا التوقيت، الذي سبقه لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، وتوافقهما على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة وبما يحقق مصالح الدول الثلاث مصر والسودان وأثيوبيا بشكل عادل ومنصف- يشير إلى أن هناك اتجاه جديد قد يأخذه مسار المفاوضات حول سد النهضة خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن هناك ترتيبات جديدة تأخذها المواقف العربية، ربما تكون الجزائر ومصر والإمارات أكثر تنسيقا، خاصة فيما يتعلق بالموقف من مقعد سوريا بالجماعة العربية. وبالتالي قد يتشكل موقف عربي داعم لمصر تجاه قضيتها المائية ينعكس بالإيجاب على مواقف الدول العربية المستثمرة في أثيوبيا أو ذات التنسيق متعدد الأوجه معها.