ما هي انعكاسات مؤتمر “برلين 2” على مستقبل الملف الليبي؟

بعد نحو عام ونصف من انعقاد مؤتمر “برلين 1” في يناير 2020، استضافت العاصمة الألمانية برلين مؤتمراً دولياً جديداً بشأن الملف الليبي بحضور ممثلين عن 16 دولة ومنظمة إقليمية ودولية تحت عنوان “مبادرة استقرار ليبيا”، حيث دعا وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” والأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” لعقد هذا المؤتمر لمتابعة تطورات الملف الليبي قبيل إجراء الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر المقبل، فضلاً عن بحث عدة ملفات بشأن التحديات والعقبات التي ربما تحول دون التوصل إلى تسوية نهائية للأزمة الليبية، خاصة فيما يتعلق بملف خروج المرتزقة والقوات الأجنبية المتواجدة هناك، وفي هذا الإطار يسعى هذا التحليل إلى قراءة مخرجات هذا المؤتمر وتداعياتها على مستقبل الملف الليبي.
مؤتمر جديد:
شهد مؤتمر برلين الثاني حضوراً إقليمياً ودولياً موسعاً على مستوى وزراء الخارجية لكل من ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وإيطاليا ومصر والإمارات وتركيا والمغرب وتونس والجزائر والكنغو الديمقراطية (رئيس الإتحاد الإفريقي)، إضافة إلى ممثلين عن الجامعة العربية والإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي.
ويأتي مؤتمر برلين الأخير استكمالاً للمؤتمر الأول الذي عٌقد في 19 يناير 2020، بيد أن المؤتمر الأول كان على مستوى رئاسي فيما جاء المؤتمر الثاني على مستوى وزراء الخارجية، ولعل مؤتمر برلين السابق مثل أحد أبرز المحاولات والمساعي الدولية جديةً لتسوية الملف الليبي، من خلال اجتماع الفواعل الدولية والإقليمية الرئيسية في الأزمة الليبية ومحاولة إيجاد نوعاً من التفاهمات والتوافقات بينهم، ومن ثم تنبع أهمية مؤتمر “برلين 2” باعتباره استكمالاً للنهج السابق خاصةً في ظل المكتسبات التي تم تحقيقها خلال الأشهر الأخيرة والاستعداد إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية نهاية العام الجاري.
وبينما لم يشهد مؤتمر برلين الأول أي حضور ليبي على طاولة الاجتماعات (رغم تواجد المشير “خليفة حفتر” ورئيس حكومة الوفاق “فايز السراج” في برلين أثناء المؤتمر)، فقد شهد المؤتمر الثاني حضوراً ليبياً رسمياً تمثل في رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” ووزيرة الخارجية “نجلاء المنقوش”.
أبرز بنود الوثيقة:
لقد انبثق عن المؤتمر الأخير في برلين الخروج بوثيقة تم التوافق عليها من قبل الأطراف المشاركة في المؤتمر، وتم طرح هذه الوثيقة في إطار البيان الختامي، والتي انطوت على 58 بنداً، يمكن تفنيد أبرز نصوص هذه الوثيقة، في العناصر التالية:
(*) نصت المادة الخامسة من الوثيقة على ضرورة بذل مزيد من الجهد لمعالجة الأسباب الكامنة للنزاع، وتعزيز السيادة الليبية، والبناء على التقدم الذي تم إحرازه لاستعادة السلام والازدهار للشعب الليبي، وفي هذا الإطار أكدت الوثيقة على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المقرر في ديسمبر المقبل، وذلك وفقاً لخارطة الطريق التي تمخضت عن منتدى الحوار السياسي الليبي في نوفمبر 2020، كما أشارت إلى أن ثمة حاجة ملحة لاعتماد الترتيبات الدستورية والتشريعية اللازمة، كذا أكدت المادة على سحب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا دون تأخر، إلى جانب إصلاح القطاع الأمني وخضوعه لرقابة مدنية، أيضاً أشارت المادة إلى ضرورة معالجة انتهاكات حقوق الإنسان والدفع نحو مصالحة وطنية شاملة مع استمرار الحوار الليبي، وبالتالي فقد تضمنت هذه المادة أهم التحديات التي ربما تعرقل عملية التسوية والوصول إلى الانتخابات المقبلة.
(*) التأكيد على التزام الأطراف الحاضرة على العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة، مع التأكيد على الامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية لليبيا، مع الالتزام بدعم الحكومة الليبية والمجلس الرئاسي والبرلمان في القيام بمسئولياتها بشكل كامل، ودعوتهم لاتخاذ مزيد من الخطوات لتوحيد البلاد، مع حث كافة الجهات الفاعلة على احترام نزاهة ووحدة مؤسسات الدولة خاصة مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط.
(*) دعوة مجلس النواب والمجلس الرئاسي المؤقت وحكومة الوحدة الوطنية والمؤسسات ذات الصلة إلى اتخاذ الاستعدادات اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وطنية حرة ونزيهة وشاملة في 24 ديسمبر 2021، مع توضيح الأساس الدستوري للانتخابات وسن التشريعات اللازمة، على النحو المنصوص عليه في خارطة طريق منتدى الحوار الوطني، واتخاذ كافة الترتيبات لضمان المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة وإدماج الشباب، وتوفير التمويل الكافي للمفوضية العليا للانتخابات، مع دعوة ملتقى الحوار السياسي الليبي إلى اتخاذ كافة الخطوات لتسهيل الانتخابات إذا لزم الأمر.
(*) دعوة مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشكل عاجل إلى التوصل إلى اتفاق لتمكين السلطة التنفيذية من استكمال عملية توحيد المؤسسات وتقديم خدمات أفضل إلى الشعب الليبي، مع تشجيع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية على المشاركة في نشر مراقبي الانتخابات.
(*) تطبيق واحترام عقوبات الأمم المتحدة ضد أولئك الذين يتبين أنهم ينتهكون حظر الأسلحة الذي يفرضه مجلس الأمن أو وقف إطلاق النار، أو يهددون السلم والاستقرار أو يعرقلون إتمام عملية انتقالها السياسي بما في ذلك الانتخابات المرتقبة، أو الذين يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان في ليبيا.
(*) دعم اتفاق وقف إطلاق النار الصادر في أكتوبر 2020، والذي نص على إلى انسحاب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، كما يدعم المؤتمر جهود اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 ويدعو إلى أهمية معالجة جميع التحديات من أجل تنفيذه بالكامل، بما في ذلك استكمال إجراءات بناء الثقة، والإفراج عن المحتجزين، وفتح الطريق الساحلي وإنشاء مؤسسات أمنية وطنية ليبية موحدة تحت سلطة وإشراف المجلس الرئاسي المؤقت وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة وبناءً على محادثات القاهرة والجهود الجارية.
(*) الدعوة إلى إصلاح قطاع الأمن من خلال عملية تسريح ونزع سلاح الجماعات المسلحة والمليشيات المسلحة في ليبيا مع إمكانية إدماج الأفراد المناسبين في مؤسسات الدولة المدنية والأمنية والعسكرية على أساس فردي وعلى أساس تعداد أفراد الجماعات المسلحة والفحص المهني، فضلاً عن التأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا بجميع الوسائل وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، إضافة إلى الالتزام باحترام وتنفيذ حظر الأسلحة المفروض بموجب قرار مجلس الأمن.
وثيقة مسربة وخطة فرنسية:
قبل انعقاد مؤتمر “برلين 2” بأيام قليلة، نشرت وكالة “نوفا” الإيطالية تقريراً تضمن وثيقة مسربة لأهم نصوص الوثيقة النهائية التي سوف تصدر عن مؤتمر برلين الثاني، وقد انطوت الوثيقة المسربة من قبل الوكالة الإيطالية على 51 بنداً أوضحت الوكالة أنها لا تزال محل جدل، وفي الواقع لم يكن هناك اختلافات جوهرية بين البيان المسرب قبل انطلاق المؤتمر والوثيقة الرسمية الصادرة في البيان الختامي الذي أعقب اجتماعات مؤتمر برلين، وهو ما يعني أن الحراك المكثف الذي شهدته الأيام القليلة التي سبقت انطلاق المؤتمر كانت تمثل محاولات للوصول إلى توافقات بين الأطراف المختلفة قبل الجلوس الفعلي على طاولة الاجتماعات في المؤتمر من أجل التصديق عليها.
من ناحية أخرى، نشرت مجلة “بوليتيكو” Politico الأمريكية تقريراً قبل أسبوع واحد من انعقاد مؤتمر برلين الأخير، حيث تناول التقرير الإشارة إلى خطة فرنسية تستهدف خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وذلك خلال مدة زمنية لا تتجاوز الستة أشهر، تعتمد على ثلاثة مراحل تبدأ بخروج المرتزقة السوريين ثم خروج مرتزقة “فاغنر” والقوات التركية النظامية، وأخيراً توحيد المؤسسة العسكرية الليبي.
وكما طرحت باريس خطتها قبل أيام قليلة من مؤتمر برلين على الولايات المتحدة لمحاولة الحصول على دعمها، ثم أعقبها مناقشة الخطة مع الحكومة التركية، يبدو أن فرنسا عمدت إلى عرض خطتها على الأطراف المشاركة في المؤتمر كمخرج يمكن من خلاله حلحلة هذا الملف الذي يعد أحد أكثر القضايا تعقيداً فيما يتعلق بالأزمة الليبي.
توافق دولي وإقليمي:
يمثل ملف خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا أحد أهم الدوافع التي أدت إلى انعقاد مؤتمر برلين 2، وقد أفرز هذا المؤتمر درجة معقولة من التوافق الدولي والإقليمي بشأن ملف المقاتلين الأجانب، فقد شهد هذا المؤتمر تأكيد الأطراف المشاركة على ضرورة إخراج كافة القوات الأجنبية من ليبيا للوصول إلى تسوية الأزمة وإتمام الانتخابات المقبلة، ولقد تجسد ذلك في تصريحات وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” التي أكد فيها – على هامش مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الأمريكي- أن قيام ليبيا ذات سيادة ومستقرة وموحدة غير ممكن دون إجراء الانتخابات في موعدها المحدد، وقد دعا “ماس” إلى ضرورة انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة في إطار آلية موحدة وشاملة للحيلولة دون أي خلل قد يسمح لطرف باستغلال الوضع.
ومن أبرز ملامح التوافق الدولي والإقليمي في ليبيا هو انخفاض حدة الانقسام والتنافس الأوروبي بشأن النفوذ والمصالح في طرابلس، ولعل هذا ما أكده رئيس الوزراء الإيطالي “ماريو دراغي” والذي أشار إلى أن الانقسام الأوروبي في ليبيا ومنطقة الساحل بات من الماضي، في مؤشر هام بشأن توحيد الموقف الأوروبي الذي طالما اتسم بالتشظي حيال الملف الليبي وهو ما مثل أحد محددات تأزم الوضع في البلاد.
وعلى جانب آخر، أكد وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلنكن” أن بلاده تريد ليبيا مستقرة وبعيدة عن التدخلات الأجنبية، مشيراً إلى ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها وتثبيت وقف إطلاق النار وانسحاب كافة القوات الأجنبية من ليبيا، وهو ما أكدته أيضاً مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” والتي طالبت بمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة ليبيا باعتبارها أولوية لحلحلة الأزمة.
كذلك، أعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية “أحمد أبو الغيط” أهمية وقف التدخلات في ليبيا وانسحاب كافة القوات الأجنبية لتحقيق الاستقرار، فضلاً عن تصريحات وزير الخارجية المصري “سامح شكري” والذي أكد في كلمته أمام المؤتمر أن ثوابت الموقف المصري تؤكد ضرورة حماية سيادة ليبيا واستقرارها ودعم تطلعات الشعب الليبي من خلال انتخاب سلطات دائمة.
تحفظ تركي وغموض روسي:
شهدت اجتماعات مؤتمر برلين خلافاً بين الوفد المصري ونظيره التركي بشأن أحد بنود البيان الختامي، حيث سعت أنقرة بشكل حثيث إلى إدخال تعديل على المادة الخامسة من البيان والخاصة بسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، وذلك عن طريق اقتراح تعديلها بحيث تنص على سحب المرتزقة فقط واستبعاد “القوات الأجنبية” من البند، بيد أن هذا الاقتراح التركي لاقى اعتراض صارم من قبل الوفد المصري، والذي طالب بإعادة فتح البيان بالكامل إذا ما أضافت تركيا أي تعديلات، قبل أن تدعم الأطراف المشاركة في المؤتمر الموقف المصري ويتم رفض المقترح التركي ويخرج البيان كما هو، مع تسجيل تحفظ تركيا على البند رقم 5 لكن دون التأثير على قانونية الوثيقة.
وفي هذا الإطار، أشارت بعض التقارير المحلية إلى أن أنقرة حاول الضغط على الحكومة الليبية لتمرير ورقة عبر مؤتمر برلين تطالب بضرورة الإبقاء على القوات التركية واستثنائها من مطلب انسحاب المقاتلين الأجانب، وربطت هذه التقارير الزيارة المفاجئة التي قام بها وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار” إلى ليبيا على رأس وفد رفيع المستوى بمساعي أنقرة تمرير هذه الورقة، إلا أن هذه الضغوط يبدو أنها لم تفلح، فقد أكد رئيس الحكومة الليبية “عبد الحميد الدبيبة” في كلمته أمام المؤتمر على ضرورة الانسحاب الكامل للمرتزقة والقوات الأجانب من بلاده، وهو الأمر ذاته الذي عززته أيضاً وزيرة الخارجية الليبية “نجلاء المنقوش”.
من ناحية أخرى، أعلنت روسيا -التي تعد أحد الأطراف الرئيسة المنخرطة في الملف الليبي- من خلال نائب وزير خارجيتها “سيرجي فيرشينين” بأن الوضع في ليبيا يسير في الاتجاه الصحيح، وكافة القرارات التي تصدر عن المجتمع الدولي تسهم في ذلك، وأن ثمة فرصة لتحقيق الاستقرار في ليبيا، مشيراً إلى أن تقليص الوجود المسلح في البلاد لابد أن يدرس جيداً، وقد عكست هذه التصريحات الروسية نوعاً من الغموض بشأن مقاصد موسكو ومدى إمكانية التزامها بخروج المرتزقة التابعين لها.
ما الذي تحقق؟:
وصف وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” المؤتمر الأخير الذي احتضنته العاصمة برلين بأنه لاقى نجاحاً ملحوظاً، مشيراً إلى تفاؤله بإمكانية نجاح الانسحاب المنشود لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة وتحقيق الاستقرار في ليبيا، وهو الأمر الذي ألمحت إليه أيضاً نظيرته الليبية “نجلاء المنقوش” حيث أشارت إلى أن المؤتمر أحرز تقدماً فيما يتعلق بهذا الملف المعقد مع أمل أن يتم انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية خلال الأيام المقبلة.
وبعد ساعات قليلة من نهاية المؤتمر الثاني في برلين بدأت ملامح بعض المؤشرات الإيجابية تتبلور، فقد أعلن المتحدث باسم مجلس النواب “عبد الله بليحق” أن المجلس سيعقد جلسة خاصة جديدة لمناقشة الموازنة العامة للمرة الخامسة، في ظل تقارير محلية أشارت أن المجلس يتجه للموافقة على الموازنة خلال الجلسة المقبلة، إلى جانب وجود مؤشرات جدية ترجح احتمالات التوافق بين مجلس الدولة والبرلمان الليبي بشأن شاغلي المناصب السيادية، كذلك، بدأت في 24 يونيه الجاري اجتماعات للجنة الاستشارية المنبثقة عن ملتقى الحوار الليبي قبيل عقد اجتماعات الملتقى في جينيف نهاية الشهر الجاري لمناقشة الخطوات الإجرائية الخاصة بالانتخابات المقبلة، وهو ما يعكس خطوات إيجابية لحلحة الخلافات الداخلية التي تعرقل المسار السياسي، ومن ناحية أخرى أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أن الفترة المقبلة سوف تشهد نشر الفريق الأول من المراقبين الدوليين في ليبيا.
لكن، في المقابل لا تزال هناك العديد من التحديات بشأن حلحلة ملف المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا، خاصةً في ظل تمسك تركيا باستمرار تواجدها في ليبيا، والدفع نحو مساعي شرعنة هذا التواجد من خلال ترويج هذا التواجد لدول الإتحاد الأوروبي بأن استمرار القوات التركية سيحمي القارة الأوروبية من عمليات الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن احتمالات دعم واشنطن لاستمرار التواجد التركي لمواجهة النفوذ الروسي. وفي هذا الإطار ربطت بعض التقارير بين البند 53 من البيان الختامي لمؤتمر برلين واحتمالات اتجاه تركيا لتوطين المرتزقة الأجانب تحت مسمى “لاجئ” وهو ما سيعني استمرار المرتزقة التابعين لأنقرة في ليبيا بصفة شرعية وفقاً للقانون الدولي.
في النهاية، على الرغم من المؤشرات الإيجابية التي تمخضت عن مؤتمر “برلين 2” سواء في التأكيد على الالتزام بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها، أو في إظهار مستوى مقبول من التوافق الدولي بشأن ملف خروج القوات الأجنبية والمرتزقة، بيد أن احتمالات فشل المؤتمر في إفراز أي تقدم حقيقي على الأرض لا يزال مطروحاً وبقوة، ولعل حالة مؤتمر برلين الأول أكبر دليل على ذلك، فبعد نحو عام ونصف على هذا المؤتمر لم يتم خروج المقاتلين الأجانب أو حل المليشيات الداخلية، ومن ثم فحلحلة ملف القوات والمرتزقة الأجانب بات يعتمد بالأساس على مدى وجود تفاهمات بين عدة أطراف دولية وإقليمية تنطوي على توافقات تحقق مصالح الجميع، وفي هذا الإطار يرجح أن تشهد الفترة المقبلة زخماً مكثفاً بين الفواعل المختلقة المنخرطة في الملف الليبي في محاولة للتوصل إلى صيغة توافقية مقبولة للكافة.