د. محمد الجمال يكتب: فشل مروّجي الشائعات عن حزب مستقبل وطن

منذ عام 2011 وحتى اليوم، لم يظهر على الساحة السياسية المصرية حزب استطاع أن يحجز لنفسه مكاناً متقدماً في الوعي الشعبي مثل حزب مستقبل وطن. فالحزب، الذي وُلد في لحظة دقيقة من عمر الدولة المصرية، سرعان ما تحول إلى ظاهرة سياسية واجتماعية لها جذورها في الشارع، وروابطها داخل العائلات والقبائل، وشبكاتها داخل النخب المهنية والقطاعات الشعبية. هذا الانتشار الواسع لم يكن طارئاً، بل جاء نتاج عمل منظم، وتحركات ميدانية، وحضور حقيقي بين الناس، وارتباط مباشر بمشاكل المواطن وهمومه.

ولأن النجاح يُحارب دائماً، كان طبيعياً أن يتعرض الحزب لمحاولات ممنهجة للتشويه. وخلال الأيام الماضية شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات منظمة تستهدف الحزب ومرشحيه، أطلقتها جماعة الإخوان وروّجها البعض لأهداف ضيقة، في محاولة لزعزعة الثقة في أهم تجربة حزبية مصرية منذ 2014. لكن هذه الحملات لم تحقق هدفها، بل كشفت عن فشل مروّجي الشائعات، لأن الواقع على الأرض أقوى من أي محاولة للتضليل.

جماهيرية حقيقية لا تصنعها “التريندات”:

من يعرف طبيعة المجتمع المصري يدرك جيداً أن العائلات الكبرى والقبائل والشرائح المهنية لا تتحرك وفق حملات إلكترونية، بل وفق علاقة امتدت لسنوات مع كوادر الحزب في كل محافظة وقرية ونجع. حزب مستقبل وطن لم يأتِ من فراغ، بل كوّن قاعدة جماهيرية عميقة منذ 2011، واستطاع أن يحافظ على هذه القاعدة ويضاعفها عبر خدمات، ومبادرات، ووجود يومي بين المواطنين.

هذه الجماهيرية ليست مصطنعة، وليست موسمية، بل هي تنظيم حقيقي قادر على الحشد الميداني وقت الحاجة، وقادر على ترجمة حضوره الاجتماعي إلى مشاركة سياسية واعية ومنضبطة.

الشائعات محاولة لإسقاط التجربة الحزبية من أصلها:

المستهدف لم يكن الحزب فقط، بل التجربة الحزبية المصرية برمتها. فمنذ 2014 الدولة المصرية تعمل على إعادة بناء الحياة السياسية، وخلق أحزاب وطنية قادرة على المنافسة، وليس مجرد كيانات ورقية. ونجاح مستقبل وطن في أن يصبح الحزب الأوسع انتشاراً جعل البعض يسعى لضرب هذه التجربة في جذورها عبر التشكيك في الحزب الأكثر حضوراً وتأثيراً.

لكن كل هذه المحاولات اصطدمت بالحقيقة، فلا يمكن هدم حزب جماهيري بقوة منشورٍ مفبرك أو إشاعة مرتجلة من جماعةإرهابية تسعي بقوة إلى زعزة استقرار المجتمع المصري- رغم تأكدها من فشلها في تحقيق مرادها-.

موقف الحزب: قوة وثبات واحترام للقانون:

اللافت للنظر أن الحزب، رغم كل هذه الحملات، اختار أن يلتزم بالاتزان السياسي. فقد نشر بياناً واضحاً يؤكد احترامه لحرية التعبير، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أنه سيتخذ الإجراءات القانونية ضد مروجي الشائعات والأخبار الكاذبة. هذا الموقف الهادئ يعكس ثقة في النفس، ويكشف مستوى النضج المؤسسي داخل الحزب، ويؤكد أنه لا ينجر إلى جدالات عقيمة ولا صدامات غير مفيدة.

وعلى ما سبق، نطرح السؤال الذي نستخلصه من عنوان المقال، وهو: لماذا فشل مروّجو الشائعات؟.. بالتأكيد الإجابة غير صعبة، وهي سهلة لم لا يعتبر، فهؤلاء مروجي الشائعات اصطدموا بثلاث حقائق، أولها أن الشارع يعرف الحزب وأفراده شخصياً… وليس عبر السوشيال ميديا. وثانيها أن الحزب متجذر في البنية الاجتماعية من خلال العائلات والقبائل والنخب المهنية. أما الحقيقة الثالث والأخير، فهي أن الحزب هو الأكثر قدرة على الحشد والتنظيم منذ 2011، وهي حقيقة تدركها الجماهير قبل السياسيين.

لهذا لم تجد الشائعات أرضاً خصبة تنمو فيها، ولم تستطع أن تغير قناعات الناس أو تؤثر في رصيد الحزب لدى المواطنين.

في نهاية المقال أقول، إن محاولة التشويه لم تكن سوى فقاعات صاخبة على السوشيال ميديا، سرعان ما تلاشت أمام حضور جماهيري حقيقي لا يمكن تزويره. حزب مستقبل وطن، رغم الاختلافات حوله، يبقى التجربة الحزبية الأكثر نضجاً وشعبية منذ أكثر من عقد. ومن يحاول النيل منه لا يستهدف الحزب في ذاته بقدر ما يستهدف مسيرة بناء الحياة السياسية المصرية الحديثة.

ومهما تنوعت الحملات، سيبقى الواقع على الأرض أقوى، والجماهيرية أصدق، والتنظيم الوطني أكثر ثباتاً من كل الشائعات.

د. محمد الجمال

د. محمد الجمال، كبير الهيئة الاستشارية بمركز رع للدراسات، هو خبير في شئون الصناعات والاستثمار. حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية – جامعة القاهرة، وحاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية – أكاديمية فينكس، الولايات المتحدة الأمريكية. هو عضو في مجلس الأعمال المصري الفنلندي منذ عام 2013، ورئيس شعبة الألومنيوم باتحاد الصناعات المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى