تحديات صعبة..هل تحصل روسيا على قاعدة دعم لوجيستي في السودان؟
تقترب روسيا من تحقيق ما سعت إليه منذ سنوات عدة فيما يتعلق بتواجدها ومد نفوذها بمنطقة البحر الأحمر وإنشاء قاعدة عسكرية روسية بالمنطقة عبر البوابة السودانية، ذلك بعدما الحديث عن اتفاق سوداني – روسي مُرتقب يمنح موسكو الحق في إنشاء مركز دعم فني ولوجيستي عسكري في” بورتسودان ” على البحر الأحمر في خطوة سعت روسيا كثيرًا من أجل تحقيقها، فهي تصب في مصلحتها بالمقام الأول ورغبتها الدائمة في التواجد بمنطقة البحر الأحمر، تلك المنطقة الاستراتيجية ذات الأولوية في السياسة الخارجية الروسية والتي دائمًا ما سعت من أجل إيجاد موطئ قدم فيها بشكل خاص، فضلًا عن سعيها لزيادة نفوذها ومنافسة الغرب في التواجد داخل القارة الإفريقية بشكل عام.
وتأسيسًا على ما سبق؛ سنناقش من خلال هذا التحليل أبعاد هذا التقارب السوداني – الروسي وتداعياته المختلفة وأهم التحديات التي تنتظره؟
مزايا استراتيجية
سعت روسيا لإنشاء قاعدة عسكرية لها على ساحل البحر الأحمر في السنوات الماضية وذلك لتزايد الأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة وتحولها من مجرد ممر دولي إلى كونه شريانًا رئيسيًا للتجارة العالمية ستحصد روسيا من وراءه الكثير من المكاسب السياسية والاقتصادية والتجارية، وهذا ما يفسر مساعيها الدائمة لإيجاد موطئ قدم لها في العديد من الدول المشاطئة للبحرالأحمر كالسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال، ولكن باءت معظم تلك المساعي بالفشل وأصبح معظمها غير مكتمل، وعلى الرغم من ذلك ظلت روسيا تعمل دائمًا على استكشاف فرص أخرى جديدة بالمنطقة من أجل تحقيق هذا الهدف.
ويكتسب السودان موقع جيوسياسي مميز وفريد، فهو امتداد لمنطقة القرن الإفريقي التي تعتبر من المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية للدول العظمي وسعيها الدائم للحصول على المزايا والمنافع المختلفة منها، بالإضافة إلى أن السودان يمثل نقطة ارتكاز ومدخل للقارة الإفريقية وكذلك مجاورتها للدول النفطية في الشرق الأوسط والخليج العربي، فضلًا عن مواردها الكامنة كالمساحات الشاسعة القابلة للزراعة وتوافر مصادر المياه والمعادن، كل تلك الميزات جعلت من السودان بوابة هامة ترغب روسيا من خلالها تثبيت تواجدها وتمركزها بشكل أعمق داخل القارة الإفريقية ذلك بعدما عززت موسكو في السنوات الأخيرة تعاونها مع عدد من دول إفريقيا خاصة في المجال العسكري التقني من بينها مالي والنيجر وبوركينا فاسو التي كانت جميعها تحت مظلة النفوذ الغربي، لكنها باتت اليوم مواقع لقواعد عسكرية روسية، فتكرار مساعي روسيا لإنشاء قاعدة بـ” بورتسودان” خطوة هدفت من خلالها تعزيز تواجدها بالقارة الإفريقية بشكل عام ومنطقة البحرالأحمر بشكل خاص، وتمثلت الفرصة الحقيقية لتحقيق ذلك عند قيام الرئيس السوداني المخلوع “عمر البشير” بعرض مقترح على الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين ” لاستضافة بلاده مركز دعم لوجيستي روسي على الساحل السوداني، وقد أعلنت روسيا في مايو 2019 عن هذا الاتفاق الذي وقعته مع نظام “البشير” حيث قضى بمنحها حق إنشاء قاعدة عسكرية في “بورتسودان” على البحر الأحمر بعقد مدته 25 عامًا قابل للتمديد التلقائي لمدة 10 سنوات، مقابل فتح أبواب التعاون العسكري وغير العسكري بين البلدين، إلا أنه بعد سقوط نظام البشير أعلنت السلطات الجديدة في أبريل 2021 عن تجميد هذا الاتفاق. وفي يونيو 2021 صرح رئيس أركان الجيش السوداني “محمد عثمان الحسين ” أن السودان بصدد مراجعة الاتفاقية بسبب أن بعض بنودها مضرة ببلاده، وظلت روسيا متمسكة بتنفيذ الاتفاقية وتضغط في هذا الاتجاه. وقبل يوم واحد من بدء عمليتها العسكرية في أوكرانيا قام قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو “حميدتي” ونائب رئيس مجلس السيادة حينها، بزيارة موسكو ورافقه فيها عدد من الوزراء، وصرح عقب تلك الزيارة أن بلاده لا تزال منفتحة على احتمال المضي قُدُمًا في تلك الاتفاقية، وأنه ليس هناك مانع للسماح لروسيا أو لغيرها بإنشاء قاعدة على السواحل السودانية شرط ألا تشكل تهديدًا للأمن القومي السوداني.
وظلت المشكلة التي تواجه روسيا أن فرص نجاح مساعيها أو فشلها في إنشاء قاعدة عسكرية لها في السودان متوقفة على التطورات السياسية التي تشهدها البلاد، فإبرام الرئيس السابق “عمر البشير” لاتفاق إنشاء قاعدة في السودان تزامَن مع علاقة مضطربة ومتوترة جمعت نظامه بواشنطن، وكذلك تزامَن تجميد الاتفاقية مع سقوط نظام “البشير”، وجاءت العودة إلى بحث تفعيل هذه الاتفاقية من جديد بعد اندلاع الأزمة بين الجيش السوداني وميليشيا “الدعم السريع” في 15 إبريل 2023، بينما وقف هذا الحراك كعائق من جديد أمام إمكانية تفعيل تلك الإتفاقية ونجاح المساعي الروسية في إنشاء قاعدة على ساحل السودان بالبحر الأحمر.
فرصة جديدة
بعد 14 شهرًا من اندلاع الحرب في السودان واحتدام الصراع بين طرفيه تبادلت الجانبان السوداني والروسي الزيارات خلال فترات زمنية متقاربة، في محاولة للتقارب وتعزيز الدعم السياسي والتعاون العسكري والاقتصادي بين الطرفين، وعاد الحديث عن إحياء الاتفاق الذي صيغ بأكمله مع نظام ” البشير” والذي وقف أمامه العديد من العراقيل والتي كان آخرها حرب 15 إبريل 2023 ، فتمثل ذلك في الحديث عن توقيع مُرتقب لاتفاق تعاون عسكري سوداني – روسي يتيح لروسيا إنشاء مركز دعم فني ولوجيستي عسكري في “بورتسودان” على ساحل البحر الأحمر، في خطوة تشير إلى زيادة التقارب السوداني-الروسي، ما قد يشير إلى عدد من الدلالات في هذا الوقت الراهن.
ووفقًا لما جاء عن مسودة هذه الاتفاقية فإنها تنص على الآتي:
- تمتد الاتفاقية لمدة 25 عامًا وتنتهي برغبة أحد الطرفين في إنهاء الاتفاق.
- تمنح روسيا الجيش السوداني عتادًا حربيًا فضلًا عن المساعدة في تطوير القوات المسلحة السودانية.
- ألا يتعدى عدد السفن الموجودة بنقطة الدعم الفني عن 4 قطع في آن واحد متضمنة السفن الحربية، وألا يتعدى التواجد الروسي 300 جندي فقط للفنيين العاملين بنقطة الدعم اللوجيستي.
- تلتزم روسيا بعدم الإضرار بالبنية التحتية والبيئية، والاتفاقية غير موجهة ضد أي دولة.
وقد جاء على لسان خبير أمني وعسكري سوداني أن “الاتفاقية في مجملها تضم 25 بندًا أهمها مدة التنفيذ إلى جانب منح موسكو للخرطوم ما تحتاجه من أسلحة”.
- وقد أشارت بعض التقارير إلى أن الاتفاقيات الجديدة المحتملة ستعمل على تعزيز الوجود الروسي في السودان من خلال 5 وحدات وهي:
- وحدة عسكرية: تعنى بالعلاقات العسكرية الخاصة بالأسلحة والتدريب.
- وحدة أمنية: تعمل علي حماية المنشآت أوالأفراد.
- الوحدة التعدينية : تضم عددًا من الشركات العاملة في مجال تعدين الذهب واليورانيوم وغيرهما من المعادن.
- الوحدة العقارية: التي تعمل في مجال البناء.
- الوحدة الزراعية: العاملة في مجال التنمية الزراعية والحيوانية.
مصالح متبادلة
يشيرهذا التقارب السوداني – الروسي في مثل هذا التوقيت إلى العديد من الدلالات، فعند النظر إلى الجانب السوداني نجد أن الجيش قد وجد في روسيا حليفًا جيدًا بعيدًا عن الغرب خاصة في ظل احتدام الحرب بالسودان والمواجهات العسكرية التي زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة بين الجيش السوداني وميليشيا “الدعم السريع”، ومن ثم عدم قدرة الجيش السوداني علي حسم الحرب لصالحه خلال الفترة الماضية، فسيستفيد من تلك الاتفاقية الروسية من خلال الإمداد المباشر للأسلحة والذخائرالروسية لتلبية احتياجاته في الحرب، إلى جانب الدعم السياسي الذي ستقدمه روسيا للحكومة السودانية داخل مجلس الأمن الدولي وبالتالي مساعدتها في مواجهة واشنطن والغرب، خاصة بعدما دار في جلسة مجلس الأمن والموقف البريطاني الذي حول اجتماع لمجلس الأمن الدولي شكوي مقدمة من السودان إلي جلسة مغلقة لأعضاء المجلس حُرم منها مندوب السودان لدى الأمم المتحدة، فضلًا عن الضغوط الأمريكية في العودة إلى مفاوضات منبر جدة، ففي هذا التحرك رغبة للجيش السوداني في التأكيد على قدرة السودان بوضعه الحالي على صنع تحالفات جديدة بعيدة عن واشنطن والغرب، هذا بجانب الدعم الاقتصادي الذي ستقدمه تلك الاتفاقية حيث ستتضمن اتفاقيات اقتصادية في مجالات القمح، الوقود والغاز، كل هذا ومن وجهة نظرالجيش السوداني من الممكن أن يدعم موقفه في الحرب ويزيد من فرص حسمها لصالحه.
وعلى الجانب الآخر وبعدما كانت “فاجنر” الروسية تقدم الدعم لميليشيا “الدعم السريع”، ولكن بعد إطالة أمد الصراع قامت روسيا بتحويل قبلتها نحو دعم قوات الجيش السوداني، حيث وجدت فيه السبيل الذي ستتمكن من خلاله تحقيق ما سعت إليه طويلًا منذ عهد ” البشير” من إنشاء قاعدة عسكرية له بالسودان وبالتالي مساعدتها في تنفيذ استراتيجيتها وزيادة نفوذها بمنطقة البحر الأحمر بشكل خاص وإفريقيا بشكل عام وتوجيه ضربة بذلك لواشنطن والغرب، فضلًا عن أن التواجد الروسي وإنشاء قاعدة عسكرية لها في “بورتسودان” ستصبح هذه القاعدة نقطة مهمة لإيصال الدعم اللوجيستي لقواعدها الأخرى بالدول الإفريقية الثالث (مالي – بوركينافاسو – النيجر) وكذلك بإفريقيا الوسطي، حيث أصبحت من أهم القواعد الروسية وهي في حاجة مستمرة للدعم اللوجيستي، بالإضافة إلى امتلاك روسيا لتقنية الإستشعارعن بًعد التي يمكن استخدامها بالسودان في مجالات النفط والتعدين عن الذهب واليورانيوم ومن ثم إمكانية الاستغلال الروسي لتلك الموارد.
تداعيات وتحديات منتظرة
على الرغم من المصالح التي سيحصدها كلا الطرفين السوداني والروسي من جراء هذا التقارب إلا أن هناك العديد من التداعيات والتحديات التي تنتظره، فمن أهم تداعياته ما يلي:
(*) إطالة أمد الصراع: إن موافقة القيادة السودانية على إنشاء مركز دعم لوجيستي روسي بمنطقة البحر الأحمر في مقابل تزويد السودان بالسلاح والذخائر اللازمة لها لمواجهة ميليشيا “الدعم السريع ” يُنذر بسعي الجيش السوداني إلى حسم الحرب عسكريًا وليس عن طريق التفاوض، وهذا ما قد يأتي في صالح روسيا لضمان استفادتها من بيع وتسويق السلاح لكلا الطرفين، فيرى محللون أن كل القوى السياسية التي تعمل على إيقاف الحرب ترفض بناء القاعدة الروسية لأنها ستقود إلى مزيد من تدويل الصراع في السودان ومن ثم تقويض الأمن والسلام بالإقليم وإطالة أمد الحرب بالسودان وتوسعة دائرة الصراع بالبلاد وتحويله إلى صراع دولي بإدخال أطراف خارجية تسعي لتحقيق مصالحها على حساب موارد البلاد.
(*) رد الفعل الأمريكي: يزداد المشهد الدولي تعقيدًا وستشتد المنافسة بين القوى العظمي بالمنطقة خاصة بعد رد الفعل الأمريكي بعد الموافقة على إنشاء مثل هذه القاعدة الروسية بالمنطقة ما يمثل تحديًا روسيًا واضحًا للنفوذ الأمريكي بمنطقة البحر الأحمر والسودان بشكل خاص وإفريقيا بشكل عام، فالتواجد الروسي بالمنطقة يعني تهديدًا صريحًا للمصالح الأمريكية خاصة بعدما انسحبت حلفاءها الغربيين من المنطقة كفرنسا في أعقاب الانقلابات المختلفة التي شهدتها المنطقة خلال الفترة الماضية في مقابل التواجد الروسي المتزايد في القارة، وعليه يتخوف بعض السياسيين السودانيين من أن إنشاء هذه القاعدة قد يتسبب في تحويل السودان والمنطقة إلى ميدان صراع للقوى العظمى. بالإضافة إلى رد الفعل الأمريكي تجاه السلطات السودانية، حيث جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية تحذير من أن المضي قدمًا لتنفيذ هذا الاتفاق وأن التعاون بين السودان وروسيا من شأنه أن يزيد من عزلة الخرطوم ويُعمق الصراع الحالي ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي.
وينتظر إنشاء هذه القاعدة الروسية عدد من التحديات يمكن تفصيلها فيما يلي:
(&) شرعية هذه الاتفاقية: إن الحكومة الحالية التي تدير السودان ما زالت تواجه العديد من التحديات التي تتعلق بمدى مشروعيتها السياسية والقانونية، وبالتالي يرى بعض السياسيين أن الحكومة السودانية الحالية ليس لديها من المشروعية السياسية والقانونية ما يكفي لتوقيع مثل هذا الاتفاق مع روسيا في “بورتسودان”، إلى جانب أن هذا الاتفاق يتطلب موافقة البرلمان السوداني الأمر الذي يصعب تحقيقه في الفترة الراهنة في ظل توقف مؤسسات الدولة وتفاقم الحرب وحالة عدم الإستقرار التي تعاني منها البلاد، وهوما من شأنه أن يدفع مستقبلاً بالتشكيك في مدى مشروعية توقيع مثل هذا الاتفاق المحتمل بين روسيا والسلطات السودانية.
(&) الموقف السعودي: تدخل السودان في اتفاقية أمنية مع المملكة العربية السعودية تلك الاتفاقية البحرية تقضي برفض أي تواجد لقوات أجنبية أو منح قواعد لدول أجنبية، فموافقة السودان قد تؤثر على العلاقات مع السعودية التي رفضت مسبقًا رغبة السودان في إقامة قاعدة روسية على ساحل البحر الأحمر حيث ترى في إنشاء أي قاعدة عسكرية في منطقة البحر الأحمر تهديدًا لأمنها القومي، فهي تنظر إلى ساحل البحر الأحمر ضمن نطاق أمنها القومي وممرًا بحريًا مهمًا بالنسبة لها، وكانت السعودية قد وقعت عام 1974 اتفاقًا مع السودان بهدف التنقيب عن المعادن في المياه الإقليمية وبهدف التموضع لتأمين منطقة البحر الأحمر من الجانب السوداني.
(&) الموقف المصري: من الممكن أن تؤثر موافقة السودان المحتملة على العلاقة مع مصر وهي من أهم دول الجوار بالنسبة للسودان، حيث ترفض القاهرة عسكرة البحرالأحمر باعتباره “البوابة الجنوبية لقناة السويس” عن طريق إنشاء قواعد عسكرية بما يحول ساحل البحرالأحمر إلى ساحة للتنافس الدولي لا سيما بين الدول الكبرى كروسيا والولايات المتحدة والصين الأمر الذي يشكل تهديدًا صريحًا للأمن القومي المصري وحركة الملاحة بقناة السويس، حيث عانت مصر من انخفاض حركة السفن في قناة السويس ومن ثم انخفاض إيراداتها جراء هجمات الحوثيين الأخيرة على السفن في منطقة البحر الأحمر.
(&) الحرب الأوكرانية: يبدي بعض المراقبين مخاوفهم من تحول السودان إلى ساحة حرب بين روسيا وأوكرانيا بعدما زعمت تقارير غربية أن المخابرات العسكرية الأوكرانية تدعم الجيش السوداني وقد نفذت قوات أوكرانية خاصة عمليات ضد ضباط من “فاجنر” في السودان، بهدف تقويض العمليات العسكرية والمصالح الاقتصادية الروسية في الخارج ورفع تكلفة الحرب على موسكو، إلى جانب التأكيد من مصدر دبلوماسي أوكراني على أن كييف ستقوم بفتح سفارة مؤقتة لها في “بورتسودان” خلال الأشهر القليلة المقبلة، وعليه ستصبح السودان ساحة مواجهة بين الجانبين الروسي والأوكراني.
وختامًا؛ تسعى روسيا دائمًا لمد نفوذها ومنافسة القوى الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية والغرب في العديد من المناطق حول العالم، وقد وجدت روسيا في السنوات الأخيرة في القارة الإفريقية أرضًا خصبة لمد هذا النفوذ الروسي حيث سعت لتعزيز تواجدها داخل القارة الإفريقية من خلال تعاونها العسكري مع العديد من الدول الإفريقية كمالي والنيجر وبوركينا فاسو، ولم تكتف روسيا بذلك بل امتدت مساعيها إلى السودان حيث الموقع الاستراتيجي داخل القارة الإفريقية من أجل تعزيز تمركزها بالقارة وذلك من خلال إنشائها قاعدة عسكرية روسية بـ”بورتسودان”، وهي الخطوة التي ستعزز أيضًا من فرص تواجدها على ساحل البحر الأحمر وتحقيق مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة، ويأتي إحياء الاتفاق السوداني الروسي بشأن إنشاء القاعدة اللوجيستية في ظروف الحرب السودانية، فموسكو منذ عهد السوفييت تواصل نهج اختراق المناطق الهشة لتملأ الفراغ الأمريكي والغربي فضلًا عن أن الجيش السوداني يستغل إحياء هذا الاتفاق لتوفير الدعم العسكري له في مواجهة ميليشيا “الدعم السريع” في خطوة لسعيه لحسم الحرب لصالحه، وعلى الرغم من ذلك سيترتب على تنفيذ هذا الاتفاق العديد من التداعيات يواجه أيضًا العديد من التحديات التي من الممكن أن تقف عائقًا أمام استكمال خطوات تنفيذه.