الإعلانات المضللة واستدراج العملاء

كتبه إسلام خالد وجهاد عمر


تشكل الإعلانات عاملًا أساسيًا في انتشار المنتج ومعرفة الناس به ولكن بعض الشركات تتعجل في خطتها للانتشار باللجوء إلى الإعلانات المضللة لجذب أكبر عدد من المتابعين، وعبر الإعلانات المضللة تعطي الشركة وعودًا لمنتج بخصائص أو مستوى خدمة جيد، بينما يتضح بعد شراء المستهلك لهذا المنتج أن هذه الوعود  ليس لها وجود من الأساس، ورغم أن القليل من المبالغة لإظهار المنتج بأحسن مظهر مطلوب ولكن لا يجب أن يتعارض ذلك مع مصداقية الشركة وجودة المنتج وخصائصه، ويجب توضيح حقيقة المنتج أو الخدمة كاملة بدون إخفاء بعض المعلومات لغرض أنه إذا علم بها المستهلك سيمتنع عن شراء هذا المنتج أو الخدمة المقدمة.

أمثلة عن الإعلانات المضللة

يقع الكثيرون في فخ الإعلانات الكاذبة والمضللة، لذلك بات من الضروري مناقشة هذا الموضوع ومواجهة تضليل العديد من المستهلكين وضياع حقوقهم، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر على هذه الإعلانات وكيف يتلاعب صانعيها بعقول المشاهد، كما سنوضح بأمثلة تفصيلية، على النحو التالي:

(*) الإعلانات المضللة والشركات الكبرى: يوجد العديد من طرق الغش والتضليل فى الإعلانات والترويج للمنتج بشئ زائف و ليس له وجود، وهذا لا ينحصر في الشركات الصغيرة، ولكن لدينا أكبر مثال في هذا الغش من شركات السيارات الشهيرة “V.W” و التي تعرف أيضًا بـ“dieselgate”، حيث كان يتم الترويج أن الشركة مراعية للبيئة وتعمل على أن تتوافق جميع منتجتها مع الاشتراطات البيئية في تقليل الانبعاثات، إلا أن عام 2015 كان شاهد على فضيحة الانبعاثات، حيث وضعت الشركة في عام 2006 خطة مدتها عشر سنوات لتحقيق مبيعات أعلى في الولايات المتحدة الأمريكية تحت إشراف الرئيس التنفيذي، واعتمدت الخطة على بيع مركبات الديزل النظيف (K.L  2020) وهذه المحركات وُضعت لها معايير بيئية لكي تحد من آثار ظاهرة الاحتباس الحراري عن طريق الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتمثلت عملية التضليل والغش في إنشاء البرنامج الذى سمى فيما بعد بجهاز الهزيمة للمساعدة في تجاوز اختبار الانبعاثات لكي تنطبق مع المعايير البيئية.

(*) الإعلانات المضللة ومجال المنتجات الغذائية: ومن أشهر أمثلة الإعلانات المضللة في ترويج المنتجات الغذائية، هي الغش في حجم وشكل المنتج، ومن أشهر الشركات في هذا النوع من الغش، شركات مطاعم الوجبات السريعة المشهور بمطاعم الـ(fast food)، حيث كشفت شبكة (CNN) عن إدانة اثنين من أشهر مطاعم الهامبرجر الجاهز (M and W)، ببيع منتجات أصغر حجمًا من التي تصدرها الإعلانات، فقد أدانتهم باستخدام مأكولات غير مطبوخة في الإعلانات، وأنه عندما يتم طبخ هذه المأكولات فعليًا ينكمش حجمها عن تلك الموجودة في الإعلانات.

ويجب ألا ننسى في هذه الأيام دور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج للمنتجات، ومن أشهر طرق الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي هو الترويج من خلال المؤثرين كما يعرفون بـ
(bloggers and influencers)، حيث أن يتخذ العديد من الأشخاص هؤلاء المؤثرين مصدرًا يمكن الاستفادة من محتواه في التعرف على منتجات بعينها، وهذا المحتوى من الممكن أن يكون محتوى ترفيهي أو تعليمي فيكون لهذا الشخص قاعدة جماهيرية ويتم الوثوق فيه وفي المنتجات التي يروج لها، ولكن مثلها مثل الإعلانات السابقة من الممكن أن تكون مضللة مثلما حدث في 2023، إذ روج  مطعم بيتزا شهير لمنتجه في حملة إعلانية مع مؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، أنه يمكن للمستهلك شراء قطع بيتزا مثلما يريد بمبلغ قليل من المال، إلا أنه في حقيقة الأمر لابد أن ينتظر المستهلك في المطعم مدة لا تقل عن 15 دقيقة لكي تقدم له قطعة واحدة من البيتزا، وأثار ذلك موجة ازدحام وأدى لاستياء شريحة ضخمة من المستهلكين في تعليقاتهم على ڤيديوهات المؤثرين عن هذا المطعم الذي كان يستهدف الفئه الأصغر سنًا من الجيل زد (gen z) ، حيث أن هذه الحملة كانت على منصة التيك توك والانستجرام وأكبر فئة عمرية تستخدم هذه المنصات هي تلك الفئة مما أدى لضياع الثقة في بعض المؤثرين.

ولعل أحدث مثال على ذلك أيضًا هو ما حدث فى رمضان 2024، حيث تم الترويج من قبل شركة مصرية لمنتجها الجديد عن طريق حملات إعلانية من خلال المؤثرين وقد أظهرت إحدى الأمهات استيائها من المنتج بعد أن قامت بشرائه من أجل أبنتها التي تأثرت بحملة المؤثرين على المنصات حيث أن جودة المنتج لم تكن مثلما كان يروج له من قبل المؤثرين معبرة عن استياء من خلال ڤيديو على منصه التيك توك

ومن أمثلة الإعلانات المضللة كذلك في صناعة المنتجات الغذائية، ما حدث في عام 2009، حيث أثبت أن علامة تجارية بارزة في صناعة حبوب الإفطار أنها تبالغ في حملاتها الإعلانية حول معلوماتها وإحصاءاتها حيث أنها كانت تزعم أن تناول هذه الحبوب تحسن انتباه الأطفال بنسبة 20%، ولكن الدراسات أثبتت أنها تتحسن بنسبة 11%؜ فقط مما عرض الشركة لمساءلة قانونية جعلها تراجع استراتيجيات التسويق لديها.

وتستكمل سلسلة التضليل في مجالات التغذية بأشهر الأمثلة وهي المكملات الغذائية وبديل البروتينات أو ما تسمى بـ (protein bars & protein buffs)، حيث قام شاب بفضحهم عبر ڤيديو على موقع اليوتيوب مبينًا أنهم يضعون نسب مزيفة من البروتين غير حقيقية، وأكد ذلك بدلائل علمية من خلال أخذ عينات لتحليلها.

كما يتضح وجود طرق أخرى للتضليل وهي عن طريق إعطاء صورة علامة تجارية خاطئة لكسب ولاء العملاء والمشترين المحتملين، مثل أن تروج شركة اهتمامها بالمعايير والاشتراطات البيئية وترسيخ هذه الفكرة لدى المشترى من جميع النواحي، وتقوم هذه الشركات بتبني قضية أو فكرة معينة من جميع النواحي حتى في شعارها الرسمي “اللوجو” وهذه استراتيجية تسويق ناجحة إذا كانت صادقة، ولكن إذا كانت تتظاهر بهذا مثل الشركة الكبرى صاحبة سلسلة المقاهي ومصانع القهوة والتي تروج لمنتجاتها وسمعتها باهتمامها الزائد “بحياة السلاحف”، إلى أن اتهمت الشركة بالتعامل مع مزارع ترتكب جرائم غير أخلاقية مثل عمالة الأطفال والإتجار بالبشر، وقد أظهرت هذه الشركة وجهها الخفي في الوطن العربي والعالم بعد الحرب على غزة، مما أدى لتضرر تلك العلامة التجارية وخسارة سمعتها في العالم العربي.

(*) الاعلانات المضللة ومستحضرات التجميل: واحدة من أخطر المجالات التي تنتشر فيها الإعلانات المضللة هي مجال مستحضرات التجميل، وأحدث مثال على ذلك عندما طرحت شركة مصرية منتجًا خاص بتثبيث الحواجب، حيث تم الترويج لهذا المنتج أنه يتميز بجودة عالية في التثبيت، ودون أن تذكر أعراض ذلك المنتج وتسببه في تساقط حواجب الشعر، وكشفت عن تلك المشكلة مؤثرة مصرية قيمت المنتج عبر ڤيديو على التيك توك، وأظهرت التعليقات إجماعًا من المستهلكين بمواجهة هذه المشكلة معبرين عن استيائهم من عدم اهتمام الشركة لهذه المشكلة إلى الآن.

كما واجهت واحدة من أكبر شركات مستحضرات التجميل للأطفال(J&J) ، العديد من الدعاوى القضائية تزعم أن أثنين من منتجتها تسببت في الإصابة بسرطان المبيض.

(*) الإعلانات المضللة والذكاء الاصطناعي: كما ذكرنا من قبل أن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في الإعلانات والتسويق، ومع أنها مهمة لكنها تتطور بشكل سريع وبعض منها يكون خطيرًا، مثل خاصية التزييف العميق “deep fake” وهي خاصية تعمل بالذكاء الاصطناعي على تزييف ڤيديو أو صورة أو أخذ ڤيديو لشخص ما وتحويل هذا الڤيديو بصورة شخص آخر وكلام الشخص المتواجد فيه، مثلما حدث مع إحدى المؤثرات على منصة التيك توك، والتي تعرضت لتضليل من قبل شركة عالمية لمستحضرات التجميل وخداعها بمعلومات خاطئة عن الشركة التي ادعت أنها أمريكية قبل أن تكتشف هذه المؤثرة أنها  شركة  إسرائيلية، واستخدموا بخاصية “deep fake” لتزييف الڤيديو الترويجي الخاص بها، حيث كانت تظهر وهي تضع المنتج على بشرتها. وقاموا بتزييف وتغيير النتيجة الحقيقية عن الڤيديو الأصلي.

كيفية استدراج العميل

يوجد خمس أساليب أساسية تستخدمها لكي تجذب العميل وتستدرجه، على النحو التالي: 

(&) الاستدراج الذهني: يعني التركيز على الفوائد والمميزات الخاصة بالمنتج أو الخدمة، مثل الجودة أو الراحة مثلما حدث في شركه السيارات الشهيرة.

(&) الاستدراج العاطفي: يعني الاستهداف للعواطف والمشاعر لدى المستهلك، مثل السعادة أو الثقة أو الحب.

(&) الاستدراج الاجتماعي: يعني ربط المنتج أو الخدمة بالقيم والمعتقدات الاجتماعية، مثل الانتماء أو الاعتراف أو التقدير.

(&) الاستدراج الخطابي: يعني استخدام لغة مقنعة أو دعائية لإقناع المستهلكين بشراء المنتج أو الانضمام إلى الخدمة.

(&) الاستدراج الحاشد: يعني التركيز على العروض الخاصة والتخفيضات والتنزيلات لجذب المستهلكين مثلما حدث أيضًا فى مطعم البيتزا.

 

المصادر:

https://edition.cnn.com/2023/10/04/business/wendys-mcdonalds-false-advertising-lawsuit/index.html

https://vm.tiktok.com/ZMMXAcGqv/

https://www.facebook.com/profile.php?id=100067563914761&mibextid=LQQJ4d

https://youtu.be/gflM76G2JmQ?si=_fI5whGq9KnLWViP

https://vm.tiktok.com/ZMMXn47AU/

https://vm.tiktok.com/ZMMXnUgWQ/

https://journals.ekb.eg/article_89952_f524b8bd71a1688b9b19be08f72be76a.pdf

https://journals.ekb.eg/article_308042_5d71b297b99d8a50e616c42df6b4f637.pdf

file:///C:/Users/dell/Downloads/Loudenslager_Kelsi_STS_Research_Paper.pdf

إسلام خالد

مساعد رئيس المركز ، مستشار التكنولوجيا بالنقابة العامة للمحامين بجمهورية مصر العربية ، واستشاري امن المعلومات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى