نقلة “العسومي” لـ أداء البرلمان العربي

منذ أن تولى البحريني عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئاسة البرلمان العربي، فى أكتوبر 2020،- تشهد هذه المؤسسة البرلمانية العربية نقلة نوعية في الأداء والمهام، لدرجة أن البرلمان العربي أصبح فاعل رئيسي في كل الفعاليات العربية، ومؤثر مهم في اتجاهات حلحلة أزمات المنطقة.
ربما لم التق بالنائب البحريني عادل بن عبد الرحمن العسومي، لكن سيرته الذاتية ومتابعتي للبرلمان العربي، باعتباري واحدًا من المتخصصين في الشئون البرلمانية وحاصل على دكتوراه في هذا التخصص، حيث أجريت دراسة مقارنة في رسالتي عن أداء البرلمانات في دول مصر وتونس والجزائر- هو ما جعلني أبحث بدقة عن مسار البرلمان العربي وأدائه تحت رئاسة ” العسومي”، بل معرفة أسباب اشتباك البرلمان العربي خلال الثلاثة أعوام الأخيرة مع كل الأحداث العربية، محاولًا التشبيك بين القادة والزعماء العرب، وواضعًا دوراً جديدًا للبرلمانات في دولنا العربية.
لقد عمل ” العسومي” على ترسيخ مكانة البرلمان العربي، في النظام السياسي العربي، باعتباره الذراع التشريعية والرقابية لمنظومة العمل العربي المشترك، وكذلك تفعيل دوره عربياً وإقليمياً ودولياً، فقد أسهم العسومى فى فتح آفاق التعاون مع المنظمات الدولية، واستحداث آليات جديدة لتعزيز العمل العربي المشترك، وطرح مبادرات تخدم مصالح المواطن العربي.
لقد كان البرلمان العربي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، حاضرًا في تطورات الأوضاع العربية الراهنة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، مؤكدًا طوال الوقت على تضامن قوى وصلب من قبله مع الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، وبل ظل البرلمان العربي برئاسة ” العسومي” خلال الفترة الأخيرة متابعًا بقوة لكل التطورات الجارية على الساحة الفلسطينية.
وفي أزمة السودان والصراع بين الجيش وميليشيا الدعم السريع، أخذ البرلمان العربي برئاسة “العسومي” اتجاهًا واضحًا في الأزمة، وهو تضامنه مع الشعب السوداني، داعياً إلى الحوار السلمي لنزع فتيل الأزمة المستمرة، موصيًا بالعمل على استعادة الاستقرار إلى دولة السودان في أسرع وقت، مشددًا على وحدة الأراضي السودانية والحفاظ على الجيش السوداني ورفض التدخلات الخارجية. ولحرص البرلمان العربي على أن تحل أزمة السودان بأيدي عربية دون تدخلات أجنبية، ثمن “العسومي” في أكثر من بيان على صفحة البرلمان الرسمية وفي تصريحات متعددة، كافة الجهود العربية التي بذلت في هذا الشأن، وذلك لوقف نزيف الدماء.
وعند تقييمنا لأداء البرلمان العربي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، تلاحظ حدوث مستوى متطور يختلف تماما عن البرلمان ما قبل 2020، فقد ناقش البرلمان العربي مؤخرا العديد من القضايا، وطرح العديد من مشروعات القوانين، منها قانون استرشادي بشأن حماية الخصوصية ومكافحة الابتزاز الإلكتروني ومشروع خارطة طريق لمواجهة عمل الأطفال، إضافة إلى عدد من الموضوعات التي تتعلق بحالة حقوق الإنسان في العالم العربي عن عام 2022، وإعداد قانون استرشادي عربي لمكافحة ظاهرة التنمر في العالم العربي، ومذكرة خاصة بشأن إعداد رؤية عربية موحدة لرعاية اللاجئين العرب والعمل علي إعادة توطينهم في أوطانهم الأصلية، ومذكرة حول تداعيات زلزال تركيا وسوريا على حالة حقوق الإنسان ومواجهة تداعيات الكوارث. هذا إلى جانب السعي الحثيث من قبل البرلمان العربي ورئاسته لحل الأزمات والقضايا العربية من خلال الحوار السياسي، إضافة إلى محاولته حلحلة الأوضاع الاقتصادية الراهنة في المنطقة العربية ودعم العمل العربي المشترك.
بالتأكيد النقلة النوعية في أداء البرلمان العربي خلال الثلاث سنوات الأخيرة، لم تأت من فراغ بل هي نتاج حقيقي لقيادة برلمانية متمكنة، فالنائب البحريني عادل بن عبد الرحمن العسومي، لديه خبرة لأكثر من 25 عاماً في المجال التطوعي الأهلي والعمل الخيري الإنساني، وتولى عدة مناصب قيادية في البرلمان العربي، ومجلس النواب على مدى ثلاث دورات برلمانية سابقة، إلى جانب مناصب قياديية رياضية، وتأسيس صندوق الحورة والقضيبية الخيري، وصندوق البسيتين الخيري بنادي البسيتين، بالإضافة إلى رعاية العديد من الفعاليات المجتمعية، وحاز على العديد من الشهادات التقديرية التطوعية في المجال الخدمي والإنساني.
انتخاب “العسومي”، رئيسا للبرلمان العربي، أخذ اهتمامًا كبيرًا من الأخوة البحرينيين، بل مباركات من كافة القيادات البحرينية، فصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، تقدم له برقية تهنئة، حيث أعرب وقتها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء عن تهانيه الخالصة له على الثقة التي أولاها إياه أعضاء البرلمان العربي، والتي تعكس ما يتمتع به أبناء مملكة البحرين من كفاءات وخبرات مشهودة لتولي مختلف المناصب والمسئوليات. كما أن ما يؤكد الحب والتقدير لرئيس البرلمان العربي على المستوى الداخلي البحريني، هو تعيينه عضوا في البرلمان البحريني من قبل صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، حيث أصدر جلالته الأمر الملكي السامي رقم (٤١) لسنة ٢٠٢٢ بتعين “العسومي”.
وعلى مستوى الدبلوماسية البرلمانية واللقاءات الخارجية للبرلمان العربي، يمكن التأكيد على دور قوى في هذا الشأن منذ تولى “العسومي” رئاسته، حيث من خلال تتبعنا للموقع الرسمي للبرلمان رصدنا عدد من أدورات كثيرة أنجزها البرلمان لتنشيط هذا الدور منها دوره في القمة العربية بالجزائر والنشاط الملحوظ لـ “العسومي” بالجزائر، وقيامه بالعديد من اللقاءات وتكريمه للرئيس عبد المجيد تبون ومنحه وسام القائد، كما دعا رئيس البرلمان العربي إلى العدالة المناخية الدولية في توزيع الأعباء وتحمل الالتزامات، وأعلن عن تدشين المركز العربي لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، والذي يعد عمل استثنائي عربي مشترك لمكافحة هؤلاء المجرمين، ولم تتوقف تحركات “العسومي” عند هذا الحد بل وقع اتفاقية تعتبر الأولى منة نوعها بين البرلمان العربي والأمم المتحدة، كما دعا إلى إنشاء شبكة برلمانية عربية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وأطلق الصندوق العربي لمواجهة الكوارث والأزمات، الذي يعد أحد آليات العمل العربي المشترك في مواجهة مخاطر البيئة. ولا تننسى في النهاية تسليمه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وسام القائد الذي يعد أرفع وسام يقدمه البرلمان لقادة البلاد.. تحية للبرلمان العربي ورئيسيه البحريني عادل بن عبد الرحمن “العسومي” على هذا التطور في الأداء والمهام.