د. محمد الجمال يكتب.. مجلس الأعمال المصري–الأوغندي.. شراكة تتعزز

شهدت القاهرة في الثاني عشر من أغسطس 2025 انعقاد منتدى رجال الأعمال المصري–الأوغندي، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني لمصر. اللقاء، الذي عكس عمق العلاقات السياسية بين البلدين، مثّل خطوة مهمة نحو فتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والاستثماري.

لقد دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال المنتدى،- إلى الإسراع في تأسيس مجلس الأعمال المصري–الأوغندي المشترك، مشيرًا إلى أن المجلس سيكون أداة عملية لتحويل العلاقات الوثيقة إلى مشروعات تنموية واقتصادية ملموسة. الدعوة جاءت في إطار رؤية مصر لدورها كشريك رئيسي في منطقة حوض النيل الجنوبي، وكجسر للتكامل الاقتصادي مع شرق ووسط أفريقيا.

تعكس الأرقام إمكانات كبيرة لمضاعفة التعاون، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 133 مليون دولار في 2024، فيما وصلت الاستثمارات المصرية في أوغندا إلى 239 مليون دولار، موزعة على 69 مشروعًا تشمل قطاعات الزراعة، والصناعة، والخدمات. ومع وجود علاقات سياسية مستقرة، تبدو الفرصة مهيأة لمضاعفة هذه المؤشرات خلال السنوات المقبلة.

لقد ركزت المناقشات في المنتدى على مجالات حيوية يمكن أن تشكل قاطرة للتعاون المستقبلي، أبرزها الزراعة الحديثة ومشروعات الأمن الغذائي، ولا سيما زراعة القمح والمزارع المتكاملة، إلى جانب الصناعات الدوائية ومواد البناء والأجهزة الكهربائية. كما طُرحت فرص للتعاون في تطوير البنية التحتية، ومشروعات الطاقة المتجددة، والسياحة البيئية، وتطوير الممرات النهرية لتعزيز النقل والتجارة عبر نهر النيل. وتم التأكيد على ضرورة زيادة تبادل الوفود التجارية، وإتاحة المجال بشكل أكبر أمام القطاع الخاص ليكون المحرك الرئيسي للشراكة.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك، أعلن الزعيمان عن تفاهمات شملت التعاون في إدارة الموارد المائية، ودعم القطاع الزراعي والغذائي، وتشجيع الاستثمار، وإلغاء متبادل لتأشيرات الدخول لحاملي الجوازات الرسمية، فضلًا عن دعم إنشاء معهد دبلوماسي أوغندي. كما تم الاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات التدريب وبناء القدرات، ومكافحة الأمراض البيطرية، وتطوير قطاع الطاقة، وعقد لجنة التعاون العسكري بشكل سنوي.

رؤية استشرافية:

من المنتظر أن يلعب مجلس الأعمال المصري–الأوغندي المشترك دورًا محوريًا في المرحلة المقبلة، ليس فقط في زيادة حجم التبادل التجاري، بل أيضًا في تنويع مجالاته لتشمل قطاعات جديدة مثل التكنولوجيا الزراعية، والتصنيع الغذائي، والخدمات اللوجستية، والتعليم الفني، والرعاية الصحية. وإذا نجح المجلس في تفعيل آليات العمل المشترك، وتسهيل حركة الاستثمارات والسلع، فمن المرجح أن يتجاوز حجم التبادل التجاري حاجز 300 مليون دولار خلال خمس سنوات، مع تضاعف الاستثمارات المشتركة في مشروعات البنية التحتية والطاقة والمياه.

وبينما تضع القاهرة وكمبالا أسس شراكة اقتصادية أعمق، يظل نجاح المجلس مرهونًا بقدرة الجانبين على الحفاظ على زخم التعاون، وتحويل التفاهمات السياسية إلى نتائج اقتصادية ملموسة تعزز مكانة البلدين في القارة الأفريقية.

د. محمد الجمال

د. محمد الجمال، كبير الهيئة الاستشارية بمركز رع للدراسات، هو خبير في شئون الصناعات والاستثمار. حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية – جامعة القاهرة، وحاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية – أكاديمية فينكس، الولايات المتحدة الأمريكية. هو عضو في مجلس الأعمال المصري الفنلندي منذ عام 2013، ورئيس شعبة الألومنيوم باتحاد الصناعات المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى