تحليل المؤشرات: كيف جاء أداء البنك الأهلي المصري في الربع الأول من 2024؟
يُعتبر البنك الأهلي المصري من أكبر البنوك الحكومية في القطاع المصرفي المصري، وتحقق ذلك من الأداء المالي القوي لهذا البنك والخدمات المصرفية المُتميزة التي يُقدمها، فضلاً عن استحواذه على عدد كبير من المُتعاملين مع الجهاز المصرفي، وعلى الرغم من ذلك يأتي من الضروري التعرف على التقييم العلمي لأداء البنك الأهلي المصري من خلال تحليل المؤشرات، حتى يُمكن الوقوف على مستوى مؤشرات الأداء الخاصة به، والتعرف على الفرص والتحديات التي تواجه البنك الأهلي المصري.
وتأسيساً على ما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على عوامل نجاح البنك الأهلي المصري، بالإضافة إلى استخدام تحليل المؤشرات في استكشاف الوضع المالي للبنك وفق أخر التقارير المالية للبنك، مع تقديم مجموعة من التوصيات؛ لرفع أداء البنك الأهلي المصري بشكل أكبر.
عوامل استراتيجية:
إن تصدُر البنك الأهلي المصري قائمة البنوك في القطاع المصرفي المصري، تحقق من خلال عدد من العوامل الهامة التي سيتم توضيحها فيما يلي:
(-) المركز المالي للبنك: تعكس أصول البنك الأهلي المصري مدى حجم البنك في القطاع المصرفي، فمن الشكل ( 1) يتضح أن إجمالي أصول البنك تتخذ المسار التصاعدي خلال السنوات 2021 و 2022 و 2023، إذ ارتفعت من 2.82 تريليون جنيه في سبتمبر 2021 إلى 5.01 تريليون جنيه في سبتمبر 2023، أي ارتفعت بنسبة 77.66%، وهي نسبة كبيرة للغاية تعكس مدى التطور والتقدم الذي يسير وفق له البنك الأهلي المصري، فزيادة أصول البنك تعني كل ما يملكه البنك من احتياطيات وأوراق مالية و إيداعات البنك لدى البنوك الأخرى، الأمر الذي يدل على قوة البنك الأهلي المصري.
الشكل ( 1) يوضح المركز المالي للبنك الأهلي المصري
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
(-) القروض والودائع: يُمكن توضيح حجم النشاط المصرفي للبنك الأهلي المصري من خلال حجم القروض والودائع، فمن الشكل (2 ) يتضح أن إجمالي ودائع البنك الأهلي المصري ارتفعت من 2.22 تريليون جنيه في سبتمبر 2021 إلى 3.58 تريليون جنيه في سبتمبر 2023، أي ارتفعت بنسبة 61.26%،فمن هنا يُمكن القول أن زيادة الودائع لدى البنك الأهلي المصري بهذه النسبة الكبيرة، تعكس مدى ثقة العملاء في سياسات البنك، كما ارتفعت إجمالي القروض بالتوازي مع حجم الودائع داخل البنك، إذ ارتفعت من 1.09 تريليون جنيه إلى 2.26 تريليون جنيه، أي ارتفعت بنسبة 107.34%، وهو ما سوف ينعكس على الأرباح التي سوف يُحققها البنك من جراء تقديم هذه القروض بهذه النسبة.
الشكل (2) يوضح حجم ودائع وقروض البنك الأهلي المصري
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
(-) الانتشار الجغرافي: يُعتبر الانتشار الجغرافي من الأدوات الهامة في نجاح النشاط المصرفي للبنك، وهو ما يُدركه البنك الأهلي بشكل كبير، إذ يعمل على نشر فروعه بشكل كبير في المحافظات المختلفة، فكما يوضح الشكل ( 3) ارتفعت من 517 فرع في عام 2020 إلى 634 فرع في عام 2022، ثم ارتفع عدد الفروع ليصل إلى 643 فرع في يونيو 2023، إذ يستحوذ البنك الأهلي المصري على 13.86% من إجمالي فروع البنوك بالقطاع المصرفي في يونيو 2023، كما يعمل البنك على تزويد المناطق المختلفة بماكينات الصرف الآلي، التي ارتفعت من 6.53 ألف ماكينة في نهاية 2022 إلى 6.67 ألف ماكينة في يونيو 2023، وهو الأمر الذي يوضح مدى اهتمام البنك بتوصيل خدماته لأكبر عدد مُمكن من المواطنين.
الشكل (3 ) يوضح عدد فروع البنك الأهلي المصري
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
مؤشرات تحليلية:
يُمكن الاستدلال على مستوى الأداء المالي للبنك الأهلي المصري من خلال النقاط التالية:
(*) مؤشر السيولة: تُشير نسب السيولة إلى قدرة البنك على مواجهة التزاماته المالية، والتي تتمثل في مواجهة طلبات السحب من قبل المودعين و تلبية طلبات القروض المُختلفة، ويُمكن تقييم هذا المؤشر من خلال قسمة صافي القروض إلى إجمالي الأصول خلال فترة الدراسة، كما أنه يُمكن حسابه من خلال نسبة القروض إلى الودائع، وتُعتبر هذه النسبة من أهم النسب في تقييم مخاطر السيولة والائتمان للبنك؛ لأنها تدل على النسبة المئوية من القروض الممولة من الودائع، فمن الشكل (4 ) يتضح أن نسبة القروض إلى الودائع داخل البنك في كلاً من سبتمبر 2022 وسبتمبر 2023 ترتفع عن نسبة الـ 35%، كما أن من تحليل نقاط القوة داخل البنك، اتضح أن نسبة النمو في القروض تفوق نسبة النمو في الودائع بشكل كبير، وهو الأمر الذي يوضح أن هذه النسبة ليست في وضع جيد داخل البنك الأهلي المصري، إذ كلما ارتفعت هذه النسبة كلما انخفضت سيولة البنك، وهو الأمر الذي يعني احتمالية تعرض البنك إلى ضغوط مالية من خلال تقديم قروض مفرطة، مما يجعل من الضروري على البنك الأهلي المصري أن يحذر من تقديم نسبة كبيرة من القروض اعتماداً على الزيادة في حجم الودائع.
الشكل ( 4) يوضح نسبة القروض / الودائع للبنك الأهلي المصري في سبتمبر 2022 وسبتمبر 2023
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
(*) نسبة المخاطر: إن تقييم المخاطر التي يتعرض لها البنك من الأمور الهامة في التحليل المالي، فهذا التقييم يُطمئن المودعين على أموالهم داخل البنك، كما أنه من المؤشرات التي تدل على سلامة البنوك الكبرى داخل القطاع المصرفي المصري، إذ يُمكن الحصول على هذه النسبة من خلال قسمة إجمالي الودائع إلى إجمالي الأصول، فمن الشكل (5) يتضح أن نسبة المخاطرة في كلاً من سبتمبر 2023 وسبتمبر 2022 تجاوزت الـ 50%، أي أن نسبة الاعتماد على الودائع في تمويل الأصول مرتفعة للغاية، ولما كانت هذه النسبة تُعبر عن مديونية البنك، فمن المُستحسن أن تكون أقل من 50%، فمن هنا يُفضل أن يعمل البنك الأهلي المصري على تخفيض هذه النسبة في نشاطه المصرفي؛ حتى يستطيع البنك ممارسة نشاطه بأقل مخاطر مُمكنة.
الشكل (5) يوضح نسبة المخاطر للبنك الأهلي المصري
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
(*) مؤشر الربحية: هناك العديد من النسب التي توضح مؤشر الربحية داخل البنوك المُختلفة، فمن هذه النسب صافي الربح إلى إجمالي حقوق الملكية، وصافي الربح إلى إجمالي الأصول، وهي التي يُعبر عنها الشكل ( 6)، فمن خلالها يُمكن التعرف على وضع مؤشر الربحية داخل البنك الأهلي المصري، فمن ناحية العائد على الأصول ( صافي الربح / إجمالي الأصول)، كلما ارتفعت هذه النسبة تعني أن البنك في وضع جيد، إذ أنها تعني أن البنك في موقف قوي في استخدام أصوله في توليد الأرباح، فهذه النسبة ارتفعت في البنك الأهلي المصري من 0.6 % في سبتمبر 2022 إلى 10.22 % في سبتمبر 2023، ولكن على الرغم من ارتفاعها يُمكن القول أن البنك مازال يحتاج إلى رفع الكفاءة التشغيلية داخله، ومن ناحية العائد على حقوق الملكية( صافي الربح / إجمالي حقوق الملكية)، فإن هذه النسبة ازدادت بشكل كبير خلال الفترة محل الدراسة، إذ ارتفعت من 10.22% في سبتمبر 2022 إلى 18.51 في سبتمبر 2023، وهو ما يعني أن البنك حقق كفاءة كبيرة في استخدام حقوق الملكية في توليد أرباح، فعندما تتجاوز هذه النسبة الـ 10%، يُمكن القول أن البنك في وضع آمن بالنسبة لمؤشر العائد على حقوق الملكية.
الشكل ( 6) يوضح مؤشر الربحية داخل البنك الأهلي المصري في سبتمبر 2022 وسبتمبر 2023
المصدر: التقارير المالية للبنك الأهلي المصري
(*) مؤشر الكفاية: يُساعد مؤشر الكفاية على التعرف على قدرة البنك على امتصاص الأزمات التي تحدُث نتيجة عمليات الائتمان والاستثمار التي يقوم بها البنك عن طريق حقوق الملكية، ويُمكن معرفة وضع هذا المؤشر داخل البنك الأهلي المصري من خلال نسبة كفاية رأس المال، التي توضح قدرة البنك على الوفاء بالتزامات المودعين، وكفاية حقوق الملكية بالنسبة للودائع التي توضح قدرة البنك على رد الودائع من الأموال التي يمتلكها، إذ أنها تُعبر على أي مدى يعتمد البنك على حقوق الملكية كأحد مصادر التمويل.
وبحساب هذه المؤشرات تبين من خلال الشكل (7) أن نسبة كفاية رأس المال في البنك الأهلي المصري انخفضت من 5.49% في سبتمبر 2022 إلى 5.38% في سبتمبر 2023، كما أن هذه النسب لم تتخطى الـ 8% خلال الفترة محل الدراسة، وهو ما يعني أن البنك لابد أن يُراعي هذا في نشاطه التشغيلي، وبالنسبة لنسبة كفاية حقوق الملكية فعلى الرغم من ارتفاعها من 7.3% إلى 7.54%، إلا أنها لم ترتفع عن الـ 10%، وهو الأمر الذي يعني أن البنك الأهلي المصري لابد أن يعمل على زيادة هذه النسبة بدرجة كبيرة، حتى تزيد قدرة البنك على رد أموال المودعين من الأموال المملوكة له، مما يبعث الطمأنينة بشكل كبير لعملاء البنك.
الشكل ( 7) يوضح مؤشرات الكفاية داخل البنك الأهلي المصري
توصيات هامة:
من خلال تحليل المؤشرات، يُمكن الخروج بمجموعة من التوصيات الأساسية للبنك الأهلي المصري على النحو التالي:
(-) تحقيق كفاءة استخدام الموارد: يحتاج البنك الأهلي المصري إلى تحقيق الكفاءة بدرجة كبيرة في استخدام الموارد التي يمتلكها، فلابد أن يوازن البنك بين صافي الربح الذي تحصل عليه من نشاطه وبين حجم الموارد التي يمتلكها، فالكفاءة التشغيلية تطلب تحقيق البنك قدر أعلى من الأرباح من خلال التوظيف الأمثل للموارد.
(-) زيادة موارد البنك: لكي يرفع البنك الأهلي المصري؛ من قدرته على سداد أموال المودعين من موارده التي يمتلكها، يتطلب أن يعمل على زيادة حجم هذه الموارد خلال السنوات المُقبلة؛ حتى يُحسن من نسب كفاية رأس المال ونسب حقوق الملكية بالنسبة للمودعين، فيُمكن زيادة الموارد المالية للبنك عن طريق التوسع في إصدار الأسهم والسندات المُختلفة.
(-) زيادة الالتزام بمعايير بازل 3: على الرغم من محاولة البنك الأهلي المصري تطبيق معايير بازل 3 خلال نشاطه التشغيلي، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي تحتاج إلى تطابقها مع النسب التي تُحددها هذه المعايير، فإذا تحقق هذا الأمر سيكون البنك الأهلي المصري على صدارة البنوك المختلفة في جميع المؤشرات المالية.
(-) المُحافظة على تعزيز جودة الخدمة: إن تعزيز الخدمة المصرفية داخل البنك الأهلي المصري، ستنعكس بالإيجاب على العديد من المؤشرات المالية، خاصة الخدمة الالكترونية، وهو ما يأتي من خلال إنشاء فريق متخصص في إدارة جودة الخدمة والقيام بالتحسين المُستمر، بالإضافة إلى أهمية توفير الموارد المالية التي تعمل على تطوير الأفكار الإبداعية، وبالإضافة إلى ذلك لابد من تشكيل فريق مُختص في تحليل أداء ماكينات الصرف الآلي والتعرف على مشكلاتها وكيفية رفع أدائها.
وعليه يُمكن القول، إن البنك الأهلي المصري يُحقق تقدم في بعض المؤشرات المالية، ولكن يُعاني من ضعف نسبي في مؤشرات مالية أخرى، وهو الأمر الذي اتضح بشكل كبير من خلال تحليل المؤشرات واستنباط النسب المُختلفة من الأرقام التي حققها البنك في الفترة الأخيرة، فهذا التحليل سينعكس في نهاية المطاف على رفع مستوى أداء البنوك المختلفة في القطاع المصرفي المصري، وزيادة درجة مساهمتهم في الاقتصاد القومي.