استراتيجية التوسع: كيف يُعزز البنك الزراعي الشمول المالي؟

يواصل البنك الزراعي المصري سلسلة التطوير التي يقوم بها؛ لتحقيق الشمولية في الأداء المصرفي، فالبنك يُحقق كل المقومات التي تُحفز وصفه ” بالبنك الشامل”، ومن أهم الأدوات التي تُساعد البنك على تأدية دوره هي التوسع الجغرافي، فعدم التواجد الجغرافي في المحافظات المختلفة يجعل من الصعب على البنك تحقيق الشمول المالي و تيسير الخدمة المصرفية على المواطنين، فمن هنا اتبع البنك ” استراتيجية التوسع” التي تعمل على تأدية دوره المصرفي والوطني على أكمل وجه.

وتأسيساً عما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على مقومات التوسع والتطور التي يقوم بها البنك الزراعي، فضلاً عن توضيح الانعكاسات المُختلفة لهذه الإجراءات التي يقوم بها البنك.

مقومات هامة:

يُمكن توضيح مجموعة من المقومات التي يسير وفقًا لها البنك الزراعي المصري، على النحو التالي:

(-) التوسع الجغرافي: يعمل البنك الزراعي المصري على الانتشار جغرافياً بشكل كبير في معظم مُحافظات الجمهورية، وهو ما جعله البنك الأكثر انتشاراً في كافة مراكز وقرى مصر، إذ قام البنك خلال عام 2024 بإضافة 10 فروع جديدة في 6 محافظات، وتحقيقًا للعدالة في توزيع الفروع بين محافظات الجمهورية، حصلت محافظة سوهاج على 4 فروع جديدة للبنك في كل من قرى الخلافية مركز جرجا، والريانية المعلقة مركز طما، الشيخ زين الدين مركز طهطا والصوامعة شرق بمركز أخميم، وبالإضافة إلى ذلك أضاف البنك فرعين في أسيوط في قرية البلايزة ومركز أبو تيج مركز أبو تيج، وفرع قرية بني غالب بمركز أسيوط،وفي محافظة قنا فرع قرية الشيخية بمركز قفط، وفرع في قرية ميانة مركز مغاغة بمحافظة المنيا، وفرع قرية أبو يوسف مركز حوش عيسى بمحافظة البحيرة، وفي محافظة البحر الأحمر بمنطقة الكوثر بمدينة الغردقة.

وفي إطار ذلك وصل إجمالي فروع البنك 1114 فرع، فكما يوضح الشكل (1) ارتفع عدد الفروع من 1100 فرع في عام 2023 إلى 1114 فرع في عام 2024، أي ارتفعت الفروع بنسبة 1.27%، وهذه الزيادة تعمل على تيسير الحصول على الخدمة المصرفية، ولم يكتف البنك بزيادة عدد الفروع، ولكن قام بتطوير عدد  من الفروع يصل عددها إلى 16 فرع، وهو الأمر الذي يُعتبر ضمن خطة من تطوير وإعادة تأهيل شبكة فروع البنك وفق أعلى معايير الجودة وأحدث النظم المصرفية.

المصدر: البنك الزراعي المصري

(-) مواجهة التحديات: تحقيق البنك الزراعي المصري للانتشار في المحافظات المختلفة، واجه العديد من التحديات التي تخطاها البنك، والتي يأتي أبرزها في ضرورة توافر البنية التحتية والتكنولوجية على مستوى عالٍ، ولعل أهم السُبل التي واجه البنك بها هذه التحديات، هي رؤيته الواضحة لما تحققه الفروع من جدوى اقتصادية واجتماعية تعود بالنفع على المجتمع، فهذه العقيدة الراسخة واجهت التحديات بكل فعالية.

(-) الاستهداف الكفء: إن الانتشار الجغرافي الذي يقوم به البنك الزراعي المصري يتم وفق الاستهداف الكفء، والذي يُقصد به الاختيار النوعي للمحافظات التي تفتقر إلى الفروع، إذ يختار البنك مواقع الفروع الجديدة في القرى ذات الكثافة السكانية العالية، مع التركيز على القرى المشمولة بالمبادرة الرئاسية ” حياة كريمة”، الأمر الذي يجعل البنك قادر على مساندة جهود الدولة؛ لتحقيق أهداف المبادرة من خلال توفير الخدمات المصرفية والتمويلية والتمكين الاقتصادي؛ لتحسين جودة الحياة في الريف المصري ورفع مستوى معيشة سكانه.

(-) التطور التقني: يعمل البنك الزراعي المصري على تقديم أحدث التكنولوجيا في الخدمة المصرفية المُقدمة للمواطنين، إذ يقوم البنك بتشغيل نظام تكنولوجي جديد(FINANCIAL) يُمثل أحدث منظومات التكنولوجيا البنكية، وهو نظام متطور يستخدم أحدث الأدوات التكنولوجية؛ لتنفيذ كافة العمليات المصرفية الأساسية التي يحتاجها العميل مثل فتح الحسابات وعملية السحب والإيداع والتحويلات، وعمليات التسوية والإقراض.

 وفي ذات السياق يعمل البنك الزراعي على تطبيق الرقمنة بشكل كبير في الخدمات المصرفية التي يُقدمها، إذ سيعمل النظام البنكي الجديد على رقمنه الخدمات المصرفية وإطلاق مجموعة جديدة من المنتجات الرقيمة والتطبيقات الذكية، فهذه التحديثات في الخدمات الرقمية تعمل على توفير احتياجات المواطنين في استخدام قنوات الدفع البديلة،  ومن المؤكد بشكل كبير أن تعمل هذه الإجراءات التكنولوجية الجديدة على تحسين الخدمة المصرفية التي يُقدمها  البنك لعملائه، وتسهيل حصولهم عليها في أسرع وقت وبكفاءة عالية، فالنظام البنكي الجديد يُعتبر خطوة كبيرة في تطوير العمليات المصرفية بالبنك وتقديم خدمة مصرفية متميزة للعملاء.

(-) تنمية العنصر البشري: يتبين من سياسات البنك الزراعي أن البنك لديه قناعات أن العنصر البشري الكُفء يُعتبر عنصر أساسي في خطة التطوير، إذ يقوم البنك بتقديم التدريب والدعم للعاملين على مختلف مستوياتهم الوظيفية؛ لتقديم أفضل خدمة للعملاء بأعلى مستويات الجودة والكفاءة، وتدعيماً لذلك قام البنك باتباع خطة شاملة؛ لتطوير ودعم الكوادر البشرية الموجودة بالبنك من خلال ضخ 100 مليون جنيه؛ لتأهيل العنصر البشري، من خلال برامج تدريبية بالتعاون مع المعهد المصرفي، بالإضافة إلى ضخ دماء جديدة بتعيين نحو 4 آلاف موظف من الشباب المتفوقين وحديثي التخرج من سكان الريف، وهو الأمر الذي يوضح مدى اهتمام البنك الزراعي بالعنصر البشري.

انعكاسات محورية:

إن السياسات المختلفة التي يقوم بها البنك الزراعي المصري، تنعكس بالإيجاب على أداء البنك والاقتصاد القومي على النحو التالي:

(*) زيادة عدد العملاء: يكمن الهدف الأساسي للبنوك المصرفية، في استقطاب عدد كبير من العملاء، فالسياسات والإجراءات التوسعية التي يقوم بها البنك الزراعي المصري، بالإضافة إلى التكنولوجيا الحديثة التي يطبقها البنك في أنشطته المُختلفة، تعمل على تحسين صورته الذهنية للعملاء على مختلف مستوياتهم، خاصة في قري ريف مصر، وهو الأمر الذي يستقطب المزيد من العملاء للتعامل مع البنك والحصول على الخدمات المصرفية التي يُقدمها.

(*) ارتفاع ودائع وقروض البنك: إن المحصلة الأساسية لتزايد العملاء التي تتعامل مع البنك الزراعي المصري هو زيادة الودائع التي يتحصل عليها البنك، وزيادة القروض التي يمنحها، فالبنك يعمل على استقطاب مزيد من الودائع خلال الفترة الأخيرة، فكما يوضح الشكل (2) ارتفعت الودائع من 161.481 مليار جنيه في يونيو 2023 إلى 184.84 مليار جنيه في يونيو 2024، أي ارتقعت بنسبة 14.46%، وهو الأمر الذي يوضح أن البنك مع هذه الخطوات التطويرية التي يقوم باتخاذها سيحصل على مزيد من الودائع في السنوات القادمة.

الشكل (2) يوضح حجم محفظة الودائع لدى البنك الزراعي المصري في يونيو 2023 ويونيو 2024

ومن حيث محفظة القروض، فالدور الكبير الذي يقوم به البنك الزراعي في رقمنه الخدمات المصرفية، سيعمل على منح البنك لمزيد من القروض للعملاء، إذ ارتفعت من 69.4 مليار جنيه في يونيو 2023 إلى 75.27 مليار جنيه في يونيو 2024، أي ارتفعت بنسبة 8.55%، وهو الأمر الذي يوضح أن البنك سيتوسع في منح القروض في الفترات المُقبلة بشكل كبير، مما سينعكس على تحقيق المزيد من الأرباح في دورة أعمال البنك.

(*) خفض التكاليف التشغيلية: يترتب على النظام التكنولوجي الجديد (Financial) الذي يُطبقه البنك الزراعي المصري في فروعه المختلفة، خفض التكاليف التشغيلية التي ترتبط بنشاط البنك، وهي التكاليف التي يتحملها البنك خلال نشاطه، وانخفاضها يعمل على تحقيق مزيد من الأرباح داخل البنك، مما يجعل البنك من أكبر البنوك في القطاع المصرفي المصري.

(*) تنمية الاقتصاد القومي: يُعتبر البنك الزراعي المصري وسياساته المُختلفة أكبر داعم للأهداف التنموية للدولة المصرية، فعندما يتطور البنك الزراعي المصري يعني ذلك تنمية الريف المصري، والقطاع الزراعي، مما يُحقق الأمن الغذائي داخل الدولة، الذي يُعتبر ضمن الأهداف الكبرى في رؤية مصر 2030، كما أن اهتمام البنك الزراعي المصري بتقديم التقنيات التكنولوجية المتطورة، يعمل على تسريع دورة النشاط الاقتصادي بشكل كبير، مما ينعكس بالإيجاب على تنمية الاقتصاد القومي.

وعليه يُمكن القول، إن البنك الزراعي المصري يعمل على تدعيم مركزه التنافسي في القطاع المصرفي المصري من خلال أليات وأدوات حقيقية، يُطبقها البنك الزراعي بالفعل ولا تتخذ شكل الشعارات، فالبنك نجح في تغير الصورة الذهنية لدى العديد من المواطنين، وهو ما يُمكن الاستدلال عليه من الأداء المالي المتطور للبنك في السنوات الأخيرة، فالبنك حقق طفرة على مستوى المؤشرات المالية تُبين مدى النجاح الذي وصل إليه، فالتواجد الكبير للبنك ساهم في تحقيق العديد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة المصرية، مما ينعكس بالإيجاب على مستقبل الاقتصاد المصري.

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى