قراءة في نتائج أعمال بنك المصرف المتحد خلال عام 2023

في العالم المالي 2023/2024 حقق بنك المصرف المتحد مؤشرات مالية قوية في نتائج أعماله، إذ جاءت هذه النتائج بسبب السياسات الناجحة التي يقوم بها البنك في تمويل العديد من المشروعات الخاصة والقومية، إذ يتبع البنك استراتيجية تسعي إلى تحقيق نمو مستدام على مستوى جميع المؤشرات، بالإضافة إلى التوسع الكبير في عدد الفروع والخدمات، وسياساته المستمرة في تحسين جودة الخدمات المصرفية المُقدمة للعملاء، وتلبية كافة احتياجاتهم بحلول مصرفية مبتكرة، مما ينعكس على صحة الاقتصاد المصري بشكل كبير، إذ أن القطاع المصرفي هو عمود التنمية داخل الاقتصاد، ولا تُحقق الدولة أي تقدم بدون قطاع مصرفي متطور و متقدم.

وتأسيسًا عما سبق، يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على مؤشرات أداء بنك المصرف المتحد خلال عام 2023، بالإضافة توضيح أسباب وانعكاسات هذا الأداء على مستقبل البنك والاقتصاد القومي.

مؤشرات هامة:

يُمكن الاستدلال على نجاحات بنك المصرف المتحد في نتائج أعماله من خلال  عدة نقاط، يعد أهمها:

 

(-) ارتفاع حجم الودائع: ترتب على ثقة العملاء في بنك المصرف المتحد، ارتفاع حجم الودائع بشكل كبير خلال عام 2023، إذ ارتفع حجم الودائع من 45 مليار جنيه في عام 2021 إلى 50.3 مليار  جنيه في عام 2023 كما يوضح الشكل رقم (1)، أي ارتفعت بمقدار 11.8 %، كما بلغت نسبة التمويلات للودائع حوالي 53.3%، وهو ما يترجم ثقة العملاء المختلفة في سياسات البنك وأداؤه المُستقبلي، فارتفاع الودائع في البنك تعكس ارتفاع مؤشر السيولة، وهو ما سينعكس على حجم الأنشطة التي سيقوم بها البنك، إذ أن الودائع تعمل على تنشيط الاستثمار المصرفي بشكل كبير.

(-) زيادة حجم قروض البنك: ترتب على ارتفاع حجم الودائع لدى بنك المصرف المتحد، ارتفاع حجم القروض التي يُقدمها، فمن هنا ارتفعت المحفظة الائتمانية للبنك بشكل كبير خلال عام 2023، إذ بلغ حجم تمويلات الأفراد 8.1 مليار جنيه، بينما بلغت تمويلات الشركات حوالي 18.7 مليار جنيه كما يوضح الشكل رقم (2)، وهو ما يدل على أن إجمالي المحفظة الائتمانية للبنك تبلغ حوالي 26.8 مليار جنيه في عام 2023، بالمقارنة بـ 25 مليار جنيه في عام 2022، أي ارتفعت بمقدار 7.2%، وهو ما يدل على أن البنك لديه قدرة على إدارة أصوله المختلفة التي بلغت 101 مليار جنيه بمعدل نمو 19%، فارتفاع القروض التي يُقدمها البنك تدل على الملاءة المالية، وهو ما يُستدل عليها من مستوى كفاءة وإدارة المخاطر والملاءة للبنك، حيث بلغ معيار كفاية رأس المال حوالي 19%، الأمر الذي يدل على أن معدلات النمو المستهدفة للتوظيف الائتماني والاستثمار وإدارة السيولة في الحدود الآمنة.

(-) ارتفاع صافي الأرباح: نتيجة للمؤشرات المرتفعة التي تم الإشارة إليها، حقق بنك المصرف المتحد ارتفاع كبير في قيمة صافي الأرباح، كما يوضح الشكل رقم (3)، إذ بلغت حوالي 1.7 مليار جنية في العام المالي 2023، بالمُقارنة بـ 1.3 مليار جنيه في عام 2022، أي ارتفعت بمقدار  31 %، وهي نسبة كبيرة للغاية، توضح حجم الجهود التي بذلها البنك خلال السنوات الأخيرة، إذ أن الارتفاع في صافي الأرباح يعكس التطور الكبير في باقي المؤشرات المالية للبنك، حيث يُعد أرباح البنك دالة أساسية في مختلف الخدمات المالية التي يُقدمها البنك، وهو الأمر الذي يوضح إن ارتفاع صافي أرباح البنك تعكس النجاح الكبير الذي يُحققه البنك على كافة المستويات، وعلى مستوى القطاع المالي غير المصرفي، حققت شركة ” يونايتد فاينانس” معدلات نمو تتجاوز صافي أرباحها 80.3 مليون جنيه، بمعدل نمو يبلغ حوالي 33%، نتيجة تنوع الأنشطة التمويلية غير المصرفية التي تُقدمها، ومنها التأجير التمويلي، والتأجير التشغيلي، التمويل العقاري والتخصيم.

 

أسباب دافعة:

إن النجاح الذي حققه بنك المصرف المتحد، جاء نتيجة مجموعة من السياسات التي اتخذها البنك، والتي يُمكن توضيحها على النحو التالي:

(*) الاستثمار التكنولوجي: أدرك بنك المصرف المتحد أن التكنولوجيا هي أساس التقدم المصرفي، وهو ما جعل البنك يضخ الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية التكنولوجية، الأمر الذي جعلها تتجاوز 7 مليارات جنيه، حيث وضع البنك خطة منذ عام 2016 تسعى إلى ميكنة جميع العمليات المصرفية،  بهدف تحقيق خطوات متقدمة في التحول الرقمي، الذي يُعد المسار الذي تنتهجه الدولة المصرية في الوقت الحالي في جميع الخدمات المالية، وفي هذا الإطار أطلق البنك 20 خدمة جديدة لعملاء الموبايل البنكي والانترنت تحت شعار ” بنكك على الخط”، إذ تتيح الخدمات الجديدة إنجاز المعاملات المالية في دقائق، ودون الحاجة للذهاب إلى الفروع المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك بلغ عدد المراكز الرقمية للمصرف المتحد حوالي 5 مراكز  منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية.

(*) تدريب العنصر البشري: إذا أرادت أي مؤسسة أن تُحقق النجاح، لابد أن ينصب تركيزها على تطوير العنصر البشري بداخلها، لأن التكنولوجيا الحديثة سيستخدمها عنصر بشري، يحتاج أن يكون مؤهل ومُدرب بكفاءة عالية، وهو ما عمل عليه بنك المصرف المتحد منذ عام 2021، إذ قدم البنك أكثر من 70 ألف ساعة تدريب مُكثفة في مختلفة مجالات العمل المصرفية المتخصصة، كما قدم البنك دورات تدريبية مُتخصصة ترفع من كفاءة العنصر البشري، بالإضافة إلى تطبيق استراتيجية التعليم عن بعد مع كبرى المؤسسات التعليمية المحلية والدولية، فضلاً عن دعم مسيرة شباب أكاديمية النجوم الساطعة، وهو الأمر الذي يدل على اهتمام البنك الكبير بالعنصر البشري وهو الأساس في التطور الكبير في نتائج أعماله لعام 2023.

(*) حزم تمويلية للاقتصاد: يُساهم بنك المصرف المتحد بقدر كبير في دعم القطاعات الحيوية في الاقتصاد المصري، إذ يقوم البنك بدعم الصناعة المحلية؛ لتقليل العجز في الميزان التجاري، بالإضافة إلى دعم قطاع الإنشاء وتطوير الموانئ البحرية، إذ شارك بنك المصرف المتحد في تمويل مشترك بقيمة 365 مليون جنية؛ لتطوير الموانئ البحرية، بالإضافة إلى قطاع التطوير والتنمية العقارية، حيث يُقدم المصرف المتحد خدمة التمويل العقاري لمحدودي الدخل في 20 محافظة، ودعم التمويل العقاري لعدد 14 ألف عميل بقيمة تمويلية 2.7 مليار جنيه خلال عام 2023، وبالإضافة إلى ذلك يُساهم البنك في استزراع أراضي و إنشاء مصانع سكر وسلع أساسية استراتيجية.

(*) الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتناهية: ينصب نشاط بنك المصرف المتحد بشكل كبير  على قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، باعتبارها عصب الاقتصاد المصري، إذ ارتفعت تمويلات هذه المشروعات بحوالي 250% في 6 سنوات من 2015 حتى عام 2021، من خلال ابتكار حلول تمويلية جديدة، تدمج هذا القطاع الغير رسمي في القطاع الرسمي؛ لزيادة مساهمته في الاقتصاد المصري.

مردودات إيجابية:

تنعكس ارتفاع مؤشرات أداء بنك المصرف المتحد في العديد من المردودات الإيجابية على مستوى البنك ومستوى الاقتصاد القومي، يعد أهمها:

(&) زيادة مطردة في أرباح البنك: إن ارتفاع حجم ودائع وقروض بنك المصرف المتحد، تنعكس بشكل كبير على زيادة الأرباح التي سيُحققها البنك في المستقبل، بشكل يتجاوز الـ 1.7 مليار جنيه التي حققها في عام 2023، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة حجم الأنشطة والتمويلات التي يُقدمها البنك، الأمر الذي يولد سلسلة جديدة من الأرباح، فتوليد الأرباح هي الشريطة الأساسية لبقاء البنك داخل القطاع المصرفي، ومن هنا يُمكن القول أن بنك المصرف المتحد يضمن استدامة وجوده داخل القطاع المصرفي المصري، من خلال تحقيق معدلات عالية من الأرباح السنوية.

(&) ارتفاع ثقة العملاء: مع توالي النجاح الذي يُحققه بنك المصرف المتحد في نتائج أعماله السنوية، ترتفع ثقة العملاء في سياسات البنك المختلفة، وهو ما يجعله يستقطب عملاء جدد، إذ تتحدد حجم ودائع وقروض البنك من خلال عدد العملاء الذين يتعاملوا معه، فكلما زاد عدد عملاء البنك، كلما ارتفع حجم الودائع والقروض التي يُقدمها.

(&) تنمية قطاعات الاقتصاد: ترتبط تنمية الاقتصاد المصري بحجم التمويلات التي تُضخ في القطاعات المختلفة، فمع ضخ بنك المصرف المتحد تمويلات كبيرة في قطاعات الصناعة والزراعة والعقارات، تزداد الاستثمارات داخلها، وهو ما يعمل على تنميتها بشكل كبير، إذ أن القطاعات الاقتصادية في مصر تواجه مشكلة أساسية هي مشكلة ” التمويل”، فمع توجه بنوك القطاع المصرفي إلى توفير تمويلات لهذه القطاعات، ستتحقق تنمية الاقتصاد المصري، وستتحقق زيادة كبيرة في حجم الصادرات.

(&) خفض معدلات البطالة: يُعد الاهتمام بالمشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر هو بداية الطريق لخفض معدلات البطالة داخل الاقتصاد المصري، فمع تقديم بنك المصرف المتحد حلول تمويلية مبتكرة لهذه المشروعات، سيزداد حجم ريادة الأعمال داخل الاقتصاد المصري، إذ توفر المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر  حوالي 367.6 ألف فرصة عمل، حيث أنها تُساهم في التشغيل بنسبة 75%، وهو الأمر الذي يوضح مع تسهيل حصول هذه المشروعات على التمويل، ستستقطب مزيد من العمالة المصرية، وهو الأمر الذي يرفع معدلات التشغيل داخل الاقتصاد المصري، مما يُخفض معدلات البطالة بشكل كبير.

في النهاية، يُمكن القول إن نتائج أعمال بنك المصرف المتحد لم تأتي من فراغ، ولكنها جاءت نتيجة جهود واستراتيجيات جعلها البنك مساره في جميع خطواته، إذ يتضح أن البنك اهتم بجميع النواحي التي تعمل على تحقيق معدلات مرتفعة من النمو، إذ ركز على العنصر البشري والتكنولوجيا و توسيع عدد الفروع والمراكز الرقمية، وهو ما انعكس على زيادة كبيرة في مؤشرات الأداء المالي بالمُقارنة بالسنوات السابقة، مما سينعكس على صحة القطاع المصرفي المصري برمته بشكل كبير.

رضوى محمد سعيد

رئيس برنامج الدراسات المصرفية بالمركز، والمشرف على برنامج دراسات السياسات العامة. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى