سيناريوهات محتملة: أي مسار تأخذه العقوبات الأمريكية ضد إيران؟

هند عثمان
لقد شابت العلاقات الإيرانية الأمريكية الكثير من الإشكاليات، لكنها ازدادت تعقيدا في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، وكان لكل ذلك انعكاس سلبي على العلاقات بين إيران وأمريكا، دون اغفال التطورات في العقوبات التي لم تحدث فيها ظروف ايجابية تساعد على تخفيف من التوترات.
وإيران في حاجة إلى حوار مشترك لبناء أرضية من الثقة كخطوة أساسية لحل العديد من المعضلات التي تؤثر على العلاقات بين الجانبين .
ومع وصول الرئيس المنتخب الديمقراطي جو بايدن للحكم نجد أن العقوبات الأمريكية التي فُرضت على مدى العامين الماضيين تمنح بايدن مساحة كبيرة من النفوذ الممكن في حال قرر استخدامها، وهو لم يتحدث حتى الآن سوى عن تمسك إيران بالتزاماتها بموجب اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة.
الاتفاق النووي مع إيران:
وتم الإعلان عن الاتفاق النووي الإيراني في 14يوليو 2015، بعد خلافات حادة استمرت أكثر من عشر سنوات بين إيران والدول الكبرى متمثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا المعروفة بمجموعة 5+1.
ويشمل الاتفاق تقليص النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران بشكل تدريجي.
وأنه سيتم العمل على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 %؛ وذلك بعد إقرار المجلس مشروعي قانونين يلزمان الحكومة برفع نسبة التخصيب ضمن خطوات التحلل من التزامات إيران ضمن الاتفاق النووي.
لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحب من الاتفاق بشكل أحادي الجانب وأعلن عزمه على فرض عقوبات بحق طهران بحجة عدم التزامها بكامل بنوده.
حيث تمتلك إيران السلاح النووي، وتنفي طهران إن برنامجها مخصص لأغراض أخرى غير الطاقة ومع ذلــك يرى كثير مــن المراقبين أن هــذا الإصرار الإيراني المتشدد حيال برنامجها النووي، يخفي وراءه امتلاك القدرة العسكرية النووية.
العقوبات الأمريكية على إيران :
كثفت إدارة ترامب ضغوطها على إيران في أواخر ولايتها، وهذه العقوبات هي الأحدث في سلسلة عقوبات فرضها الرئيس دونالد ترامب على اقتصاد إيران بهدف إجبارها على إجراء مفاوضات جديدة بشأن تقليص برنامجها النووي.
لذا تم فرض حزمة عقوبات جديدة على إيران، خاصة بقطاعي المعادن والأسلحة التقليدية.
حيث أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تمتلك الآن أكثر من 12 ضعفا من كمية اليورانيوم المخصب المسموح بها بموجب الاتفاق النووي مع القوى العالمية. وانطلقت المرحلة الأولى من المناورات الإيرانية؛ بإطلاق مكثف للصواريخ الباليستية أرض-أرض وبمشاركة طائرات مسيرة هجومية قاصفة في عموم منطقة الصحراء الوسطى الإيرانية. وحدد القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي، الهدف الرئيسي من المناورات الصاروخية الإيرانية الأخيرة والمتمثل في تدمير حاملات الطائرات والسفن الحربية باستخدام صواريخ باليستية بعيدة المدى يمثل أحد استراتيجيات إيران الدفاعية.
وأن استخدام الصواريخ الباليستية في ضرب الأهداف البحرية المتحركة، بدلا من صواريخ كروز، جاء بسبب الأعماق والمسافات الطويلة التي يمكننا من خلالها ضرب أهداف متحركة في المحيط من قلب أرضنا. وقد فجرت الخطوة الإيرانية برفع تخصيب اليورانيوم غضبا دوليا واسعا، ووعيدا بفرض عقوبات جديدة على طهران.
لائحة العقوبات الجديدة:
النظام الإيراني يستخدم شبكة عالمية من الشركات لتعزيز قدراته العسكرية المزعزعة للاستقرار.
وبناء علي ذلك أعلن وزير الخارجية الأمريكي في يناير 2021 عن فرض عقوبات جديدة على إيران استهدفت قطاع صناعة الصلب .
وتم فرض عقوبات على على سبعة كيانات وشخصين، بتهمة التعاون مع مؤسسة الأسطول البحري لخطوط الشحن “إريسل غروب” التي كانت واشنطن قد أدرجتها على القائمة السوداء بدعوى تورطها في الأنشطة الإيرانية المتعلقة بانتشار واقتناء الأسلحة. بالإضافة إلى أربع شركات إيرانية أخرى هي “إيران ترانسفو” و”زنجانتر انسفورمر”، و”سبيد” للشحن البحري و”مباركه” للصلب.
وفي نفس السياق تم إدراج كل من منظمة الصناعات البحرية (MIO) ومنظمة الصناعات الجوية (IAIO) ومنظمة الصناعات الجو فضائية (AIO) على القائمة السوداء، مشددا على أنها تصنع معدات عسكرية فتاكة لعسكريي إيران بما فيهم الحرس الثوري المدرج على قائمة الإرهاب الأمريكية، حيث أن هذه المعدات تشمل قوارب هجومية وصواريخ وطائرات مسيرة .وقد فُرضت حزمة جديدة من العقوبات على مشتريات إيران للمكونات الإلكترونية، شملت 6 شركات و4 أفراد سهلوا شراء السلع الحساسة، بما في ذلك المكونات الإلكترونية ذات المنشأ الأمريكي، لصالح شركة إيران للاتصالات (ICI)، وهي شركة عسكرية إيرانية مملوكة أو خاضعة لسيطرة وزارة الدفاع ولوجستيات القوات المسلحة الإيرانية.
كما أعلنت واشنطن سلسلة عقوبات على قادة ميليشيا الحشد الشعبي في العراق، الموالية لإيران، كما أعلنت عقوبات أخرى على 16 كيانا.
وأكدت واشنطن أن 3 من قيادات القاعدة يقيمون بإيران ويتخذونها مقرا للتخطيط لعملياتهم الإرهابية، وهم ياسين السوري، وعرضت مقابله 10 ملايين دولار، وسيف العدل، وعرضت مقابله أيضا 10 ملايين دولار وعبد الرحمن المغربي، وعرضت مقابله 7 ملايين دولار.
السيناريوهات المتوقعة بعد تولي جو بايدن:
توجد سيناريوهات لانتخاب بايدن رئيساً للولايات المتحدة بشأن ايران ما بين التفاؤل والحذر، فإدارة بايدن عليها اظهار أنها ملتزمة بالاتفاق النووي وأنها مختلفة عن ادارة ترامب؛ فما يفعله بايدن هو ما سيحدد خيارات إيران .
السيناريو الأول: أن يتفادى بايدن عدم حدوث مواجهات كبيرة، والاكتفاء بتنفيذ الاتفاق النووي الإيراني وفي حالة حدوث مخالفات من قِبل إيران في بنود الاتفاق يتم فرض عقوبات فقط.
ولا تشهد طهران تغييرا أساسيا في العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن.
السيناريو الثاني: أن يتوجه الرئيس بايدن بضربة عسكرية إلى بعض المواقع الإيرانية واحتمالية حدوث حرب، وفي هذه الحالة قرار الرد الإيراني على أي عدوان عسكري ،لأن أي مغامرة عسكرية أو عدوان أمريكي سيواجه برد سريع وفوري، بالتالي ستتحمل الإدارة الأمريكية .
السيناريو الثالث: أن تعمل إدارة بايدن على التوسع في دائرة التفاوض بحيث لا تقتصر المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني على إيران فقط، وإنما ستشمل من سماهم الحلفاء مثل أوربا وبعض دول الخليج، لافتاً إلى أن ألمانيا مثلا قدمت مقترحا في هذا الإطار بأن تشمل المفاوضات الصواريخ الباليستية.
في النهاية، يمكن القول إن انتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية يشكل تهديدًا مستمرًا للأمن الإقليمي والدولي، واستمرار الدعم العسكري الإيراني وعمليات نقل الأسلحة التي تغذي الصراع المستمر في سوريا ولبنان والعراق واليمن وأماكن أخرى.
لذلك تتابع العقوبات المفروضة على طهران، مما نتج عنه حرمان النظام الإيراني من 70 مليار دولار كانت ستستخدم لتمويل الإرهاب والبرنامجين النووي والصاروخي. فالإدارة الأمريكية واجهت النظام الإيراني ومساعيه للحصول على سلاح نووي.
لذلك تعاني إيران من أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات، ومع العقوبات الأمريكية القادمة ستجد نفسها عاجزة عن الاستمرار في تمويل مشروعاتها العسكرية.
فأمريكا استخدمت ورقة الحظر طيلة السنوات الأخيرة، وذلك من أجل الحصول على امتيازات.