“القاعدة” تتوعد “أمريكا” من جديد.. في “أمريكا تحترق”.. (قراءات وعروض)
عمرو عبد المنعم-باحث متخصص في الحركات الإسلامية.
في إصدار جديد لتنظيم القاعدة حمل اسم «أمريكا تحترق» America Burns، صور فيه التنظيم الإرهابي، الولايات المتحدة الأمريكية كـ دولة متدهورة وبها تضخم اجتماعي بفعل الخلل السياسي الداخلي، وحالة الاستقطاب السياسي الكبير، خاصة بعد الانتخابات الأخيرة. وعلى ما سبق يمكن رصد وتحليل ما حمله الإصدار من دلالات، هي كالتالي:
ومن الأهمية بمكان، تجدر الإشارة في البداية إلى أن تنظيم القاعدة غائب عن الأحداث العالمية طوال السنوات الثلاثة الماضية، فلم يدلي بدلوه في أحداث مثل جائحة كرونا، وتصريحات الرئيس ماكرون المسيئة للإسلام، وحرب غزة أو حتي عن الغياب المتعمد لـ أيمن الظواهري الزعيم الحالي للقاعدة. لكن رغم الغياب غير المبرر من التنظيم ذاته، خرج فجأة بإصداره المرئي -أمريكا تحترق- ليرد علي إعادة تموضعه من جديد في أفغانستان.
طوال الأسابيع القليلة الماضية تناولت التحليلات الغربية عودة طالبان إلي السيطرة علي كثير من المحافظات الأفغانية واستعادة القاعدة مكانتها من جديد واحتمال عودة تنظيم القاعدة الحليف الاستراتيجي لطالبان، وبالتالي عودة جماعات الإسلام السياسي مرة أخري إلي هناك كأرض مهجر جديدة لهم. وما يجب التأكيد عليه هنا أن تنظيم القاعدة في هذا الإصدار دعي كل أجنحته باتخاذ الإمارة الإسلامية الأفغانية موضع قدم جديد لهم.
استكمالاً، وجب التوضيح أن الإصدار الجديد تحدث عن “الأركان الخمسة لنعش أمريكا” وهي كرونا، والانقسامات، والعنصرية، والمشاكل الاقتصادية الهيكلية العميقة في المجتمع الأمريكي، ثم ضربات الإرهاب (المجاهدين). وعليه، وصف- الإصدار- أمريكا بعدة صفات، أهمها:” نظام حكم متحلل”، وأمة على “حافة الانهيار”، و”سفينة غارقة”، ومجتمع يعاني بالكامل من “انقسامات حادة” و “خلاف عميق وانقسام مذهبي بروتستانتي وكاثوليك “، مؤكداً أن كل ذلك سيؤدي لاختيال الرجل العجوز جو بيدن كما حدث مع البروتستانتي جون كندي.
كما وصف الإصدار أمريكا، بأنها تدير قناة “الجزيرة ” القطرية وقناة “العربية” السعودية عن طريق برامج تدريب متطورة لتشويه صورة المجاهدين ــ علي حد وصفهم ــ رغم أن الجزيرة تعمل من خلال بعض التنظيمات العنقودية داخل سوري والعراق وتمدها بمصادر حية بمقابل مادي يصل لملايين الدولارات، واستخدم الإصدار مصطلح فن شيطنة الإرهابيين، وعمل صناعة للرأي العام الداخلي والخارجي عن طريق برامج فاشلة مثل برنامج الرياح النجمية – Stellar Wind ـــ، هو الاسم الرمزي لبرنامج المراقبة غير القانوني الذي بدأ تحت إدارة جورج دبليو بوش، والذي تسعي أمريكا حالياً لتطويره بعد تأكد عدم فاعليته واختراقه من قبل عناصر إرهابية، أو عن طريق عمليات التعذيب والإيهام بالغرق، التي اتبعتها أمريكا فى معتقل جونتنامو، أو اغتيال القيادات بطائرات بدون طيار، وهي نفس الطريقة التي اغتيل بها معظم قيادات تنظيم القاعدة في سوريا والعراق، خاصة مجموعات المصريين المكلفين في الصف الأول من جبهة النصرة أمثال أبو الفرج المصري، والغياب الغير مبرر لـ أبو الفرج اليمني، أو أبو ياسر المصري.
كما استهان إصدار “السحاب” بـ ترامب ووصفة بـ قذافي وواشنطن، مؤكداً أنه لم يستطع حماية حتي حساباته الشخصية، التي تم حذفها علي مواقع التواصل الاجتماعي أثناء الانتخابات الأمريكية الأخيرة، وقال في سخرية أن ترامب وأنصاره يجب عليهم أن يتعلموا من مؤسسات القاعدة الإعلامية(الملاحم والسحاب) ويتدربوا علي كيفية عمل حسابات بديلة، وهي الطريقة التي اتبعتها أمريكا وأجهزة أمنها طول السنوات الماضية، حيث حذفت جميع حسابات عناصر القاعدة مستخدمة نفوذ الديمقراطيين علي هذه المواقع، وهو ما وجه التنظيم سريعا بعمل برامج تدريبية إلكترونية لأنصارها في اصدر مجلة إنسباير، التي تتضمن قواعد تدريب جديدة أمنة لتجنب عمليات الاختراق الإلكتروني.
في النهاية، يجب التأكيد على أن الإصدار به كثير من الدلالات، وعلى ما يبدو أن إصدار القاعدة الإرهابي الجديد يحمل إذن لبداية مرحلة جديدة لتنظيم بعد أن فشله طوال السنوات الماضية في تحقيق أهدافه، التي تناولتها معظم إصدارته السابقة، ولكن هذه المرة عن طريق إمارة أفغانستان الإسلامية الموالية لتنظيم القاعدة.