العقل الحر أم النص المغلق.. من ينتصر؟.. في “مناظرات فكرية: تنويريون في مواجهة تكفيريين”.. (عرض كتاب)

اتجهت جماعة الإخوان المسلمين إلى اتخاذ موقف عدائي من كافة الأنظمة السياسية على اختلاف أنواعها، والذي أخفته الجماعة في بعض الأوقات وأظهرته في أوقات أخرى نتيجة للصدامات المباشرة مع الأنظمة الحاكمة. وبُنيت جماعة الإخوان على فكر كل من حسن البنا، وسيد قضب الذين وجها أعضاء الجماعة إلى ضرورة إعادة العمل بنظام الخلافة، والوصول لحكم البلاد باعتباره ركن من أركان الإسلام، مع الحث على استخدام التقية كوسيلة مراوغة من أي أذى أو انتهاك قد يرى فيه الأعضاء إعاقة تمنعهم من الوصول إلى الأهداف المرغوبة. وبناء على ذلك، سعت جماعة الإخوان المسلمين إلى تصوير الحكام العرب بأنهم طواغيت خارجين عن ملة الدين الإسلامي، إضافة إلى تكفير جميع الموالين لهم والتحريض على قتالهم حين يحين الموعد المناسب، كما كان الإخوان المسلمين هم المنطلق الحقيقي لكافة التنظيمات الإرهابية التي ألحقت الأذى بمعظم الدول العربية مثل سوريا والعراق الذين كان لداعش فيهما نشاط بالغ.

    يُذكر أن كتاب “مناظرات فكرية: تنويريون في مواجهة تكفيريين” من تأليف دكتورة أسماء دياب، المدير التنفيذي بمركز رع للدراسات الاستراتيجية، ورئيس برنامج دراسات التطرف والإرهاب، وناشره مركز رع للدراسات الإستراتيجية.

نظام الحكم وتكفير المجتمعات:

تطرقت الدكتورة أسماء دياب مديرة الحوار الافتراضي المُقام بمركز رع للدراسات الاستراتيجية، إلى وضع بعض المفاهيم المُختلف عليها بين الطرف الراديكالي والطرف المعتدل على طاولة النقاش، مُستعينة في ذلك بمجموعة من الشخصيات البارزة مثل حسن البنا وسيد قضب وعبدالسلام فرج من جانب، وعلي محمد الشرفاء ودكتور علي عبد الرازق ومحمد سليم العوا من جانب أخر. وفيما يلي سنستعرض أبرز تلك النقاط في السطور الآتية.

(*) الخلافة ونظام الحكم: رأى حسن البنا في كتبه أن فكرة الخلافة من المفترض أن تكون على رأس أولويات الجماعة التي يجب أن تأتي بعد خطوات استباقية تساهم في التمهيد لها حتى يحين موعد إقامتها. ورأى سيد قضب أنه لا صلاة جمعة جائزة بدون خلافة إسلامية على اعتبار أن الوضع القائم بعد انهيار الدولة العثمانية هو وضع جاهلي لا يمكن التكيف أو التعايش معه، مما حثه على الدعوة بضرورة حاكمية المنهج الإسلامي دون الشرائع والقوانين الدنيوية التي لا تراعي الحكم الإلهي.

  وعلى الجانب الأخر، وضح الدكتور محمد سليم العوا، أن الإسلام يحمل في طياته مجموعة من القيم والمعتقدات التي من الممكن أن يتم تطبيقها في أي نظام سياسي بغض النظر عن ماهيته سواء كان جمهوريًا أو ملكيًا أو حتى الدولة الإسلامية التي شرع أصحاب الفكر المتشدد في الترويج لها. وأضاف الدكتور علي عبد الرازق أنه لا يوجد في كتاب الله ما يشير إلى ضرورة تطبيق الخلافة الإسلامية كنظام حكم يجب اتباعه والسير عليه بغض النظر عن توافقه من عدمه مع متغيرات العصر.

  وسألت أسماء دياب الحاضرين: ما الخطوات المُتبعة من الجماعات المتطرفة بغرض الوصول لهدفها والسيطرة على الحكم لإقامة دولة إسلامية؟

   رد “البنا” على سؤال “دياب” من خلال استشهاده بما كان يفعله المسلمون الأوائل وقت الحروب من خلال اعتمادهم على السيوف لنشر الإسلام، وتخيير الناس بين ثلاث: الإسلام، الجزية، القتال، مُوضحًا أهمية الاعتماد على القوة كوسيلة فعالة لإحقاق الحق وإعادة الأمجاد المفقودة. أما “قضب” رأى أن المرحلة الأولى لجماعة الإخوان المسلمين لا تختلف كثيرًا عما تعرض له النبي من أذى هو وأصحابه في بداية الدعوة الإسلامية في مكة، والذي انتهى بمجرد مغادرة النبي إلى المدينة، وكذلك الجماعة عليها أن تواجه نفس تلك الأزمات حتى يمنح الله عباده الفرصة لتحقيق الهدف المرغوب.

  ومن جانب أخر، علق “العوا”، و”عبد الرازق”، و”الشرفاء” على كلام مفكري الجماعة من خلال الإشارة إلى ضرورة مراعاة متطلبات العصر ووضعها في الاعتبار وذلك لأن التغير سنة الحياة، مع توضيح أن الأكثر مثالية في هذه الفترة هو إقامة اتحاد كونفدرالي مثل دول الاتحاد الأوروبي تشعر فيه كل دولة بسيادتها. كما وضح التنويرين أن الخلافة الإسلامية جلبت الكثير من الدماء للمسلمين حيث قُتل الحسين باسم الاعتبارات السياسية، وتصارع بنو العباس وغيرهم من الدول الإسلامية بهدف السيطرة على الحكم على الرغم من سفك الكثير من الدماء في تلك الفترة. ويأتي على رأس تلك الأزمات معاناة الدول العربية حتى الآن من الإرث الفاسد التي تركته الدولة العثمانية في كل الدول التي احتلتها.

  وعن نظام الحكم، تجدر الإشارة إلى التباين بين كلا الطرفين، حيث يرى الطرف المتطرف بقيادة حسن البنا وسيد قضب أنه من الضروري أن يكون نظام الحكم إسلامي، خالي من جميع القوانين الدنيوية التي لا أصل لها ولا يُمكن أن تُرى إلا أنها قوانين جاهلية لا يجب أن تُوضع في الاعتبار، إضافة إلى تصنيف الحاكمين والمحكومين ككفار إن كان النظام لا يعبر عن تطلعات جماعة الإخوان المسلمين. ورد التنويرين على أصحاب الفكر المتطرف في جماعة الإخوان أن القوانين الموضوعة في الدستور المصري تراعي بشكل كامل الشريعة الإسلامية ولا تنتهكها بأي طريقة كانت علاوة على أن المُنتهك الحقيقي للشريعة الإسلامية هو من يتجه إلى العمل من خلال التنظيمات السرية بهدف الخروج على الحاكم بدعوى الجهاد دون وجود مبرر متُفق عليه بين المواطنين

 وطرحت الدكتورة أسماء دياب سؤال أخر: هل تعني الجماعة أن من يقومون على الحكم في الدول العربية غير مسلمين؟

   أجاب سيد قضب أحد أطراف الحوار الافتراضي على سؤال أسماء دياب من خلال توضيح أن أي دولة لا تعتمد على الدين كمصدر أساسي للتشريع فإن من فيها من مواطنين لا يعبدون الله وحده، وإنما أيضًا من هو مسؤول أمام أعينهم عن تلك القوانين الموضوعة وبالتالي هم خارج الملة وغير مسلمين. ورد “عبد الرازق” على “قضب” من خلال توضيح الفارق بين مقام الملك ومقام النبوة، فليس كل نبي ملك والعكس، وبالتالي لم يكن من الضروري أن يسير الملك والدين في نفس الاتجاه. ومن جانب أخر، وضح المفكر علي عبد الرازق أن النبي محمد لم يهدف إلى تكوين دولة من حيث تعيين الولاة والقضاة ووضع نظام حكومي يمنع أي التباس قد يحدث بعد وفاة الرسول.

(*) أسلمة العالم والاستعمار: ترى جماعة الإخوان المسلمين وما تفرع منها من تنظيمات تكفيرية أنه من المهم وضع مفهوم أسلمة العالم في الاعتبار، من خلال عدم السماح لأي شخص بالقيام بأي سلوك يخالف ما تراه تلك الجماعات متوافقًا مع الشريعة، إضافة إلى تعزيز الشعور المتعاظم بالهوية الإسلامية من خلال السكن في مجتمعات منغلقة بعيدة عن الكفار على حد تعبيرهم. ويرى قادة الجماعة أنه من الضروري صناعة تنظيمات مسلحة تهدف إلى غزو العالم ونشر الإسلام فيه، وتطبيق شعائره، حتى تعود بلاد المسلمين من الصين شرقًا إلى الأندلس غربًا. وعلى الجانب الآخر، رأى علي الشرفاء الذي يُعد واحدًا من مناهضي الفكر المتطرف أن الإخوان المسلمين كانوا دائمًا مفتاح الأبواب المُغلقة للولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم الاعتماد عليها الجماعة كسلاح أمريكي ضد الإتحاد السوفيتي، ولتخريب الدول العربية وإلحاق الضرر بها في مرحلة ما بعد ثورات الربيع العربي 2011. وأضاف دكتور عدنان إبراهيم في الحوار الافتراضي الذي أقامه مركز رع للدراسات الاستراتيجية، أن القرآن لا يُعطي أي إنسان خيار القتال إلا أن يكون دفاع عن النفس وليس لنشر الإسلام على حد اعتقاد أصحاب الفكر المتطرف.

  وعرضت الدكتورة أسماء دياب من جديد سؤال هام لجميع الأطراف: لماذا ترى الجماعة أن استعمار العالم بالغزوات أو ما يعرف بالفتوحات الإسلامية واجب ديني في حين أن تلك الفتوحات عبر التاريخ لم تكن إلا لمكاسب دنيوية؟

   رد حسن البنا على أسماء دياب بأن الفاتح الإسلامي لم يسع يومًا إلى مكاسب دنيوية، وإنما حمل سيفه سعيًا لنصر دين الله ونشره بين جميع أرجاء المعمورة، دون انتظار غنيمة أو مكسب مادي طائل. كما أن المسلم مسؤول بحكم ما يحمله من رسالة ذات قيمة على نشر الإسلام وعدم السماح بأن يُستعبد أبنائه نظرًا لعظم قيمة الرسالة المكلفين بحملها. كما أن الفاتح المسلم ليس كالمُستعمر الذي يسعى لاغتصاب الأرض وانتهاك العرض وإنما يسعى لإعلاء كلمة الحق ونشر العدل وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي.

   وكان لعلي الشرفاء رأي أخر في الفتوحات الإسلامية التي اعتبرها لم تأت بالعدل والخير والرحمة كما أشار البنا وإنما أدخلت المسلمين في صراعات دائمة على السلطة ولا سيما الصراع الأموي العباسي الذي راح ضحيته ألاف المسلمين، إضافة إلى الاحتلال العثماني الذي فتك بكثير من الأبرياء وفرغ الدول مما تمتلكه من علم وثقافة وغيرها من الأحداث الكبرى التي كانت لا تمد للدين بصله وإنما كانت بعيدة كل البعد عنه. ووضح “الشرفاء” أن الإخوان ما هم إلا أحد الفرق الضالة التي وجدت طريقها إلى الحكم والسلطة بالدول العربية في القرن الحالي، كما وجدت فرق أخرى مثل الخوارج أو الحشاشين طرق مشابهة في فترات أخرى من الماضي.

سلاح العنف وأدوات السيطرة عند الجماعة:

   (*) الحاكمية والوطن: يُعد أبو الأعلى المودودي هو أول من أصل لمفهوم الحاكمية في أدبياته وأفكاره التي اعتمدت عليها جماعة الإخوان على عكس التنظيمات التكفيرية الصلبة التي تُحرم المشاركة السياسية في ظل وجود أنظمة لا تعتمد على التشريعات الإلهية وليس سواها على حد تعبيرهم. وأما سيد قضب يرى أن العالم ما هو إلا طبقة هشة من المادية الزائلة والزائفة التي تقوم على الاعتداء على سلطان الله في الأرض من خلال اكتساب الحق في وضع اللوائح والقيم والقوانين بغض النظر عما وُجد من تشريعات إلهيه لا تحتاج إلى أن تُستبدل بأخرى من صنع البشر. وأضاف عبد السلام فرج أن الأحكام التي تعلو المسلمين الآن هي أحكام الكفر فهي قوانين وضعها الكفار وساروا عليها دون مراعاة الأحكام والقوانين الإلهية، كما لم يراعيها التتار من قبل وأخذوا ينشؤون تشريعاتهم الدنيوية الخاصة.

   وكان للدكتور محمد شحرور رأي آخر، حيث أقر أن الدين والسياسة خطان لا يلتقيان، وذلك لأن الدين لا يجب أن يقوم على الإكراه، بينما لا تقوم السياسة إلا على الإكراه، إضافة إلى أن القوانين الموضوعة في كل زمان ومكان ملائمة لواقع ساكنيه، فلا يمكن أن تنتقل بنفس الهيئة إلى مكان أو زمان أخر دون مراعاة كافة الاختلافات. وأكد “الشرفاء” هو الآخر على أنه من حق أي إنسان أن يختار عقيدته، وأن يكون مسؤولًا عن أداء فرائضه أما الله وليس أحد من البشر.

   (&) الولاء والبراء: تُعد واحده من القواعد الأساسية عند الإخوان المسلمين، وتعني الإخلاص الكامل لفكرة الجماعة دون سواها من أفكار، من خلال اتباع ما يعرف ب (الولاء والبراء). ويمكن تعريف الولاء على أنه المحبة، والنصرة، والاتباع بالقول، والفعل. أما البراء فيُعني التبرؤ من الأعداء وعدم موالاتهم بالقول والفعل.

  وهنا طرحت الدكتورة أسماء دياب سؤال بالغ الأهمية على أطرف الحوار: من المعنيين تحديدًا بالبراء وفق ما ورد في بعض كتب التكفيرين وقضايا العنف؟ وما المفاهيم والأفكار المترتبة على البراء من الفئة المستهدفة؟

  أتى الرد في البداية من حسن البنا أحد مؤسسي جماعة الإخوان من خلال حث جماعته على وجوب البراءة من فئتي الطواغيت، الموالون. ونُقل عن محمد عبد السلام فرج، أن حكام العصر هم في ردة عن الإسلام حتى وإن صلوا وصاموا وأقاموا كافة الشعائر فإنه يجب قتالهم نظرًا لخروجهم عن الملة، وتم الاعتماد على تلك الفتاوى لتنفيذ عمليات اغتيالات واسعة لمختلف القادة السياسيين، وكان الرئيس محمد أنور السادات على رأس تلك الاغتيالات. وأما عن الموالين فهم الداعمون للنظام السياسي الخارج عن الملة مثل الجيش والشرطة والقضاء وغيرهم من الفئات الأخرى. وبناء على ذلك، تعتمد الجماعات التكفيرية على تلك الفتاوى المتطرفة لاستحلال الأموال والأعراض واستباحة انتهاك الدماء والحرمات.

  ورأى علي الشرفاء أن الله هو الحاكم الوحيد بين الناس وليس من حق أحد من البشر أن يُزايد على تدينهم وذلك من خلال الاستشهاد بآيات القرأن الكريم مثل “ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا”، كما استشهد الشرفاء بقول الله في كتابه الكريم “إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنزن” مؤكدًا على أن الحكم وحده لله وليس لأحد من البشر.

(&) التقية: “الذي نراه يصلح لحال الأمة في زمن ضعفها وانكسارها هو التأليف والمداراة وليس التصلب والمجافاة… وإن تلبسه في ببدعة، لا يمنح من الإفادة منه في المواجهة مع الكفر والعلمنة. أتى ذلك في كتاب الثوابت والمتغيرات في مسيرة العالم الإسلامي المعاصر؛ للتعبير عن معنى التقية بالنسبة لمفكري جماعة الإخوان والمسلمين، من حيث إنها مفهوم فقهي يبيح الكذب في التعامل مع الكفار في حال خشي المسلم على نفسه الهلاك.

وسألت الدكتورة أسماء دياب أصحاب الفكر المتطرف السؤال الآتي: لماذا أصلتم لمفهوم التقية في رسائلكم؟

وضح بسام جرار إلى أنه من الضروري التفريق بين وقت الضعف ووقت التمكين، ففي وقت الضعف على الجماعة أن تعتمد على إظهار خلاف ما يُبطنوا من أراء ومعتقدات بغرض تحقيق المصلحة العامة، وتجنب الشر الأكبر وذلك لأن حاجة المجتمعات لتحقيق هدف معين تُعني بالضرورة السعي نحو تحقيق ذلك الهدف من خلال الاعتماد على اتقاء الشر الأكبر من خلال التقية التي تحمل بعضًا من الباطنية. ويرى الدكتور محمد سالم أبو عاصي المناهض للفكر المتطرف، أن اتباع التقية مع المسلمين نفاق نظرًا لأن تلك الجماعات تظهر ما لا تبطن ويكون أقل شيء تخفيه عن سائر المسلمين هم أنهم مبتدعون. وأما المفكر أحمد الشريف يرى أن التقية غير مكتوبة وإنما محفوظة في نفوس الجماعة كغيرها من الأفكار الأخرى التي تنتقل من جيل إلى أخر فتلقى صداها وتحوز اهتمام شباب الإخوان.

   (&) المرآة: اتجه أطراف الحوار الافتراضي، بقيادة الدكتورة أسماء دياب إلى المرأة من حيث كونها بالغة الأهمية في المجتمع، ونظرًا للاختلاف بين أطراف الحوار حول أحقية المرأة من عدمها فيما يخص بعض القضايا. وطرحت “أسماء دياب” السؤال الآتي: هل تتمتع المرآة داخل الجماعة بحقوق سياسية وتنظيمية مساوية للرجل؟

  رد حسن البنا كطرف أول في الحوار بأن النساء يُمنعن من تكوين هيئات إدارية واستشارية إضافة إلى عدم مشاركتهم في أي من الهيئات التنفيذية، وذلك للتفرغ للواجبات المنزلية إضافة إلى وجود الرجال وهم أقدر منهم على أداء تلك المهام بحكم أنهم أكثر قوامة. كما أكد البنا على ضرورة منع الاختلاط وتحريمه واعتبار أن خلوة الرجل بالمرأة جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون، إضافة إلى منع كشف العورة عند المرآة بما فيها وجهها ويديها إلا إذا أمنت الفتنة على حد تعبيره، مما يحث الجماعة على مقاومة الخلاعة والتبرج بأي طريقة كانت. وأما علي الشرفاء فيرى أن القرآن الكريم كثيرًا ما أشار إلى حقوق المرآة وأهمية عدم تعريضها للظلم لصالح الرجل، مما ينفي الادعاءات التي تشير إلى أن المرآة جليسة المنزل ولا أهمية لها دون تربية النشء وتعليمهم ما فيه خير للجماعة. وفيما يخص الحق في التعليم، رأت الجماعة أنه من المناسب للمرآة أن تعلم عن بيتها أكثر مما تعلم عن العلوم الأخرى مثل الهندسة والموسيقى والعلوم وغيرها، وبالتالي فالمناسب من وجهة نظر الجماعة هو إعطاء المرآة ما يرفع قدرها دينيًا وخلقيًا والذي ينعكس بدوره الأسرة ككل. وأما التنويرين فهم يرون أنه من الضروري أن تُعطى المرآة كافة حقوقها بالتساوي مع الرجل وذلك لأنه لا يوجد ما يمنع ذلك في الدين الإسلامي الحنيف مع تجنيب المعتقدات والتقاليد الزائفة التي لا أصل لها.

  وفي الختام، تجدر الإشارة إلى أهمية مواجهة الخطاب المتشدد من خلال الاعتماد على الحوار مثلما سعى مركز رع للدراسات الاستراتيجية، بغرض تفنيد أكاذيب قادة جماعة الإخوان المسلمين، وتوضيح المستور من أفكارهم من خلال مناقشتها وتعديلها بالاعتماد على الأدلة الواقعية المُستندة للدين الإسلامي السليم. إضافة إلى ذلك، تأتي الضرورة الملحة التي توجهنا نحو اعتبار الجماعات التكفيرية مُهدد وجودي يحتاج إلى تضافر كافة الجهود بمختلف أنواعها للسيطرة عليه ومنع تكرار سيناريو ما بعد ثورات الربيع العربي 2011.

عبدالرحمن سعدالدين

عبدالرحمن سعد الدين، باحث في وحدة دراسات العالم. الباحث حاصل على بكالوريوس العلوم السياسية من جامعة الإسكندرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى