اللاعبين الجيواستراتيجيين: حسابات المتنافسين في القرن الأفريقي

شهدت منطقة البحر الأحمر تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة، تجلت أبرز ملامحها في توقيع “مذكرة التفاهم” بين إثيوبيا و”أرض الصومال”، تتيح للأولى الحصول على منفذ بحري وإقامة قاعدة عسكرية، مما أثار العديد من التوترات الإقليمية في المنطقة، مع انخراط جماعة الحوثي في سياق التصعيد الإقليمي، عقب اندلاع عملية “طوفان الأقصى”. وتعد هذه التحركات جزءًا من إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في منطقة القرن الإفريقي، في ظل تصاعد التنافس الإقليمي والدولي على النفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية.

ومنذ استقلال إريتريا عن إثيوبيا، ظل المشهد الإثيوبي محط أنظار القوى الإقليمية والدولية، لا سيما مع التحولات السياسية العميقة التي شهدتها البلاد، بدءًا من صعود “آبي أحمد” إلى السلطة وتبنيه مشروعًا سياسياً يستند إلى تعزيز هيمنة الحكومة الفيدرالية بقيادة حزب “الازدهار”، وهو ما أفضى إلى تفاقم التوترات بين الحكومة الفيدرالية من جهة، والحكومات الإقليمية والميليشيات المسلحة من جهة أخرى. وقد ساهم هذا الواقع في تصعيد النزاعات الداخلية، بما له من ارتدادات على محيط إثيوبيا الجغرافي.

ولم تقتصر تأثيرات هذا الصراع على الداخل الإثيوبي، بل امتدت تداعياته إلى أرجاء إقليم القرن الإفريقي، الذي يضم دولاً مثل الصومال، إريتريا، جيبوتي، كينيا، أوغندا، السودان، وجنوب السودان. وقد زادت الأزمة السودانية الراهنة، واستمرار عدم الاستقرار في الصومال، لا سيما التوترات بين الحكومة المركزية في مقديشو وبعض حكومات الأقاليم، من هشاشة الوضع الإقليمي. وتفاقم المشهد بتصاعد الدعم الإثيوبي لاستقلال “أرض الصومال”، ما دفع إلى وساطة تركية أفضت إلى توقيع “اتفاق أنقرة”، بهدف احتواء الأزمة وتخفيف حدة التصعيد بين مقديشو وأديس أبابا.

وفي سياق متصل، عادت أزمة “سد النهضة” إلى واجهة المشهد الإقليمي، بعد تعثر جولات التفاوض، ودخول اتفاقية عنتيبي “حيز التنفيذ” التي تُعد بمثابة عائق أمام التوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومتوازن، يحقق التوازن بين الحق في الحياة لدولتي المصب (مصر والسودان) وفق الاتفاقيات التاريخية، والحق في التنمية لدول المنبع وفي مقدمتها إثيوبيا.

وفي ظل تراجع فعالية دور المنظمات الإقليمية والقارية، سواء الاتحاد الإفريقي أو الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد)، في معالجة النزاعات الداخلية والصراعات العابرة للحدود، باتت المنطقة ساحة مفتوحة لتدخلات دولية، تسعى إلى توظيف الأزمات الأمنية والدبلوماسية لإعادة تشكيل توازنات القوى بما يخدم مصالحها الجيوستراتيجية.

وفي هذا السياق، يأتي هذا الإصدار من “أوراق إفريقيا” ليقدم مقاربة تحليلية لفهم خريطة التهديدات في القرن الإفريقي، مستعرضاً آليات معالجتها ضمن إطار يعزز المصالح الاستراتيجية المصرية، ويدعم استقرار القارة الإفريقية على أسس مستدامة وشاملة.

لقراءة العدد كاملا..الرجاء الضغط على الرابط: العدد الخامس أوراق إفريقية-1-1_250518_175823

عبير مجدي

عبير مجدي- باحثة متدربة بمركز رع للدراسات الاستراتيجية، عملت متدربة حتى انتهت مدة تدريبها في مارس ٢٠٢٥.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى