تطور الموقف الجنوب إفريقي من الحرب على غزة
في الـ 29 من ديسمبر 2023، قدمت جنوب إفريقيا طلبًا إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة، لرفع دعوة قضائية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك لارتكاب جيشها جرائم “إبادة جماعية” في الحرب على قطاع غزة، وهذا الموقف ليس بجديد على جنوب إفريقيا، فمنذ “طوفان الأقصى” وموقفها واضح في رفض سياسة الاحتلال، حيث اتخذت العديد من التدابير والإجراءات التصعيدية ضدها.
وتأسيسًا على ما سبق؛ يحاول هذا التحليل قراءة موقف جنوب إفريقيا من الحرب على قطاع غزة، وتداعياته على الحرب وموقف الأطراف الدولية منها.
أبعاد موقف بريتوريا
اتخذت جنوب إفريقيا العديد من الإجراءات والتدابير الرافضة لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ويتم توضيح ذلك كالتالي:
(*) دعم الشعب الفلسطيني: كان موقف جنوب إفريقيا واضحًا منذ عملية “طوفان الأقصى”، حيث أكد الرئيس “لسيريل رامافوزا” يوم 14 أكتوبر 2023، دعمة الكامل للجانب الفلسطيني من خلال مقطع فيديو على حسابه الشخصي على موقع (x)، فضلاً عن ارتدائه الكوفية الفلسطينية، تضامنًا مع أهالي غزة، على الرغم من أن دولته إحدى الشركاء التجاريين المهمين للاحتلال الإسرائيلي.
وصوتت جنوب إفريقيا لصالح القرار العربي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 27 أكتوبر 2023، والذي تضمن هدنة إنسانية وفورية دائمة ومتواصلة لإيقاف العمليات العسكرية في قطاع غزة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري، وفي أواخر أكتوبر 2023 دعت جنوب إفريقيا الأمم المتحدة إلى نشر قوة سريعة لحماية المدنيين في قطاع غزة.
كما توجهت بريتوريا إلى المحكمة الجنائية في لاهاي من أجل التحقيق في جرائم “الإبادة الجماعية” في قطاع غزة، وذلك عقب عقد حكومة البلاد اجتماع خاص يوم 8 ديسمبر 2023.
(*) قطع العلاقات الدبلوماسية: أصدرت وزارة خارجية جنوب إفريقيا بيان رسمي يوم 4 نوفمبر 2023، تضمن إدانتها لاستهداف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة من خلال استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف والمدارس والمباني السكنية وغيرها، كما دعا البيان إلى وقف فوري لإطلاق النار. ومن ثم قامت جنوب إفريقيا يوم 6 نوفمبر استكمالاً لموقفها الرافض لسياسة الاحتلال، باستدعاء سفيرها وجميع دبلوماسييها لدى الاحتلال الإسرائيلي للتشاور، وأن دور السفير الإسرائيلي في البلاد أصبح غير مقبول، نظرًا لرفض جنوب إفريقيا “جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة”.
وعليه، قامت إسرائيل يوم 20 نوفمبر 2023 باستدعاء سفيرها “إلياف بيلوتسركوفسكي” من جنوب إفريقيا للتشاور، وفي أواخر نوفمبر، صوت برلمان جنوب إفريقيا على قرار إغلاق السفارة الإسرائيلية في البلاد، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال حتى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إضافة إلى قبولها المفاوضات التي تتبناها الأمم المتحدة.
(*) رفع دعوي ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية: لم تكتف جنوب إفريقيا باستدعاء سفيرها، وإدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي وصفته بـ “الإبادة الجماعية”، بل قامت حكومتها يوم 29 ديسمبر 2023 بتقديم طلب إلى محكمة العدل الدولية تتهم فيه إسرائيل “بارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة”، كجزء من مجموعة قومية وعنصرية وإثنية كبيرة، إضافة إلى مطالبة حكومة جنوب إفريقيا محكمة العدل الدولية بإصدار قرار فوري لوقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وإعلان إجراءات عاجلة وملموسة لحماية الشعب الفلسطيني في غزة، ومن جانبها، وافقت محكمة العدل الدولية على دعوى جنوب إفريقيا.
ويأتي قرارها وفقًا لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية التي تبنتها الأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1948، والتي تنص على منع وتجريم مختلف جرائم الإبادة الجماعية ومعاقبة الدول التي ترتكب تلك الجرائم، وتعتبر جنوب إفريقيا هي إحدى الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية.
ويرجع لجوء جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية إلى رفض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية “كريم خان” إدانة إسرائيل والإقرار بما ترتكبه من جرائم، على الرغم من قيامه في وقت سابق بوضع الرئيس “فلاديمير بوتين” تحت طائلة مذكرة توقيف دولية، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.
مؤشرات مؤثرة
تعددت المواقف الداعمة والمساندة لموقف جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي من جهة، بينما رفضت تل أبيب الدعوة المقدمة ضدها، ودعمتها الولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي:
(&) ترحيب فلسطيني: دعمت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية يوم 29 ديسمبر 2023، الدعوى القضائية التي قدمتها جنوب إفريقيا إلى محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال الإسرائيلي؛ لارتكابها جرائم الإبادة الجماعية، وأكدت الوزارة على ضرورة اتخاذ المحكمة قرارات وإجراءات عاجلة لحماية المدنيين الفلسطينيين، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما أشادت الوزارة بتلك الخطوة، حيث تعد جنوب إفريقيا وفلسطين أعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
علاوة على ذلك، أشادت “حماس” في بيان لها يوم 30 ديسمبر 2023، بالدعوى التي تقدمت بها جنوب إفريقيا، واعتبرتها خطوة مهمة لمحاسبة ومحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي، كما دعت جميع الدول لتقديم طلبات مماثلة أمام المحاكم الوطنية والجنائية الدولية ضد الكيان الصهيوني باعتباره يشكل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، لضمان معاقبة هذا الكيان على جرائمه ضد الأطفال والمدنيين في قطاع غزة.
(&) ترحيب منظمة التعاون الإسلامي: أيدت منظمة التعاون الإسلامي الدعوى، كما أكدت المنظمة أن الاستهداف العشوائي للسكان المدنيين، وقتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين من النساء والأطفال، وتهجيرهم قسرًا ومنع الشعب من الحصول على الاحتياجات والمساعدات الإنسانية، وتدمير المباني والمؤسسات الصحية والتعليمية والدينية في مجملها جرائم إبادة جماعية.
كما ناشدت المنظمة، المحكمة بسرعة الاستجابة والتدابير العاجلة من أجل “وضع حد لجرائم الإبادة الجماعية على الأرضي الفلسطينية المحتلة”.
(&) تأييد ماليزيا لموقف جنوب إفريقيا: أكدت ماليزيا يوم 2 يناير 2024، دعمها دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، لارتكاب جرائم ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وأضافت في بيانها أن “الإجراء القانوني ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة يعد خطوة ملموسة وفي الوقت المناسب” تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما جددت ماليزيا بصفتها دولة موقعة على اتفاقية منع الإبادة الجماعية دعوتها للاحتلال، الالتزام بالقانون الدولي، والوقف الفوري لكل الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين، ودعت أيضًا إلى إيجاد حل دائم من خلال منح الفلسطينيين دولتهم المستقلة ذات السيادة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
(&) رفض الاحتلال دعوى جنوب إفريقيا ضدها: رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” دعوى جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية التي تتضمن ارتكابها “إبادة جماعية” في حربها على قطاع غزة، وأكد نتنياهو أن من يرتكب إبادة جماعية هم الفصائل الفلسطينية، وألقى مسؤولية معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة على الفصائل واتهمها باستخدام المدنيين كدروع بشرية، وسرقة المساعدات الإنسانية المقدمة لهم.
وزعم أن حكومته “تفعل كل شئ لتجنب إيذاء المدنيين”، مشيرًا إلى بذل الاحتلال جهودًا كبيرًا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وأشار نتنياهو أن “بريتوريا” تدعو إلى تدمير إسرائيل، وأكد إن ادعاء جنوب إفريقيا “يفتقر إلى أساس واقعي وقانوني، ويشكل استغلالاً خسيسًا ومهنيًا للمحكمة”، لذلك دعا المحكمة إلى “الرفض التام لادعاءات جنوب إفريقيا التي لا أساس لها من الصحة” حسب وصفه.
وعليه، قرر الاحتلال الإسرائيلي يوم 2 يناير 2024 المثول أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، للمطالبة برفض الدعوي المرفوعة ضدها من جنوب إفريقيا، والتي تتهم فيها تل أبيب بارتكاب جرائم “إبادة جماعية” في قطاع غزة.
(&) تأييد واشنطن لجرائم الاحتلال الإسرائيلي: أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي يوم 4 يناير 2024، أن الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا “لا أساس لها”، وقد تأتي بنتائج عكسية، زاعمًا عدم استنادها إلى أي حقائق.
كما رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “ماثيو ميلر” الاتهامات التي وجهتها جنوب إفريقيا للاحتلال، مؤكدًا أن الولايات المتحدة “لم ترصد حتى الآن أي جرائم إبادة جماعية” في حربها ضد الفصائل الفلسطينية.
وعليه، في 4 يناير 2024، حددت محكمة العدل الدولية يومي 11 و 12 يناير الجاري، لبدء جلسات الاستماع العلنية في لاهاي بشأن الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ضد تل أبيب، وسوف يتحدث ممثلو جنوب إفريقيا في جلسة المحكمة في 11 يناير، والجانب الإسرائيلي في جلسة 12 يناير الجاري.
تداعيات محتملة
بمتابعة وقراءة المشهد السياسي تجاه موقف جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي من الحرب على قطاع غزة، يمكن توضيح التالي:
(-) مواصلة تقديم الدعاوي ضد الاحتلال الإسرائيلي: قد تتخذ كل من بنجلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتي موقف مماثل لجنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وما يدعم ذلك تقديم تلك الدول طلبًا في نوفمبر 2023 لاتخاذ إجراء تحقيق في الأوضاع الدائرة في قطاع غزة، وقد دعا رئيس جنوب إفريقيا “سيريل رامافوزا” يوم 18 ديسمبر 2023 المحكمة إلى إجراء تحقيق فوري في الجرائم التي ترتكبها تل أبيب ضد قطاع غزة، إضافة إلى تقديم جنوب إفريقيا جميع الوثائق اللازمة إلى المحكمة فيما يتعلق بجرائم الحرب ضد المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي قد يشجع تلك الدول على تقديم طلبات مماثلة ضد تل أبيب.
(-) إمكانية تقديم مجموعة “البريكس” دعوات مماثلة ضد تل أبيب”: من المعروف أن جنوب إفريقيا عضوًا في مجموعة “البريكس” منذ عام 2010، وأسسها أربعة دول هم البرازيل وروسيا والهند والصين، فقد يكون لتلك الدول مواقف صارمة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أو على الأقل التوسط لوقف عمليات القتال بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، حيث أن مجموعة “البريكس” في أغلبها قد تكون معارضة للمواقف الغربية وخاصة الأمريكية، لأن اقتصاديات دول الصين والبرازيل وجنوب إفريقيا وروسيا وغيرها من الدول متشابكة، وبعض أعضائها في مجموعة العشرين، وبالتالي من المرجح أن يكون هناك دور واضح لتلك الدول من الحرب على قطاع غزة، وتحديدًا في ظل سعي مجموعة “البريكس” لبناء شراكة اقتصادية جديدة مع العالم قائمة على فكرة العملة البديلة وإصلاح النظام الاقتصادي العالمي، الأمر الذي يعد غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة، وقد تتسبب إطالة الحرب في تعطيل طموحاتهم.
وعليه، يوم 21 نوفمبر 2023، ترأست جنوب إفريقيا قمة افتراضية استثنائية لدول مجموعة “البريكس”، لبحث الأوضاع في غزة والشرق الأوسط، بمشاركة الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ورؤساء دول المجموعة الآخرين، بالإضافة إلى مشاركة رغماء الدول التي انضمت رسميًا، مطلع يناير وهم مصر والسعودية وإيران والأرجنتين والإمارات وإثيوبيا، وتضمن البيان الختامي للقمة الالتزام بالحل السلمي، وإدانة أعمال العنف التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين، إضافة إلى الدعوة للإفراج عن الرهائن، والمطالبة بهدنة إنسانية فورية ودائمة لوقف العمليات القتالية بين الجانبين.
(-) موقف الصين وروسيا: فشلت الصين ورسيا العضوتان في “بريكس” وفي مجلس الأمن الدولي حتى الآن خلال اجتماعات المجلس في فرض قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، وكانت قد استخدمت موسكو وبكين حق “الفيتو” يوم 26 أكتوبر 2023 في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار صاغته الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وتل أبيب، والذي دعا إلى وقف مؤقت لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات، وحماية المدنيين، إضافة إلى وقف تسليح الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ولكن من الممكن أن تشجع دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، اتخاذ الدولتانن قرارات أكثر جدية، وخاصة أن من يدعم تل أبيب هي الولايات المتحدة الأمريكية، في ظل التوترات بين الصين والولايات المتحدة بشأن دعمها العسكري لتايوان، وكذلك دعم واشنطن لأوكرانيا.
وعليه، قد يرجح الخبراء أن موقف روسيا غير جدي وصارم، نظرًا لتخوفها من أن قطع علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي قد يكون له تأثيرات سلبية تجاه تخفيف العقوبات المفروضة على موسكو بشأن حربها على أوكرانيا.
أما الصين، فقد تكون لاعب قوي في دور الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وتل أبيب، نظرًا لمصالحها المتشابكة مع الأطراف الإقليمية، حيث نجحت الصين سابقًا في لعب دور الوساطة والتوصل إلى اتفاق سياسي بين طهران والرياض، إضافة إلى أن بكين لديها علاقات شراكة مهمة مع البلدان العربية، ومع تل أبيب أيضًا، الأمر الذي قد يجعلها وسيطًا مقبولاً لجميع الأطراف، وبالرغم من ذلك لم تستخدم الصين علاقاتها إلى الآن.
وفي ذات السياق، يرى بعض المراقبين، أن بكين لديها فرصًا قوية للعب دور الوساطة، وذلك للمحافظة على مصالحها الاقتصادية في الشرق الأوسط، والتي قد تتأثر في حال اتسعت دائرة الصراع، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين بكين والاحتلال الإسرائيلي نحو 22 مليار دولار في عام 2023، فضلاً عن مبادرتها “الحزام والطريق” التي تهدف إلى تحسين الترابط والتعاون وتوسيع التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات للدول المشاركة.
(-) ضغوط إسرائيلية مضادة: بمجرد تقديم جنوب إفريقيا دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي، وفإن جيش الاحتلال والسلطات القضائية في حالة من الخوف من اتهام محكمة العدل الدولية لإسرائيل بارتكاب الاحتلال جريمة “الإبادة الجماعية” على قطاع غزة، فقد تشهد تل أبيب خطر حقيقي في حال أصدرت المحكمة أمرًا بوقف فوري لإطلاق النار على القطاع، ومن ثم إلزام تل أبيب بتنفيذ قرارات المحكمة، وقد يؤدي ذلك إلى إثبات جريمة “الإبادة الجماعية”، إضافة إلى إمكانية عزل الاحتلال سياسيًا ومقاطعته، أو فرض عقوبات قاسية عليه أو على الشركات الإسرائيلية.
لذلك، تحاول تل أبيب الخروج من تلك التهمة، حيث أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية توجيهات إلى سفرائها تدعوهم إلى تكثيف جهود “الضغط على الدبلوماسيين والسياسيين” في البلدان المضيفة لهم، بهدف إصدار بيانات ضد الطلب الذي قدمته جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وبالتالي ممارسة ضغط دولي على المحكمة لكي لا تصدر أي أمر قانوني يلزمها بوقف عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة.
وختامًا، يمكن القول إن دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، قد تكون غير كافية لاتهام الاحتلال بارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” بحق الفلسطينيين، في حين لم تتخذ الدول الكبرى مواقف مساندة ومماثلة لبريتوريا، حيث أن المحكمة قد تفتقد آلية فعلية لتنفيذ الأحكام، وخاصة وأن تل أبيب تحظى بدعم أمريكي وغربي، ومن الممكن أن تكتفي المحكمة بإثبات الجرائم دون عقاب فعلي.