بالشباب نبنيها.. مبادراة شبابية بالشرقية تدعم جهود الدولة المصرية
يؤكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، منذ توليه المسئولية في 2014 على أهمية دور الشباب، وضرورة إعطائهم الفرصة في كافة المجالات، والثقة في قدراتهم، وقد وجه السيد الرئيس بالفعل كافة الجهات والوزارات والمؤسسات للاستعانة بالشباب المتميز كمساعدين للوزراء والمحافظين، كما تم تعيين عدد كبير منهم بالإدارة المحلية، علاوة على مشاركة الشباب في البرلمان المصري، لاكتساب الخبرة والاستفادة مما لديهم من أفكار جدية وطموحة، علاوة على ما يمثله هذا الشباب من مخزون استراتيجي من الكوادر المستقبلية في كافة المجالات. وانطلاقاً من هذه الرؤية الثاقبة من الدولة والرئيس السيسي، كان السؤال دائماً هل تصل أفكار الرئيس وجهود الدولة بالفعل للمناطق البعيدة عن المركز، سواء في صعيد مصر أو في بعض محافظات الدلتا البعيدة، خاصة القرى الواقعة في أطراف المحافظات.
لقد انشغل مركز رع للدراسات الاستراتيجية، باعتباره أحد مراكز الفكر المصرية بالبحث في موضوع “حلقات الاتصال وروابط التنمية”، ضمن تحضيرات المركز لمشروع ” مصر المستقبل ” الذي يركز على رصد جهود التنمية وملامح الجمهورية الجديدة وكيفية تعريف الناس بها من كافة الاتجاهات، وكان يدرك المركز أن سبل أغوار هذه الفجوة البحثية تحتاج للنزول إلى الشارع والذهاب للمواطنين في القرى البعيدة، للتعرف على رؤيتهم لجهود الدولة، ومدى رضاء الشباب عن الجهود المبذولة لتمكينهم من الفرص بالدولة، إلى أن جاءت الفرصة، من خلال دعوة وجهت للمركز لرعاية بطولة كرة قدم شبابية في مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية، والمشاركة في حفل توزيع جوائز البطولة، التي انتهت أمس ( 10 سبتمبر الجاري) والتي كشفت عن مبادرة شبابية ربما تكون غير مسبوقة، وهي مبادرة ” بالشباب نبيها”، حيث التقى المركز بالمسئول عن هذه المبادرة وهو المهندس إسلام خالد (شاب في منتصف الثلاثينات من العمر، مهندس اتصالات في تخصص شبه نادر وهو الأمن السيبراني) ليكشف للمركز عن عدة مؤشرات مهمة، تحتاج لتسليط الضوء عليها في هذا التقرير التحليلي.
مبادرة بالشباب نبنيها:
هي أحدى المبادرات الشبابية المتميزة، التي تركز جهودها في مراكز شمال محافظة الشرقية، يقودها المهندس “إسلام خالد”، ومعه شباب من قريته (جزيرة الشافعي- مركز أولاد صقر) وشباب من القرى المجاورة، تأسست في 2019 تحت شعار ” بالشباب نبنيها” استطاع من خلالها تجميع جهود المجتمع المدني، ليس فقط لتقديم خدمات وتحسن مستوى المعيشة لدى أهالي ومواطني هذه المناطق، لكن اكتشف المركز من خلال الحوار الذي أجراه المركز مع المهندس إسلام خالد مدى إدراكه لتوجهات الدولة المصرية، ومدى تأييده لجهود السيد الرئيس في دعم الشباب، ومدى ورغبته في دعمها وفق منظوره الذي يمثل فكر الشباب في القرى المصرية، حيث أوضح المهندس خالد أنه أطلق هذه المبادرة ليواجه بها كثير من المشكلات التي تواجه فئة الشباب في قريته والقرى لمجاورة لها، مثل كثرة وقت الفراغ، وعدم وجود التخطيط المناسب لشغله، ولا سيَّما بعد الثورة التكنولوجية الهائلة في الاتصال والتواصل، والتي يعد أحد خبرائها المعدودين في مصر، والتي اعتبرها رغم ايجابياتها الكثيرة أنها ساهمت في تحطيم الإبداع لدى الشباب، مما جعلهم يركنون إلى الكسل وإضاعة الوقت على الانترنت وفي الطرقات، وما يعكسه هذا من شعور بالإحباط والملل، مما يجعلهم لقمة سائغة لأي خطاب عاطفي سلبي، سواء التي تركز على الغريزة الجنسيّة، أو تلك التي تحاول تضليل الشباب وسحبهم لمسارات العنف والتخريب، كما جرى في السنوات الماضية، واستغلته جماعات التطرف والإرهاب.
الجهود التنموية للمبادرة:
بدأت “بالشباب نبنيها” كرابطة شبابيه في قرية جزيرة الشافعي التابعة لمركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية في فبراير ٢٠١٩، وكان هدفها تلبية احتياجات القرية المجتمعية، وبدأت بمشروع إضاءة شوارع القرية بالجهود الذاتية وتم تغيير كافة مصابيح أعمدة الإضاءة التالفة عدد ١٢٠ مصباح ليد، بتعاون مشكور من وزارة الكهرباء، ثم بدأت المبادرة في حملة لتجميل الشوارع وجمع القمامة، ونجحت في تغيير ثقافة الناس باتجاه الحفاظ على قريتهم نظيفة، من خلال توفير بعض الأدوات البسيطة بالجهود الذاتية. وفي ابريل ٢٠٢٠ قرر مؤسسوها نقل هذا الفكر للقرى المجاورة للمساعدة، وبالفعل انضم للمبادرة كل من قرى ( جزيرة النص والنحاسين التابعين لمركز فاقوس) و( جزيرة مطاوع والصوفية و زور أبو الليل التابعين لمركز أولاد صقر) و( اللبشة و قرية 16 التابعين لمركز صان الحجر) وتم تنفيذ مشاريع إضاءة الشوارع والتجميل في قرية جزيرة النص وجزيرة مطاوع . وفي فبراير 2021 تم إنشاء سور حول مقابر المسلمين بجزيرة الشافعي بطول 450 متر وبتكلفة إجمالية 200 ألف جنيه، كما تم أيضا تركيب 19 عامود إضاءة في مقابر المسلمين بجزيرة النص. وبالتعاون مع الشركة القابضة لكهرباء القناة وموافقة المهندس محمد السيد رئيس مجلس إدارتها تم إحلال وتجديد 56 عامود كهربائي بقرية جزيرة الشافعي. كما تم توزيع شنط رمضان، للمساهمة في دعم الأسر الفقيرة بالقرية والقرى المجاورة، كما ساهمت المبادرة في التصدي لجائحة كورونا من خلال تقديم مساعدات طبية للمرضي.
وكان أخر انجازات المبادرة تنظيم بطولة كرة قدم لدعم روابط الصداقة بين القرى ونشر فكر بالشباب نبنيها، شارك في البطولة 48 قرية ممثلين ل 6 مراكز شمال محافظة الشرقية امتدت البطولة خلال الفترة من يونيو 2021 وحتى 10 سبتمبر الجاري، حيث أقيمت احتفاليه كبيره في نهائي البطولة حضرها لفيف من القيادات السياسية بالدولة ومحافظة الشرقية، وبعض رموز تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، منهم النائب محمد عزمى عضو مجلس الشيوخ والدكتور نور الشيخ عضو تنسيقة شباب الأحزاب، بجانب مشاركة قيادة مركز رع للدراسات الاستراتيجية.
الرؤية المستقبلة:
تسعى المبادرة إلى توسيع مجال ونطاق عملها لتمتد لباقي مراكز المحافظة، القريبة، ومنها مركز الإبراهيمية ومركز ديرب نجم ، من خلال عمل فروع للمبادرة بهذه المراكز، تحت أطر قانوني، خاضع لرقابة الدولة، من خلال وزارة التضامن الاجتماعي، حيث قررت “بالشباب نبنيها”إشهار جمعية تنمية مجتمع حتى تكون كل أعمالها مراقبه من قبل الحكومة المصرية تسعي في جمعيتها لدعم مشروعات البنية التحتية الصغيرة لمساعدة القرى المحتاجة.
مؤشرات التنمية في مناطق شمال الشرقية:
ضمن مشاركة وفد من مركز رع أمس الموافق 10 سبتمبر 2021 في حفل ختام إحدى البطولات الشبابية لكرة القدم، والتي أقيمت بمركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية. استثمر فريق المركز المًشكل من الدكتور أبو الفضل الإسناوي المشرف العام على المركز والدكتور أكرم حسام نائب مدير المركز، والدكتور أشرف الدبش المستشار القانوني للمركز هذه الزيارة لرصد عدة مؤشرات بحثية مهمة، منها ما يتعلق بحجم الإنجاز على مستوى البنية التحتية والطرق في مناطق الريف المصري، حيث وضح بشكل جلي مدى رضاء المواطنين عن حجم التغيير الذي حدث على مستوى القرى والبنية التحتية بين المدن والقرى في محافظة الشرقية بشكل عام، وفي مراكز شمال محافظة الشرقية مثل مركز أولاد صقر وكفر صقر وههيا وأبو كبير، كما رصد المركز حجم التغيير الكبير في شكل القرية المصرية، من حيث الخدمات الخاصة بالاتصالات والكهرباء والميكنة المالية من حيث توافر ماكينات الصراف الآلي ومراكز تقديم الخدمات لجماهيرية المختلفة، التي كانت تتطلب من مواطني هذه القرى السفر للقاهرة أو لعاصمة المحافظة ( الزقازيق) في السابق.
ختاما، يؤكد مركز رع أن مثل هذه المبادرات تحتاج لتسليط الضوء عليها، لتشجيع الشباب في المحافظات المختلفة، لتبني هذه الفكرة، والعمل لدعم جهود الدولة المصرية، والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم المحلية بما يحقق أهداف الدولة الاقتصادية والاستراتيجية، ولبناء حوائط صد ضد أي محاولات مستقبلية للتأثير السلبي على فكر الشباب، وتحويل تركيزهم من الخير للشر، ومن التنمية للإرهاب والعنف، ويؤكد مركز رع على أن ما لمسه من خلال مشاركته في بعض فعاليات هذه المبادرة يشجع بالفعل على الاستمرار في سياسة تشجيع الشباب، ويؤكد أن مصر تسير في الطريق الصحيح، وأن الجمهورية الجديدة سيبنيها شباب مصر من أجل حاضرهم ومستقبلهم.