الطائرة المُحيرة: هل كشفت حرب كشمير عن ثغرات في دفاعات الرافال الهندية؟

اندلعت مؤخرا معركة جوية مفاجئة في كشمير، وقامت القوات الجوية الباكستانية بشن غارة جوية مخططة بعناية ضد الهند. وبحسب الإخطار الباكستاني وكمية كبيرة من المعلومات الداعمة على منصات التواصل الاجتماعي، خسرت القوات الجوية الهندية 6 طائرات عسكرية خلال فترة قصيرة من الزمن. وكان الحدث الأكثر إثارة للعالم هو أن مقاتلة رافال أسقطت بواسطة طائرة صينية من طراز PL-15.

ولاسيما أن طائرات الرافال التي تمتلكها الهند تعد واحدة من أكثر أنظمتها العسكرية تطوراً في السنوات الأخيرة، حيث تتميز برادار مصفوفة طور نشط (AESA Radar)، وقدرات الاشتباك وراء الأفق (BVR)، ونظام “سبيكترا” الحرب الإلكتروني المتكامل الذي لديه قدرة على مواجهة طائرات إف-22.
فمن المنظور الغربي، تعد هذه الطائرة “الشكل النهائي” في جيل الطائرات المقاتلة 4.5، مصممة خصيصًا للعمل في البيئات الكهرومغناطيسية المعقدة، ومن الناحية النظرية يصعب جدًا تعقبها وإسقاطها. لكن هذه المرة، لم تُصَب الطائرة فحسب، بل أُصيبت بصاروخ PL-15 دون أي محاولة فعالة للمناورة.

وعلى ماسبق، نطرح سؤال، هو: هل فشل نظام الدفاع الجوي الأكثر تقدمًا في أوروبا، فمنطقيا، لا يمكن إسقاط مقاتلة رافال بسهولة. والاجابة على هذا السؤال يجب تفسير وفهم هذا في سياق تشكيل ساحة المعركة وآليات الحرب الإلكترونية.

تقييم من منظور صيني:

يطلق على نظام “سبيكترا”، وفقًا لشركة داسو الفرنسية. أنه “أكثر أنظمة الدفاع الذاتي الجوي تطورًا في أوروبا”، ومن بين الأكثر تقدمًا في العالم. حيث يتكون من مستقبل إنذار الرادار (RWR)، ومشوّش إلكتروني نشط (DRFM)، وقاذف شراك خداعية (شريط معدني/أشعة تحت الحمراء)، والتي يمكنها من اصدار إنذارًا مبكرًا عند اكتشاف أي محاولة قفل راداري معادية، ثم إطلاق تلقائيًا حزم تشويش أو شراك خداعية لتفادي الصواريخ. وفي مناورات حلف الناتو، نجح هذا النظام في تشويش رادارات القوات الأمريكية خلال المناورات، وحتى طائرات إف-22 الشبحية واجهت صعوبة في رصدها. وعليه، لماذا فشل هذا النظام في مواجهة صاروخ PL-15. للإجابة عن هذا السؤال السابق، نطرح تحليل المنظور الصيني “، حول مفهوم “حماية المقاتلة الفردية”، الذى يرى أن المشكلة الجوهرية، ليس في عيوب تقنية بنظام “سبيكترا” نفسه، بل في التكتيكات التي اتبعتها القوات الجوية الباكستانية والسيناريو العملي الذي تجاوز الحدود التشغيلية للنظام. فقد صُمم نظام “سبيكترا” للتعامل مع “عمليات القتال الجوي التقليدية” المتمثلة في: الكشف الراداري → تحديد التهديدات → التشويش/المراوغة. ولكن في مواجهة صاروخ PL-15، لم يكن التحدي هو “فشل النظام في التشويش”، بل إنه “لم يحصل حتى على الفرصة لبدء عملية التشويش”. بينما صاروخ PL-15 لا يعمل كوحدة منعزلة، بل هو جزء من منظومة قتالية متكاملة تشمل “الإنذار المبكر+ شبكة البيانات + التوجيه الذكي”.
وخلال مرحلة منتصف الرحلة، يتلقى الصاروخ توجيهاً دقيقاً عبر روابط البيانات من طائرات الإنذار المبكر أو الرادارات الأرضية، ولا يتم تشغيل رادار التوجيه النشط إلا في المرحلة النهائية. وما يجعل هذا النظام بالغ الخطورة هو أن رادار التوجيه النشط لصاروخ PL-15 يحتاج إلى فترة تشغيل قصيرة جداً. وبمجرد تفعيله، يدخل الصاروخ مباشرة مرحلة القفل النهائي، حيث قد تكون المسافة المتبقية للهدف أقل من 20 كيلومتراً. وفي هذه الحالة، يصبح زمن رد الفعل المتاح لنظام “سبيكترا” محسوباً بالثواني، مع نافذة تشويش ضيقة للغاية.
ويكمن التحدي الأكبر في أن صاروخ PL-15 يجمع بين تقنيات متقدمة متعددة تشكل معاً اختباراً غير مسبوق لأنظمة الدفاع الجوي: فهو يستخدم موجات توجيه متغيرة التردد (مثل نطاق Ka) ذات بصمة رادارية خفيّة، مدعوماً بشبكة بيانات ثنائية الاتجاه بين القواعد الأرضية والمنصات الجوية لتصحيح مساره بشكل مستمر. وهذه التركيبة التكنولوجية تجعل أنظمة الدفاع الذاتي المبنية على مفهوم “حماية المقاتلة الفردية”.
الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فحتى في حال تمكن النظام من اكتشاف التهديد وإطلاق اشارات خداعية، فإن خوارزميات PL-15 المضادة للتشويش – والمطورة خصيصاً لتحليل أنماط التشويش وتجاهلها، بحيث حتى لو نجح نظام “سبيكترا” في التعرف على التهديد وإطلاق الشراك الخداعية، فإن ذلك قد لا يكون كافياً لتحريف مسار الصاروخ. وتشير البيانات الصينية التي اعتمد عليها الباحث بأن معدل نجاح التشويش ضد هذا الصارخ ينخفض إلى أقل من 30% في ظروف التشغيل المثلى، ناهيك عن السيناريوهات التي يتم فيها إطلاق الصاروخ من مسافات قصيرة أو بزوايا غير متوقعة. ومن منظور الصيني، هذه الديناميكية تعيد تعريف معادلة التفوق الجوي، فلم تعد الحماية الذاتية للطائرة كافية، بل أصبح الاعتماد على الشبكات القتالية المتكاملة والهجمات الاستباقية ضد منصات الإطلاق هو الاستراتيجية الوحيدة الفعالة.
وبالتالي، فإن نظام “سبيكترا” لا يواجه صاروخًا، بل شبكة متكاملة من الكمائن الجوية الديناميكية الممتدة على مسافة مئات الكيلومترات. وهناك أيضا العامل الحاسم الذي لا يمكن إغفاله وهو أن الميزة الرئيسية لنظام “سبيكترا” تظهر فقط في السيناريوهات التقليدية حيث تكون الخريطة الكهرومغناطيسية معروفة واتجاهات التهديد واضحة، مما يمكنه من توزيع موارده بكفاءة وتنفيذ عمليات التشويش النشط والخداع الإلكتروني الفعال. لكن في معركة كشمير كان هناك سيناريو قتالي غير متكافئ كرسته القوات الباكستانية، حيث سيطرت بشكل كامل على عنصر المفاجأة وميزة المعلومات، محوّلة بذلك أقوى نقاط قوة النظام إلى نقاط ضعف قاتلة.
وربما القوات الجوية الهندية لم تدرك أنها محاصرة بشبكة نيران إلكترونية متكاملة إلا بعد إصابة أول طائرة رافال. وهذا ليس إخفاقاً تقنياً لنظام “سبيكترا”، بل يمكن هذا النجاح لصاروخ PL-15 في عملية “الكمين الجوي” الدقيقة التي نفذتها القوات الجوية الباكستانية. فلم تكن هذه العملية العسكرية رد فعل مؤقتا، بل ضربة منظمة ومخططة بعناية. ووفقاً لتأكيدات متعددة من نواب باكستانيين ومصادر مطلعة، أن المقاتلة رافال التي تم إسقاطها كانت هدفاً لصاروخ PL-15 الذي أطلقته المقاتلة الصينية من طراز “جي-10 سي”. وهذا يعني أن مقاتلة ” جي-10 سي ” لا تقتصر مهمتها على البحث وتوجيه الأهداف فحسب، بل تُعد أيضًا منصة النيران الأساسية في سلسلة الهجوم بأكملها. كما أن الرادار النشط متعدد المراحل، إلى جانب نظام نقل البيانات الذي تحمله، يمنحها القدرة على إتمام حلقة “الاكتشاف – التصويب – الإطلاق” بشكل مستقل حتى في بيئة كهرومغناطيسية معقدة.

ترجيحات عسكرية:
وفي الوقت نفسه، يُرجح بعض المختصون العسكريون أن مقاتلات “جيه إف-17” بلوك 3 قامت بتنفيذ مهام مساعدة بمرونة تكتيكية أكبر وهي: احتواء المجال الجوي الهندي، تنفيذ عمليات استدراج وإرباك، وتضييق مساحة المناورة المتاحة لطائرات الرافال، وذلك لتمكين مقاتلات “جي-10 سي” من الحصول على نافذة إطلاق مثالية. بينما تولت مقاتلات “إف-16” مهام التغطية التكتيكية التكميلية، ووفرت طائرة الإنذار المبكر “زد كيه-03” الوعي بالوضع في ساحة المعركة، فيما شكلت أنظمة الدفاع الجوي الأرضي شبكة حصار متكاملة تغطي المسافات القصيرة والمتوسطة والبعيدة.
والأهم من ذلك، لم تكن هذه مجرد مواجهة جوية-جوية، بل كمينًا محكمًا متعدد المستويات يدمج القوات الجوية والأرضية في تنسيق دقيق. وعلى الأرجح تم نشر أنظمة دفاع جوي متوسطة/بعيدة المدى مثل HQ-9 في مواقع متقدمة لعرقلة اتجاه الدعم ومسار تجنب الجيش الهندي، وتأمين العمق الاستراتيجي لتشكيل الضربة الجوية، ووضع الطائرات المقاتلة الهندية في حالة ضغط مستمرة منذ دخولها المعركة. وفي مواجهة مثل هذا النظام القتالي المتكامل، تصبح مزايا الحرب الإلكترونية لأي طائرة فردية عاجزة تمامًا عن إثبات وجودها. فنظام “سبيكترا” هنا لم يعطل تقنيًا، ولكنه لم يستجب ببساطة.
قد يكون الكثيرون تفاجؤوا بنتيجة هذه المعركة، ولكن ما يستحق الاهتمام حقًا ليس قدرات طائرة PL-15 أو هزيمة طائرة رافال، بل الإرادة القتالية والقدرة على التنفيذ التي أظهرها سلاح الجو الباكستاني.
لم تكن هذه معركة ارتجالية، بل ضربةً مدروسة بدقة ضمن عملية هجومية مُعدة سلفاً. ولم تكن مجرد مناوشة جوية عابرة، بل كمينًا نظامياً شاملاً يعتمد على التفوق الاستراتيجي. وهذا يذكرنا بالضربة التركية المحكمة التي أسقطت المقاتلة القاذفة الروسية Su-24 قبل عشرة سنوات – حيث يتم اعتماد مبدأ “إما الضربة القاضية أو الصمت التكتيكي”، لضمان مفاجأة تكتيكية كاملة تجعل الخصم في حالة ارتباك لا يمكن تداركه.
وعلى الرغم من الاطلاع الجيد على قدرات القوات الجوية الهندية والتي تؤكد انها مجهزة بشكل قوي، وتمتلك معدات قوية وحديثة وتكنولوجيا متقدمة، ولكن قد تكون المشكلة في سلسلة القيادة الفوضوية وضعف التكامل بين الأنظمة حوّل حتى أحدث المقاتلات إلى “جزر منعزلة” تقاتل كل منها بمفردها.
وأخيرا، لا شك أن باكستان تثبت للعالم اليوم أنها تمتلك قوة جوية منظمة وجريئة وقادرة على القتال. وهذا لا يُعد مجرد استعراض لقدرات سلاح الجو الباكستاني، بل يُعد أيضًا اختبارًا أوليًا لمنظومة “القوة الجوية الهجومية ذات النمط الصيني” التي طورتها الصين. إن التنسيق بين صاروخ PL-15، والمقاتلة جيان-10C، وأنظمة الإنذار المبكر، يُظهر نمطًا قتاليًا مختلفًا عن المنطق الغربي القائم على “تفوق أداء الطائرة الفردية”. وفي المستقبل، قد تضطر دول العالم إلى إعادة تقييم القوة الحقيقية للقوات الجوية الصينية في مجالات السيطرة الجوية بعيدة المدى، والسيطرة المعلوماتية، والعمليات القائمة على المنظومات المتكاملة.

المراجع

https://www.janes.com.
https://www.defensenews.com
https://www.flightglobal.com
http://www.mod.gov.cn.

د. هند المحلى سلطان

رئيس برنامج الدراسات الآسيوية، باحثة زائرة بمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان وجامعة شنغهاي للدراسات الدولية. حاصلة على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية تخصص شؤون صينية من جامعة شنغهاي للدراسات الدولية وجامعة شاندونغ. ترجمت العديد من الكتب والتقارير الرسمية للحكومة الصينية من اللغة الصينية إلى اللغة العربية في مجال السياسة والاقتصاد، ونشرت بعض الأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالسياسة الخارجية للصين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى