المسار الخطر: هل تزود روسيا الحوثيين بصواريخ أونيكس؟

ذكرت وكالة رويترز للأنباء يوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024، أن روسيا تتفاوض مع الحوثيين على نقل صواريخ ياخونت (أونيكس) الأسرع من الصوت المضادة للسفن من طراز بي-800″. وأضافت أنه من المحتمل أن تتم المحادثات بوساطة إيرانية، رغم أن طهران تسعى إلى تجنب المشاركة المباشرة. كما أشار مسئول أمريكي إلى أن هذه المفاوضات مرتبطة بالإجراءات الغربية في أوكرانيا، مما يعني أن اهتمام موسكو بتوريد الأسلحة ينبع من الدعم الغربي المحتمل لأوكرانيا لضرب عمق أكبر في الأراضي الروسية.

صواريخ ياخونت”أونيكس”:

يمكن لصاروخ ياخونت والمعروف أيضا باسم أونيكس، الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر (186 ميلا)، أن يطير فوق مستوى سطح البحر بسرعة ضعف سرعة الصوت، مما يجعله يشكل تهديدًا كبيرًا. وقال خبراء إن نشرها وتمكين الحوثيين من امتلاكها من شأنه أن يغير ديناميكيات الأمن الإقليمي، خاصة بالنظر إلى الضربات الصاروخية الحوثية السابقة التي عطلت الشحن في البحر الأحمر. تجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا زودت حزب الله المدعوم من إيران بصواريخ. وقالت مصادر إن المحادثات بدأت في عهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم مروحية في مايو الماضي[1].

وقالت مصادر أخرى إن أهم الدوافع التي دفعت موسكو إلى تسليح الحوثيين، هو احتمال أن تقرر الدول الغربية السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف أبعد داخل الأراضي الروسي، وهو ما أكده مسئول أمريكي كبير، حيث قال إن “المحادثات بين روسيا والحوثيين تبدو مرتبطة بموقفنا في أوكرانيا وما نحن على استعداد للقيام به أو لا نكون على استعداد للقيام به فيما يتعلق بطلبات كييف برفع القيود المفروضة على استخدامها للأسلحة بعيدة المدى التي تزودها بها الولايات المتحدة لضرب أهداف في عمق روسيا.”

يذكر أن جماعة الحوثي شنت ضربات متكررة بطائرات بدون طيار وصواريخ على السفن في قنوات الشحن الحيوية في البحر الأحمر منذ نوفمبر لإظهار الدعم للفلسطينيين في حرب غزة مع إسرائيل، واستطاعت وقتها جماعة الحوثي أن تغرق سفينتين على الأقل، واستولت على أخرى، مما أدى إلى تعطيل التجارة البحرية العالمية من خلال إجبار شركات الشحن على تحويل الشحنات، ووفقًا لمصادر في الصناعة، أدى ذلك إلى ارتفاع تكاليف التأمين على السفن التي تبحر في البحر الأحمر، وهو ما يزيد من خطورة احتمالية حصولهم على مثل هذه الصواريخ لتهديد الأمن والملاحة في البحر الأحمر.

مسارات متشابكة:

سبق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن هدد بتسليح أطراف أخرى بأسلحة مماثلة، إذا زود الغرب أوكرانيا بأسلحة بعيدة المدى. ولقد ورد أن روسيا عقدت اجتماعين على الأقل مع الحوثيين في طهران في عام 2024، ومن المتوقع إجراء المزيد من المحادثات. في المقابل، نفى المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام علمه بالمناقشات.

على صعيد آخر، نقلت العديد من وكالات الأنباء الأجنبية أو الروسية الموالية للغربان مسئولون أمريكيون قد أعربوا عن قلقهم للسعودية وموسكو، حسبما ذكرت وكالة رويترز .كما نقل عن مسئول أمريكي قوله: “السعوديون منزعجون، ونحن منزعجون، والشركاء الإقليميون الآخرون منزعجون”، مؤكدًا على إمكانية تصعيد الحوثيين للاضطرابات في البحر الأحمر. وتجدر الإشارة أيضا إلى أنه في يوليو الماضي، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، نقلاً عن المخابرات الأمريكية، أن روسيا ربما تخطط لتسليم صواريخ مضادة للسفن للحوثيين. ووفقًا للصحيفة، أطلقت واشنطن “مهمة سرية” باستخدام “دولة ثالثة” غير معلنة لوقف روسيا[2]. وذكرت الصحيفة أنه لم يتم الإبلاغ عن دور إيران كوسيط من قبل. في حين قالت ثلاثة مصادر غربية وإقليمية إن إيران توسطت في محادثات سرية جارية بين روسيا ومتمردي الحوثي في ​​اليمن لنقل صواريخ مضادة للسفن إلى الجماعة المسلحة، وهو التطور الذي يسلط الضوء على العلاقات العميقة بين طهران وموسكو.

مع تداول مثل هذه الأخبار، لم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، ولا وزارة الدفاع الروسية على طلبات الأسئلة التي وجهت لها في هذا الشأن ولم تؤكد أو تنفي. في حين قال محمد عبد السلام، المتحدث الرسمي باسم الحوثيين في اليمن: “ليس لدينا علم بما يتم تداوله”. وعلى الصعيد الأمريكي، رفض مسئول أمريكي كبير[3] تسمية الأنظمة المحددة التي يمكن نقلها، لكنه أكد أن روسيا كانت تناقش تزويد الحوثيين بالصواريخ، ووصف التطور بأنه “مقلق للغاية”.وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن أي جهود لتعزيز قدرات الحوثيين من شأنها أن “تقوض المصلحة الدولية المشتركة في حرية الملاحة العالمية والاستقرار في البحر الأحمر والشرق الأوسط الأوسع”. يذكر أن روسيا وإيران يعملان على تعزيز العلاقات العسكرية في خضم الحرب الروسية في أوكرانيا، حيث قالت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر، إن طهران نقلت صواريخ باليستية إلى موسكو لاستخدامها ضد أوكرانيا.

وقال مراقبون إن أحد الدوافع التي دفعت موسكو إلى تسليح الحوثيين، هو احتمال أن تقرر الدول الغربية السماح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف أبعد داخل الأراضي الروسية. وقال المسؤول الأمريكي الكبير، إن المحادثات بين روسيا والحوثيين “تبدو مرتبطة بموقفنا في أوكرانيا وما نحن على استعداد للقيام به أو لا نكون على استعداد للقيام به” فيما يتعلق بطلبات كييف برفع القيود المفروضة على استخدامها للأسلحة بعيدة المدى التي تزودها بها الولايات المتحدة لضرب أهداف في عمق روسيا.

تغيير مؤثر:

قال فابيان هينز، الخبير في الصواريخ الباليستية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن نقل روسيا صواريخ ياخونت إلى الحوثيين من شأنه أن يشكل “تغييرًا لقواعد اللعبة” للأمن الإقليمي. وقال هينز إن “نظام بي-800 أكثر قدرة بكثير من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المجنحة التي استخدمها الحوثيون حتى الآن”.وأضاف هينز قائلًا، إن “الحوثيين لا يستطيعون إطلاقها على السفن الحربية الأمريكية والبريطانية وغيرها من السفن الحربية التي تحمي السفن التجارية في البحر الأحمر من هجمات الطائرات بدون طيار والصواريخ الحوثية فحسب، بل يمكن استخدامها أيضًا كأسلحة هجومية برية قد تعتبرها المملكة العربية السعودية تهديدًا”. وأضاف الخبير في المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، قائلُا إن “روسيا ستحتاج إلى المساعدة في الجوانب الفنية لتسليم الصواريخ، بما في ذلك كيفية نقلها وجعلها جاهزة للعمل دون أن تكتشف الولايات المتحدة الأسلحة وتدمرها. كما سيحتاج الحوثيون الى التدريب على النظام.

في النهاية، يمكن القول إن تداول الصحف ووكالات الأنباء الغربية وترديدها تزويد الحوثيين بصواريخ أونيكس،يُرجع التمهيد لتوجيه ضربات مركز ودقيقة ونوعية لإيران ولأنصار الله في اليمن، خاصة مع استحالة الدخول البري إلى أراضيهما مثلما حدث في غزة ولبنان. ومن ثم تهيئة الرأي العام الغربي، خاصة مع قرب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمريكية. أيضا تسعى مثل هذه الاخبار إلى زيادة شيطنة روسيا ومواقفها تجاه الغرب أمام الرأي العام الغربي، من خلال اظهارها وكأنها تمد الكيانات الإرهابية بالأسلحة شديدة التدمير. وأن بوتين لا يهمه أمن الملاحة ولا أمن الطاقة نظرا لوفرة الموارد الطبيعية في الأراضي الروسية، ومن ثم لا يعبأ بتهديد الأمن والسلامة في المضايق والمياه الدولية. ومع ذلك، فإنه ليس هناك ما يحول دون احتمالية قيام بوتين بالمساومة أو التلويح بهذا الملف لتوسيع هامش الحركة أمامه في أوكرانيا والتي يدخل الحرب فيها للعام الثالث، وبما يمثل استنزاف لروسيا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا. وعليه فإن بوتين لن يضيع فرصة تلوح له يمكن أن تغير من قواعد اللعبة بينه وبين حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية. مع الأخذ في الاعتبار أن إسرائيل تعد هامة ليس للغرب فقط ولكن لروسيا أيضا. وأخيرا، فإن دخول روسيا على خط المواجهة والمساومة يعد في صالح ايران واحتمالية قيام إسرائيل بتوجيه ضربات صاروخية لمنشاتها الحيوية، وهو أمر لابد وأن إسرائيل ستقوم به، إلا أنه يمكن أن يكون في إطار ردود الأفعال المحسوبة والتي ما زالت تحكم المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الامريكية التي جعلت من إيران عدوها الأول كما قالت كمالا هاريس.

يذكر أن روسيا وإيران تعملان على تعزيز العلاقات العسكرية في خضم الحرب الروسية في أوكرانيا، وهو ما أكدته الولايات المتحدة، حيث قالت في وقت سابق من هذا الشهر، إن طهران نقلت صواريخ باليستية إلى موسكو لاستخدامها ضد أوكرانيا.

___________________________________________________

[1] -https://www.reuters.com/world/middle-east/iran-brokering-talks-send-advanced-russian-missiles-yemens-houthis-sources-say-2024-09-24/

[2] -https://www.themoscowtimes.com/2024/09/25/moscow-in-secret-talks-to-supply-missiles-to-iran-backed-houthis-reuters-a86465

[3] -https://www.themoscowtimes.com/2024/09/25/moscow-in-secret-talks-to-supply-missiles-to-iran-backed-houthis-reuters-a86465

د. مصطفى عيد إبراهيم

خبير العلاقات الدولية والمستشار السابق في وزارة الدفاع الإماراتية، وعمل كمستشار سياسي واقتصادي في سفارة دولة الإمارات بكانبرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى