تأثير المشاهير: كيف استهدفت “هاريس” جيل z بالمؤتمر الوطني الديمقراطي؟

اختتمت نائب الرئيس، كاميلا هاريس، مساء الخميس 22 أغسطس الجاري، واحداً من أكثر الأشهر استثنائية في التاريخ السياسي الحديث، بخطاب حشدت فيه الديمقراطيين حول قضايا تتعلق بالوطنية، حيث فتحت اللجنة الوطنية الديمقراطية أبوابها لمؤثري وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف الوصول إلى الناخبين الأصغر سنًا من خلال تسليط الضوء على شخصيات مؤثرة عبر الإنترنت في خطوة استراتيجية، فقد منحت اللجنة بطاقة الصحافة لأكتر من 200 مؤثر لحضور الفعالية، وهذا يعكس رغبة الحزب في جذب انتباه الشباب قبل يوم التصويت في انتخابات نوفمبر الرئاسية.

وفقًا للمراقبين، حققت كاميلا هاريس، تقدمًا ملحوظًا مع جيل الألفية وجيل زد منذ أن حلت محل الرئيس “بايدن” في القائمة الانتخابية. فقد أكد خطاب “هاريس” في أحد رسائله الأساسية على أهمية تصويت الجيل الجديد، معتبرًا أن هذا الجيل يمثل قوة مؤثرة في تحديد مستقبل السياسة الأمريكية، ولذلك كان من الضروري توجه خطاب يتماشى مع اهتماماته وتطلعاته. وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت خلال أغسطس الجاري إلى أن الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يميلون نحو المرشح الديمقراطي، حيث قدمت “هاريس” خطابًا ملهمًا ومؤثرًا جذب الانتباه ليس فقط للمشاركين في المؤتمر، بل جذب المشاهدين للمؤتمر عبر وسائل الإعلام المختلفة، فقد اعتبر المتابعون للشأن الأمريكي، أن كلمات “هاريس” في مؤتمر الحزب الديمقراطي، كانت بمثابة دعوة قوية للجيل الجديد للتفاعل والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.

قضايا مُحركة:

ركزت “هاريس” في خطابها على موضوعات جوهرية، تتعلق بالعدالة الاجتماعية والمساواة والفرص الاقتصادية، حيث استهلت حديثها بالإشارة إلى التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، مؤكدة أن التقدم الحقيقي يتطلب التزاماً جماعياً وحلاً للمشكلات التي تؤثر على الحياة اليومية للأمريكيين. واعتمدت في خطابها على الحديث عن الأسرة، مشددةٍ على أن المستقبل يُبني بتضافر الجهود، وفهم التحديثات التي يوجهها الأفراد من مختلف الطبقات الاجتماعية. كما أكدت على ضرورة المشاركة الفعالة للشباب في صناعة السياسات واتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتهم ومستقبلهم.

أما فيما يخص قضايا السياسة الخارجية، فقد تحدثت  كاميلا هاريس، بشكل عام دون الخوض في تفاصيل، فبالنسبة للحرب في غزة، لم تقدم “هاريس” في كلمتها خطة محددة، ولكنها أكدت على التزام الولايات المتحدة الأمريكية، بدعم الأمن والاستقرار في المنطقة. أما بخصوص أوكرانيا، فقد أكدت على دعمها الثابت لأوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، وأشارت إلى أهمية تعزيز الدعم العسكري والاقتصادي. وفيما يخص حلف شمال الأطلسي (الناتو)، أكدت “هاريس” على أهمية تعزيز التعاون داخل الحلف وحمايته من التهديدات المتزايدة. أما بالنسبة لإيران، فقد أبدت دعماً للجهود الدبلوماسية الرامية إلى منع إيران من تطوير سلاحها النووي، مع التزامها بالمفاوضات والحوار.

استخدام المؤثرين:                         

يشير المراقبون إلى أن حملة كاميلا هاريس، وتيم والز، تتبع استراتيجية مدروسة، تتمثل أهم ملامحها في كيفية الاستفادة من نجوم الفن والسياسة خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي. فقد تم تسليط الضوء على نجوم الفيلم والتليفزيون التقليديين مثل كاري واشنطن، مندي كالينج، توني غولدوين، هذا بالإضافة إلى حضور الشخصيات السياسية المعروفة مثل باراك وميشيل أوباما، بال وهليري كلينتون، وجو بايدن.

لم يقتصر دور المشاهير في المؤتمر على تقديم الدعم لخطاب هاريس، بل كانوا جزء من الرسالة التي أرادت إيصالها. من خلال تصريحاتهم ومشاركتهم، حيث تم من خلالهم تسليط الضوء على القضايا التي تهم الشباب مثل التعليم، البيئة، وحقوق الإنسان. وتتمثل ملامح  تأثير خطاب “هاريس” على المؤتمر الوطني الديمقراطي، كالتالي:

(*) محاولة جادة لاستقطاب الناخبين الجدد: لقد كان لخطاب هاريس، تأثيرًا ملحوظًا على انعكاسات فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي، حيث منح الحملة الديمقراطية زخماً جديدًا، وجذب اهتمام العديد من الناخبين الشباب.

(*) التأكيد على الالتزام بقضايا المواطن الأمريكي: لقد منح خطاب “هاريس” في المؤتمر طابعاً متجدداً يعكس التزام الحزب بالقضايا الأساسية التي تهم المواطن الأمريكي، فوفقا للمراقبين تركيز الخطاب على القضايا الداخلية والخارجية، معتبرين أن التلميح في شأن التعامل مع الأزمة الفلسطينية، كان بهدف إرضاء الجيل الجديد من الناخبين.

(*) توسيع الكتلة الناخبة من الشباب: مثلت كلمة “هاريس” كذلك حضور المشاهير من أهل الفن والسياسية، وحديثهم عن قضايا الشباب، رسالة واضحة لمشاركة الشباب وجيل زد في العملية السياسية كممارسين وصناع، حيث سلط  خطاب “هاريس” الضوء على التحديات التي تواجه الحزب، مثل ضرورة توسيع قاعدته الجماهيرية، معتبرة أن جذب المزيد من الشباب هو ضرورة الضروريات القادمة، مع التركيز  على تقديم حلول لقضاياهم الاقتصادية والاجتماعية.

في الخاتم، يمكن القول، إن خطاب كاميلا هاريس، في المؤتمر الوطني الديمقراطي، كان بمثابة رسالة تحفيزية تعكس الأمل والطموح للمستقبل، وذلك اتضح في  تركيزها على أهمية مشاركة الجيل الجديد، واستضافة مشاهير لدعم رسالتها، وقدرتها على التأثير بشكل إيجابي على المؤتمر والحملة الديمقراطية. وعليه، فإنه بفضل خطاب “هاريس”، أصبح واضحًا أن العمل على تحفيز الشباب وتأكيد أهمية وجودهم في العملية السياسة هو أمر أساسي لتحقيق تقدم حقيقي ومستدام.

ديانا محسن

ديانا محسن- باحثة متخصصة في الشؤون الأمريكية، وحدة دراسات العالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى