كيف يؤدى استخدام “الدرونز” إلى أزمة ديموغرافية في السودان؟

بدأت الحرب بين الجيش السوداني ومليشا الدعم السريع في 15 إبريل 2023 بشكل تقليدي باستخدام الطيران والمدفعية والأسلحة الخفيفة إلى جانب الصواريخ والمدافع المتوسطة والدبابات، ولكن علي الرغم من ذلك تغير الوضع على الأرض جزئياً منذ بدء استخدام الطائرات بدون طيار”الدرونز” بين طرفي المعركة بالسودان، فقد تمكن الجيش السوداني من كسر الحصار المفروض على جنوده في عدة مواقع بينما انسحبت مليشيا الدعم السريع من بعض الأحياء غرب العاصمة الخرطوم، وعليه كان لاستخدام طائرات “الدرونز” تداعيات علي عدة جوانب للمعركة، كان أهمها حدوث تغير في ملامح الجانب الديموغرافي للسودان.

تأسيساً علي ما سبق، يمكننا طرح هذا السؤال، وهو: ما أثر استخدام طائرات “الدرونز” في المواجهات السودانية على الطبيعة الديموغرافية الداخلية؟

الدرونز تحول حاسم:

تتواجد الطائرات المسيّرة المستخدمة في الأغراض العسكرية في السودان منذ سنوات، إذ سعت منظومة الصناعات الدفاعية المملوكة للجيش وبشراكة مع عدة دول أبرزها إيران والصين إلى صناعة وتطوير طائرات مسيّرة لأغراض مدنية وعسكرية، وقد أكدت مليشيا الدعم السريع، أن “جزءاً منها وقع في يدها عند سيطرتها على بعض المقار العسكرية في الخرطوم خلال الأشهر الأولى من الحرب”، حيث أكد مراقبين للمعركة أن الطائرات دون طيار، ظهرت منذ بداية معركة الخرطوم في أبريل 2023 وأكدوا أن تحركات “الدرونز” انحصرت في جمع المعلومات وتوفير الإحداثيات وخريطة انتشار المليشيا للتعامل معها عبر سلاح الهجوم والقصف المدفعي المُنطلق من داخل مقار الجيش السوداني، وأكد بعض الخبراء أن المسيّرات التي استخدمها الجيش في بادئ المعركة كانت محلية الصنع، وجرى تصنيعها داخل ورش منظومة الصناعات الدفاعية التي سقطت بيد الدعم السريع في أغسطس 2023.

ثم تحول الأمر لتصبح الطائرات المسيّرة أجنبية الصنع، لاعب رئيسي في الحرب السودانية بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، إذ غيرت مسار الحرب على الأرض منذ ظهورها في أواخر عام 2023، فنقلاً عن تحقيق لـ “BBC نيوز عربية” أن الجيش السوداني امتلك نوعين على الأقل من المسيّرات الإيرانية فضلاً عن مسيّرات انتحارية استخدمها خلال الحرب، وأكد التقرير علي استخدام الجيش السوداني لنوعين من المسيَّرات الإيرانية في حربه ضد مليشيا الدعم السريع، وفي المقابل حصلت مليشيا الدعم السريع على مسيّرات تجارية معدلة لتتمكن من إلقاء القذائف وذلك عن طريق سيطرتها على المخزون الإستراتيجي للقوات المسلحة، والذي يتبع لمنظومة الصناعات الدفاعية وكذلك على مقر قوات الدفاع الجوي بالخرطوم ونتيجة لذلك استولت على ترسانة من المسيَّرات وأنظمة الدفاع الجوي التي كان يملكها الجيش.

فكلاً من طرفي الصراع في السودان، حاولا حجب هوية الجهات التي تزودهما بالمسيَّرات، لكن تؤكد وكالات أنباء دولية في مقدمتها “رويترز” أن الجيش يحصل على طائرات “الدرونز” بشكل رئيسي من إيران ونقلت “بلومبيرج” عن مسئولين غربيين، أن الجيش السوداني حصل من طهران على عدد كبير من مسيَّرات”مهاجر6″ المؤهلة لعمليات الرصد ونقل المتفجرات.

وقد أدي استخدام هذا النوع من الطائرات إلي قلب موازين المشهد، وكان استخدامها نقطة تحول في مسار المعركة بين طرفيها، حيث تمكن الجيش السوداني في بداية استخدمها من كسر الحصار المفروض على جنوده في عدة مواقع، بينما انسحبت مليشيا الدعم السريع من بعض الأحياء غرب العاصمة، ففي صباح 12 مارس عام 2024 احتفل جنود الجيش السوداني، بتقدم عسكري غير مسبوق، حيث أعلنوا عن سيطرتهم على مبنى الإذاعة والتلفزيون في العاصمة الخرطوم للمرة الأولى بعد 10 أشهر من الحرب، فكان قبلها بعشرة أشهر سيطر جنود مليشيا الدعم السريع على المكان نفسه، وبدأت الحرب وقتها بين الطرفين، وأصبحت معظم المدينة تحت سيطرة الدعم السريع، وعليه رأي الخبراء، أنه لم يكن الجيش ليستعيد السيطرة على الإذاعة من دون المسيَّرات الجديدة المستوردة من الخارج، وبالتالي كان لاستخدام الطائرات المسيَّرة دور فعّال في رصد واستهداف تحركات مليشيا الدعم السريع، وتحديد مواقعها، وبالتالي تحقيق تقدم للقوات الحكومية في الميدان.

لقد اعتمد الجيش في المراحل الأولى من الحرب على سلاح الطيران، فقد أكد بعض الخبراء أن سلاح الجو لم يتمكن من تحقيق تفوقاً عسكرياً لاسيما ضد قوة أرضية خفيفة في تسليحها وسريعة في حركتها كمليشيا الدعم السريع، التي كانت بمثابة القوات الأرضية للجيش بعد الحرب، حيث وجد الجيش السوداني كل قواته التفضيلية محاصرة مثل سلاح المدرعات والقاعدة الجوية في “وادي سيدنا” ولم تكن لديه قوات مقاتلة على الأرض، وهذا كان سبباً رئيسياً في وضعه بموقف الدفاع لعدة شهور واحتفاظه بالسيطرة على مواقع محدودة في الخرطوم، وبقي محاصراً في قواعده لأشهر عدة لكنه ظل محتفظاً بانتشاره في السماء، وفي المقابل كانت مليشيا الدعم السريع تسيطر على معظم أراضي الخرطوم، وكذلك على معظم إقليم دارفور غربي البلاد ثم تسابق طرفي المعركة على بسط النفوذ والسيطرة على الأرض والجو بعد حصولهما على أسلحة جديدة والتي تمثلت في “الدرونز”، وعلي الجانب الآخر مهدت نفس المسيرات الطريق أمام الدعم السريع لوضع يدها على مقر التصنيع الحربي وفي شن هجمات مؤثرة على مقار الجيش الرئيسية.

وعلي النقيض رأي بعض الخبراء العسكريون، أن استخدام المسيّرات لن يحسم حرب السودان ولكنها كانت قادرة على قلب الطاولة لبعض الوقت وتحقيق انتصارات لكل طرف على الآخر ما كان أشبه بسباق للتسلح بين الطرفين، وأضافوا أن فاعلية المسيَّرات في الحروب تتوقف على مجموعة من العوامل، أولها النوع، وثانيها القدر الذي يمكنها حمله من الصواريخ، وثالثها مدى تطور تقنيتها وساعات الطيران التي كلما كانت أطول ميزت المقاتلة المسيَّرة عن أخري بالإضافة لجودة الكاميرا المثبتة فيها ونظام التواصل مع الأرض وأن كيفية توظيف المسيَّرات في أرض المعركة هي التي تتحكم في تأثيرها، وعليه أكد بعض الخبراء أن المسيَّرات تمثل عاملاً إستراتيجياً مؤثراً لكنه ليس حاسماً في الحرب لأن هناك تشكيلات عسكرية أخرى تقوم بأدوار مهمة في أية معركة.

ونجد أن مليشيا الدعم السريع، كانت تملك أنواعاً من المسيَّرات “المبرمجة” مسبقاً والتي تُستخدم في عمليات “انتحارية” وفي المقابل يحوز الجيش السوداني مسيرات أكثر تطوراً، والأمر كله ربما يقود لـ “سباق تسلح” بين الجيش والدعم السريع فيما يتعلق بامتلاك المسيَّرات واستخدامها وهذا يعتمد على قدرة الجيش على الانفتاح على روسيا وتركيا وإيران، فيما ستحاول مليشيا الدعم السريع الحصول على تقنيات مماثلة من حلفائها في المنطقة.

تحول ديموغرافي:

غالباً ما تتحول الحروب الداخلية للدول لحروب أهلية، وهذا حدث بالفعل في السودان، حيث اشتدت حدة الاشتباكات بين طرفي المعركة منذ إبريل العام الماضي حتى وصل الأمر إلي حرب أهلية بالبلاد، ومع طول أمد المعركة وزيادة الخسائر واستخدام أسلحة وتكنولوجية جديدة يحاول كلا الطرفين من خلالها حسم المعركة لصالحه، رأي محللين أن ما حدث في السودان، ما هو إلا حرب تحول ديموغرافي سعت إليها مليشيا الدعم السريع من خلال خلقها لحرب أهلية بالبلاد والسطو علي الأرض والممتلكات وتدمير البني التحتية ومقومات الحياة، فقد أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 9 ملايين شخص أُجبروا على ترك منازلهم، وهو عدد أكبر من أي صراع حالي آخر، فعند النظر إلي توزيع النزوح الداخلي فقد أنتجت الحرب الممتدة لأكثر من عام أكبر أزمة نزوح في العالم، فنزح نحو 2.5 مليون في دارفور، ونحو700 ألف في ولاية نهر النيل، ونصف مليون في ولاية النيل الأبيض، وأكثر من 400 ألف نزحوا في كل من ولايات كردفان والقضارف وسنار الشمالية، وأكثر من 300 ألف في الجزيرة، ومثلهم في ولاية البحر الأحمر، بينما نزح نحو 200 ألف في كسلا، وأكثر من 130 ألف في ولاية النيل الأزرق، ونحو 50 ألفاً في الخرطوم، أما عن اللجوء لدول الجوار فقد فر أكثر من مليوني شخص عبر الحدود بما في ذلك 1.8 مليون شخص فروا إلي دول الجوار منهم 660 ألف شخص إلي جمهورية جنوب السودان، و579 ألف شخص إلي تشاد، وأكثر من 500 ألف شخص تقريا إلي مصر ” وفقاً لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين”.

وقد بدأت خطة التهجير بقصف محطات المياه والكهرباء والمستشفيات، ونهب مخازن الغلال، وفرض حصار على الأحياء السكنية في الخرطوم، فأصبحت الصواريخ تتساقط داخل المنازل كالحُمم البركانية فيتم إبادة أسر أو قبائل كاملة، ويتم الاستيلاء على أملاكها من سيارات ونقود وبيوت، وعليه نري أن الأخطر في هذه المعركة، هو انتهائها فحينها ستنفجر مدن السودان من الداخل في المستقبل القريب، حيث أن معظم السكان الآن متفرقين من قبائل ليس أصحاب أرض أو حق في مناطق ومدن مختلفة ولكنهم أصبحوا أصحاب حق ويقطنون بين السكان الأصليين للمدن والقرى، فحتى إذا انتهت المعركة سيتوالي قدوم سكان من مناطق أخري بحجة أنهم سودانيين حتى وإن كانوا كذلك فلم تكن هذه جغرافيتهم قبل ١٥ إبريل2023. وقد عكست التطورات الناجمة عن بدء استخدام الطائرات المسيَّرة في المعركة، تغيرًا في ديناميكيات النزاع في السودان، حيث ظهرت تأثيرات الحرب على الساحة المحلية والإقليمية، بما في ذلك الأزمة الإنسانية الخانقة وزيادة أعداد النازحين وانتشار العنف في مناطق مختلفة من البلاد.

توضيحا لما سبق، يمكن القول إن خرائط السودان، تبدو متفرقة بعد كل ما مضي، وتبدو خطوط التقسيم مرسومة غائرة فى الأرض، فقد استعاد الجيش لمناطق فى الخرطوم، خاصة فى “أم درمان” وما حولها، إضافة لمناطق قيادة عسكرية أهمها قاعدة ومطار “وادى سيدنا” في ما ظلت جماعات من الدعم السريع فى أغلب نواحى العاصمة تقتل وتنهب الأعيان المدنية العامة والخاصة، وتحركت بسلاسة فى خارج “الخرطوم” وسيطرت على أغلب ولايات “دارفور” الخمس وتحارب لإكمال السيطرة على “الفاشر” أكبر مدن “دارفور”، ومن الغرب إلى الوسط، حيث استولت الدعم السريع على ولاية “الجزيرة” قلب السودان الزراعى ثم من بعدها أخيرا إلى منطقة “جبلموية”، ثم جنوبها إلى ولاية “سنار” ومدينة “سنجة” مع وجود مخاطر متزايدة فى ولايات “كردفان” الثلاث وولايات “النيل الأزرق” و”النيل الأبيض” و”القضارف”.

وعليه، نجد أنه صار نحو نصف سكان السودان، شركاء فى أحوال التشرد والمجاعات والنزوح واللجوء إلى خارج البلاد وكل منطقة تدخلها مليشيا الدعم السريع  يهرب أغلب سكانها خوفاً وهلعاً، كما أن أطراف الحرب تتكاثر، حيث دعمت بعض الحركات حرب الدعم السريع ضد الجيش كحركة “عبد العزيز الحلو” فى “كردفان” و”جبال النوبة”، وفي المقابل انحازت بعض فصائل “حركات الكفاح المسلح” إلى الجيش، كما يجرى فى “الفاشر” وما حولها، حيث تعيش مدينة “الفاشر” حالة من العنف والتوتر بسبب المواجهات العسكرية المستمرة بين الجيش السوداني والقوة المشتركة للحركات المسلحة من جهة ومليشيا الدعم السريع من جهة أخرى مما تسبب في مأساة إنسانية خطيرة في المدينة منذ منتصف أبريل 2024، وفى مايو الماضي احتدم القتال واندلعت المواجهات فى المدينة بين طرفى القتال بعد أن شهدت “الفاشر” خلال الفترة الماضية هدوءاً نسبياً وأصبحت ملاذاً آمنا للنازحين الذين لجؤوا إليها من مختلف مدن البلاد بسبب تداعيات الحرب الدائرة، ومع تصاعد حدة القتال بين الجيش والدعم السريع في مواقع مختلفة بالفاشر بشمال دارفور من 1 إبريل 2024 وبحلول 31 مايو 2024 جري استهداف ما يقرب من 130 ألف شخص أي حوالي 26 ألف أسرة قد اضطروا للنزوح، بالإضافة إلي نزوح ما لا يقل عن 12900 شخص إضافي من الفاشر في المدة من 1 إلي 23 يونيو 2024 ذلك وفقاً “لتحديثات مصفوفة النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة “، وقد تعرضت منازل السودانيين وبعض المرافق لأضرار جسيمة نتيجة المواجهات، مما أدى إلى تشتت الأسر وتهجير العديد من السكان قسريا،ً كما اضطر الكثير من الأشخاص للفرار من منازلهم والبحث عن ملاذ آمن في أماكن أخرى في ظل ندرة الموارد والخدمات الأساسية وزادت حاجة النازحين إلى المساعدة الإنسانية.

تغير الموقف القبلي:

فبعد مرور3 أشهر من اندلاع الحرب العام الماضي، أعلن حينها زعماء القبائل السبعة في دارفور مساندتهم لمليشيا الدعم السريع وكان أبرزها قبائل هلبا، المسيرية، التعايشة والرزيقات، وأكدوا حينها أنها معركة بين الحق والباطل وضد فلول النظام السابق الذين يستغلون الجيش للعودة للسلطة، بل وطالبت قيادات هذه القبائل من أبناءها الانشقاق عن الجيش والانضمام إلي مليشيا الدعم السريع.

ولكن بعد أكثر من عام علي الحرب تجاوز زعماء عدة قبائل سودانية، خاصة قبيلتي الرزيقات والمسيرية هذا الموقف المُعادي للجيش السوداني وقرروا الاصطفاف إلى جانب الجيش في خطوة عدها محللون وخبراء دعماً للمؤسسة العسكرية، وإضعافا لمليشيا الدعم السريع عسكرياً وسياسياً ومؤشراً لتآكل حاضنتها الاجتماعية. حيث تتألف مليشيا الدعم السريع من مكونات اجتماعية أغلبها عربية أبرزها قبيلة الرزيقات في دارفور التي ينتمي إليها قائد القوات محمد حمدان دقلو “حميدتي”، ونائبه وأخوه عبد الرحيم دقلو بالإضافة لقبيلتي المسيرية والحوازمة في إقليم كردفان.

فقد أعلن رئيس مجلس الصحوة الثوري وزعيم عشيرة المحاميد -أكبر بطون قبيلة الرزيقات” موسى هلال” في إبريل 2024 انحيازه الكامل للجيش في حربه ضد مليشيا الدعم السريع، وأكد بعض الخبراء حينها علي أنه سيحقق مكاسب عدة للجيش وسيمنحه مساحة شاسعة من الأرض في موقع جغرافي يمثل الحاضنة المكانية والاجتماعية للدعم السريع دون قتال ويمنح الجيش أرضاً وقاعدة للعمليات في قلب دارفور وتأمين الدعم اللوجيستي والبشري له مما يجعل من تخطيط “حميدتي” للسيطرة على ما تبقى من الإقليم أمرا صعباً.

وقد أرجع بعض الخبراء التحول في موقف عدة قبائل إلي أن كثيراً من القبائل راجعت مواقفها بناءاً على التطورات العسكرية بعدما حقق الجيش تقدماً وتراجعت مليشيا الدعم السريع فضلاً عن الانتهاكات التي ارتكبتها والخسائر الكبيرة في صفوفها وباتت تخشى من ارتدادات وتداعيات ما بعد الحرب.

لقد تلاحظ حدوث انقسام في الحاضنة القبلية والاجتماعية للدعم السريع، حيث تغيرت مواقف زعماء قبائل كانوا أقرب إلى “حميدتي” وآخرين كانوا في الحياد، وهو الأمر الذي سيؤثر حتماً على الأوضاع العسكرية والروح المعنوية للدعم السريع التي تمثل قوة وإرادة القتال لأي قوة في الحرب.

وفي إطار ذلك نجد أن الحرب في السودان تمضي بوتيرة متسارعة والعمليات تتوسع براً وجواً، حيث مازال طرفي الحرب يتبادلا استخدام الطائرات المسيَّرة ضد أهداف كلاً منهما، وعليه ستستعد أطراف الحرب في السودان لجولة من التفاوض في سويسرا منتصف الشهر المقبل بدعوة أمريكية ودعم دولي واسع كمحاولة جديدة لتحقيق أمل تخفيف الأزمة الإنسانية بالسودان.

وختاماً، وعلي الرغم من تباين وجهات النظر فيما يتعلق بالدور الحاسم لطائرات “الدرونز” في مسار المعركة بالسودان،  إلا أننا في المقابل لا نستطيع أن ننكر الأثر الواضح لتكنولوجيا المسيَّرات الحديثة، وتأثيرها الفعال في إحداث الفارق في الميدان، فلولا تدخل تلك المسيَّرات في المعركة لكانت الحرب الجارية في أرجاء ولاية الخرطوم أكثر تعقيدًا ولطالَ زمان حسمها بأكثر مما يجري الآن بأضعاف، وقد عكست كل تلك التطورات في المشهد حدوث مجموعة من المتغيرات طالت الجانب الديموغرافي بالسودان، فضلاً عن تغير مواقف بعض القبائل الداعمة لطرفي المعركة.

 

د. جهاد نصر

رئيس برنامج دراسات الجيوبوليتيك بالمركز- مدرس مساعد بقسم العلوم السياسية جامعة ٦ أكتوبر، متخصصة في مجال الجيوبوليتيكس، وشئون الأمن الإقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى