منحى مضطرب: الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي في عام 2021

د. جيهان عبد السلام

في عام 2020 ، تحمل الاقتصاد العالمي أعمق ركود له منذ أزمة الكساد الكبير فى ثلاثينات القرن العشرين، حيث أدى جائحة فيروس كوفيد-19 إلى قلب الحياة وسبل العيش رأساً على عقب.

فكان الركود غير مسبوق في نطاقه الجغرافي، وانعكاساته الاقتصادية. ومع بداية حلول عام 2021، فإن التطور السريع للقاح الوباء ونشرها من المتوقع أن يمكنوا من الانتقال إلى اقتصاد جديد في مرحلة ما بعد الجائحة.

ومن هذا المنطلق جاءت توقعات المؤسسات الاقتصادية الدولية أكثر تفاؤلاً نسبياً عما كانت عليه عام 2021 ،ومن هنا نستعرض أهم التوقعات الاقتصادية العالمية لعام 2021 كما يلى :-

معدلات النمو:

من المتوقع أن يدخل الاقتصاد العالمي عام 2021 بمعدل نمو ضعيف ويتسارع بوتيرة سريعة في النصف الثاني من هذا لعام ، فوفقاً لتقديرات البنك الدولى سوف يرتفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 4٪ في عام 2021، وتتفاوت وتيرة التعافي تفاوتاً ملموساً ، مع ضعف واضح في الدول التي تعاني من حالات تفشٍ أكبر أو تتعرض بدرجة أكبر للتداعيات العالمية عبر السياحة وصادرات السلع الأولية والصناعية.

ومن المتوقع أن تشهد منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ أكبر نمو اقتصادي بنسبة 7.4٪ في عام 2021، بينما سينمو النشاط الاقتصادي في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة 3.7٪ في عام 2021.

أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فمن المتوقع أن ينمو النشاط الاقتصادي بنسبة 2.1٪ هذا العام، في حين سينمو الاقتصاد الإقليمي في أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 3.3٪ هذا العام، وفي جنوب آسيا بنسبة 3.3٪، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 2.7٪ ، وذلك كما هو موضح بالجدول التالى

متاح على الرابط التالى :-

اضغط هنا

بينما بدت المنظمة الدولية للتعاون الاقتصادي والتنمية توقعات أكثر تفاؤلاً بخصوص عام 2021 ، حيث تتوقع انتعاشاً بنسبة 5٪ مقابل 5.2٪ سابقاً.

ولفتت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية النظر الى أن توقعات النمو الاقتصادي تعتمد على عوامل مختلفة :

مثل احتمال حدوث موجات جديدة من الإصابات وتأثيرها على ثقة المستهلك والأعمال ، كذلك مدى المبادرات الحكومية للحفاظ على الوظائف ومساعدة الشركات لتخطى عقبات أزمة كورونا .

كما توقعت المنظمة أن تتصدر سبعة دول من بين مجموعة العشرين المشهد من حيث تخقيقهم أعلى معدلات النمو وعلى رأسهم : الهند والصين ، يليها الدول الأوربية مثل بريطانيا .

شكل رقم (1) توقعات معدلات النمو الاقتصادى لمجموعة من 7 دول لمجموعة العشرين لعام 2021 أما صندوق النقد الدولى ، يرى أنه ن المرجح أن يشهد الاقتصاد العالمي انتعاشًا بطيئًا وغير منتظم في عام 2021 ، فمن غير المرجح أن يتعافى الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى مستويات ما قبل الوباء في عام 2021.

و يعتمد هذا الافتراض بشأن الانتعاش الاقتصادي العالمي الضعيف وغير المتكافئ أنه ليس بالضرورة أن يكون النمو على شكل حرف V في عام 2021 ، لأن الأمر متوقف على إمكانية إتاحة لقاحات فيروس كورونا على نطاق واسع فقط بحلول نهاية النصف الأول من عام 2021 أو بحلول الربع الثالث من عام 2021 ؛

وبالتالي من غير المرجح أن ترتفع ثقة المستهلك والأعمال بشكل كبير من المستويات الحالية المنخفضة .

بينما احتوت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وجنوب شرق آسيا على نطاق أوسع من الفيروس بشكل كبير إلى حد ما ، كما الولايات المتحدة وأوروبا (فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وغيرها) تحارب على وجه الخصوص الموجة الثانية من الوباء.

كما تواجه الاقتصادات الناشئة الرئيسية مثل البرازيل وروسيا والهند ارتفاعًا في معدلات الإصابة بفيروس كورونا الذي يقوض بشكل كبير ثقة الأعمال والمستهلكين. أما مؤسسة مورجان ستانلى Morgan Stanley ، تتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 5.8٪ بحلول عام 2021، وتشير الى أن التفاؤل بشأن النمو العالمي في عام 2021 يتزايد على خلفية الأخبار التي تفيد بأن اللقاحات يتم طرحها فى الوقت الراهن .

ومع ذلك ، يحذر أن التعافي غير كامل مع فجوة إنتاج قد تصل الى ما نسبته 2.0 ٪ ، ولا يزال صانعو السياسات ملتزمين بالحد من التداعيات ، ولن يكون هناك ابتعاد عن السياسة النقدية التيسيرية في عام 2021. ومن المتوقع أن يبلغ توسع الميزانيات العمومية للبنوك المركزية في العام المقبل نصف الحجم الذي شهده في عام 2020 .

 

مستويات الفقر المحتملة:

تسبب الوباء في دخول ملايين من الأفراد خاصة فى دول الأسواق الناشئة والدول النامية فى فجوة الفقر. ومن المتوقع أن الوباء قضى على ما لا يقل عن 10 سنوات على الأقل من مكاسب دخل الفرد – وفي حوالي ثلثي دول الأسواق الناشئة والبلدان النامية ، ومن المتوقع أن يرتفع دخل الفرد فى عام 2021 و2022 نسبياً عما كان عليه عام 2020 ، ولكن تظل مشكلة انتشار الفقر خاصة فى الدول النامية ومنخفضة الدخل الأكثر خطورة فى ظل استمرار وباء كورونا فى تلك الدول .

 

التجارة الدولية :

انهارت التجارة العالمية فى عام 2020 ، مع إغلاق الحدود وانقطاع الإمدادات الدولية للسلع والخدمات.

وتتوقع منظمة التجارة العالمية ارتفاع بنسبة 7.2٪ فى حجم التجارة الدولية في عام 2021 بينما ترى توقعات أخرى نمو للتجارة الدولية بنسبة أقل تصل ا

د.جيهان عبد السلام

مساعد مدير المركز في الملفات الاقتصادية والدراسات الإفريقية. -أستاذ مساعد الاقتصاد بجامعة القاهرة. -حاصلة على دكتوراه الاقتصاد بكلية الدراسات الأفريقية العليا. -عضو هيئة تحكيم البحوث الاقتصادية لدى المركز الجامعي لترامنست. -عضو هيئة تحكيم لدى كلية الاقتصاد والإدارة وعلوم التيسير. -عضو هيئة تحكيم لدى جامعة الشهيد لخضر. -خبير اقتصادي وكاتبة في العديد من المجلات العلمية ومراكز الدراسات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى