د. بلال بدوي يكتب: الشعبية التي لا تُهزم: لماذا تفشل حملات النيل من مستقبل وطن؟

على امتداد السنوات الماضية، ظلّ حزب مستقبل وطن هدفًا لحملات تشويه منظمة تعمل على تصنيع رواية وهمية عن تراجع الحزب أو فقدانه لثقله في الشارع، ورغم ضخامة هذه الحملات فإنها لم تحقق سوى الفشل. فالحزب الذي تمدد منذ 2011 وترسخت قواعده بعد 2014 لم يبنِ وجوده على الضجيج الإعلامي العابر، بل على ثقة اجتماعية راسخة صنعها من خلال الاحتكاك الحقيقي بالناس في القرى والمراكز والأحياء، وفي المبادرات والفعاليات والعمل التنظيمي اليومي الذي لا يعرف التوقف. ولهذا تبدو الشائعات مجرد ضوضاء لا تصمد أمام واقع أقوى بكثير مما يروج له خصومه.

ويعرف المتابع الجاد أن جزءًا كبيرًا من هذه الحملات تقوده جماعة الإخوان الإرهابية عبر منصاتها الإعلامية داخل وخارج مصر. فالجماعة التي فقدت تنظيمها وخسرت حاضنتها الشعبية لا تجد سوى سلاح الشائعات لضرب أي تجربة سياسية مصرية مستقرة، وعلى رأسها حزب مستقبل وطن. هذا الاستهداف ليس جديدًا؛ فقد ارتبط دائمًا بمحاولات الجماعة للتشكيك في الانتخابات، والطعن في نتائجها، وخلق صورة زائفة عن “رفض شعبي” لا وجود له إلا في غرف البث الممولة. فالإخوان يدركون أن صعود حزب قوي ومنظم يمثل خط النهاية لفكرة الفوضى السياسية التي حاولوا إعادة إنتاجها مرارًا، ولذلك يتعاملون معه باعتباره الخصم الأكثر تهديدًا لمشروعهم.

ومن واقع تجربتي داخل الحزب—سواء خلال عملي السابق في لجنة الصناعة أو في دوري الحالي كأمين مساعد لأمانة الاستثمار—يمكنني القول إن من يتحدث عن غياب شعبية الحزب لا يعرف حجم العمل الحقيقي على الأرض. فمستقبل وطن ليس مجرد لافتة أو هيكل إداري؛ إنه شبكة اجتماعية واسعة تمتد إلى كل قرية ومدينة، وتعمل بجدية على معالجة مشكلات الناس، واستقبال شكاواهم، والمشاركة في حل أزماتهم، والتفاعل مع قضاياهم بشكل مباشر وبعيد عن الصخب الإعلامي. هذا الاحتكاك اليومي يمنح الحزب عمقًا لا تستطيع الشائعات اختراقه، لأن الناس تحكم بما تراه وتعيشه، لا بما تسمعه من قنوات خارجية فقدت مصداقيتها.

ولعل ما يميز مستقبل وطن أنه تجاوز حدود الدور التقليدي للأحزاب. فمن خلال عملي في لجنة الصناعة رأيت كيف تحوّل دعم الصناعة المصرية إلى محور ثابت في رؤية الحزب الاقتصادية. لم يكن مجرد كلام عن “تشجيع الإنتاج المحلي”، بل جهد حقيقي في مناقشة مشكلات المصانع، وطرح مقترحات تشريعية، وزيارات ميدانية للمنشآت الصناعية، ومحاولات فعلية لرفع تنافسية المنتج المصري. وكان واضحًا أن الحزب يرى أن الصناعة ليست قطاعًا ثانويًا، بل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني وقدرته على النمو وتوفير فرص العمل.

ومع الانتقال إلى أمانة الاستثمار أصبح العمل أكثر اتساعًا وعمقًا. فقد تبنى الحزب رؤية واضحة لتحسين مناخ الاستثمار المحلي والأجنبي، وقدم مقترحات حقيقية لتسهيل الإجراءات، وجذب رؤوس الأموال، ودعم المستثمر الوطني، واستغلال الطفرة غير المسبوقة في البنية التحتية التي شهدتها مصر خلال السنوات الأخيرة. وكان الحزب يرى أن ما يحدث على مستوى الطرق والمحاور والموانئ والمناطق اللوجستية ليس مجرد تطوير عمراني، بل تأسيس لاقتصاد جديد قادر على المنافسة الإقليمية وجذب الاستثمارات العالمية.

كل هذا يفسر لماذا تفشل حملات التشويه. فالحزب موجود على الأرض، بينما خصومه يعيشون في “العالم الافتراضي” الذي يكررون فيه نفس الادعاءات بلا دليل. الإخوان ومنصاتهم يصنعون ضجيجًا، لكنهم عاجزون عن تقديم بديل سياسي واحد، أو طرح رؤية اقتصادية واحدة، أو إطلاق مبادرة واحدة. ولذلك يسعون إلى ضرب الحزب الأكبر في البلاد لأنه يمثل بالنسبة لهم سدًا منيعًا أمام عودة الفوضى.

والحقيقة التي يعرفها كل من خاض العمل السياسي على الأرض هي أن الشعبية الحقيقية لا تُختطف ولا تُشترى، ولا تُهدم بمقطع فيديو أو حملة تشويه. الشعبية تُبنى من خلال العمل الدائم، والتواجد الحقيقي، والقدرة على فهم احتياجات المواطنين، والالتصاق بهم في القضايا الخدمية والاقتصادية والاجتماعية. ومستقبل وطن هو النموذج الأكثر وضوحًا لهذا النوع من العمل السياسي.

من هنا يمكن القول إن الهجوم على الحزب ليس سوى هجوم على التجربة السياسية المصرية نفسها. فالدولة التي تبني حياة حزبية منظمة وتفسح المجال لقوى سياسية قادرة على تمثيل الشارع، لن تسمح لأكاذيب الإخوان أو لض噪ع التواصل الاجتماعي أن تهدم هذا البناء. والناس بدورها أصبحت أكثر وعيًا، وتعرف جيدًا من يعمل ومن يكتفي بالصراخ من الخارج.

تجربتي الشخصية داخل الحزب علّمتني أن قوة مستقبل وطن ليست في عدد مقاعده فحسب، بل في نوعية حضوره، وفي صدقه مع الناس، وفي رؤيته الاقتصادية، وفي مسؤوليته الوطنية. وهذا ما يجعل الشائعات تتساقط سريعًا، لأن الحزب يعيش في الميدان، بينما يعيش خصومه في الوهم. ولذلك سيظل مستقبل وطن قوة ثابتة في المعادلة السياسية المصرية، مهما تغيرت الحملات أو تبدلت الوجوه، لأن الشعبية التي بُنيت على الأرض لا تهزمها منصات مأجورة ولا حملات منظمة مهما بدا صوتها مرتفعًا.

د. بلال بدوي

د. بلال بدوي- رئيس الهيئة الاستشارية لمركز رع للدراسات الاستراتيجية، هو رجل أعمال مصري، أمين مساعد أمانة الاستثمار بحزب مستقبل وطن، هو خبير اقتصادي متخصص في دراسات الصناعة والطاقة، كما أنه رئيس مجلس إدارة شركة "نيو إيجا" للصناعات الكهربائية بمصر والشرق الأوسط، وعضو الهيئة الاستشارية العليا بمركز رع للدراسات الاستراتيجية، حاصل على درجة دكتوراه الفلسفة في التربية البدنية والرياضية من جامعة حلوان في رسالة بعنوان " دور الاتصالات التسويقية المتكاملة بالشركات التجارية الراعية للرياضة في دعم الولاء للعلامة التجارية".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى