د. بلال بدوي يكتب.. المشاركة لا المغالبة
في كلمة لافتة للنائب أحمد عبدالجواد، نائب رئيس حزب مستقبل وطن والأمين العام، خلال المؤتمر الجماهيري الحاشد بمدينة منيا القمح لدعم مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، برزت نغمة سياسية تحمل دلالات عميقة حين قال: “أنا بقول لكل مواطن: اختار اللي يناسبك سواء كان من مستقبل وطن أو من أي حزب آخر.. المهم تشارك وتعبر عن رؤيتك.. إحنا مستقبل وطن ارتضينا المشاركة لا المغالبة”.
هذه العبارة لا تمر مرور الكرام. فدعوة نائب رئيس الحزب الأكبر في مصر إلى المشاركة الحرة دون تحزّب إجباري تعكس تحولًا في الخطاب العام، أو على الأقل محاولة لإعادة تشكيل الصورة الذهنية عن الحزب باعتباره فاعلًا ديمقراطيًا، لا مهيمنًا سلطويًا.
حين يقول نائب رئيس الحزب الأكثر شعبية في الشارع: “اختار من يناسبك”، فهو يقدم رسالة مزدوجة. الأولى موجهة للناخب العادي، تحفّزه على النزول والمشاركة دون خوف أو وصاية. والثانية، موجهة للمنافسين السياسيين ومراقبي الشأن العام، مفادها أن الحزب لم يعد يسعى “لاكتساح الساحة”، بل لإدارة توازنات المشاركة السياسية في ظل سقف توافقي تديره الدولة.
المؤتمر الجماهيري.. رسائل القوة والتعبئة:
اختيار مصلى العيد كموقع للمؤتمر في منيا القمح ليس فقط اختيارًا رمزيًا لمكان واسع يجمع آلاف المشاركين، بل يحمل في طياته رسالة دينية-اجتماعية عن وحدة الصف، ومفهوم “العيد السياسي”، حيث يجتمع الناس على قلب رجل واحد لدعم مرشحي الحزب، في أجواء احتفالية أقرب إلى المهرجان منها إلى التجمع السياسي التقليدي.
الحضور البارز للقيادات المركزية – الدكتور عبدالهادي القصبي، وعلاء عابد، أحمد دياب، وغيرهم – إضافة إلى مشاركة شخصيات عامة ونقابية وشبابية، يعزز صورة الحزب كقوة سياسية واجتماعية متكاملة، قادرة على الحشد والتعبئة في المحافظات، لا في العاصمة وحدها.
تحالفات اللحظة الأخيرة:
الإشارة إلى “القائمة الوطنية” التي تضم 13 حزبًا، تعكس أيضًا طبيعة الانتخابات القادمة: لا غالب ولا مغلوب، بل ترتيب أوراق المشهد بما يضمن تمثيلًا موزونًا للقوى السياسية، مع تفوق محسوب للحزب صاحب القاعدة الأكبر.
هنا، تبرز معادلة “المشاركة لا المغالبة” مرة أخرى، ولكن بوجهها المحافظ على استقرارالدولةالمصرية: فبقاء الحزب في مقدمة المشهد لا يتطلب صدامًا مع الأطراف الأخرى، بل إدارة مرنة للمنافسة، وتقديم صورة متسامحة تستوعب التنوع، ولو رمزيًا.
ومع اقتراب معركة الشيوخ، يبقى الرهان الحقيقي على قدرة الأحزاب الأخرى على تفعيل حضورها دون أن تُختزل في ديكور ديمقراطي تحت قبة البرلمان.
