الهوية المصرية بين الأرض والإنسان •• نحن لسنا فراعنة

مصر ليست مجرد تاريخ؛ مصر هي الإنسان، هي الوعي، هي الحضارة.

مصر ليست حجرًا يُعبد أو أسطورة تُروى، بل إنسانٌ يعيش ويبتكر. نحن شعب صنع حضارته عبر آلاف السنين بصبر الفلاحين وذكاء العلماء وصدق الشعب. وفي رؤية قرآنية وجودية: الإنسان ليس مجرد جسد بل مشروع متكامل من خمس طبقات: الجسد، والروح، والعقل، والقلب، والفطرة؛ وكل طبقة تمنحه القدرة على الفهم والعمل وبناء الحضارة. ومع ذلك يجب أن نؤكد أن المصريين ليسوا فراعنة، ففرعون مجرد شخصية تاريخية طاغية غاشمة لا تمثل أصل الشعب أو هويته الحقيقية.

الجسد •• رابط الإنسان بالأرض

الجسد هو أداة التكليف: عبادة وعمل وإعمار وصبر. هو الذي يبني الحقول ويشيّد القرى ويزرع الحضارة. في مصر، الفلاح هو صانع التاريخ لا فرعون.

الروح •• النفخة الإلهية ومعنى الحياة “وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي” – الحجر 29

الروح ترفع الإنسان وتمنحه القدرة على الخير والوعي، وتجعله صانع الخير. حضارة الروح هي ما يميّز الإنسان عن باقي المخلوقات ويجعله قادرًا على صناعة التاريخ.

العقل •• أداة التفكير وصانع الحضارة

العقل هو سبب تميز الإنسان وبناء الحضارة. به بدأ المصري القديم الكتابة والزراعة والتنظيم، وبالعقل بُنيت الأمم. وهو يحمي الإنسان من الضلال ويُبني الوعي التاريخي.

القلب •• مركز الأخلاق والتوازن

القلب هو مركز الشعور والضمير وحماية الإنسان من الانحراف. كل حضارة تنهار إذا انهارت قلوب أهلها قبل اقتصادها. المصريون عبر التاريخ حافظوا على قلوبهم بعيدًا عن طغيان فرعون.

الفطرة •• البوصلة الأخلاقية

الفطرة تمنح الإنسان القدرة على التمييز بين الحق والباطل والعدالة والظلم. كل دعوات الأنبياء كانت دعوة لإعادة الإنسان إلى فطرته، بعيدًا عن أي سلطة طاغية مثل فرعون.

تكريم الإنسان •• بين الملائكة والجان “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ” – الإسراء 70.

الإنسان نَفْخٌ من روح الله، والملائكة والجان خلقٌ من خلق الله. لذا فهو مميّز لأنه يمتلك التوازن بين الأرض والسماء، بين الشهوة والوعي، وبين العمل والضمير. المصريون الحقيقيون صنعوا حضارتهم عبر الوعي والعمل بعيدًا عن القصور واتباع فرعون.

الهوية المصرية •• الأرض واللغة والشعب

مصر هي النيل والأرض والشعب واللغة. والهوية المصرية بُنيت على وعي المصري: المزارع، والحرفي، والتاجر، والعالِم. واللغة العربية حملت الثقافة والذاكرة الشعبية، فحافظت على التجربة، والنيل علّم المصري الصبر والعمل. مصر قلب المتوسط وجذورها إفريقية، وهي مثال على هوية مرنة ومستقرة بعيدًا عن أي ارتباط بالفرعون أو رموزه.

الإنسان المصري •• صانع الحضارة

الشعب هو الذي حافظ على مصر عبر آلاف السنين رغم التغيرات التاريخية والسياسية. وعي المصري وتجربته اليومية هما ما صنعا الحضارة الحقيقية، مؤكدًا أن المصريين ليسوا فراعنة.

بين الأرض والسماء

في النهاية •• الإنسان الذي تحدث عنه القرآن هو ذاته الإنسان المصري؛ ليس مجرد كائن حي بل مشروع حضاري متكامل، صانع معنى وواعٍ بدوره في الأرض. مصر ليست حجرًا يُعبد، ولا فرعونًا يُقتدى به، بل إنسان يصنع ويعيش ويبتكر.

لواء أحمد زغلول

اللواء أحمد زغلول مهران، مساعد مدير المخابرات الحربية الأسبق، وعضو الهيئة الاستشارية العليا لمركز رع للدراسات الاستراتيجية. كما أنه خبير متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى