دلالات زيارة الرئيس السيسي للمناطق المتضررة بأسوان؟
رباب محمد- باحثة في السياسات العامة.
بعد الإبهار الذي حققته مصر منذ عدة شهور أثناء احتفالية نقل المومياوات الملكية، تتجه اليوم أنظار العالم اليوم إلى الأقصر لتشهد حفل افتتاح طريق الكباش لمشاهدة الاحتفالات التي كان يقوم بها القدماء المصريين على هذا الطريق.
وإذا كانت فعاليات الحفل العالمي لافتتاح طريق الكباش، الذي تنتظره مختلف دول العالم يتم بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي- فإنه تجدر الإشارة إلى أن الرئيس سبق هذا الحضور بزيارته للمواطنين الذين تضرروا بسبب موجه الطقس السيئ بمحافظة أسوان، وهو ما يؤكد أنه يضع هموم أبناء وطنه في أولوياته، حيث زار “السيسي” قرية غرب أسوان وهي أحدي القري التي تضررت نتيجة السيول.
أزمة السيول:
تعرضت محافظة أسوان وخاصة قرية غرب أسوان إلى ضرر كبير خلال أزمة السيول في الأيام الماضية، فقد تسببت الأمطار في هدم المنازل وجرف المقابر كما ظهرت العقارب والثعابين فضلا عن تضرر كثير من الأراضي الزراعية والمحلات التجارية، وهو ما شكل خسارة كبيرة لهم خاصة في بداية الموسم السياحي، وتوافد السياح فهذا الوقت من العام، والذي يتزامن مع الحدث العالمي الذي ستشهده مصر اليوم.
فقد تسببت السيول التي شهدتها المحافظة في قطع الكهرباء والمياه عن المنازل حتى تمكنت الأجهزة المعنية من إعادة التيار بشكل تدريجي بعد إعادة محطات التغذية الكهربائية التي خرجت من الخدمة، وكذلك شفط ورفع المياه من الشوارع تمهيدا لإعادة تشغيل محطات المياه بكامل قوتها، فضلا عن رفع الأشجار التي سقطت بسبب الرياح، كما تم توفير اللقاحات مختلف أنواعها، خاصة المتعلقة بالعقارب، والتي تلقى منها ما يقرب من 503 مواطناً.
زيارة الرئيس:
استراتيجية أولوية المواطن التي يتبعها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ توليه السلطة في مصر جعلته يبدأ جولته صباح اليوم بزيارة محافظة أسوان، حيث تفقد قرية غرب أسوان وتحدث مع المواطنين المتضررين واستمع إلى الجهود المبذولة من مسئولي مؤسسة حياة كريمة عن الجهود التي تم بذلها بالتعاون مع الجهات المسئولة في الدولة ومؤسسات المجتمع لتقديم حلول عاجلة للمتضررين، فقد وجه الرئيس بتوفير 500 منزل جاهز للإقامة لنقل أهالي القرى المتضررين وتوفير عدد من القوافل الطبية والغذائية للمواطنين.
دلالات الزيارة:
وهنا تجدر الإشارة إلى أن استقبال أهالي أسوان للرئيس السيسي كان من نوع خاص وحمل شعارات متعددة، كان أهمها: “الخير وصل النهاردة”، فهذه هي الجملة التي رددها أهالي قرية غرب أسوان عند استقبالهم لـ الرئيس عبد الفتاح السيسي.
بعيدا وصف الحالة العامة التي بدت على المواطنين المتضررين من أزمة الطقس عند رؤيتهم للرئيس السيسي- يمكن التأكيد على أن زيارة الرئيس لهذه المنطقة انعكست بصورة ايجابية عاجلة على أهالي أسوان، كان أهمها توجيه الرئيس بضم قرية غرب أسوان إلى مبادرة حياة كريمة، خاصة أنها لم تكن ضمن المبادرة. هذا بالإضافة إلى زيارة الرئيس إلى قرية الشهامة، التي تعد إحدى قري المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة، التي أكدت على انعكاس ايجابي للمبادرة على حياة سكان تلك القرية، وما حققته من أثر كبير في تحسين حياة المواطنين ورفع مستوى معيشتهم.
تأسيسا على ما سبق، يمكن القول إن اختيار توقيت زيارة السيد الرئيس لمحافظة أسوان قبل الذهاب لحضور افتتاح طريق الكباش يحمل الكثير من الدلالات الهامة، التي أهمها:
(*) أولوية المواطن في فكر الرئيس السيسي: وهنا يمكن التأكيد على أنه إذا كانت الدولة تهتم بالسياحة والترويج لمصر إمام العالم الخارجي، إلا أن المواطن هو الأولوية الأولي على أجندة السيد الرئيس، فالاهتمام بتحسين معيشة المواطنين وتوفير حياة كريمة لهم هو الهدف الرئيسي الذي تسعي الدولة حاليا إلى تنفيذه، فالاهتمام بالسياحة والاقتصاد والطرق كلها أهداف تتضافر معاً لتوفير حياة أفضل للمواطن المصري، خاصة وأن الترويج السياحي لمصر وجذب مزيد من الاستثمارات وانتعاش الاقتصاد كله سيعود بالأساس على المواطن المصري أياً كان موقعه ومكان إقامته.
(*) تصدر منطق المسئولية المجتمعية: بالعودة إلى زيارة الرئيس السيسي للقرى المتضررة بمحافظة وأسوان وبالتطرق إلى كافة مشروعات الإسكان الاجتماعي التي قامت بها الدولة مؤخرا، وحرص الرئيس على القضاء على المناطق العشوائية الخطرة، يمكن التأكيد تصدر خدمة المواطن أولويات عمل الرئيس السيسي، حيث يؤكد انطلاق مشروع حياة كريمة على إدراك الدولة لمسئوليتها الاجتماعية تجاه مواطنيها.
(*) تغير استراتيجية الدولة المصرية في التعامل مع الأزمات: حيث تغير تعامل القيادة المصرية مع الأزمات، فكثيرا تجد الرئيس السيسي في موقع الأزمة يتابع بنفسه، وهذا لم نكن نشاهده مع الرؤساء المصريين السابقين إلا نادراً. فقد توجه رئيس الجمهورية إلى المحافظات المتضررة من السيوم في عام 2016، وكذلك زار رئيس الوزراء المناطق الغارقة بمحافظة القاهرة في عام 2018، ووقتها تم إحالة المسئولين عن غرق المنطقة إلي النائب العام بعد صدور أوامر من السيد الرئيس بمعاقبة المسئول، فكل هذه الأزمات وتعامل القيادة السياسية معها وتواجد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في قلب المناطق المتضررة مع المواطنين تحمل رسالة بأن القيادة المصرية تشعر بالمواطن المصري وتعي حجم الأضرار التي عانى منها المواطن بسبب هذه الأزمات وتحاسب المقصر وتوجه بسرعة اتخاذ القرارات اللازمة للتخفيف عن المواطن.
في النهاية يمكن القول، إن المتابع للسياسة الداخلية للدولة المصرية سيعي جيداً أن القيادة المصرية حريصة على أن تقدم رسالة إلى المواطن المصري، بأنه على رأس أولوياتها وأن كل ما تقوم به الدولة من مشاريع هدفه، يتمثل في رفع مستوى معيشة المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية.
فإذا كان المواطن تحمل مع الدولة الأوقات الصعبة التي مرت بها البلاد منذ 2011 فقد جاء الوقت ليجني ثمار هذا التحمل فالدولة تشعر بجميع المواطنين من أسوان إلى الدلتا وتبذل قصارى جهدها لتوفير حياة كريمة.