فشل القبة الحديدة في تحقيق الأمن الإسرائيلي
لواء عبد الحميد العناني- مستشار المركز.
في أبريل عام ٢٠١٠ أعلنت شركة رافائيل الإسرائيلية الحكومية عن أنظمة الدفاع المتطور، وقيامها بتطوير نظام دفاع جوى يستطيع اعتراض صواريخ كاتيوشا قصيرة المدى التي استخدمها حزب الله ضد إسرائيل خلال حرب عام ٢٠٠٦. وكالعادة يحاول بني صهيون في تضخيم أعمالهم لإصابة العرب بالإحباط، حيث أنهم من أجل تخويف الآخرين من منظومتهم الصاروخية أطلقوا عليها القبة الحديدية، وتم نشر تلك المنظومة في عام ٢٠١١ حول قطاع غزة بعسقلان، وأسدود، وجنوب تل أبيب، وجنوب قطاع غزة، وذلك من أجل حماية النقب، خاصة منطقة ديمونة، وكذلك منطقة شمال إسرائيل من هجمات حزب الله.
وتعمل هذه القبة الحديدية، عن طريق تتبع المقذوفات قصيرة المدى القادمة بواسطة رادار يرسل بياناته إلى محلل بيانات ليحدد المنطقة المستهدفة، ثم يتم إرسال أوامر الإطلاق إلى بطاريات الصواريخ المجهزة برادار تتبع للهدف وتحكم بالإطلاق لكل ثلاثة قواذف يحمل كل منهم عشرون صاروخ.
وكعادتهم قام الإعلام الإسرائيلي بالثناء والمديح وتسويق نعمة السماء الإسرائيلية من وصول أى مقذوف قصير المدى إلى أهدافه. وكالعادة أيضاً قام الجيش الأمريكي بالتعاقد على شراء تلك المنظومة في عام ٢٠١٩، وأعلن عن وضعها قيد الاستخدام. وفي هذا التوقيت يمكن القول إنه بعد وضع منظومة القبة الحديدية قيد الاختبار وبحساب بسيط نجد أن تلك المنظومة فشلت في اعتراض ١٥٠ صاروخ من كل ألف صاروخ بدائي الصنع أطلق من غزة، حيث تفتقد تلك الصواريخ التحكم فيها جواً، بل يعتبر مجرد مقذوف عادى ثمنه لا يزيد عن ٣٠٠ دولار. وما يؤكد فشل تلك المنظومة الصاروخية الإسرائيلية أو ما يعرف بالقبة الحديد، هو ما أصاب الإسرائيليين، حيث تم إجبار كل سكان إسرائيل على الدخول للملاجئ، وتم إيقاف الطيران المدني في معظم مطارات إسرائيل.
ودعنا عزيز القارئ نحسب تكلفة ما تم اعتراضه على إسرائيل من صواريخ، حيث كل صاروخ حمساوى أو يتبع القسام الذي يبلغ ثمنه ٣٠٠ دولار يعترضه صاروخ من القبة الحديدة من ثمنه ٥٠ ألف دولار، وفي حالة إطلاق ١٠٠ صاروخ، يبلغ سعر كل واحد منهم ٣٠٠ ثمنهم ٣٠ ألف دولار- يعنى أن هذا يكلف إسرائيل كل ليلة ما يقرب 50 مليون دولار. إن صواريخ فلسطين جعلت تل أبيب تعيش في ذعر، هذا بالإضافة إلى إرهاقها اقتصادية بما يقرب بخمسين مليون دولار، خاصة وأن عشرات الآلاف من الصواريخ الإسرائيلية وقفت عاجزة عن صد صواريخ القسام وحماس.
فمنذ شهر تقريبا أسقط صاروخ على إسرائيل من سوريا بالقرب من مفاعل ديمونة، وفي وقتها حاول “أفيخاى أدرعى” تبرير هذا الفشل لمنظومة القبة الحديدية، وبعدها بأيام يتكرر ما حدث وتفشل مرة أخرى القبة الحديدة فى توفير الحماية لسكانها. إن ما حدث يطرح سؤال هام، هو: ما هو الموقف الإسرائيلي بعد عامين، خاصة في ظل احتمال تطوير حماس والقسام لمنظومتهما الصاروخية، خاصة وأنهما قادرتين على ذلك، سواء بمساعدة آخرين أو بأنفسهم؟.
فمن المتحمل أن تطور حماس من منظومتها الصاروخية، ورما تكون أكثر دقة وأكبر فى وزن العبوة المتفجرة وأكبر في المدى، خاصة وأن مداها في التوقيت يصل تل أبيب، واستخدمت عن بعد في ضرب محطات الكهرباء والموانئ البحرية والجوية والقواعد الجوية الإسرائيلية والأهداف الحيوية.
إن مفاجأة صواريخ حماس والقسام تسببت في ذعر الحكومة الإسرائيلية، وهو ما جعلها تصر على استكمال قصف غزة حتى تعود منظومة الردع الإسرائيلي لما كانت علية قبل أحدث الأقصى، أضف إلى ذلك ما حدث داخل الخط الأخضر، وانضمام بعض الفلسطينيين إلى إخوانهم في الداخل، وما أحدثه من شرخ بالداخل الإسرائيلي يصعب علاجه. تأسيساً على ما سبق، يمكن طرح هذا السؤال، وهو: هل تقوم إسرائيل بتطوير نظام القبة الحديدية؟،.. وهنا الإجابة، نعم، حيث أنه من المؤكد أن تفعل ذلك إسرائيل، ولكن سيكون أيضا هذا التطوير ، وبدرجة أسهل.
إن ما يحدث الآن داخل الجسد الإسرائيلي يؤكد أن قواعد اللعبة تتغير بالشرق الأوسط، وأنه لو تمكن التيار الديني الحمساوى من الإمساك بزمام الأمور في فلسطين، فهذا يعنى مزيد من عدم الاستقرار، وتهديد الأمن الإقليمي… إن ما يحدث على أرض الوقع سببه غباء السياسة الأمريكية، ودعمها الأعمى لإسرائيل، وعدم تطبيق العدالة الدولية.. فهل يمكن أن تفيق أمريكا وتعطى كل ذي حقه؟.