رمال متحركة: “رع” يناقش تحولات الأزمة السودانية بعد أحداث الفاشر

كتابة: ضياء نوح/ تصوير: أحمد خالد

استضاف مركز رع للدراسات الاستراتيجية في 9 نوفمبر 2025 السفير صلاح حليمة مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية والسيد مكي المغربي مستشار المركز السوداني للفكر والدراسات في لقاء خاص حول “اتجاهات وتحولات الأزمة السودانية بعد أحداث الفاشر”. أدار النقاش د. أبوالفضل الإسناوي المدير الأكاديمي لمركز رع بمشاركة رئيسة برنامج دراسات البحر الأحمر وإفريقيا بالمركز أ. ساجدة السيد وحضور خبراء وباحثي المركز.

من جانبه استعرض السفير صلاح حليمة في نقاط موجزة أهمية السودان كدولة شقيقة تجمعها بمصر علاقة متعددة الروافد قل أن يوجد مثيلها بين الدول، مشيرًا إلى انشغال مصر على المستويات الرسمية والشعبية بالشأن السودان ومحاولة التوصل لتسوية تنهي المعاناة الإنسانية وتحفظ على السودان وحدته الإقليمية. وفي سياق الحديث عن جهود الحل ذكر مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون الإفريقية أن المبادرة المصرية هي الوحيدة بين المبادرات الدولية التي تعالج الأزمة السودانية من أربعة جوانب (أمني-عسكري، سياسي، إنساني، وإعادة إعمار)، مشيرًا إلى حثه الجانب الأمريكي على تبني المبادرة المصرية خلال لقاء سابق مع سفيرة واشنطن بالقاهرة (بحضور وزير الخارجية الأسبق السفير محمد العرابي). ولفت حليمة إلى أن الأزمة في السودان هي صراع على السلطة والثروة والنفوذ بين مكون مدني وآخر عسكري/مسلح وصراعات بينية في كل مكون.

وفي مداخلته أشار مستشار المركز السوداني للفكر والدراسات أ. مكي المغربي إلى أن السودان قريب من مصر في كثير من الأشياء إلا الساحة السياسية، واعتبر المغربي أن أولى الخطوات لحل الأزمة الانطلاق من النقاط المتفق عليها بين الجيش السوداني وميليشيا “الدعم السريع” والمنطقة وإفريقيا والأسرة الدولية، يأتي أول تلك النقاط مبادئ جدة التي حددت نقاط اتصال إنساني في الميدان بين الطرفين للتعامل معها فنيًا، وحصرت النقاش في الشأن الإنساني والعسكري ذات البعد الإنساني ولم ترتب أي وضع قانوني أو سياسي جديد. والثاني أن العالم لا يزال مجمعًا على وجود دولة بحكومة متعرف بها تتبادل التمثيل الدبلوماسي مع مختلف دول العالم رغم انقسام السفارات الأجنبية في السودان بين البقاء في داخل البلاد أو نقل مقراتها إما إلى القاهرة أو أديس أبابا، منوهًا إلى دعم الاتحاد الإفريقي لخارطة الطريق التي أعلنتها حكومة كامل إدريس في فبراير 2025 لمرحلة ما بعد الحرب.

وأكد اللقاء على أهمية تعامل الأسرة الدولية مع الطرف الرسمي المعترف به إقليميًا ودوليًا كمدخل للتأكيد على وحدة السودان وسلامته الإقليمية والحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية، إلى جانب إحياء منبر جدة، وأشار السفير صلاح حليمة إلى أهمية أن يتناول المحور الأمني-العسكري النص على “تطوير القوات المسلحة وتحديثها ودمج الدعم السريع في القوات المسلحة والشرطة والمجتمع المدني” بينما أكد أ. مكي المغربي أهمية أن تدعم مصر حلحلة المسار الأمني بالاستفادة من تجربة بريطانيا في سيراليون التي نجحت في تحويل “الجبهة الثورية المتحدةRUF ” إلى حزب سياسي بالتزامن مع تفكيكها، منوهًا إلى إجراء الحكومة السودانية حوارًا ميدانيًا مع بعض من قادة الدعم السريع “السودانيين الميدانيين” لحلحلة المسائل الإنسانية وإقناعهم بالانسحاب والانشقاق عن الميليشيا، وأضاف المغربي أن الجيش يرفض الحوار مع “الدعم” بينما شارك وزير الخارجية محيي الدين سالم في لقاء مع ممثلي الرباعية وجهًا لوجه في واشنطن أواخر أكتوبر 2025، مشيرًا إلى أهمية الحوار الدبلوماسي المباشر مع الدولة السودانية أو تخفيض الجهود متعددة الأطراف إلى المستوى الإنساني فقط ما لم تمثل حكومة السودان.

وعلى الصعيد السياسي رأى حليمة ضرورة فصل أي مكون عسكري عن أي مكون مدني في أي حوار سياسي وطني مقبل دون إقصاء، حتى لا يتدخل أي طرف مدعومًا بقوة السلاح، مع أهمية تشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال مرحلة انتقالية يتم خلالها وضع دستور دائم وتجهيز الدولة للانتخابات. كما أشار إلى أهمية إعادة الإعمار كجزء أصيل لإنهاء الأزمة بمشاركة ودعم الأطراف الإقليمية والدولية.

وشغل البعد الدولي للأزمة السودانية جانبًا رئيسيًا من النقاش نظرًا لأهمية السودان الجيوسياسية باعتباره ممرًا من الشرق الأوسط إلى إفريقيا ويمتلك قاعدة ضخمة من الموارد الطبيعية ليس أقلها المياه ممثلة في نهر النيل من جهة وإطلالته البحرية على البحر الأحمر من جهة أخرى، والتي جعلته مطمعًا وساحة للصراع الجيوسياسي ارتباطًا بمساعي إعادة تشكيل المنطقة والتطورات المحتملة في جنوب البحر الأحمر اتصالًا بالأزمة السودانية من جهة والوضع في الصومال من جهة ثانية وملف سد النهضة ونفاذ إثيوبيا إلى البحر الأحمر من جهة ثالثة، فضلًا عن الدور الإسرائيلي المتزايد في تلك المنطقة وهو ما قد يمهد في مرحلة مقبلة لأن تحظى “الحكومة الموازية” في نيالا باعتراف دولي من بعض دول الجوار غربي وجنوبي السودان بدعم من أديس أبابا وتل أبيب.

من جانبها أشارت رئيسة برنامج دراسات البحر الأحمر وإفريقيا أ. ساجدة السيد إلى أن تعدد المنابر التفاوضية من أبرز أسباب فشل الجولات السابقة في حل الأزمة السودانية ومن المهم توحيد المرجعيات الدولية ومنع أي طرف لمسار التسوية، معتبرة أن أحداث الفاشركانت نقطة تحول في إدراك القوى الدولية لطبيعة الصراع بعدما انكشفت هشاشة الوضع الميداني وتفاقمت الكارثة الإنسانية وظهرت مؤشرات تفكك مجتمعي قد تمتد إلى الإقليم بأسره. وقالت السيد إن الانخراط الدولي يشهد 3 تحولات رئيسية؛ أولها تحول المقاربة الدولية من الوساطة الجزئية إلى الإدارة متعددة الأطراف، وثانيها تصاعد الدور الأمني في الاهتمام الدولي بالسودان، وثالثها توسيع الدور الإنساني بوصفه مدخلًا للتأثير والضغط السياسي.

شارك بالحضور والنقاش كل من المنسق الأكاديمي للمركز أ. ضياء نوح، ومستشار المركز للسياسات العامة د. محمد أبو سريع، وكبير الباحثين د. حسام البقيعي، ورئيسة وحدة دراسات مصر د. رضوى محمد، ود. محمود صلاح، والباحث بوحدة دراسات مصر أ. زياد مصطفى والباحث في الشئون الإقليمية أ. عبد الرحمن سعد الدين، ومسئولة العلاقات العامة والاتصال الخارجي أ. فريدة حمدي، ومسئول الجرافيك أ. أحمد خالد.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى