د. محمد الجمال يكتب.. الفريق كامل واستراتيجية التحوّل الصناعي

منذ تولي الفريق كامل الوزير حقيبة وزارة الصناعة، ظهرت ملامح جديدة لسياسة صناعية تعتمد على التخطيط المدروس، والتطبيق العملي، والتفاعل المباشر مع المستثمرين وأصحاب المصانع. فقد جاء توليه في توقيت حساس تتطلب فيه الدولة المصرية دفعة قوية لقطاع الصناعة باعتباره قاطرة التنمية الحقيقية.

إن المتابع لخطوات الوزير كامل الوزير، يلحظ أداءً إيجابيًا واضحًا في عدة مسارات، أبرزها إعادة تنظيم المناطق الصناعية، تسهيل إجراءات التراخيص، دعم المصنعين المحليين، وفتح قنوات تواصل فعّالة مع المستثمرين. وقد ظهر ذلك في جولاته الميدانية المستمرة، وزياراته المتكررة للمصانع في مختلف المحافظات، حيث يتابع بنفسه حجم التحديات ويسعى لحلها دون تأخير.

ما يميز أداء الفريق كامل كوزير للصناعة، هو التزامه الكامل بتنفيذ رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في جعل الصناعة الوطنية ركيزة أساسية لبناء اقتصاد قوي ومستدام. فقد تحولت توجيهات الرئيس إلى خطط تنفيذية، ومشروعات فعلية على الأرض، تستهدف تعميق التصنيع المحلي، وزيادة نسبة المكوّن المصري، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

إن تجربة الفريق كامل الوزير في وزارتي النقل والدفاع من قبل، جعلته يجمع بين الانضباط العسكري، والرؤية الاستراتيجية، والقدرة على العمل تحت ضغط. وقد استفاد من هذه الخلفية في وضع سياسات عملية لدعم القطاعات الصناعية المختلفة، ومنها قطاع الألومنيوم الذي أعاني فيه من مشكلات مزمنة، بدأت تشهد انفراجة مع تدخّله المباشر.

ولا يمكن إغفال جهود الفريق كامل الوزير في ملف المجالس التصديرية، والترويج للصادرات المصرية، ومشاركته في فتح أسواق جديدة للمنتج المحلي. كما أن حرصه على التنسيق مع اتحاد الصناعات المصرية، وغرفه النوعية، يعكس إيمانًا بالشراكة الحقيقية بين الحكومة والقطاع الخاص.

إننا أمام وزير يعمل بعقلية المهندس، وانضباط القائد، وواقعية رجل الدولة، وهو ما يمنحنا ثقة في أن مستقبل الصناعة المصرية يسير في الاتجاه الصحيح، خاصة إذا استمر هذا الزخم في العمل، وهذا الالتزام بخدمة أهداف الدولة .

هنا وجب التنويه للقراء، أن هذا المقال لايحتوى على كلمات رنانة، بل هو يتضمن أرقام واقعية، ومؤشرات علمية تقيس التطور في أداء وزارة الصناعة منذ منتصف ٢٠٢٤، فمنذ هذا التاريخ الذى شهد انطلاق قيادة الفريق كامل الوزير للصناعة، تلاحظ حدوث تحوّلات ملموسة في هذا القطاع على مستوى النمو، التشغيل، التصدير وتعميق التصنيع.

فقد وجبت الإشارة إلى أنه في الربع الثالث من السنة المالية 2024/2025، سجل الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4.77%، مقارنة بـ 2.2% في نفس الفترة قبل عام، مدفوعاً بنمو التصنيع بنسبة 16.3% بعد تراجُعه بنسبة 3.9% في نفس الفترة من العام السابق. كما سجل قطاع التصنيع غير النفطي في الربع الأول من 2024/2025، نموًّا بنسبة 7.1%، بدعم من حزمة إصلاحات جمركية وتسهيلات صناعية، في مقابل انكماش بنسبة 7.7% في نفس الربع من العام المالي السابق.

إن التوسّع في الإنتاج الصناعي غير النفطي في الفترةالأخيرة، يرجع إلى زيادة عدد المصانع الجديدة، حيث أنه منذ 3 يوليو 2024، تم تشغيل 4,382 مصنعًا جديدًا، مسجّلاً معدل نمو قدره 6.4%، ويوفّر حوالي 230,000 وظيفة مباشرة.

لم تتوقف التدخلات الإيجابية من قبل الفريق كامل في قطاع الصناعة عند زيادة عدد الصناع والمصانع، بل وضع خطة ونفذها الإصلاح المؤسسي والتقنيات، حيث أطلقت الوزارة “منصة مصر الرقمية الصناعية” لتسهيل التقديم الإلكتروني لتراخيص المصانع، وتخصيص الأراضي، والنفاذ إلى الخدمات الحكومية، إلى جانب آليات متاحة للمصانع المتعثرة لاستئناف نشاطها وتحفيز إدماجها في الاقتصاد الرسمي. وتلاحظ مع هذه الآلية الجديدة، أنه تم تخصيص 2,070 قطعة أرض صناعية عبر المنصة، وأُصدر 1,493 تصريح بناء، و4,382 ترخيص تشغيل جديد، و6,713 سجل صناعي للصادرات. كذلك تم فحص 4,866 مصنعًا في 25 محافظة بواسطة لجان تفتيش مشتركة، دون إغلاق أيّ منها، وهو يعكس نهجًا تصالحيًا لحل المشكلات. وفيما يتعلق ببند دعم التصدير وتحفيز الاستثمارات، فقد تم تخصيص مليار كمحفزات للصادرات، هذا إلى جانب توفير قروض رأس مال، وقروض لتمويل خطوط الإنتاج.

في النهاية، يمكن القول إن أداء الفريق كامل الوزير يتميز بتركيبة استراتيجية تجمع بين الهوية الهندسية الإصلاحية والإدارة الفعالة، وقد أدّت مبادراته إلى عودة قوية للنمو الصناعي وتحقيق زيادة ملموسة في الإنتاجية، كذلك خلق آلاف من فرص العمل، وتوسّع قاعدتي الإنتاج والتصدير. هذا بالإضافة إلى إصلاح مؤسساتي اتخذ شكل رقمنة الخدمات الصناعية والاستجابة السريعة لمنشآت القطاع الخاص.

بالتالي، قد تؤدي الاستراتيجية التي اتبعها الفريق كامل الوزير في تطوير قطاع الصناعة في مصر إلى رفع صادرات الصناعات غير النفطية إلى 34 مليار دولار في 2024 ضمن إجمالي صادرات قدره 42 مليار دولار، مع هدف تصدير صناعي إجمالي يصل إلى 118 مليار دولار بحلول 2030 ضمن إجمالي صادرات 145 مليار دولار.

د. محمد الجمال

د. محمد الجمال، كبير الهيئة الاستشارية بمركز رع للدراسات، هو خبير في شئون الصناعات والاستثمار. حاصل على بكالوريوس في الهندسة الكهربائية – جامعة القاهرة، وحاصل على دكتوراه في الهندسة الكهربائية – أكاديمية فينكس، الولايات المتحدة الأمريكية. هو عضو في مجلس الأعمال المصري الفنلندي منذ عام 2013، ورئيس شعبة الألومنيوم باتحاد الصناعات المصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى