مبادرات مستحدثة: استراتيجية البنك الزراعي في إحلال السيارات بمحافظات مصر

في إطار جهود الدولة المصرية لدعم التحول نحو وسائل نقل أكثر استدامة، يواصل البنك الزراعي المصري دوره المحوري في تنفيذ مبادرة إحلال السيارات القديمة بسيارات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي والبنزين، وتعد خطوة تسليم 78 سيارة ميكروباص في محافظة المنيا، أحد الإنجازات المهمة التي تعكس التزام البنك بتحقيق التنمية المستدامة، وتحسين كفاءة منظومة النقل، وهذا ما يُساهم في تحقيق هدف الدولة في التحول إلى الاقتصاد الأخضر، فضلاً عن حل أزمة المرور في الشارع المصري، وهو الأمر الذي يُحسن كفاءة  منظومة النقل.

تأسيسًا على ما سبق، سنستعرض في هذا التحليل الأليات التي يُنفذها البنك الزراعي لدعم قطاع السيارات الكهربائية في محافظات مصر، ودوره في معالجة أزمة المرور، ثم يتم قياس حدود التأثير على الاقتصاد المصري والتنمية المستدامة.

دور استراتيجي:

يُمكن التعرف على دور البنك الزراعي في تحسين قطاع السيارات، والنقل بالدولة المصرية من خلال النقاط التالية:

(*) إطلاق المبادرات: يُقدم البنك الزراعي المصري العديد من المبادرات التي تعمل على توفير التمويل اللازم للتحول إلى منظومة نقل أكثر استدامة في الاقتصاد المصري، إذ قام البنك بدعم مبادرة إحلال السيارات نصف النقل التي تعمل على نقل الركاب واستبدالها بسيارات ميكروباص حديثة، بهدف تطوير وسائل النقل الجماعي في المحافظات، وفي سبيل ذلك عمل البنك على تمويل عمليات إحلال 78 سيارة نصف نقل “كبوت” واستبدالها بسيارات نقل حديثة للعمل في نطاق المنيا، وهو الأمر الذي يهدف إلى توفير خدمة نقل آمنة ومتميزة للمواطنين، مما يُحسن من جودة الحياة في القرى؛ لرفع مستوى المعيشة للمواطنين.

وبالإضافة إلى ذلك يُقدم البنك الزراعي المصري، تمويلات ميسرة لأصحاب السيارات الملاكي والأجرة، والميكروباص التي مر على تصنيعها أكثر من 20 عاماً؛ لاستبدالها بسيارات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي، وتتميز هذه المبادرة بعائد تمويلي منخفض يبلغ 3%، وفترات سداد مرنة تصل إلى عشر سنوات، مع حد أقصى للتمويل يبلغ 450 ألف جنيه، كما يوفر البنك تسهيلات إضافية مثل إمكانية تمويل أكثر من سيارة للعميل، وتأمين شامل على السيارة وتقسيط تكلفة التأمين على الحياة.

وفي السياق ذاته، يعمل البنك على تمويل إحلال السيارات بقروض ميسرة وتسهيلات كثيرة غير مسبوقة من خلال برتوكلات تعاون مع المحافظات، تهدف إلى دعم أصحاب سائقي سيارات النصف نقل، ومساعدتهم على شراء السيارات الميكروباص الجديدة للوفاء بالتزاماتهم، بما يحقق الرعاية الاجتماعية لمالكي السيارات، ويساهم في زيادة دخلهم، علاوة على مساعدتهم للإلتزام بقرارات المحافظين وإدارات المرور، وإلغاء الإعتماد علي السيارات البيك آب كوسيلة مواصلات لنقل الركاب بين القرى والمدن، حرصاً على توفير الراحة والأمان للركاب.

ومن الجدير بالذكر أن هذا الدور لم يكن بالجديد على البنك الزراعي، ففي عام 2021 قام البنك الزراعي المصري بتمويل عمليات إحلال 606 سيارة نصف نقل “كبوت” واستبدالها بسيارات نقل حديثة، بإجمالي تمويلات نحو 110.098 مليون جنيه، وذلك في محافظات الأقصر وأسوان وقنا وسوهاج.

(*) مُشاركات فعالة: يقوم البنك الزراعي المصري في سبيل الإعلان عن مبادراته المختلفة بتنظيم الفعاليات الضخمة التي توضح الاهتمام الكبير من قبل البنك، ففي مبادرة المنيا، حضر اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، والأستاذ سامي عبد الصادق القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة البنك الزراعي المصري، وعدد من القيادات التنفيذية الشعبية بالمحافظة، ورؤساء المجموعات والقطاعات بالبنك، وهو الأمر الذي يدل على ضخامة الحدث الذي قام به البنك، فقد شهدت الفعالية تسليم كوبونات وقود لكل سيارة جديدة، في إطار التسهيلات المقدمة من البنك لدعم السائقين.

وتأكيداً على الدور الكبير الذي يقوم به البنك الزراعي في هذا الشأن، أكد محافظ المنيا على أهمية مبادرة إحلال السيارات النصف نقل “الكبوت” واستبدالها بسيارات ميكروباص جديدة؛ لتوفير خدمة نقل آمنة ومميزة للمواطنين حمايةً لأرواح الأبرياء الذين يستخدمون تلك السيارات في تنقلاتهم بين قرى ومدن المحافظة، مشيراً إلى أن استخدام البيك أب فى نقل الركاب جعل المنيا فى مقدمة المحافظات من حيث ارتفاع معدلات الحوادث وزيادة أعداد المتوفين والمصابين.

(*) تعزيز الشمول المالي: يشجع البنك الزراعي السائقين، خاصة في المناطق الريفية على التعامل مع البنوك والانخراط في النظام المالي الرسمي، مما يُعزز من مفهوم الشمول المالي، ويُساهم في دمج فئات جديدة في الاقتصاد المصري، فالتمويلات المُيسرة التي يُقدمها البنك الزراعي المصري، تُشجع العديد من المواطنين من التعامل مع الجهاز المصرفي، إذ يُقدم البنك خدمات تمويلية لمجموعة واسعة من القطاعات، خاصة مجالات النقل والتجارة، ومن أهم هذه الخدمات ” قرض العربية نص نقل”، الذي يُعد من الخيارات التمويلية التي تُتيح لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فرصة الحصول على تمويل لشراء سيارات النقل والنصف نقل.

انعكاسات مواتية:

يترتب على مساهمة البنك في إحلال السيارات القديمة، العديد من العوائد الإيجابية، يمكن رصد أهمها كالتالي:

(-) تحسين كفاءة منظومة النقل: تعمل مبادرات إحلال السيارات التي يُقدمها البنك الزراعي المصري، على تحسين منظومة النقل في مصر بشكل كبير، وهو ما أكده الاستاذ سامي عبد الصادق، بأن  المبادرة تهدف إلى توفير وسائل نقل أكثر أمانًا وكفاءة، من خلال تقديم تيسيرات مالية وبرامج تمويل ميسرة لسائقي سيارات الكبوت، بما يمكنهم من التحول إلى استخدام سيارات الميكروباص الحديثة وفق خطوط سير جديدة.

(-) تعزيز البعد البيئي: تخدم مبادرات إحلال السيارات القديمة التي يعمل عليها البنك الزراعي المصري، هدف الدولة المصرية في التحول نحو الاقتصاد الأخضر؛ لأن هذه السيارات تعمل بالوقود المزدوج ” غاز طبيعي وبنزين”، بما يسهم في تحسين وحماية البيئة من خلال إتاحة سيارات تستخدم مصادر نظيفة واقتصادية للطاقة ممثلة في الغاز الطبيعي تماشياً مع توجهات الدولة، فإحلال السيارات القديمة التي تعمل بالوقود التقليدي (البنزين والسولار) بسيارات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي خطوة مهمة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية، وتحسين جودة الهواء، وهو الأمر الذي يُحقق الاستدامة البيئية.

(-) دعم أصحاب المشروعات الصغيرة: من خلال تمويل البنك الزراعي المصري، يحصل السائقون وأصحاب المشروعات الصغيرة على تسهيلات مالية ميسرة لامتلاك سيارات جديدة، مما يساعدهم على تحسين دخلهم وتوفير فرص عمل جديدة. كما أن السيارات الجديدة تحتاج إلى صيانة أقل وتستهلك وقودًا أقل، مما يقلل الأعباء المالية على السائقين.

(-) تخفيف الضغط المروري: يقلل تحديث منظومة النقل الجماعي بالمحافظات المختلفة، من اعتماد المواطنين على سياراتهم الخاصة، مما يعمل على تخفيف الازدحام المروري، بالإضافة إلى أن توفير وسائل نقل حديثة وآمنة يُعزز من إنسيابية الحركة المرورية، خاصة في المدن والمراكز الكبرى داخل المحافظة، ومن هنا يُمكن القول إن البنك الزراعي المصري يعمل على حل مشكلة متأزمة داخل الشارع المصري.

(-) تعزيز الصناعة المحلية: تعد مباردة إحلال السيارات جزءاً من استراتيجية دعم الصناعة الوطنية، إذ يتم تصنيع وتجميع الميكروباصات الجديدة محلياً وفق أحدث المعايير، الأمر الذي يُساهم في تعزيز قطاع التصنيع وزيادة الاستثمارات المحلية، فضلاً عن توفير فرص عمل جديدة داخل قطاع السيارات والنقل.

في النهاية، تُعد خطوة تسليم 78 سيارة ميكروباص جديدة بمحافظة المنيا ضمن مبادرة إحلال السيارات، إنجازًا مهمًا يعكس التزام الدولة والبنك الزراعي المصري بتحقيق التنمية المستدامة. فمن خلال تقليل التلوث، ودعم النقل الجماعي، وتعزيز الاقتصاد المحلي، تسهم هذه المبادرة في بناء مستقبل أكثر استدامة لمصر. ومع استمرار تنفيذ المبادرة في مختلف المحافظات، من المتوقع أن يكون لها تأثير إيجابي طويل الأمد على البيئة والاقتصاد والنقل العام في البلاد.

رضوى محمد سعيد

رئيس وحدة الدراسات المصرية، والمشرف الرئيسي على برنامج الدراسات المصرفية بالمركز. الباحثة حاصلة على بكالوريوس اقتصاد، كلية اقتصاد وعلوم سياسية- جامعة القاهرة، الباحثة مهتمة بتحليل القضايا الاقتصادية الكلية، عملت كباحثة متخصصة في تحليل السياسات العامة المصرية بالعديد من الشركات المتخصصة ومراكز الفكر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى