ركائز تنموية.. ما هي سياسات البنك الزراعي المصري في الربع الثالث من عام 2025؟

إن الدور المصرفي للبنك الزراعي المصري توسع بشكل كبير، إذ أصبح يركز على استراتيجية متعددة الأهداف، خاصة دعم التمويل الزراعي والتنمية الزراعية، فضلاً عن أهداف المسؤولية المجتمعية التي يعمل وفقاً لها البنك خلال السنوات الأخيرة، ويستند البنك في تحقيق هذه الأهداف إلى العديد من الأليات المحورية، منها تعزيز العلاقات مع الجهات المحلية والخارجية، وهو الأمر الذي سيعمل على تعزيز تأثير البنك الزراعي المصري في السوق المصرفي.

وتأسيسًا على ما سبق يتطرق هذا التحليل إلى التعرف على تحركات البنك الزراعي المصري الأخيرة، مع توضيح انعكاسات هذه التحركات على الاقتصاد المصري.

سياسات محورية

تعددت سياسات البنك الزراعي المصري في الربع الثالث من عام 2025، وذلك على النحو التالي:

(-) التوسع في التمويل: وقع البنك الزراعي بروتوكول تعاون مع محافظ المنيا ” اللواء عماد كدواني”؛ لتمويل المنتفعين بأراضي أملاك الدولة، حيث يقوم البنك بتقديم حزمة من التمويلات الميسرة للمنتفعين من أراضي أملاك الدولة، وفقاً للسياسات الائتمانية المعتمدة لدى البنك؛ لشراء مستلزمات الإنتاج والآلات والمعدات الزراعية، وحفر الآبار وإنشاء شبكات الري الحديث؛ لتمكينهم من استصلاح الأراضي، وهو ما يُعزز الكفاءة الإنتاجية لصغار المزارعين، ويُعظم العائد من تلك الأراضي، عند تحويلها من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي.

وفي إطار هذه الزيارة احتفلت المحافظة بتسليم 130 سيارة ميكروباص، ضمن المرحلة الثانية من مبادرة إحلال السيارات الربع نقل ” البيك أب” التي تعمل على نقل الركاب، حيث يمولها البنك بهدف تطوير وسائل النقل الجماعي في المحافظة، وتوفير خدمة نقل آمنة ومميزة للمواطنين، بما يُحسن من جودة الحياة في القرى ورفع مستوى معيشة المواطنين.

وبالإضافة إلى ذلك قام رئيس البنك الزراعي المصري بتسليم السائقين المنتفعين من تلك المبادرة كوبونات وقود وكروت “ميزة” مسبقة الدفع، وهدايا رمزية أخرى؛ لتحفيزهم على العمل.

وتأتي أهمية هذه المبادرة التي بدأت مرحلتها الأولى في فبراير الماضي، في أنها تعمل على توفير برامج تمويل ميسرة للمواطنين ومميزة للسائقين، وبفائدة سنوية بسيطة، على أن يتم سداد باقي المبلغ على أقساط شهرية متساوية لمدة 7 سنوات، الأمر الذي يُحقق الرعاية الاجتماعية لمالكي السيارات، ويُساهم في زيادة دخلهم، فضلاً عن أنها تزيد من التزامهم بقرارات المحافظة وإدارات المرور، وإلغاء الاعتماد على هذه السيارات كوسيلة مواصلات؛ لنقل الركاب، ومن ناحية أخرى تراعي هذه المبادرة الاستدامة البيئة، فالسيارات تعمل بالوقود المزدوج “غاز طبيعي وبنزين”، بما يسهم في تحسين وحماية البيئة من خلال إتاحة سيارات تستخدم مصادر نظيفة واقتصادية للطاقة.

شكل (1) يوضح تأثير مبادرة إحلال السيارات في محافظة المنيا

وبقياس أثر هذه المبادرة، فكما يوضح الشكل (1) وفقاً للإحصائيات الرسمية، فقد انخفضت معدلات الحوادث بنسبة 40% خلال الشهور الأخيرة، كما سجلت المنيا 0% حوادث تتعلق سيارات البيك أب خلال شهري أبريل ومايو، الأمر الذي يؤكد نجاح المبادرة وفاعليتها في حماية أرواح المواطنين.

(-) التعاون وتبادل الخبرات: يعتمد البنك الزراعي المصري على مبدأي التعاون وتبادل الخبرات بشكل كبير؛ لتطوير دوره ونقل خبراته المختلفة، وفي هذا الصدد برزت هذه السياسة في النقاط التالية:

(&) استقبال وفد أنجولا: التقى الأستاذ محمد أبو السعود، الرئيس التنفيذي للبنك الزراعي المصري، والأستاذ سامي عبد الصادق، والأستاذة غادة مصطفى، نائبي الرئيس التنفيذي، وفداً من جمهورية أنجولا، برئاسة الدكتور باولو كونسيساو مستشار مجلس الإدارة بصندوق دعم التنمية الزراعية وممثلين عن وزارات الزراعة والغابات، والمالية، والصناعة والتجارة؛ لبحث سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، والاستفادة من خبرات البنك في دعم وتمويل القطاع الزراعي لتعزيز قدرات صغار المزارعين، حيث أطلع الوفد على دور البنك في تحفيز الاستثمار ومساهمة القطاع الخاص في القطاع الزراعي؛ لتحقيق التنمية الزراعية والريفية ودعم الاقتصاد الوطني، كما أن البنك أطلعه على نتائج الاستراتيجية الطموحة التي نفذها؛ لتطوير كافة قطاعاته، وسعيه المستمر نحو التحول الرقمي لتعزيز مكانته كأحد أكبر البنوك المتخصصة في تمويل المشروعات الزراعية والأنشطة الصناعية والخدمية المرتبطة بها.

وفي هذا السياق ضم الوفد الأنجولي، كل من المهندس جويا كاسيندا فاوستينو، رئيس قسم محطة التنمية الزراعية بمعهد التنمية الزراعية التابع لوزارة الزراعة والغابات، والدكتور جواو سوندا، مستشار تمويل مشروع التنمية الزراعية التجارية بمكتب الدراسات والتخطيط والإحصاء (GEPE) التابع لوزارة الزراعة والغابات، والدكتور تيلمو دو روزاريو كويلو ألكسندر، رئيس قسم الدراسات والتخطيط التابع لمكتب الدراسات والعلاقات الدولية بوزارة المالية، والدكتورة نيلي هاميلتون دابرو أفيلينو عضوة مكتب الدراسات والتخطيط والعلاقات الدولية التابع لوزارة المالية، والدكتور كارلوس فيجيريدو شيليكاس، رئيس قسم الزراعة في مديرية رصد ومساعدة المزارعين من صندوق دعم التنمية الزراعية، والدكتور كارلوس جاما فني في المديرية الوطنية لريادة الأعمال وتطوير الأعمال بوزارة الصناعة والتجارة، والدكتورة تاسيانا ايفاريستو، فنية في المديرية الوطنية للتجارة بوزارة الصناعة والتجارة.

ومن مستوى الحضور يتضح العلاقات التاريخية الراسخة بين مصر وأنجولا، فقيام البنك الزراعي المصري بتوطيد هذه العلاقة، يأتي تماشياً مع توجه الدولة لتعزيز مسارات التعاون بين مع الدول الصديقة، بما ينعكس على تحقيق التنمية في البلدين وفي القارة الأفريقية.

(&) لقاء قداسة البابا توا ضروس الثاني: التقى الأستاذ محمد أبو السعود قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، في المقر البابوي بالقاهرة؛ لبحث سبل تعزيز التعاون بين البنك والكنيسة الأرثوذكسية، وقد تم استعراض الخدمات المالية والمصرفية التي يقدمها البنك؛ لدعم وتمويل قطاعات الزراعة والإنتاج الحيواني، وتحفيز المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.

وفي هذا السياق تم التأكيد على استعداد البنك الزراعي المصري؛ للتوسع في دعم وتمويل مشروعات الإنتاج الزراعي والحيواني في الأديرة القبطية والتي تُمثل نماذج ناجحة لسلاسل القيمة، خاصة وأن هناك أديرة تمتلك مشروعات زراعية ومزارع إنتاج حيواني وداجني وما يرتبط بها من صناعات، فضلاً عن أن بعض الأديرة تميزت بإنتاج عالي الجودة يتم تصديره للخارج.

وتقديراً لدور البنك الزراعي، فقد ثمن البابا تواضروس الثاني الخدمات التمويلية والمصرفية التي يقدمها البنك عبر سنوات طويلة للعديد من فئات المجتمع المصري، ولا سيما في الريف، داعياً إلى أهمية التعريف بالخدمات المتنوعة التي يتيحها البنك للأسر الأكثر احتياجاً والتي تساعدهم على مواجهة متطلبات المعيشة، لافتاً إلى ضرورة التعريف بهذه الموضوعات لأطفال المدارس، للاستفادة منها في حياتهم حالياً ومستقبلاً.

(&) لقاء محافظ أسيوط: التقى الأستاذ محمد أبو السعود، اللواء دكتور هشام أبو النصر، محافظ أسيوط، بمكتبه بديوان عام المحافظة؛ لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك لتطوير القطاع الزراعي ودعم المشروعات التنموية على أرض المحافظة، بما يتماشى مع توجهات الدولة لتحقيق التنمية المستدامة وتمكين الفئات الأكثر احتياجًا.

وخلال اللقاء، استعرض محافظ أسيوط، حزمة من المشروعات الطموحة التي تهدف إلى تحقيق تنمية زراعية متكاملة ومستدامة، على رأسها مشروع إنشاء مصنع لإنتاج التقاوي والأسمدة بنظام الشراكة مع المزارعين، بما يضمن لهم حصصًا متناسبة مع حجم حيازاتهم الزراعية، ويعزز من وفرة الأسمدة، ويحد من تسربها إلى السوق السوداء، فضلا عن طرح رؤية مستقبلية لاستغلال نحو 2 مليون فدان من الأراضي الجديدة المضافة للمحافظة، في تنفيذ مشروعات استصلاح زراعي للشباب، وتقديم دعم فني ومالي متكامل من خلال البنك الزراعي لتشجيعهم على الزراعة والإنتاج.

وفي خطوة نوعية لدعم التعليم الزراعي، استعرض المحافظ مقترح لإنشاء مدرسة زراعية بقرية الواسطى بمركز الفتح، بنظام الفصل الواحد، على أن تُرفق بها صوب زراعية للتدريب العملي، وقد رحب الرئيس التنفيذي للبنك بالمبادرة، معلنًا موافقة البنك على تمويل المشروع بالكامل ليكون نموذجًا رائدًا يمكن تعميمه في محافظات أخرى.

كما شهد اللقاء كذلك مناقشة الجهود الجارية لإحياء مزرعة الوادي الأسيوطي، حيث تم الانتهاء من زراعة 150 فدانًا ضمن المرحلة الأولى عقب توصيل المياه المعالجة، مع طرح 613 فدانًا إضافيًا للإيجار، وخطة متكاملة لتوصيل المياه لباقي المساحات التي تصل إلى 10ألاف فدان منعًا لمحاولات تغيير نشاطها الزراعي.

وقد أكد الرئيس التنفيذي للبنك الزراعي المصري، أن البنك يولي اهتمامًا خاصًا بدعم المشروعات التنموية والزراعية، انطلاقًا من دوره الوطني كأحد أكبر البنوك المتخصصة في تمويل القطاع الزراعي والأنشطة المرتبطة به، مشيرًا إلى حرص البنك على دعم المشروعات التنموية في قطاعي التعليم والصحة، هذا فضلًا عن تأكيده أهمية قيام المزارعين بتسجيل الحيازات الزراعية عبر المنصة الإلكترونية لوزارة الزراعة، للحصول على “كارت الفلاح”، وهو ما يسهم في تسهيل صرف المستحقات وتوفير مستلزمات الإنتاج وضمان وصول الدعم لمستحقيه من خلال تلك المنظومة.

(&) استقبال وفد اتحاد نقابات جنوب إفريقيا:  في إطار دعم البنك الزراعي المصري لتوطيد العلاقات الخارجية، فقد استقبل الأستاذ محمد أبو السعود، وفداً من اتحاد نقابات جنوب إفريقيا “ساسبو (SASBO)، برئاسة السيد تسيتسي مافاباثو، بمناسبة زيارته لمصر، بهدف تعزيز العلاقات الثنائية، وبحث آفاق التعاون المشترك، وذلك بحضور النائبة الدكتورة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، ورئيس النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية، وتأتي تلك الزيارة في إطار برنامج التعاون المشترك بين اتحاد ساسبو والنقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات والأعمال المالية في مصر، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز العلاقات بين الطرفين، وتعد هذه الزيارة هي الأولى منذ 14 عامًا.

وخلال اللقاء تم استعراض الخدمات والمنتجات المصرفية والتمويلية التي يقدمها البنك الزراعي المصري، والدور التنموي للبنك في دعم الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية الزراعية والمستدامة في ظل اهتمام وتوجه الدولة نحو تعظيم الاستفادة من القطاع الزراعي.

بالإضافة إلى توضيح أهمية العمل النقابي بالقطاع المصرفي؛ لضمان تحقيق بيئة عمل داعمة ومنتجة، تنعكس بالإيجاب على تطوير الأداء المهني للعاملين، فالبنك الزراعي المصري يولي أهمية كبيرة لتحسين بيئة العمل، خاصة وأن العاملين في البنك من ذوي المهارات والخبرة، يمثلون الركيزة الأساسية لنجاح خطط التطوير التي ينتهجها البنك حالياً، فالبنك يمتلك 20 ألف فرصة نجاح هم عدد موظفي البنك.

وفي إطار توضيح دور البنك في دعم الموظفين، فقد تم الإشارة إلى أنه يسعى إلى تقديم الدعم والتحفيز اللازمين؛ لضمان مسيرة مهنية وظيفية واعدة لموظفيه تتناسب مع متطلبات العمل في القطاع المصرفي؛ لتحقيق رؤية وأهداف البنك، فالبنك لديه قنوات اتصال مفتوحة على الدوام مع ممثلي نقابة العاملين بالبنك، والتي تمثل حلقة الوصل بين الإدارة والعاملين؛ لضمان تطبيق معايير وقوانين العمل ورعاية حقوق العاملين، فضلاً عن حرص البنك على تقديم كافة أوجه الرعاية للعاملين، بما يسهم في تحسين بيئة العمل ويعظم قيم الولاء والانتماء للبنك.

كما أن البنك يعمل باستمرار على تنفيذ استراتيجية متكاملة للتدريب، ورفع كفاءة العاملين، لتدريب العاملين على أحدث المهارات، مما يساعدهم على مواكبة التطورات العالمية للعمل المصرفي وأفضل الممارسات المصرفية، بهدف تقديم أعلى مستوى من الخدمة المصرفية والتمويلية لعملائه”.

انعكاسات اقتصادية

تنعكس هذه السياسات التي يتبعها البنك الزراعي المصري على تحقيق العديد من المردودات الإيجابية، التي تتمثل في:

(*) تحقيق التنمية المستدامة: يترتب على الدور التمويلي الكبير للبنك الزراعي المصري، تحقيق التنمية المستدامة في الدولة المصرية وبشكل متوازن، فاهتمام البنك بالمحافظات الريفية وتقديمه تمويلات ميسرة بها سيعمل على توفير حياة كريمة للمواطنين، ومن ناحية أخرى يعمل على الحد من الهجرة إلى المحافظات الأخرى، مما يقلل من مشكلات الهجرة وما تحدثه من ضغط على الخدمات الأساسية في المحافظات الحضرية.

(*) خفض معدل الحوادث: يترتب على مبادرة إحلال السيارات ربع النقل في محافظة المنيا، تخفيض معدلات الحوادث بشكل كبير، فالسيارات المتهالكة تعتبر عامل رئيسي في زيادة الحوادث، وبالتالي فتشجيع ملاكها على إحلالها بتمويلات ميسرة، سيُحسن خدمة نقل الركاب بطريقة آمنة، وسيظهر الأثر الكبير لهذه المبادرة مع تعميمها في مختلف المحافظات.

(*) دعم العلاقات الخارجية: يعمل مبدأ تبادل الخبرات على توثيق العلاقات المصرية مع الدول المختلفة، بشكل يجذب أفكار تنموية جديدة، فضلاً عن جذب التمويل إلى قطاعات محورية في الاقتصاد المصري، فالعلاقات الخارجية تعتبر محور تنموي كبير تعمل عليه الدولة المصرية في الوقت الحالي، وهو ما يدعمه البنك الزراعي بشكل كبير.

ومن ناحية أخرى تُساهم العلاقات المتبادلة بين الدول على تشجيع السياسات التنموية التي تتخذها الدولة، إذ استعرضت النائبة الدكتورة سولاف درويش، خلال اللقاء مع البنك الزراعي المصري تطورات التشريعات العمالية في مصر، مؤكدة أن قانون العمل الجديد جاء ليتماشى مع أفضل المعايير الدولية، ويُعزز مناخ العمل المستدام.

فضلاً عن احترام ومراعاة لوائح البنك الزراعي للبعد الاجتماعي وعدم التمييز بين الرجال والنساء، والتوافق والتوازن بين النقابة العامة والبنك، مشيرة إلى أن المؤسسات المصرية، ومنهم البنك الزراعي المصري، تحرص على مواءمة التشريعات مع التغيرات العالمية؛ لرعاية حقوق الموظفين وتعزيز بيئة العمل الداخلية.

وفي النهاية يُمكن القول إن البنك الزراعي المصري يعمل وفق الأجندة التنموية للدولة المصرية، فالبنك يعمل على كافة المستويات التي توطد مكانته في السوق المصرفي المصري، وتبرزه كمؤسسة تُساهم في تحقيق التنمية بشكل شامل ومتكامل، وبالتالي أصبح البنك نموذجاً في العمل المصرفي ودعم التنمية المستدامة وتعزيز المسؤولية المجتمعية، بشكل يُحقق مساهمة مرتفعة في النمو الاقتصادي للدولة.