قراءة في نشاط الرئيس المصري في القمة العربية الإسلامية

خلال فعاليات القمة العربية الاسلامية المشتركة غير العادية التي عقدت يوم السبت 11 نوفمبر 2023، في الرياض لبحث الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أكدت مصر فيها على موقفها الثابت والمتمثل فى دعم القضية الفلسطينية، فمنذ بدأ العدوان الإسرائيلي بذلت مصر جهودًا كبيرة سياسية وإنسانية لحقن الدماء فى غزة والدفاع عن القضية الفلسطينية والتصدى لمحاولات تصفية القضية والتهجير القسري للفلسطينيين.

 كما عمل الرئيس عبد الفتاح السيسي على متابعة التطورات في غزة من خلال مركز إدارة الأزمات الاستراتيجي وتلقى نحو 57 اتصالًا بالإضافة إلى عقد قمة القاهرة للسلام، وذلك في محاولة لوقف إطلاق النار ومنع اتساع رقعة الصراع في المنطقة فضلًا عن الدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية وفق مقررات الشرعية الدولية.

ومما سبق يتناول هذا التحليل الجهود المصرية المبذولة لحل الأزمة الفلسطينية في ضوء قراءة كلمة الرئيس خلال القمة العربية الإسلامية الطارئة.

رؤية شاملة

شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى اليوم فى القمة العربية الاسلامية المشتركة غير العادية بالرياض، مؤكدًا خلال كلمته إدانة مصر منذ البداية استهداف وقتل الابرياء وترويع جميع المدنيين من الجانبين وكذلك إدانة جميع الأعمال المنافية للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

وشدد في الوقت ذاته على أن سياسات العقاب الجماعي لأهالي غزة من قتل وحصار وتهجير قسري غير مقبولة ولايمكن تبريرها بالدفاع عن النفس وينبغي وقفها على الفور

كما تضمنت كلمة الرئيس السيسى دعوة المجتمع الدولى لاسيما مجلس الأمن لتحمل مسئولية مباشرة العمل الجاد والحازم من خلال جانبين:

(*) الجانب السياسى ويتمثل في:

  1. الوقف الفوري والمستدام لإطلاق النار في القطاع بلا قيد أو شرط، وحذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من مغبة السياسات الأحادية، مركدًا أن التخاذل عن وقف الحرب ينذر بتوسع المواجهات العسكرية في المنطقة.
  2. وقف كافة الممارسات التي تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين إلى أي مكان خارج أرضهم.
  3. التوصل إلى صيغة لتسوية الصراع بناء على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
  4. إجراء تحقيق دولي في كل ما تم ارتكابه من انتهاكات ضد القانون الدولي، ودعا حكومات العالم وشعوبها للاتحاد لإنفاذ الحل العادل للقضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال بما يتسق مع قيم العدل والحرية واحترام الحقوق كلها وليس بعضها.

(*) الجانب الإنساني ويتمثل في:

  1. ضمان النفاذ الآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية وتحميل إسرائيل مسئوليتها
    باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال
  2. اضطلاع المجتمع الدولى بمسئوليته لضمان أمن المدنيين الأبرياء من الشعب
    الفلسطيني.

(*) تعاون دولى وإقليمي مشترك: التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى على هامش القمة العربية الإسلامية المشتركة بالرياض بسبعة من قادة الدولة العربية والإسلامية للتباحث حول القضايا الإقليمية وعلى رأسها العدوان على غزة، وهم العاهل الأردني ورؤساء السودان والعراق وتركيا وسوريا وإيران وولي العهد رئيس الوزراء السعودي.

تضمنت تلك اللقاءات إلى جانب بحث العلاقات الثنائية عددًا من المحددات في الملف الفلسطيني وهي:

– تركيز الجهود الإقليمية والدولية على وقف التصعيد ورفض تصفية القضية الفلسطينية
عبر الرفض القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين.

– مواصلة تنسيق الجهود الحثيثة لدفع المجتمع الدولى لتحمل مسئولياته تجاه وصول الخدمات والمساعدات الانسانية إلى
قطاع غزة.

– تقدير الجهود المصرية لوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية وضرورة تحمل المجتمع الدولى لمسئولياته بهذا
الصدد.

– ضرورة تضافر الجهود الدولية للدفع نحو تطبيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية
مستقلة.

دعم مصرى مكثف للقضية الفلسطينية

عرفت مصر بموقفها الثابت ودعمها الدائم للقضية الفلسطينية وبرز ذلك بعد بدء الحرب على غزة فى أكتوبر الماضي، حيث بذلت مصر جهودًا متعددة المستويات لوقف إطلاق النار والمطالبة بحق الشعب الفلسطينى في إقامة دولته، ويمكن الإشارة لتلك الجهود على النحو التالي:

(&) جهود إنسانية: عملت مصر على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة، كما خصصت الدولة المصرية مطار العريش الدولي لاستقبال المساعدات من الدول وإيصالها إلى قطاع غزة، وفي سبيل ذلك قامت مصر بالتفاوض مع الجانب الأمريكي لإدخال المساعدات بشكل مستدام إلى غزة عبر معبر رفح، و تلقى الرئيس عبدالفتاح السيسى عددًا من الاتصالات الهاتفية من نظيره الأمريكي جو بايدن ركزت على الوضع الإنساني في غزة والاتفاق على إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح بشكل مستدام.

وكشف الهلال الأحمر المصري تفاصيل المساعدات المقدمة للجانب الفلسطيني والمتواجدة بمخازن مطار العريش خلال شهر منذ اندلاع الأزمة، حيث تسلم الجانب الفلسطيني 1429 طن مواد غذائية و1488 طن من الأدوية والمستلزمات الطبية و2140 طن مياه و398 طن مواد إغاثة و476 شاحنة بجانب الخيام،.

(&) ملف الأسرى والمحتجزين: عملت مصر على القيام بدور الوساطة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وذلك لإبرام صفقة لتبادل الأسرى المحتجزين في غزة حيث تواصلت مصر مع الفصائل للتعرف على شروطها للإفراج عن هؤلاء الأسرى.

وقد بحث وفد من حركة حماس الذي زار القاهرة يوم الخميس 9 نوفمبر مع السلطات المصرية، الاعتداءات الاسرائيلية المستمرة، بالإضافة إلى بحث تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى والإفراج عن المعتقلين في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن المحتجزين في غزة، وقد أفرجت حركة حماس عن أسيرتين مسنتين لأسباب إنسانية بعد وساطة مصرية قطرية. [i]

وذكرت مصر أنها تقترب من التوصل إلى هدنة في قطاع غزة وتبادل للأسرى وذلك من خلال تكثيف الاتصالات المصرية الامريكية.

(&) إحياء مفاوضات السلام: في سبيل دعم القضية الفلسطينية، استضافت مصر قمة القاهرة  للسلام في 21 أكتوبر 2023، بمشاركة قادة إقليمين ودوليين وذلك بهدف الوقف الفوري لإطلاق النار والسماح بإدخال مستدام للمساعدات والإمدادات لقطاع غزة، فضلًا عن السعى للتوصل إلى تسوية شاملة للنزاع الفلسطيني الإسرائيلى القائم على مبدأ حل الدولتين وحضر بها 31 دولة و 3 منظمات دولية.

وجاءت القمة من منطلق الاهتمام والدور المصرى الدائم في إطار الاحتواء وتحقيق السلام للخروج من هذه الأزمة وإدراك الخطر من توسيع رقعتها، وقد أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته فى القمة، اتفاقه مع نظيره الأمريكي على تشغيل معبر رفح بشكل مستدام، كما ادان استهداف المدنيين وأكد على أن تصفية القضية الفلسطينية دون حل عادل لن يحدث لن يحدث ابدًا على حساب الدولة المصرية.

وقد ساهمت قمة القاهرة للسلام فى حشد الموقف العربى نحو مؤازرة بالاضافة الى القدرة على دفع المساعدات الانسانية والاغاثة للاحتياجات اليومية للشعب الفلسطينى

وختامًا؛ فإن الدبلوماسية المصرية مستمرة في أداء دورها في الوقت الحالي وتعمل على التحرك في عدة محاور دولية وإقليمية في محاولة لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني، ومن المتوقع أن تبذل مصر المزيد من الجهود في الفترة القادمة للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته ومنع تهجيره قسريًا خارج أراضيه.

نادين مطر

باحث مساعد بوحدة دراسات الأمن الإقليمي، خريجة كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الإسكندرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى