على الشرفاء الحمادي يكتب.. رسالة إلى القادة العرب

لقد أصابت الأمة العربية حالة من الوهن الشديد، وتكالبت عليها الأمم من الشرق والغرب ومن أقصى الأرض. لا همّ لهم إلا نهب ثرواتها، ووأد يقظتها، وتكبيل تحركاتها. ووضَعوا في وسطها جسمًا غريبًا (الكيان المحتل) ليمنع تحامها وصحوتها. واجتمع أعداؤها عليها عن طريق القرارات الأممية. ويلاحظ المتابع أن هذه الأمم لا تجتمع إلا على أمتنا، ولا يجد المتابع أي صراع في العالم إلا وأمتنا الطرف المجني عليه في هذا الصراع.
ونظرًا لحالة الوهن هذه، أصبح ما تنتجه الأمة من مواد اللهو والعبث أكثر مما تنتجه من المواد الغذائية الضرورية. وأصبح ما تنفقه الأمة على اللعب والمتعة أكثر بكثير مما تنفقه على التعليم والبحث العلمي. كما أن مخرجاتها من الاستهلاك تفوق مخرجاتها من الإنتاج، وما تُنفقه على الاستهلاك التفاخرِي يفوق أضعافًا مضاعفة ما تُنفقه على التعليم والتدريب والبحث العلمي.
لقد بلغ الهوان بأمتنا العربية مرحلة خطرة، قد تُسلب فيها إرادتها وسيادتها أمام القوى المتربّصة بها. آن الأوان أن تنهض هذه الأمة من عثرتها وأن تحافظ على ثرواتها للأجيال القادمة. من هنا، نضع رؤية متكاملة تعكس قلقنا المهموم بمستقبل الأمة العربية.
وفي ظل التوترات واستباحة الأرض، ورفْعِ الأصوات المطالِبةِ بأمن عربي مشترك، نؤكد أن ما ذهبنا إليه وطرحناه منذ سنين، وهو: إنشاء مجلس الأمن القومي العربي، جاء الآن وقت تنفيذه، فمن الضروري سرعة تشكيل مجلس الأمن القومي العربي من قادة القوات المسلحة في الدول العربية، وتتبعه أمانةٌ خاصة مقرها في الجامعة العربية. يتولى المجلس القومي التخطيط الاستراتيجي والعسكري بحيث يكون مسؤولًا عن تنفيذ، ما يلي:
- وضع النظم والإجراءات الكفيلة بتفعيل معاهدة الدفاع العربي المشترك الموقعة من قبل الدول العربية كافة.
- تحقيق الاتصال بالقيادات العسكرية في الدول العربية والقيام بالتنسيق فيما بينها.
- ترتيب التعاون بين القوات المسلحة في الدول العربية من خلال إجراء مناوراتٍ ثانويةٍ ضمن برنامج معد لذلك، لكي يتمكن كل فريق من التعرف على نوعية السلاح لدى الفريق الآخر، وتوحيد المصطلحات العسكرية إلى حين التوصل إلى وحدة كاملة في النظم والمعلومات والتواصل المستمر عن طريق تبادل الخبرات بين الدول العربية، وزيادة الكفاءات والقدرات القتالية للقوات المشتركة، وتنظيم الدورات التدريبية في مدارس الضباط وضباط الصف والجنود لرفع كفاءتها والنهوض بها.
- وضع الخطط اللازمة لاتخاذ أي إجراءات تتطلبها المصلحة القومية، سواء كانت للدفاع عن دولة عربية تعرضت للعدوان أو للتدخل لمنع الاشتباك بين دولتين عربيتين حدث بينهما خلاف كاد أن يؤدي إلى تصادم، وذلك لمنع ما حدث من كوارث كما حدث في القرن المنصرم.
- تعيين أمانةٍ عامةٍ لمجلس الأمن القومي للقيام بالمسؤوليات المشار إليها، وإعداد جداول أعمال اجتماعات المجلس والتقارير عن نتائج أعماله لرفعها إلى مجلس الدفاع العربي لاعتماد القرارات والمصادقة على جداول زمنية لتنفيذها.
- تعيين أمين عام لمجلس الأمن القومي برتبةٍ عاليةٍ ورفيعة، وتقوم كل دولة بترشيح الأمين العام حسب الترتيب الأبجدي المعمول به في نظام الجامعة العربية. على ألا تتجاوز مدة توليه ثلاث سنوات فقط، وذلك يتيح لكل دولة عربية أن يكون أمين عام المجلس مرشحًا من قبلها، بما يضمن العدالة في توزيع المسؤوليات دون استثناء دولة دون غيرها. كما أنه يتيح للأمة العربية فرصة إبراز الكفاءات والقدرات التي ستكون في خدمة المصلحة القومية للأمة العربية.
لقد طرحنا هذه الفكرة منذ عامين، والآن نُكرر طرحها حتى نحفظ ما تبقّى من الكرامة العربية التي تُحاط بظروف في غاية التعقيد.