قمة الدوحة والفعل العربي الموحد

د. عبدالحميد كمال- برلماني سابق

وقد طفح الكيل الآن بعد الاعتداء على دولة قطر وعاصمتها الدوحة، التي كانت تمثل وتلعب دورًا محوريًا في التفاوض من أجل السلام ووقف الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. بعيدًا عن التصريحات والشجب والإدانة والعبارات الدبلوماسية الممجوجة، وسياسة هنري “الداهية” الأمريكية بتعبير “اللي فات مات”، أو سياسة الأمر الواقع وفرضها باسم الواقعية السياسية، والمراوغات الناتجة عن الضغوط والدعم الأمريكي والدبلوماسية الأمريكية التي تجسّ النبض وتعمل على دعم العدو الإسرائيلي وتنحاز له ليلًا ونهارًا، في غياب أي درجة من الحياد أو النزاهة.

تتطلع الشعوب العربية إلى ما ستنتهي إليه أعمال قمة الدوحة الحالية، التي ستبدأ باجتماعات تمهيدية لوزراء الخارجية العرب، ثم تليها اجتماعات الرؤساء والملوك. ونعتقد أنها تمثل ورقة التوت الأخيرة أمام الشعوب العربية صاحبة الغضب المكتوم، الذي سينفجر قريبًا في وجه إسرائيل وأمريكا، مهددًا بصراعات إقليمية جديدة قد تنفجر في أي وقت، في ظل الإبادة الجماعية للفلسطينيين، واحتلال الأراضي العربية في لبنان وسوريا، والاعتداء على اليمن، وليس آخرها الاعتداء على قطر والعاصمة الدوحة، فضلًا عن التهديدات الإسرائيلية المباشرة بتصفية أي دولة تساند الحقوق الفلسطينية، وإعلان الخرائط الإجرامية لحلم “إسرائيل الكبرى” واحتلال الوطن العربي من النيل إلى الفرات.

القمة والفعل الموحد:

من هنا تتطلع الشعوب العربية إلى نتائج قمة الدوحة العربية نحو مواقف موحّدة لمواجهة الكيان الصهيوني، بموقف عربي جماعي واضح.

وللأسف، يحدث ذلك في ظل حالة كبيرة من الهزائم السياسية والعسكرية، والحصار الإسرائيلي المدعوم دوليًا، مقابل تنامي التعاطف الدولي ضد العدو الإسرائيلي، أو حتى الميل إلى الحياد.

المطالب:

1. على المستوى الدبلوماسي: وقف التطبيع مع العدو الإسرائيلي. رفض وتجميد العلاقات بأشكالها المختلفة، بما في ذلك إغلاق السفارات الإسرائيلية أو طرد سفراء إسرائيل أو تجميد جميع أشكال العلاقات السياسية.

2. على المستوى العسكري: المطالبة بتجميد التدريب المشترك والمناورات العسكرية مع أمريكا والدول الأوروبية التي تساند إسرائيل. كذلك الإعلان عن تنويع مصادر شراء السلاح من الصين وروسيا وإيران وكوريا، في مجالات التسليح والتجارة والمشروعات المستقبلية، وبناء تحالفات عسكرية وتجارية واقتصادية مع هذه الدول.

3. على المستوى الاقتصادي: وقف الاستيراد والتعامل التجاري مع الشركات التي تورد لإسرائيل المعدات الثقيلة (لودرات، بلدوزرات…) المستخدمة في هدم منازل الفلسطينيين وبناء المستوطنات. وأيضا وقف أو تجميد المشاريع التجارية مع الدول التي تساند إسرائيل، عبر تعليق الاستيراد أو وقف أي أنشطة تجارية مشتركة.

4. على المستوى الدولي: مطالبة الدول المصنعة للأسلحة بعدم تصديرها لإسرائيل، باعتبارها أسلحة عدوانية تهدد السلم والأمن الدوليين. والمطالبة بإغلاق القواعد العسكرية على الأراضي العربية، باعتبارها منصات عدوانية ومراكز للتجسس ودعم العدو الإسرائيلي. كذلك المطالبة بفصل عضوية إسرائيل من جميع المنظمات الدولية باعتبارها دولة معادية للإنسانية. هذا بالإضافة إلى المطالبة بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة باعتبارها دولة مارقة تضرب عرض الحائط بشروط العضوية ولا تحترم الالتزامات الدولية، مما يستوجب عزلها وعدم الاعتراف بها. كذلك إلزام إسرائيل بتحمل تكلفة إعادة إعمار ما دمرته في غزة والضفة الغربية والقدس ولبنان وسوريا. وأيضا دعوة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية للتدخل باعتبارها ضامنًا وحكمًا في الصراع والاتفاقيات الدولية.

5. على مستوى الشعوب: الانفتاح على الشعوب المحبة للسلام وتعزيز الدبلوماسية الشعبية، كذلك فتح المجال الديمقراطي للتعبير عن غضب الشعوب العربية تجاه إسرائيل وأمريكا. وإنشاء مجالس سياسية للتضامن ورفض التطبيع والدفاع عن الحقوق الفلسطينية والعربية. هذا بالإضافة إلى إغلاق المطارات والموانئ العربية أمام السفن والطائرات الإسرائيلية وأمام كل الدول التي تقدم دعمًا لإسرائيل.

الخاتمة، إن الشعوب العربية في حالة غضب وقلق وغليان قد ينفجر في أي لحظة. ومع بروز قوى المقاومة في لبنان والعراق واليمن وفلسطين، فإن المقاومة الشعبية ستظل الملاذ الأخير. لكن استمرار هذا الوضع يهدد بانهيار مستقبل كثير من القادة العرب ومصير شعوبهم، لذا يجب أن يكون هناك موقف عربي موحّد ضد إسرائيل وأمريكا قبل فوات الأوان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى